🦋


قاعة الأجداد لعائلة شو 


كان شو هويتينغ، في الثامنة من عمره، يرتدي ثيابًا رقيقة، جاثيًا بلا تعابير على وجهه أمام ألواح الأسلاف، وهو يتذكّر ما حدث للتو، فارتسم على شفتيه قوس ساخر 


لقد اتُّهِم ظلمًا بالسرقة، وعجز عن الدفاع عن نفسه، بينما شو تشيتينغ، محاطًا بالجماعة، وقف بينهم عارضًا ملامح السخرية والاحتقار نحوه 


بمجرد أن يسيء النظر إليه، ويحرّك أصبعه فحسب، يمكنه أن يجعله يُسحَب مهانًا من غرفته، ويُقتحم مكانه كالمجرم، ويُفتَّش تفتيشًا دقيقًا 


ومهما دافع عن نفسه بجهد، فإن جميع الكبار الحاضرين لم يكونوا سوى متجهمين، يرمقونه بعيون معترضة، كأنه ذو خُلُق سيّئ، ارتكب الذنب ويحاول المراوغة، ويثير الضجيج بغير مبرّر، وفي لحظة، شكّ شو هويتينغ في قدرته على فهم الصينية، وإلا فلماذا هؤلاء لا يفهمون كلام البشر أصلًا؟ 


وكان شو تشيتينغ إلى جواره يضيف وقودًا إلى النار، قائلاً باستخفاف: "سمعتُ أنه كان يسرق الأشياء منذ أن كان في الخامسة أو السادسة" 


وبهذا أُرسل شو هويتينغ إلى هنا ليتأمّل في خطئه 


وما إن تذكّر تعابير أولئك الأشخاص قبيل مجيئه إلى هنا ـ تنهداتهم وهزوا رؤوسهم بلامبالاة ـ حتى اتسع قوس السخرية على شفتيه 


جلس راكعًا يفكّر بلا مبالاة: لعلّهم يظنون أن مثل هذه "العقوبة" في غاية التساهل معه، بل يرون أنه استفاد منها؟ 


سرعان ما كتم تلك الملامح التي إن رآها الناس لأثبتت عندهم أنه متمرّد لا يخضع للتأديب 


هو نفسه قد تعوّد على الاستهداف، لكن أمّه أيضًا لم تسلم؛ فقد كانت معاناتها أشدّ، تعلّمت الصينية ببطء، وحتى الآن لا تجيد سوى الأساسيات، فضلاً عن مجادلة الآخرين والدفاع عن نفسها، فإذا تعرّضت للاستفزاز، فمآلها الخسارة حتمًا 


قطّب حاجبيه، وبدأت ملامحه تحمل شيئًا من الضجر 


قال ببرود: "اخرُج" 


كان يواجه ألواح الأسلاف، كأنه يخاطب الهواء 


أراد شو هويتينغ أن يتجاهل الأصوات خلفه، لكن الطرف الآخر لم يتوقف عن إصدار الضجيج، فلم يعُد قادرًا على الصبر 


ساد الصمت لبرهة 


كرر بلهجة أشدّ: "أقول اخرُج" 


لكن لم يصدر أيّ ردّ 


فما كان منه إلا أن نهض، واتجه بخطوات ثابتة نحو النافذة 


وقبل أن يصل، برزت من حافتها أذنان كبيرتان لأرنب 


توقف شو هويتينغ في مكانه 


وما لبثت الأذنان الأخريان أن ظهرتا أيضًا 


شو هويتينغ: "……" 


ولما بدا أن صاحبه لم يعُد قادرًا على الاختباء، ظهر من عند حافة النافذة دمية أرنب ضخمة، متلصصة تتحرك بتوتر 


كان شخصًا يرتدي زيّ دمية أرنب 


ارتسمت على ملامح شو هويتينغ غرابة متزايدة 


ولأول مرة، يرى على هيئة دمية أرنب تعابير بائسة 


أليس هذا الشيء مكانه الملاهي؟ كيف انتهى به الأمر إلى هنا ليتجسس عليه؟ 


سأله شو هويتينغ: "من أنت؟ ولماذا تختبئ هنا؟" 


هزّ الأرنب رأسه 


قال شو هويتينغ ببرود: "تكلم، أعلم أن تحت هذا الزيّ إنسان، فلا تتصنّع الصمت" 


لكن الأرنب واصل هزّ رأسه 


اقترب شو هويتينغ بوجه خالٍ من الانفعال، وهمّ بانتزاع رأس الدمية، لكن الأرنب احتضن رأسه بذعر، وهزّه بقوة 


