🦋



شعر يي مان بإغراء لحظة، لكنه شكر النظام على لطفه، ثم أعلن بثبات وبصوت هادئ عن تطلعاته المستقبلية في تكريس نفسه للعمل الخيري 


في الثامنة عشرة ويتجه نحو الأعمال الخيرية — أمر فريد 


كان مزيجًا غير مألوف 


تشين فانغ روي: "شياو مان، أهذا حقًا ما تشعر به؟" 


بدا الأمر أقرب إلى كلام طفل يحاول استرضاء الكبار، فكما تعرف تشين فانغ روي، فإن أبناء هذا العمر يهتمون بالسيارات، والسفر، والرياضات الخطيرة، والتحف — إلى آخره، أمّا الخيرية؟ فذلك نادر 


لاحظ يي مان النظرات المشككة حوله، فتوتر قليلًا دون أن يُظهر الكثير 


كثيرًا ما كان يي مان يمارس لعبة الخداع؛ فكل كلمة يتفوه بها كانت أداءً محسوبًا 


لم يستطع النظام إلا أن يتهكّم: "ها قد انقلبت حيلتك عليك، ألم أقل لك أن تكتفي بقول إنك لا تعلم؟" 


تمتم يي مان في نفسه: "لن تنقلب، سترى" 


وبعد ذعر سريع، استعاد توازنه 


اعترى الحزن ملامحه للحظة وهو يقول بخجل، تتخلله مسحة من الحرج: "لم أفكر بهذا من قبل، لكن منذ أن فقدت بصري، أدركت ما يعانيه فاقدو البصر من صعوبات ومشقات، وصرت أرغب دائمًا في مساعدة من يشبهني" ثم أكد بثبات: "بعد أن صمدتُ أمام العاصفة، أريد أن أكون ملجأً لغيري" 


تلمّس الهواء حتى أمسك بطرف قماش: "ستدعمونني، أليس كذلك؟" 


كان يي مان قد اختار بذكاء أكثر أفراد أسرة تشي نفوذًا ليكسب رضاه 


فالدعم لا يكون بالكلام وحده؛ فالعمل الخيري يحتاج إلى المال 


وما إن يهزّ تشي يان رأسه موافقًا، حتى يتمكن يي مان من الحصول على مبلغ وفير 


لعب على أوتار حالته البائسة والجانب الأكثر إثارة للشفقة فيه، متصورًا أن تشي يان سيتأثر لا محالة وسيمنحه شيئًا، كان واثقًا من ذلك 


غير أنّ الصمت ساد المكان 


فارتبك يي مان على الفور 


هل أخفق في تمثيله؟ لِمَ كان الجميع صامتين؟ 


وربما استشعارًا لاضطرابه، تَنحنح الرجل الذي كان يمسك بكمّه، صوته الأجشّ، الممزوج بحرج، أفصح: "إنه أنا... والدك" 


هاه؟ 


ثم جاء صوت آخر مماثل بجواره يقول: "أنا هنا" 


وكان الجالس بجانبه هو تشي يان 


لقد أخطأ يي مان في الشخص، فتجمّد من الدهشة لحظة 


"أخي النظام، لقد رأيت بوضوح أن تشي يان يجلس هنا منذ قليل، متى تبادلا أماكنهما؟" 


النظام: "أب تشي نهض ليملأ إبريق الشاي بعدما فرغ، وحين عاد، اختلطت المواقع" 


كان رجال آل تشي الثلاثة جالسين في صف واحد أمامه، ولم يستطع يي مان أن يميز أيهم، حين كانوا يتحدثون سابقًا، اعتمد على أماكن جلوسهم، مستندًا إلى بصره الموشوش ليتعرّف إليهم، لكنه مع ذلك أخطأ 


ولمّا رأى الأب عادةً الصارم ابنه الأصغر مطأطئ الرأس على نحو بائس، مدّ يده وربّت بلطف على رأسه 


رنّ هاتف يي مان، وقد تلقى تحويلًا ماليًّا 


ثلاثة ملايين! مبلغ كامل قدره ثلاثة ملايين! 


