🦋


وضع تشي جوي الروبيان المقشور في وعاء نظيف، ثم بدّله بالوعاء الذي أمام يي مان 


ولما رآه مُتجمّدًا في مكانه، ذكّره قائلاً: "لقد قشرتُها لأجلك" 


كاد يي مان أن يمدّ يده ليتناول الروبيان أمامه، لكنه تذكّر نقاط النظام التي لم يحصل عليها بعد، فشدّ عنقه متظاهرًا بالعناد، وقصدًا أبدى تعنّتًا: "لم تَعُد لدي رغبة في أكله، عذرًا، أيها الأخ الثاني" 


ظنّ أنّه بهذا الأسلوب في مضايقة تشي جوي سيتدخل والداه وأخوه الأكبر لتوبيخه، لكن لم يكن أمامه خيار آخر، فنقاط النظام أوْلى في تلك اللحظة 


وبعد أن انتظر قليلًا، لم ينبس أحدٌ بكلمة، ولم يردّ إلا تشي جوي بهدوء: "ما رأيك ببعض الحليب وبيضة؟ تحتاج إلى البروتين لتتعافى بسرعة" 


لم يُجب يي مان، فعقد تشي جوي حاجبيه، وصار صوته صارمًا فجأة: "إن لم ترغب في شيء محدد، فبإمكانك إخبار الخادمة تشو لتعدّه لك، لا يجوز أن تُهمل الفطور لأنك انتقائي، حتى لو لم تكن شهيتك جيدة، ينبغي أن تأكل شيئًا، فأنت ما زلت في طور الشفاء" 


ارتجف يي مان من حدّة نبرته، التي بدت قريبة جدًّا من أسلوب تشي يان، فاهتزّت ثقته بنفسه على الفور 


مدّ تشي جوي يده ليأخذ وعاء الروبيان من أمام يي مان، لكن هذا الأخير أمسكه غريزيًّا 


فأمال تشي جوي رأسه ينظر إليه، فإذا بالفتى يتمتم شاكياً بشفاه مزمومة: "لقد قشرتَها خصيصًا لي" 


ثم شدّ يي مان على الوعاء في يديه بقوة، كأن أحدًا سيخطفه منه 


تأمّل تشي جوي الوعاء ثم نظر إلى الفتى الذي ادّعى أنّه لا يريد أن يأكل بينما يتمسّك به بكل عناد، فارتسمت في عينيه ابتسامة خفيّة 


وأمام أنظار الأسرة كلّها، مدّ يي مان يده الوحيدة السليمة، وتلمّس أطراف الوعاء بحذر، ثم التقط روبيانة وأدخلها فمه 


وبما أنّه لا يملك إلا يدًا واحدة، تناولها بيده مباشرة، رافضًا بإصرار عرض تشي جوي أن يُطعمه 


وكان الروبيان قد سُلق في ماء مالح على الفطور بلا صلصة، فلم يتّسخ شيء 


غرز يي مان أسنانه فيه بقوّة 


ثم تمتم في داخله شاكياً للنظام: "البطل عميق الحيلة جدًّا، حتى حين أكون سيّئًا معه، يظلّ يتسامح، لا عجب أنه البطل؛ التعامل معه صعب للغاية" 


سيّئ؟ أيَسمي هذا سوءًا؟ 


توقّف النظام لحظة ثم ذكّره: "كُل على مهل" 


راقبت عائلة تشي يي مان مليًّا، وتبادلت نظرات صامتة، قبل أن تعود إلى تناول طعامها 


وتذكّرت تشين فَانغ رُوي حديثها مع الخادمة تشو في الليلة الماضية 


لطالما كانت تتجنّب الاختلاط بِي مان، لكنها الآن كانت تراقبه بجدّية لأول مرة 


فقد تحوّل من شاب مفعم بروح التحدّي كالبالون المنتفخ، إلى جالسٍ مطيعٍ وهادئ بجوار تشي جوي يأكل، لمجرّد أن قال له تشي جوي: "حسنًا" 


كانت الخادمة تشو قد قالت إن يي مان سهل الاسترضاء، وها هي تشين فَانغ رُوي ترى بأمّ عينها كم هو سهل الاسترضاء بالفعل 


توقّف تشي جوي عن تقشير الروبيان بعدما ملأ نصف وعاء، وانتقل إلى تقشير البيض لِيي مان، ثم قدّم له قطعة خبز — أطعمة سهلة الأكل 