هزّ رأسه بعنف حتى دار رأس الدمية نحو مئة وثمانين درجة، هذا الموقف الطارئ أربكه، فسقط على الأرض جالسًا 


ساد الصمت لوهلة 


أعاد الأرنب رأسه إلى وضعه الطبيعي، جالسًا على الأرض، قبضته مشدودة يضرب بها الأرض غيظًا 


تمكّن شو هويتينغ من رؤية الغضب والضيم على هيئة دمية أرنب 


الصبي الصغير، واقفًا عند النافذة، نظر إلى المشهد، وانسحبت زاوية شفتيه في ابتسامة خفيفة 


تقلب الأرنب، ثم وقف بتعب، والتقط من زاوية الجدار كيسًا بلاستيكيًا، وقدّمه باتجاه شو هويتينغ 


لمعت الدهشة في عيني شو هويتينغ، وهو ينظر إلى تلك الحزمة الكبيرة من الأشياء بحيرة شديدة 


كان بداخلها مأكولات ومشروبات مألوفة، وعلى القمة كانت هناك سترة 


وعندما رأى تلك السترة، لم يُبقِ شو هويتينغ نظره بعيدًا عنها لوقت طويل 


إذا لم يخطئ ذاكرته، فقد أُلقيت هذه السترة مؤخرًا بشكل عشوائي عندما قام أفراد عائلة شو بتفتيش غرفته 


ومع مرور مرض والدته، وغياب أخته عن البيت، لم يكن هناك من يهتم بترتيب تلك الأشياء، فمصيرها الطبيعي كان أن تُعامل كمهملات وتُلقى بعيدًا 


وعلى الرغم من أن عائلة شو لا تعاني من شح المال، فإن أي محاولة لاستردادها كان يُقابل غالبًا بدفع مبلغ من المال لحل الأمر، ويُترك له شراء ما يشاء بنفسه، فهم يعتبرون أن المشاكل التي يمكن حلها بالمال هي أبسط الأمور، وأن التفكير فيها أكثر من ثانية هو مجرد إهدار للوقت 


نظر شو هويتينغ إلى الأرنب الغامض الذي ظهر فجأة في بيت عائلته، وسأله: "هل ذهبت لجمع هذه الأشياء؟" 


انتفخ الأرنب بفخر، وأومأ برأسه بشكل خجول، وضرب صدره برفق، رافعًا إبهامه للأعلى 


اقترب شو هويتينغ من النافذة، وأخذ الحزمة من الأرنب، واقفًا بنظره للأسفل دون أن يتحرك 


ومن خلال حجمه، بدا أن الشخص تحت زي الأرنب بالغ 


وفي تلك اللحظة، وهو يتساءل لماذا لم يتحرك شو هويتينغ، انحنى الأرنب قليلًا، ممسكًا رأسه الثقيل بيديه، مرفوعًا رأسه لمراقبة تعابيره 


ابتسم شو هويتينغ أمام مظهر الأرنب الطريف 


استند إلى جانب النافذة، وارتدى السترة ليشعر بدفء جسمه المتجمد، ثم أخذ قطعة خبز من الحقيبة وفتح غلافها، متكئًا على النافذة ليشبع جوعه 


جلس الأرنب بجانب النافذة، وعندما أمال شو هويتينغ رأسه، استطاع رؤية أذني الأرنب واقفتين منتصبتين 


ومنذ ذلك اليوم، أصبح هذا الأرنب الغامض يظهر دائمًا حول شو هويتينغ 


وعندما كان شو تشيتينغ يحاول التنكيل به، كان الأرنب يحاول إيجاد طرق لإلهاءه وجذب انتباهه، ليعود بعد ذلك مبتسمًا بفخر، يهز رأسه الكبير طالبًا المديح 


وعندما كان شو هويتينغ يتعرض لإصابة في معركة، كان الأرنب يأتي محملاً بالدواء 


أحيانًا كان يشجعه على مساعدته في وضع الدواء، وكان الأرنب، بيديه غير المتقنتين داخل زي الدمية، يحاول تطبيق الدواء بعصا صغيرة، وغالبًا ما يعبث به ويجعل توزيعه فوضويًا 


وفي تلك اللحظات، كان شو هويتينغ يتظاهر بسؤال الأرنب إن كان يريد خلع زي الدمية، علمًا أنه في غرفته وحده، ليفاجأ الأرنب ويكاد يهرب من المكان 


وبما أن الأرنب لم يرغب بالكشف عن وجهه، لم يضغط عليه شو هويتينغ أكثر 


ومع مرور الأيام، وعند ذهاب شو هويتينغ إلى المدرسة، كان الأرنب يتعقبه بخفة دون أن يكون بعيدًا 