لم تقع عيناه قط على مثل هذا المبلغ من قبل، فاحمر وجهه على الفور حتى غدا كالتفاحة 


لقد تكفّلت أسرة تشي على الدوام بطعامه وملبسه ومصروفه، لكنها لم تكن تسمح له بالإسراف، أمّا الثلاثة ملايين، فقد حُوِّلت له خصيصًا من أجل العمل الخيري 


تكلّم تشي يان قائلًا: "ابدأ بهذا القدر، بعد شهر من الآن أرني ما أنجزته في عملك الخيري، وستحصل على الدفعة التالية من الأموال، إن احتجت إلى شيء فاتصل بالسكرتير لي، لا أريد لهذا أن يكون مجرّد كلام بلا فعل، ولا أن تكتفي بإنفاق المال لمجرّد اكتساب سمعة حسنة، هل فهمت؟" 


ابتسم يي مان بخجل، وهو يومئ بحماسة مثل فرخ ينقر الحب 


وفي شرودٍ عاد مترنّحًا إلى غرفته 


غسل وجهه بالماء مرارًا حتى هدأ قليلًا 


راقب النظام المشهد بأكمله مذهولًا 


"يي مان، هل أخطأت في اختيار الشخص عمدًا أم صدفة؟" 


أمال يي مان رأسه: "عمدًا عن طريق الخطأ؟" 


نقر النظام بلسانه مرتين: "لا تدرك، لقد بدت ملامحهم وكأن قلوبهم انكسرت، وبهذا فقط وضعت يدك على ثلاثة ملايين، يي مان، بمهاراتك هذه ستتغلّب على أي شيء" 


كان يظن أنّ الإجابة السخيفة عن "حبّ الأعمال الخيرية" ستجعل من يي مان أضحوكة وتؤدي إلى كارثة، أمّا أداؤه وكلماته اللاحقة فلم تكن مبهرة، بل فيها مبالغة واضحة وتمثيل ظاهر، لكنّه في النهاية أدار الموقف لصالحه بذلك التحوّل غير المتوقع 


ابتسم يي مان بهدوء: "أيها النظام، هل تستطيع أن تحسب إن كان هذا المبلغ يكفي لفتح متجر لوعاء نودلز اللواسيفن؟" 


"ذلك يعتمد على الحجم الذي تريده، متجر صغير يكفي بالتأكيد، لكن سلسلة فروع... انتظر، ألستَ تنوي حتّى التمثيل؟ ألستَ خائفًا أن يكتشف تشي يان؟ أليس من المفترض أن تعمل في الخير؟" 


وفي المرآة، كان الفتى الشاحب النحيل يشير بحماس: "لا يحتاج أن يكون كبيرًا، فقط أصغر قليلًا من هذه الغرفة، وما الفائدة من التظاهر؟ ألم تقل إنني سأُطرد من عائلة تشي خلال عام؟ تشي يان مشغول جدًا لدرجة أنّه لن يراجع ’واجبي المنزلي‘. على الأرجح مجرّد كلمات قالها" 


"أخي تونغ، هل تستطيع أن تبحث لي عن أسعار البيوت في المكان الذي أنوي فيه تزييف موتي؟ هل يمكنك أن تقتنص بهذا المال متجرًا لي؟ أنا لا أفهم في هذه الأمور، و..." 


بعد لحظة صمت مشدوه، فتح النظام بهدوء واجهة البحث 


"انظر إلى قلّة طموحك، قلت لك إنني سأرتب لك حياة مريحة بعد انتهاء كل هذا، وكل ما تفكر فيه هو فتح متجر لوعاء لواسيفن!" 


