🦋



"آتــشــو!" 


لم تنهمر الدموع، لكن هبّة ريح جعلت يي مان يعطس، فحطّمت الأجواء العاطفية تمامًا 


لم يستطع منع نفسه من لعن هذا الطقس الرديء في قلبه 


كيف يعطس في لحظة حرجة كهذه؟ 


لم يرتكب خطأً بسيطًا كهذا من قبل! كلّه بسبب الطقس السيّئ! 


وكما توقّع، أطلق شو هويتينغ همهمة متأمّلة، وكأنّه يتردّد بين أن يتجاهل الطقس المريع ويصاحبه إلى الجبل أو لا 


قال شو هويتينغ وهو يشدّ سحّاب معطف يي مان إلى الأعلى: 

"هكذا لا يُطلب المعروف" 

كان يي مان قد فكّ السحّاب قليلًا حين كانا في السوبرماركت لشدة الحرّ 


ارتبك يي مان، فاقترب أكثر منه، ممسكًا بذراعه بإحكام، وكأنّه يخشى أن يفرّ، وظلّ يكرّر برجاء: 

"السيد شو، أرجوك رافقني..." 


الطقس السيّئ جعل هذا الرجل الكبير أكثر صعوبة في التعامل 


تأمّل شو هويتينغ قليلًا، وكأنّه لم يعد قادرًا على تحمّل ذنب ترك هذا الكفيف المسكين وحيدًا، فأذعن أخيرًا: 

"حسنًا، قُل لي شيئًا جميلاً، وسأرافقك أينما أردت" 


شيء جميل؟ 


تجمّد يي مان في مكانه 


"ألست تعرف كيف؟" 


لم يكن الأمر أنّه لا يعرف، بل العكس، كان يعرف الكثير، لكنّه لم يكن متأكّدًا أيّها سيرضي هذا الرجل الكبير، كان يحاول أن يختار الطريقة الأنسب له 


ومع علم شو هويتينغ أنّ يي مان لا يستطيع الرؤية، تظاهر بأنّه يتطلّع أمامه، بينما كان يسرق النظر خلسة إلى من بجواره: 

"'ريكاردو، أرجوك، تعال معي'... نعم، هكذا" 


ثم أضاف وهو يتظاهر بالتفكير مليًّا، كمن يوازن الصفقة، قبل أن يتنهّد وكأنّه تاجر لم يربح كثيرًا: 

"وأخيرًا... قبلة على الخد، هذا كل شيء" 


تجمّد يي مان في ذهول، وشعر بيده الممسكة بذراع شو هويتينغ تسخن فجأة 


قفز إلى الوراء بسرعة، متراجعًا خطوتين 


النظام في ذهنه صاح: 

"آااه، أيها العجوز الماكر! لا تنخدع! إنّه يعبث بك فقط!" 


ظلّ يي مان متردّدًا، لكن صرخة النظام في ذهنه جعلت وجهه يحمرّ على الفور 


قال مدافعًا بتوتر: 

"أخي تونغ! لا تتفوّه بالهراء! إنّه لا يسخر منّي، إنّه فقط يمزح!" 


لكن مع ذلك، كان الأمر صادمًا أن يُلقي هذا الرجل الكبير مزحة كهذه 


لماذا هو... لماذا هو... 


لم يستطع يي مان أن يعبّر عن شعوره بالضبط 


التفت شو هويتينغ، فرأى يي مان يتراجع خطوتين فحسب، ظلّ واقفًا هناك متردّدًا، وكأنّه يريد الاقتراب لكن قدماه لا تتحرّكان 


ومن تلك المسافة، كان يكفي شو هويتينغ أن يمدّ يده ليعيده إليه 


وقبل أن يتمكّن عقل يي مان المشوَّش من ترتيب أفكاره، ضحك شو هويتينغ، كاسرًا التوتّر: 

"كنتُ أمزح فقط، أنا من أخرجك، فكيف لا أعيدك سالمًا؟ أتظنّ حقًّا أنّني قاسٍ إلى هذا الحدّ في نظرك؟" 


هزّ يي مان رأسه بسرعة، وعقله ما يزال عالقًا في حيرته السابقة 


لكن شو هويتينغ بدا وكأنّه نسي تمامًا ما قاله قبل لحظات، فمدّ يده ليمسّد شعر يي مان: 