أحيانًا يختبئ خلف الأشجار، وأحيانًا بين الشجيرات 


وفي بعض الأوقات، شعر شو هويتينغ بالعجز، إذ وجد أن الأرنب غبي قليلًا، فهو كبير الحجم ولا يمكنه الاختباء جيدًا، وغالبًا ما يُحاط بالأطفال أثناء سيره في الطريق 


وعندما كان الأرنب يركض وراءه ويبتعد شو هويتينغ، كان يبدو وكأن الأرنب على وشك البكاء 


فكان شو هويتينغ، بعد مسافة قصيرة، يتنهد ويعود ليُنقذ الأرنب الذي لم يستطع الإفلات 


وسأله: "كيف تمكنت من إخفاء نفسك عن الآخرين في منزل عائلتنا؟" 


تلعثم الأرنب ولم يرد 


تصاعدت صراعات صغار عائلة شو، ومع ظهور الأرنب الغامض لمساعدة شو هويتينغ خفية، أصبح من الصعب على شو تشيتينغ الاستفادة منه 


وكانت المرة الوحيدة التي كادت تحدث فيها كارثة، عندما مرضت والدة شو هويتينغ بشدة، وحُجزت بواسطة شو تشيتينغ بالتعاون مع عائلة سون، مُختلقين ذريعة لذلك 


وكانت عائلة سون تقول للجميع إنهم يقدمون العلاج، وأن الطبيب المسؤول من أفضل الأطباء، لكن في الواقع لم يفعلوا شيئًا، تاركينها للموت 


وأغلق الفاسدون أفواه الآخرين، وحتى شو هويتينغ وُضع تحت الإقامة الجبرية في المنزل 


وفي ليلة شتاء عاصفة، والثلوج تتساقط بغزارة، خفض شو هويتينغ رأسه أمام شو تشيتينغ 


ألقى شو تشيتينغ سماعة الأذن بقوة من النافذة أمامه، وأمره بالعثور عليها 


"إذا وجدتها، سأترككم وشأنكم، الأمر بسيط، أليس كذلك؟" 


"حسنًا" 


ذهب شو هويتينغ، إذ لم يكن لديه خيار آخر، فوالده منشغل بعلاقته الجديدة، ولا يبالى بما يحدث هنا، وأخته شو زي متزوجة حديثًا في عائلة مينغ، ولا تستطيع التدخل في شؤون المنزل بعد 


أما بقية أفراد عائلة شو، فلم يكلفوا أنفسهم عناء التدخل، مشغولين بمحاولة التملق لشو تشيتينغ وراء ظهور عائلة سون 


وكان الثلج عميقًا حتى الركبة، فاستغرق شو هويتينغ وقتًا طويلًا في البحث داخل الفناء الكبير 


غير أنه لم يكن يعلم أن شو تشيتينغ ألقى بالحادثة على شكل مزحة أمام المرأة المريضة التي ترقد في السرير، فسمعت المرأة بالخبر وخرجت لتجد نفسها عند سلم الدرج في مواجهة شو تشيتينغ 


وعندما عاد شو هويتينغ متعبًا ومتجمد الجسد، شاهد المشهد: امرأة تسقط من عند سلم الدرج 


قفز أرنب أخرق من مكان غير معلوم، محاولًا الإمساك بالمرأة الساقطة 


لكن قوته الكبيرة تسببت في سقوط الأرنب والمرأة معًا عند أسفل السلم 


فأصبح الأرنب كوسادة بشرية، وسقط كلاهما على الأرض بقوة 


وكل هذا حدث في ثوانٍ معدودة، فوقف شو هويتينغ مشدوهًا ينظر إلى الشخصين المتألمين على الأرض، وضاقت حدقتاه، واستغرق وقتًا قبل أن يستعيد تنفسه 


قبض قبضته بقوة حتى كاد أن يسحق السماعة التي وجدها بشق الأنفس، فركض مسرعًا ليسأل عن حال الشخصين 


هز الأرنب رأسه، متألمًا ومسكًا وسطه، وأطلقت المرأة المريضة كلمة ضعيفة تقول فيها إنها بخير 


ورغم أن الأمر لم يسفر عن كارثة، فقد تعرض كلاهما للإصابة بلا شك 


قبض شو هويتينغ كفَّه، واصفرّت ملامحه، رفع رأسه، وحدق بشراسة نحو شو تشيتينغ الذي بدا مضطربًا عند أعلى السلم 


ارتعد شو تشيتينغ من نظراته القاسية، وقال بخوف وصوت واهن: "هي سقطت بمفردها، ما دخلي أنا؟ عن ماذا تنظر! إنها غير حذرة بنفسها!" 


