🦋

 


يي مان كان حقًّا شخصًا يفتقر إلى الشعور بالأمان 


وكلما ازداد تعامله معه، ازداد شو هويتينغ إدراكًا لذلك 


كثيرًا ما لم يكن يي مان يعي هذا الأمر بنفسه، وكان على شو هويتينغ أن يكتشفه بنفسه 


لم يكن يي مان يحب أن يحتضنه شو هويتينغ من الخلف، فإذا غاب عن ناظره للحظة قصيرة، كان يبدأ بالتمتمة والتذمّر، معبرًا عن استيائه، لمجرد أنه لا يراه، يشعر بالضيق والانزعاج 


عادةً، قبل أن يبدأ يي مان في إثارة هذه الضجة، كان شو هويتينغ يقلبه لمواجهته، وما أن تمضي لحظات قليلة، حتى يشعر وكأنه تعرض لأكبر مظلمة، فيتمسك به بقوة، يحتك برقبة شو هويتينغ طالبًا العزاء 


كان شو هويتينغ يستمتع بتعلق يي مان به، ويصبر دائمًا على تهدئته ومواساته 


لكن أحيانًا، كان لديه رغبة في عدم تلبية كل مطالبه، خصوصًا بعد أن يُهمله يي مان بلا سبب لعدة أيام 


… 


وعندما عادا من السوق، اعتقد يي مان أن الأمر قد انتهى 


بينما كان شو هويتينغ في المطبخ، كان يي مان يحاول إنقاذ القط البرتقالي من فم الكلب "كيسي" 


كان هذا الكلب الذهبي ملكًا لأحد أصدقاء شو هويتينغ، وقد دربه بنفسه، وهو من خارج الموظفين النظاميين، وأصبح الآن يعيش معهم في المنزل، ليكوّنوا مع القط البرتقالي أسرة من أربعة أفراد متناسقة 


لكن "الأخ تونغ" لم يكن يحب كيسي كثيرًا، فإذا كان القط والكلب مستيقظين معًا، كان المنزل يصبح فوضويًا بشكل كبير 


ويي مان كان يعاني أكثر من الآخرين، إذ لم يسمع فقط صراخ القط بصوت حاد، بل كان يسمع أيضًا شتائم "الأخ تونغ" 


وغالبًا ما كان القط يوجه له أيضًا شتائم عشوائية أثناء مروره 


"آه آه آه يي مان! أسرع وافصل هذا المخلوق عني، فرائي مملوءٌ ببوله!" 


أما كيسي، فكان كلبًا مؤدبًا وذو أخلاق عالية، لكنه بعد تقاعده أصبح أكثر مرحًا، ويحب أن يغسل القط البرتقالي بفمه 


أما القط، الذي يعتبر نفسه ربّ المنزل، فلم يستطع تحمل هذا الاستفزاز، ولم يرضَ عن الكلب الكبير مهما فعل 


وكان الكلب الكبير قوة لا يُستهان بها، إذ كانت قوته تفوق قوة يي مان و"الأخ تونغ" معًا 


حاول يي مان الإمساك بالكلب، لكن القط البرتقالي استغل فرصة الانشغال، وانطلق بسرعة خاطفة، فرح كيسي وهرول خلفه، ينبح مرتين 


لم يتمكن يي مان من الإمساك به، فهرب كيسي، وفكر في نفسه: "لو لحّق كيسي على القط، لن يرحمني 'الأخ تونغ'!" 


فأسرع يي مان خلفهما بقلق 


وانطلقت مطاردة بين القط والكلب ويي مان في غرفة المعيشة، يلهون ويتسابقون في كل الاتجاهات 


"أووو! مياو مياو مياو!" 


"واو واو واو!" 


"انتظروا، انتظروا، توقفوا عن الفوضى! آه، كعكتي! أوه!" 