"سأذهب لأجلب المظلّة وأضع الأغراض في السيارة، انتظر هنا، لن أتأخّر أكثر من دقيقتين" 


حين وصلا، كان المطر خفيفًا، وكان بالإمكان الوصول إلى وجهتهما بخطوات سريعة من غير مظلّة، لكن العودة صارت مستحيلة؛ فالمطر انهمر بغزارة كأنّه سيحطّم الرؤوس، والأرض أخذت تُخرج بخارًا من شدّته 


وقف يي مان تحت السقف لبعض الوقت، يعدّ خطوات الرجل الكبير المتلاشيّة في ذهنه، وحين بلغ المئة، تحوّل الصوت من قريب إلى بعيد، ثم عاد من بعيد إلى قريب، وظهر الظلّ المبتلّ أمامه من جديد 


كان صوت المطر يتساقط بشدّة على المظلّة 


قال شو هويتينغ: 

"هيا، اقترب أكثر، أمامك حفرة كبيرة، اخطُ خطوة واسعة" 


اتّبع يي مان اتجاه اليد التي تقوده، ورغم غزارة المطر، إلا أنّه كان محجوبًا تمامًا بالمظلّة، بل إنّ الرجل الكبير أمسكها بإتقان بحيث لم يتسرّب عليه أيّ بلل 


وبضع خطوات فقط، وجدا نفسيهما داخل السيارة، منطلقَين نحو موقف العربات في منتصف الجبل، فما زال هناك طريق قصير أمامهما 


كان جبل القيقب الأحمر منطقة سياحيّة مُعتنى بها جيدًا، لا هو عالٍ ولا منحدر، وجماله يكمن في أشجار القيقب الحمراء التي تكسو سفحه، والمناظر الممتدّة على الطريق، لا في علوّه أو صعوبة صعوده 


الدرجات عريضة ومتساوية، ورغم مطر الخريف الغزير، ما يزال هناك متسلّقون يواصلون صعود الجبل بلا مظلّات 


لولا ذلك، حتى وإن توسّل يي مان إلى شو هويتينغ كما اقترح، لربما لم يكن ليوافق على الصعود إلى الجبل في مثل هذا الطقس 


كان الأمر خطيراً للغاية 


فكّر باسترخاء في وسيلة أخرى لإقناعه 


شو هويتينغ اعتاد أن يسلك طرقاً أوحل وأصعد جبالاً أكثر انحداراً، فلم تكن الأمطار الغزيرة ولا الحر الشديد تُرهقه، لذا لم يُبالِ كثيراً بهذه المسافة التي لا تتجاوز العشرين دقيقة 


لكن مع وجود مرافق كفيف بجانبه، وجب أن يُفكّر أكثر 


ضغط يي مان على ساعته 


"الوقت الحالي: 16:12" 


انتظرا في السيارة عشر دقائق أخرى حتى خفّت حدة المطر، ثم نزلا 


لو كان الجو صافياً، لما كان في الأمر مشكلة أن يأخذ يي مان وقته 


لكن مع المطر، وعلى الرغم من أنّ الطريق في جبل القيقب الأحمر سهلة نسبياً، فإنها حتماً تصبح زلقة، والطقس السيئ لم يكن مناسباً لنزهة مريحة، لذا اقترح شو هويتينغ أن يحمله على ظهره صعوداً 


كان يي مان يعرف وضعه، فهو بالفعل يُثقل على الرجل الكبير بعنايته، وزاد المطر الأمر صعوبة، فإذا كان شو هويتينغ مستعداً لحمله، فذلك أفضل ما قد يحصل 


وضع شو هويتينغ بعض الطعام والشراب في حقيبة، حملها ـ لم تكن ثقيلة ـ ثم ناولها إلى يي مان، بعدها انحنى جاثياً أمامه 


صعد يي مان على ظهره بحذر، ممسكاً المظلة على نحو يحميهما معاً من المطر 


وحين استقرت يده على كتف شو هويتينغ، شعر أنّ أحد الجانبين مبتلّ تماماً، بخلاف الجانب الآخر الجاف 