ثم أدرك فجأة 


أيمكن أن يكون هذا هو حلم يي مان؟ 


وقع بصر النظام على الفتى الكفيف الذي كان يتدحرج فرحًا على السرير، كان يبتسم ابتسامة جميلة، عيناه منحنِيَتان، وكأنّ أزهارًا صغيرة تتفتح حوله، تبعث البهجة في القلب لمجرّد النظر إليه 


وللحظة لم يستطع النظام أن يميّز، هل كان يي مان سعيدًا حقًّا أم أنّه ما يزال في دور التمثيل، يستعرض لإرضائه؟ 


"أخي تونغ، أخي تونغ، لن ترحل الليلة، صحيح؟" 


"لا، لِمَ تسأل؟" 


"لا شيء، هي هي" 


سأنام على السرير الليلة! لا مزيد من النوم في الخزانة، يا للروعة! 


برز رأسه من بين الأغطية المتشابكة، وهو يغامر قائلًا: "أخي تونغ، هل تروي لي قصة قبل أن أنام؟" 


"أتظن نفسك طفلًا صغيرًا يحتاج إلى من يُغطّيه قبل النوم؟" قال النظام وهو يقلب عينيه 


تمتم يي مان ببضع كلمات، ثم قال: "إن لم تكن قصة، فقل أي شيء، المهم أن يكون هناك صوت، تكلّم معي، أرجوك!" 


"..." 


وبينما هو يتحدث، رنّ هاتفه من جديد 


أجاب يي مان المكالمة من دون تردّد 


انطلق صوت غريب عبر الخط، ومهما كان ما قاله الرجل، فقد اختفت ابتسامة "يي مان" تدريجياً، وأمسك بالهاتف بإحكام 


هذا التغيّر المفاجئ لفت انتباه النظام، رغم انشغاله بالبحث عن معلومات حول المتاجر لأجله 


تمكّن من التقاط شذرات من الكلام: "ميتم... لو... هدم... مال..." 


كانت الكلمات متقطّعة وصعبة الفهم 


بعد لحظة صمت، سأل يي مان: "كم المبلغ؟" 


"... أفهم" 


وبمجرّد أن أنهى المكالمة، شرع مباشرة في تحويل المال 


كان هاتفه مخصّصاً لذوي الاحتياجات البصرية، مع تعليمات صوتية تعلن كل لمسة، فسمع النظام بوضوح تحويل ثلاثة ملايين إلى حساب معيّن 


ذلك الـ "يي مان" نفسه، الذي كان قبل قليل متحمّساً للتحقّق من معلومات المتاجر، صار الآن صامتاً 


"من كان ذلك؟" سأل النظام 


كان النظام يمتلك معظم المعلومات الأساسية عن الشخصيات الرئيسية، لكنه لم يكترث بالثانوية منها 


ظل يي مان صامتاً 


ثم بعد لحظة سأل: "أخي تونغ، إن أتممتُ مهمّتي القادمة بنجاح، هل يمكنك أن تُعطيني جزءاً مقدّماً من المال الذي سأحصل عليه لاحقاً؟" 


"ولمَ ذلك؟" 


ابتسم يي مان ابتسامة صغيرة وقال: "أعمال خيرية، كما تعلم" 


"..." وكأن خداعه كان لعبة؟ 


"بالمناسبة، ما هو مسار الحبكة القادم؟" سأل يي مان 


"بعد أسبوعين، في حفلة عيد ميلادك وعيد ميلاد "تشي جوي"، سيُهدي "مينغ ياو" إلى "تشي جوي" بروشاً بقيمة أربعين مليوناً كعربون صلح، ما سيثير الحسد بين الجميع، أنت، وقد دبّت الغيرة في قلبك من "تشي جوي "، ستعترض طريقه في دورة المياه أثناء الحفل، وتهدّده بأن يسلمك البروش، وإلا فلن تدعه يبقى في عائلة تشي كمحتال" 

.

هل وجدت خطأ؟ قم بالإبلاغ الآن
التعليقات

التعليقات [0]