كان شو هويتينغ يرتدي المئزر ويحمل الملعقة: "…" 


وعندما خرج وهو يحمل الطعام، رأى يي مان جالسًا على السجادة، رافعًا يدًا تكاد تضيع بها الكعكة، والقط البرتقالي يحدق بغضب من خلفه، ممسكًا بثوبه وممزقًا الخيوط؛ بينما كيسي، المبتهج، يلعق وجه يي مان بشكل فوضوي 


رفع يي مان الكعكة قليلًا، محاولًا إبعاد الكلب الذهبي المتحمس جدًا 


قال: "انتظر، دعني أولًا أضع الكعكة على الطاولة!" 


خفّت يده فجأة، وغطّى على عينيه ظلٌّ أمامه 


رفع يي مان رأسه، وابتسم بعينين دامعتين: "ريكاردو، النجدة!" 


وضع شو هويتينغ كل شيء على الطاولة، وببراعة جعل كيسي يقف جانبًا كعقوبة، ثم أمسك بالقط البرتقالي الذي كان يصرخ ويشتم، وألقاه على الأريكة، وأخيرًا رفع يي مان الجالس على الأرض 


قال شو هويتينغ وهو يمسك ذقنه: "كريم على وجهك" ولمست شفاهه خدّه برفق وانفصلت سريعًا 


قال يي مان: "آه"، وحاول بفحص وجهه بظهر يده لمعرفة إذا كان هناك مزيد من الكريما، ثم رفع رأسه ليجد شو هويتينغ ينظر إليه بتفكير عميق 


سأله: "هل هناك أماكن أخرى وصلتها الكريمة؟" 


اقترب منه شو هويتينغ فجأة وقال: "لقد كنت حزينًا جدًا هذه الأيام" 


ارتبك يي مان، ورمش بعينيه قائلاً: "ألم تقل إنك لن تغضب؟" 


تنهد شو هويتينغ: "ليس غضبًا، بل شعور بالحزن" 


شعر يي مان بالذنب قليلًا في قلبه 


سأل: "وماذا يجب أن أفعل لتتوقف عن الحزن؟" 


بعد ساعات قليلة، شعر يي مان ببعض الندم على هذا السؤال 


كانت الكريمة البيضاء اللاصقة على بشرته، والرجل يحتضنه من الخصر، ورأسه على رقبته يلهث ويلعق ويعض 


وكانت ملابسه فضفاضة، فلم يستطع يي مان تحمل هذه التحفيزات، فمد يده يمسك شعره 


"أمم…" 


الرجل لم يتوقف، بل زاد سرعته 


وعندما أدرك أنه تم قلبه على ظهره، كان الوقت قد فات 


ظن يي مان أنه يمكنه كالعادة الحصول على رضاه بمجرد التدلل قليلًا، لكن شو هويتينغ لم يستمع إليه 


قال: "اليوم سيكون هكذا"، بعد أن عضّ كتفه، تنهد يي مان متألمًا 


"لا تعض هناك…" 


كان يي مان مستندًا على الطاولة، شو هويتينغ من الخلف يحتضنه، يمسك يده ويدلك بطنه 


فقط هذا الفعل جعل يي مان يكاد يفقد توازنه من شدة الضعف، حتى ذابت دموعه 


وعندما تحقق له ما أراد، واحتضنه وجهًا لوجه، أصبح دماغه مشوشًا بالكامل 


وسط وعيه الضبابي، سمع شو هويتينغ يسأله: "هل ستجرؤ في المرة القادمة على تجاهلي، أو أن تخفي عني همومك؟" 


ارتجف يي مان، ولم يجرؤ مرة أخرى! 