عندها أدرك يي مان شيئاً وتجمّد في مكانه 


تردّدت يده على الكتف، ولم تُطوّق بعد، خائفاً أن يسقط، فربّت شو هويتينغ على مؤخرته مذكّراً: "بمَ شارد الذهن؟ تمسّك جيداً، وإلا سقطت" 


اللين تحت أصابعه شدّ قليلاً للحظة، فظنّ شو هويتينغ أنه سيفلت من ظهره، لكن بعد لحظة، عاد ذلك اللين يسترخي ببطء ويستسلم كقطعة قطن دافئة بين كفّه 


كان يعرف كم هو نحيل يي مان 


حتى بعد مضي وقت منذ عودته، لم يكتسب وزناً يُذكر، كان دائماً يُهمِل معدته ويأكل بلا اكتراث، كما في ذلك اليوم في السيارة، تذكّر طعم نصف قطعة الخبز وهي تذوب في فمه، فلعق شفتيه متعجّباً كيف يمكن لشخص أن يُحبّ مثل هذه الأشياء الحلوة 


ومع أنه نحيف، إلا أنّ لحم فخذيه كان ممتلئاً على نحو يثير الدهشة، حين رفع يده، شعر وكأنه يغوص في كرة قطنية 


وأثناء شروده، أحاطه الراكب على ظهره بذراعيه ببطء، حتى بعد أن رُبّت على مؤخرته، لم يهرب، بل أخفى رأسه في عنق شو هويتينغ 


ظلّ صامتاً، مستكيناً على صدره، مما جعل صدر شو هويتينغ يضيق 


وفي منتصف الطريق، التقط النظام همهمة من يي مان يحدّثه فيها: "أخي تونغ، أرجوك لا تنظر إليّ الآن" 


استغرب شو هويتينغ 


ثم رفع الراكب رأسه بتردّد من عنق شو هويتينغ حيث كاد يختنق، واقترب من أذنه بصوت مرتجف خافت: "ريكاردو... أرجوك... ابقَ معي..." 


توقف شو هويتينغ فجأة 


اليد المستقرّة على صدره كانت تضطرب حتى أثنت طيّة قميصه، تقبض وتفلت، وبعد لحظة، تقدّم الذي على ظهره، اقترب، وطبع قبلة خاطفة على وجنته 


كانت لمسة عابرة فقط 


ارتجف بصر شو هويتينغ، ورمش سريعاً، فيما شدّت يده لا إرادياً 


أخذ نفساً عميقاً 


وشعر أنّ بشرته عند العنق تتوهّج بحرارة ملتهبة 


أما يي مان فلم يجد رغبة في الكلام بعد ذلك 


لقد أُسقط في يده 


فلو نطق، لارتجف صوته لا محالة 


ذلك سيكون محرجًا للغاية 


شدّه شو هويتينغ إليه أكثر، صوته منخفض ومكتوم: 

"أمسك بالمظلّة جيدًا، وتشبّث بي بإحكام، سأسرع الخطى، قد نلحق بغروب الشمس" 


الركض؟! تجمّد عقل يي مان تمامًا 


كان هذا طريقًا جبليًا، وهو يحمل رجلاً بالغًا! كيف له أن يركض؟ 


من دون تفكير، شدّ قبضته أكثر، وقبل أن يتمكّن من الرد، كان شو هويتينغ قد بدأ يخطو خطوات واسعة 


كان مفعمًا بالطاقة، لا يجد لها مخرجًا 


شعر يي مان بجسدٍ يتشبّث به، متوتّر وقوي كفهدٍ منكمش، عضلاته صلبة لدرجة تُشعره بعدم الراحة، يفيض بالقوة من رأسه حتى قدميه 


قفز شو هويتينغ صاعدًا الجبل، وعلى وجهه ابتسامة صامتة، وعيناه تتلألآن من خلال المطر 


وعندما وصلا إلى القمّة، لامست قدماه الأرض 


أحسّ يي مان كأنّه يمشي فوق الغيوم، لا يزال محلّقًا 


لم يستوعب تمامًا ما الذي حدث للتوّ 


وكأنّهما بلغا القمّة في لمح البصر 


وقف شو هويتينغ بجانبه، ممسكًا بالمظلّة، وإحدى يديه في جيبه، تبدو عليه الراحة وكأنه لم يركض لتوّه صاعدًا وهو يحمل شخصًا آخر 


نظر حوله وقال لِيي مان: 