عض شو هويتينغ على أسنانه، وقال كل كلمة ببطء وبغضب: "انتظر فقط" 


وبعد هذه الحادثة، أصبح شو هويتينغ أكثر حرصًا على تقوية نفوذه، وتعلم تدريجيًا كيف يخفي نفسه ويتعامل مع هؤلاء من طبقة النخبة 


ومع تقدم شو هويتينغ في العمر، أصبح أسلوبه في التعامل أكثر نضجًا، وقواه أكثر سيطرة، ولم يعد لشو تشيتينغ أي فرصة للعودة إلى مكانة مرموقة 


لقد حرص على حماية الأرنب ووالدته بعناية بالغة 


على مر السنوات، وأينما ذهب، كان الأرنب دائمًا يرافقه بجانبه 


ومع مرور الوقت، أصبح طول شو هويتينغ يتجاوز طول الشخص تحت زي الأرنب 


ومع تقدمه في العمر، تزايد فضول شو هويتينغ لمعرفة الهوية الحقيقية للأرنب وشكله 


فقد كان هذا الكائن يظهر ويختفي فجأة بين الحين والآخر 


قال شو هويتينغ وهو يحدق في الأرنب بنظرة مليئة بالتعقيد: "من أنت بالضبط؟ ولماذا تلاحقني طوال الوقت؟" 


بدأ شعوره بالتوتر يزداد صعوبة في السيطرة عليه 


لم يكن يعرف ما الإجابة التي يريد سماعها، لكن شعورًا خافتًا ظهر في داخله 


فخفض صوته تدريجيًا وسأل الأرنب بهدوء: "هل تحبني، لهذا السبب تلاحقني دائمًا؟" 


تراجع الأرنب بخطوات قليلة، واهتز رأسه يمينًا ويسارًا، ثم أومأ برأسه قليلًا 


اقترب شو هويتينغ خطوة خطوة وقال: "ألا تحبني؟ أم أن هناك سرًا لا تستطيع قوله؟ تحدث" 


حُوصر الأرنب في زاوية، فاهتز رأسه مذعورًا 


ابتسم شو هويتينغ لنفسه وهو يتخيل المشهد، فلم يكن يحلم يومًا أنه سيجد نفسه يومًا يضغط أرنبًا متنكرًا كجدار 


وقال بلطف مهدئًا الأرنب: "إنه مجرد اهتزاز رأس، إذًا تحبني، هيا تحدث… طوال هذه السنوات لم تتكلم معي، أريد سماع صوتك، كم عمرك؟ هل أنت إنسان أم… كائن آخر؟" 


خلال فترة مراهقته، كان قد بحث في كل أنواع العلوم الغربية والشرقية، سواء العلمية أو غير العلمية، واستفسر عن كل حالة في قوائم القتال الروحاني 


وفي النهاية، كانت كل التفسيرات موجودة، لكن لم يستطع أحد توضيح حقيقة ما يواجهه 


كان شو هويتينغ متأكدًا أن هذا الأرنب ليس إنسانًا عاديًا 


قال له بلطف وهو يضع يده على زي الأرنب: "لا يهم ما أنت عليه، أو كيف تبدو، دعني أراك" 


تردد الأرنب قليلًا، لكنه أخيرًا غطى رأسه بيديه، وكأنه يريد الهرب 


وتحت الرأس ظهر صوت خافت يئن 


كاد الأرنب أن يبكي 


لم يكن أمام شو هويتينغ سوى أن يتركه مؤقتًا 


في عامه العشرين، احتفل شو هويتينغ بالذكرى الثانية عشرة لملاقاته الأرنب، فجهز عشاءً رومانسيًا وألعاب نارية رائعة 


فرح الأرنب عند رؤية الألعاب النارية، وقفز ليحضنه 


استقبل شو هويتينغ جسده الثقيل، وتأثر بفرح الأرنب، فابتسم بدوره 


وعندما سأل الأرنب مرة أخرى إن كان يمكنه رؤية وجهه، تردد الأرنب للحظة، ثم أومأ برأسه بشكل خافت جدًا 


تحقق حلمه القديم بعد سنوات، وخفق قلبه بشدة 


حذرًا، خلع الأرنب عن رأسه 


ولحظة، بدا وكأن الزمن توقف 


تحت زي الأرنب، كان شخصًا، فتىً جميل جدًا 


ربما لعدم قدرته على تحمل نظراته الحارة، أمال الفتى رأسه قليلًا، وأحمرت وجناته خجلا 