… 


مع اقتراب موعد الزواج، أصبحت نقاط النظام تُجمع بسهولة أكبر 


تم تحديد حفل الزفاف في يوم عيد ميلاد يي مان 


وكان المكان على شاطئ البحر، إذ لم يحب يي مان رؤية الكثير من الغرباء، لذا دعيت عائلته فقط وبعض الأصدقاء المقربين لكل طرف 


قبل الخروج، نظر تشي جوي إلى أخيه المتوتر وقال بفضول: "أخي الكبير، أنت…" 


رد تشي يان: "لست متوترًا" 


ابتسم تشي جوي، ورفع حاجبه: "أوه… لست متوترًا" 


… 


ذهب كبار العائلة من جانب تشي مبكرًا لاستقبال الضيوف، والتقى السيد شو الكبير والسيد مينغ الكبير في موقع الحفل بعد خروجهما من المستشفى، وكان وجه كلا الرجلين متشنجًا، لكنهما اضطرّا للابتسام 


أما يي مان، فبالإضافة لعائلته، حضر بعض المعارف الآخرين، حتى لو جونغشينغ جاءت خصيصًا مع صديقتها الطائرة، فقط لحضور حفل زفاف شياو مان 


كانت الفتاتان متحمستين وهمسّتا لبعضهما البعض: 

"ألم أقل سابقًا… آه، قلت إنهما ثنائي!" 


كان شو هويتينغ، رغم خبرته في التعامل مع المواقف الصعبة، لا يزال يشعر بالتوتر في مثل هذه اللحظات 


اقتربت شو زيي، وساعدته في ترتيب ربطة عنقه، وكانت ترتدي اليوم فستان ذيل السمكة الطويل، فكان الأخ والأخت يجمعان مزيجًا رائعًا من الجمال، وجعلوا كل الأنظار تتجه إليهما 


ابتسمت قائلة: "كنت أظن طوال حياتي أنني لن أراك تتزوج، كنت أظن أنه بعد أن تنتقم وتستعيد ممتلكات والدتك، ستغادر هذا المكان، وربما تنغمس في ممارسة الرياضات الخطرة، وربما في أي لحظة أتلقى خبر وفاتك المبكرة نتيجة تلك المغامرات" 


فإذا تم شد الوتر لفترة طويلة ثم تُرك فجأة، سينقطع بلا شك 


الأشياء التي لا نعتني بها كثيرًا تكون هكذا 


لم ينكر شو هويتينغ كلام شو زيي 


قال: "الآن لن يحدث ذلك، فأنا أقدر حياتي، لا أعلم ماذا سيكون عليه حاله إن غبت، فهو لا يستطيع العيش بدوني" 


وأضاف بحزم: "هو لا يمكن أن يكون بدوني، إنه بحاجة لي أكثر من أي شخص في هذا العالم، لذا يجب أن أبقى بجانبه طوال حياتي بلا انقطاع" 


ضحكت شو زيي بخفّة: "عادةً من يقول هذا، يعني أنه لا يستطيع العيش بدون ذلك الشخص" 


اقترب الوقت 


ظهر يي مان مرتديًا بدلة بيضاء مفصلة خصيصًا له مع شو هويتينغ، حاملًا باقة من أزهار الجوردينيا، وجذب أنظار الجميع فور ظهوره 


اليوم بلغ العشرين من عمره 


طوله ازداد مؤخرًا، وامتلأ وجهه باللحم، وبرزت شخصيته أكثر 


وقف بثقة أمام الجميع، ممسكًا بالزهور أمام صدره، مبتسمًا عن بُعد نحو شو هويتينغ 


نظر شو هويتينغ إليه بعمق، ورآه يقترب خطوة خطوة 


وقف الاثنان وجهًا لوجه أمام الجميع، وتبادلا الخواتم، أمسك شو هويتينغ يده وقبل أصابعه 


قال: "من الآن فصاعدًا، شرفي، ومكاني، وثروتي، وحياتي كلها ملكك" 


وأضاف: "Ti amo, mio tesoro" 

"أحبك يا اغلى كنوزي" 


أنا أحبك 


كتمت لو جونغشينغ صراخها الداخلي، وأمسكت بهاتفها لتصوير هذه اللحظة 


في الصورة، يظهر شابان وسيمان مرتديان البدل البيضاء، يتبادلان الابتسامات 

هل وجدت خطأ؟ قم بالإبلاغ الآن
التعليقات

التعليقات [0]