"المطر شديد، والجبل مغمور بالضباب، لا يمكنك أن ترى شيئًا" 


أجابه يي مان ببلادة: "آه"، وهو يشعر كأنّ روحه ما تزال تسبح على الطريق الجبلي 


وحين استعاد وعيه، أسرع يصحّح: 

"لم نأتِ من أجل المناظر" 


ومع ذلك، خالجه بعض الأسف لأنّه لم يتمكّن من رؤية الجبل يشتعل بحمرة الغروب 


لكن، حتى لو لم تمطر السماء أو يتلبّد الضباب، لربما لم يكن سيرى الكثير على أية حال، فالأمر يتوقف على إن كان الجبل بالحمرة نفسها كما أظهره مقطع الترويج، وعلى إن كان الضوء كافيًا، وباختصار، قد تكون الرحلة مضيعة 


تجوّل شو هويتينغ بعينيه، ثم خلع معطفه عند الجناح، وفرشه على المقعد ليجلس يي مان، وفتح حقيبته وأخرج منها الطعام والشراب الذي اشتراه للتوّ، ثم قدّمه له 


يي مان: "ألا يجدر بنا أن نجد مكانًا أكثر خفاءً؟" 


ألم يأتوا للإمساك بأحدٍ متلبّسًا؟ 


أليس من المكشوف أن يجلسا هنا يأكلان ويشربان؟ 


ارتبك يي مان قليلًا 


في أكبر جناحٍ عند القمّة، وأوضحها للعيان، وتحت نظرات المتنزهين الفضولية، فتح شو هويتينغ علبة صودا ببرود وقال باسترخاء: 

"هذا المكان خفي بما يكفي، مع كل هذه الأشجار والشجيرات حوله" 


وكان المنظر أيضًا جيدًا، فإذا تجرّأ تشي جوي ومِينغ ياو على القدوم، فسوف يمسك بهما من هنا 


ألم يريدوا صورةً فقط؟ 


ليتقدّموا ويأخذوها 


ما دمت هنا، فلن يجرؤا على الهرب 


تنفّس يي مان الصعداء: "هذا جيد" 


كان سيّئًا في تحديد الاتجاهات، ومع المطر وظلمة السماء، لم يستطع أن يرى شيئًا أو يميّز موقعه 


لكن، إن قال الكبير ذلك، فلا شك أنّ الأمر بخير، أليس كذلك؟ 


"أخي تونغ، هذه المرّة سأنجح بالتأكيد!" 


النظام: "..." 


إن نجح هذا، فالخنازير ستطير 


بدا صوت النظام يائسًا تمامًا: 

"الطقس سيّئ اليوم، استرح وعد إلى المنزل مبكرًا" 


انتظر يي مان على الجبل ساعةً كاملة، لكن الهدف لم يظهر 


ولم يعد قادرًا على الاحتمال، فأخرج هاتفه واتصل بتشي جوي 


وبمجرّد أن أجاب تشي جوي، جاءه صوت أخيه الأصغر الممتعض عبر الهاتف: 

"أين أنت؟" 


اعتذر تشي جوي من من حوله وغادر غرفة الاجتماع قائلاً: "أنا في الشركة، لماذا؟" ثم بعد لحظة صمت أضاف بنعومة: "سأعود إلى البيت مبكراً اليوم" 


يي مان: "ألم تكن ستذهب للتنزه في الجبال اليوم!" 


تشي جوي: "أأنت تعرف؟" وإذ ظنّ أنّه يهتم به كثيراً وكان يتابعه في الخفاء، رقّ صوته: "بدأ المطر يهطل في الطريق، وطرأ أمر عاجل في الشركة، لذا ألغيت خطّة التسلق" 


ضحك تشي جوي: "من ذا الذي يتنزه في مثل هذا المطر؟" 


بقي يي مان صامتاً 


"شياو مان؟" 


"لا بأس، سأغلق الخط الآن" كان يي مان غاضباً ومحبَطاً في آن 


لم يجد النظام سوى أن يواسيه: "الطقس ساء فجأة، ولم يتوقعه أحد، إن لم ينجح الأمر هذه المرة، فهناك فرصة أخرى لاحقاً" 


بعض تفاصيل السيناريو تُركت غامضة، ولم يُحدَّد التوقيت بالدقة المطلوبة، جدول تشي جوي لهذا اليوم كان مجرد تخمين من النظام ومن يي مان، وربما أخطآ في الموعد، فهذه الحبكة لم يكن من المفترض أن تجري اليوم 


ومهما يكن، فالأمر ليس ذنب يي مان 


وبهذا الاطمئنان، شعر يي مان ببعض التحسّن 


عضّ على أسنانه بعزم وأقسم: "في المرة القادمة، سأنجح بالتأكيد!" رافضاً أن يصدّق أنّ حظه سيئ إلى هذا الحد! 