ومع أنّ يي مان لم يبدُ مسرورًا جدًّا، إلا أنّه أكل كل ما قدّمه له تشي جوي بطاعة 


وبعد الوجبة، قدّم له تشي جوي بعض الفاكهة قائلاً إنها تساعده على الفيتامينات 


وبعد أن تناول نصف برتقالة، هزّ يي مان رأسه قائلاً: "لا أستطيع أن آكل أكثر" 


فلم يُجبره تشي جوي، بل فكّر لحظة ثم ربت بخفّة على رأسه وقال: "لقد أبليتَ بلاءً حسنًا اليوم" 


وتحت أنظار والد تشي وتشين فَانغ رُوي الفضولية، ظنّ يي مان أنه يُخفي مكره وهو يمرّر يده خلسة على كفّ تشي جوي 


غير أنّ تشي جوي، الذي بدا كمن لُطِف كما لو كان قطًّا، سحب يده بهدوء، لكن الأثر بقي في راحته، يأبى أن يتلاشى، مخلفًا في صدره وجعًا دافئًا غريبًا 


عندما رفع بصره، لمح شقيقه الأكبر، تشي يان، يراقبهما، ورغم أن وجه تشي يان كان هادئًا، لا يُقرأ فيه شيء، التقط تشي جوي شيئًا أعمق في نظرته 


ابتسم تشي جوي باستهزاء، رافعًا حاجبه بابتسامة ماكرة كابتسامة الثعلب، وفي عينيه بريق تحدٍّ 


حرّك شفتيه بصمت: "آسف يا أخي الكبير، شياو مان يفضّلني فحسب" 


كان تشي يان صارمًا للغاية، وشياو مان، لحداثة سنّه وبراءته، كان يميل بطبيعته إلى الأخ الأكثر لينًا وسهولة في المعاملة 


نسي تشي جوي بشكل ملائم أنه لا يكبر يي مان إلا بساعات قليلة، فهما في الحقيقة متقاربان في العمر 


أطلق تشي يان ضحكة صامتة باردة، وفك ربطة عنقه بامتعاض، ثم نهض قائلًا: "شياو مان، تعال معي إلى غرفة المكتب" 


شعر تشي جوي بشدّ في ثيابه، فخفض بصره ليجد يي مان متمسكًا بطرف قميصه، فأخذ يده، وجعلها تستند إلى ذراعه ليتكئ عليه، وباليد الأخرى أمسك بعصا يي مان ليساعده على السير خلف تشي يان "لا تقلق، إن وبّخك الأخ الكبير، فقط ابكِ، أعدك أنه لن يجرؤ على قول كلمة أخرى" 


اعتقد يي مان أن نصيحة تشي جوي سيئة للغاية، أيمكن أن يكون تشي يان من ذلك النوع الذي يتراجع لمجرد أن أحدهم بكى؟ 


وقبل أن يصلا إلى الباب، همس يي مان بقلق: "هل هذا ينفع حقًّا؟" 


"سينفع" 


"جرّبته من قبل؟" 


"لا" أجاب تشي جوي ضاحكًا وهو يقرص خدّه: "لكن الأمر يتوقف على من يفعل ذلك، لا يجدي معي، لكنه سينجح معك" 


ظل يي مان حائرًا، يقوده تشي جوي إلى غرفة المكتب، يتساءل: لِمَ ينجح معه هو ولا ينجح مع تشي جوي؟ 


بعد أن سلّمه إلى المكتب، غادر تشي جوي 


بقي يي مان متوترًا، لكن حين استدعاه تشي يان، لم يقل شيئًا، بل طلب منه أن يُخرج هاتفه ويتدرّب على الاتصال به 


سحب تشي يان مقعدًا، وأجلسه بجانبه، وبينما كان تشي يان منهمكًا في الكتابة على حاسوبه، جلس يي مان يضغط على شاشة هاتفه، وخلال مؤتمرٍ مرئي كان يعقده تشي يان، ظل يي مان يجرّب على هاتفه 


وكلما ضغط أكثر، ازداد شعوره بالضياع 


حتى في منتصف الاجتماع، كان تشي يان يجد وقتًا للرد على اتصالات يي مان، وينتظر حتى يُنهي المكالمة ليعيدها من جديد 


وبعد أن أنهى الاجتماع، التفت إليه، مجيبًا على اتصال من شقيقه الجالس بجواره، ثم رفع الهاتف إلى أذنه 


قال صوته العميق المرهق قليلًا، الصادر من الهاتف ومن جواره معًا بعد صباحٍ من العمل المتواصل: 