خفض شو هويتينغ صوته كأنه يخشى إزعاجه: "هل يمكن أن تخبرني باسمك؟" 


أجاب الفتى: "…شياو مان" 


لكن في اللحظة التالية، فزع شو هويتينغ لرؤية بشرة الفتى تتحول تدريجيًا إلى شفافة 


وكأنها إحدى الكائنات الغامضة في القصص، التي تختفي عند اكتشاف هويتها الحقيقية 


عبر سنوات عديدة، بدا الفتى كشاب بالغ حينها، ومع ذلك، لم يتغير مظهره تحت الرأس، وكأن الزمن قد تجمد فيه، ولم يكن ممكنًا أن يكون إنسانًا عاديًا 


في لحظة، شعر شو هويتينغ بالندم لأنه أصر على رؤية شكله الحقيقي، وشعر برغبة شديدة في الموت من شدة الندم 


وعندما لاحظ الفتى ذلك، قال له بلا حول: "سأذهب الآن" 


عندما سأل دائمًا عن سبب اختياره له، ولماذا يرافقه، أجاب الأرنب خجولًا: "أخبرني أحدهم بعد موتي أننا سنكون معًا في المستقبل" 


وأضاف: "ربما لأنهم رأوا موتي المؤسف، طلبوا مني أن أعود لأحقق أمنية بسيطة، كعمل خير" 


كانت هذه الأمنية الوحيدة التي أراد تحقيقها بعد الموت 


في البداية كان قدّم هذه الأمنية على سبيل العبث، لكن مع مرور الوقت بدأت تأخذ معنى مختلفًا قليلًا 


قال منخفضًا: "لقد حان الوقت، عليّ الرحيل" 


أحاطه شو هويتينغ بذراعيه، وسأله بقلق: "إذاً أنت حبيبي في المستقبل، والآن عليك العودة، أهذا صحيح؟ سنلتقي في المستقبل، وكل ما عليّ فعله هو الانتظار بصبر، أليس كذلك؟" 


فتح يي مان فمه، وغمرت عيونه الدموع فجأة 


اعتذر 


لم يتمكن من نطق كلمة، وفجأة وجد نفسه فارغًا بين ذراعي شو هويتينغ 


سقط رأس الأرنب على الأرض 


فجأة، أضاءت الألعاب النارية في الخارج، مُسلطة ضوءًا خافتًا على وجه شو هويتينغ الخالي من التعبير 


احتضن زي الأرنب الفارغ بقوة إلى صدره 


همس: "سأجدك، سأنتظرك" 


ومع ذلك، كل ذلك لم يكن سوى فصل قصير في مصير لا يمكن تغييره، معجزة نادرة الحدوث 


يي مان كان قد مات بالفعل 


…… 


صباح اليوم التالي 


استفاق يي مان في حضن خانق ضيق جدًا 


قال وهو يحاول الالتقاط أنفاسه: "أبتعد عني! لا أستطيع التنفس!" 


فتح شو هويتينغ عينيه ببطء، وما زال الألم الحاد من حلمه يثقل قلبه 


حتى تأكد من شكل يي مان أمامه، أزفر بقوة، ثم احتضنه أكثر وكأنه استعاد شيئًا مفقودًا 


قال يي مان: "ما الأمر؟" 


أجاب شو هويتينغ: "كان لدي كابوس، حلمت أنك لم تعد موجودًا" 


قال يي مان مطمئنًا: "الأحلام كلها وهم، كم عمرك حتى تخاف من كابوس؟ أنا لم أعد أحلم بكوابيس" 


دفن شو هويتينغ رأسه في عنق يي مان، وقبّله بلطف عدة مرات: "أعلم أن كل شيء كان وهمًا" 


ثم همس: "يا صغيري يي مان، هل تعلم؟" 


"همم؟" 


قال: "لقد أدركت أنني لا أستطيع العيش في عالمٍ بلا وجودك" 


في الحلم، مات يي مان عن عمرٍ يناهز عشرين عامًا، ومات شو هويتينغ عن عمرٍ يناهز ثمانية وعشرين عامًا 


فكر يي مان بجدية: "إذا كنت تقول ذلك، هل أحاول أن أعيش فترة أطول قليلًا؟" 


قبل شو هويتينغ شفتيه 


وقال: "اتفقنا على ذلك" 


--نهاية القصة-- 

هل وجدت خطأ؟ قم بالإبلاغ الآن
التعليقات

التعليقات [0]