وبما أنّ أحداً لم يأتِ والطقس كان سيئاً، فقد آن أوان النزول من الجبل بعد أن مكثا قليلاً 


حمل شو هويتينغ يي مان على ظهره ونزل به من الجبل 


وعندما وصلا إلى موقف السيارات في منتصف الجبل، استقلا السيارة وانطلقا 


كان المطر قد خفّ بحلول ذلك الوقت حتى صار رذاذاً خفيفاً 


ولدى وصولهما إلى السوبرماركت عند سفح الجبل، توقفت السيارة، ودخل يي مان مع شو هويتينغ لشراء بعض المشروبات الساخنة ليدفآ جسديهما 


وأثناء انتظاره في الطابور، تحسس يي مان معصمه ليتفقد الوقت، لكن أصابعه لم تلمس شيئاً 


فتّش أكثر من مرة، ثم أدرك أخيراً أنّ ساعته قد اختفت 


أنهى شو هويتينغ دفع الحساب وهو يحمل كوب شوكولاتة ساخنة، ثم التفت ليرى يي مان قابضاً على معصمه ووجهه شاحب 


"ما الأمر؟" 


وبمجرد أن سمع صوته، تشبث يي مان بكلماته كمن يتعلق بطوق نجاة، وقال بقلق: "ساعتي ضاعت، كانت معي عندما جئنا" 


شو هويتينغ: "ربما انقطع السوار وسقطت في الطريق" 


لقد صعدا الجبل ونزلا، وحين نزلا كان الوقت قد تجاوز السادسة، والليل قد أرخى سدوله، والمطر لم يتوقف... فلا عجب أنهما لم يلحظا سقوط شيء 


"انتهى الأمر، اشترِ واحدة جديدة" أخرج شو هويتينغ هاتفه، لكنه لاحظ أن يي مان لم يُجبه، بل ظل واجماً وشاحب الوجه 


كان يي مان يقبض على معصمه بقوة حتى ابيضّت بشرته، دون أن يلحظ الألم 


لكنّه لم يعرف كيف يفسر... 


...تلك الساعة كانت هدية من تشي جوي 


صحيح أنّه قادر على شراء أخرى جديدة بنفسه الآن، لكن... لكن... 


كان الأمر يؤلمه 


تمنى لو أنّه لم يرتدها، لو احتفظ بها بأمان، لما فُقدت 


أطرق يي مان رأسه، وبرغم ندمه وألمه الداخلي، أجاب بهدوء: "حسناً" 


ألقى شو هويتينغ عليه نظرة متفحصة، وتوقف لحظة، ثم شعر بمزيج من الانزعاج والشفقة 


"لا أستطيع أن أتعامل معك" تنهد بلا تفسير 


ثم أعاد هاتفه إلى جيبه، وأخذ بيد يي مان وأجلسه على الطاولة الطويلة في ركن الاستراحة بالسوبرماركت قرب النافذة الزجاجية الممتدة 


"اجلس هنا، سأخرج قليلاً وأعود فوراً" 


ووضع كوب الشوكولاتة الساخنة بين يديه قائلاً: "عندما أعود، أريد أن أراك ما زلت هنا" 


تعلق يي مان بثيابه وسأله: "إلى أين ستذهب؟" 


لم يُجبه شو هويتينغ، بل أصرّ عليه أن يبقى في السوبرماركت، ووعده أنّه سيعود سريعاً 


وبعد أن همس ببضع كلمات إلى الموظفين مشيراً إلى الشاب القلق الجالس عند النافذة، خرج وحده إلى ظلمة الليل 

هل وجدت خطأ؟ قم بالإبلاغ الآن
التعليقات

التعليقات [0]