"هل تعرف الآن ما أول ما يجب أن تفعله عندما تقع في مأزق؟" 


أومأ يي مان بشرود 


تشي يان: "ماذا عليك أن تفعل؟" 


يي مان: "أبحث... عن أخي؟" 


تشي يان: "همم" 


ثم قال: "افتح فمك" 


فتح يي مان فمه، فسقطت في داخله حلوى كروية، سرعان ما انتشر طعم الحمضيات الحلو في لسانه 


تشي يان: "مكافأة" 


وشعر بلمسة دافئة سريعة على رأسه اختفت في لحظة 


"حين يحدث أمرٌ ما، لا ترتبك، تدرّب باستمرار حتى تكون مستعدًّا حين يحين الوقت" ثم نقر على حاسوبه: "مهما كنت أفعل، ومهما كان الأمر مهمًّا، فلن يمنعني شيء من الرد على اتصالك، فقط اتصل بي، ولا تقلق من مقاطعتي أو الإفراط في التفكير" 


"مفهوم؟" 


وضع يي مان يده على رأسه: "همم..." 


عاد إلى غرفته مترنحًا كالمسحور، ثم رمى نفسه على السرير، وأذناه المكشوفتان قد احمرّتا قليلًا 


هل كان أخوه يعامله كطفل؟ 


وبعد أن غرق لحظة في إحراجٍ وشفقةٍ على ذاته، استدار لينام على ظهره، محدّقًا في السقف بلا وعي 


وما زالت الحلاوة عالقة في لسانه 


"أخي تونغ..." 


"ما الأمر؟" 


رمش يي مان بعينيه، وخفض بصره ليخفي المشاعر المتشابكة في داخله، وفي النهاية ابتلع الكلمات التي كانت على وشك أن تفلت منه 


"لا يمكن أن يظلّ رصيد دور التابع الشرير ينخفض هكذا، أخي تونغ، متى سيكون الحدث المحوري القادم؟" 


شعر النظام للحظة أن يي مان كان على وشك قول أمرٍ في غاية الأهمية 


"تمهّل، دعني أبحث" 


"بعد شهر، سيكون هناك مؤتمر دولي مهم للتبادل الاقتصادي والتجاري في مدينة تشونغهاي، كان من المقرر أن يذهب تشي يان، لكن انشغل بأمور أخرى، فاستقرّ القرار في النهاية على أن يحضره تشي جوي بدلاً عنه، سيستمر المؤتمر أسبوعًا كاملًا، وسيكون مينغ ياو هناك أيضًا" 


"وعندما سمعت بذلك، أصررت على الذهاب، وهناك في تشونغهاي، بذلت جهدك لكسب مينغ ياو، لكن البطل تجاهلك تمامًا، وفي اليوم الأخير، حين رأيت أن الفرصة العظيمة على وشك أن تفوتك لانتزاع مينغ ياو من تشي جوي، وبعد أن رُفضت مرارًا طوال الأيام السابقة، اندفعت في لحظة غضب لتُقدم على مقامرة يائسة، وبينما كان مينغ ياو ثملًا، تسللت إلى غرفته وأعطيته نوعًا من الدواء، عازمًا على أن يحدث بينكما أمر ما..." 


ولما رأى النظام ارتعاشة أهداب يي مان وهبوطها القلِق، سارع يقول: "لكن لا تقلق، لم يحدث شيء في النهاية، لم تجنِ إلا المزيد من الإذلال، فلم تُفسد علاقة البطل بمحبوبه، بل أعطيتهم فرصة للبوح ومصارحة بعضهم بعضًا، مما زاد البطل عزيمة على تحطيمك" 


وفيما كان يتحدث، لم يشعر النظام بشيء مميز، لكن حين تعهّد يي مان بإخلاص أنه سينجز هذا الحدث هذه المرة، ألقى نظرة على ذراعه المجبّرة، واللصقة على وجهه، والجروح الأخرى في جسده، فانتبه فجأة لقلقٍ عميق تجاه ما سيأتي 


"لا تُرهق نفسك أكثر مما تحتمل، صحتك أولًا، إن لم ينجح الأمر، فلدينا فرصة أخرى" قالها بجدّية 


وبدأ يقلق حقًّا من أن التابع الشرير قد لا يعيش حتى بلوغ الحدث الختامي بهذا الحال!


.

هل وجدت خطأ؟ قم بالإبلاغ الآن
التعليقات

التعليقات [0]