🦋

شعر سي يوهان بوخزٍ في قلبه، فصرف نظره بسرعة.

لاحظ كي روان ذلك، وتوقف عن التحديق، فقد كان يعلم أن سي يوهان، بطل الرواية، يكره أن يحدق فيه شخصٌ مثله.

خفض كي روان رأسه بدوره.

لم يفهم سي يوهان كيف أصبح هو الشخص الذي يخشى النظر في عيني الآخر.

كان المفترض أن يشعر كي روان بالعار، لا هو.

نظر إليه مجددًا، ليجد كي روان مطأطئ الرأس، يشبه جروًا تخلى عنه صاحبه.

كاد يضحك.

لكن ابتسامته تجمّدت قبل أن تولد.

ما الذي يحدث؟ هل أصبت بالجنون؟

اختفت البسمة، ومسح سي يوهان جبينه بتوتر.

ثم فجأة، تحركت العربة بعنف.

وبشكل غريزي، مدّ كي روان ذراعيه ليحتضن سي يوهان إلى صدره، محاولًا حمايته، فيما اصطدم هو بحافة العربة الخشبية.

دوي!

ارتجف سي يوهان ونظر إلى كي روان الذي كان يحتضنه بإحكام.

لحظة الصدمة جعلت عقل كي روان يغيب، فيما كاد سي يوهان يختنق من قوة العناق.

ما فعله كي روان الآن… كان كالقنبلة التي انفجرت في صدره.

“آه…”

تأوه كي روان بعد لحظة، حين بدأ الألم يتسلل إلى جسده. أطلق سراح سي يوهان بسرعة وسأله بقلق:

“هل أنت بخير؟ هل تأذيت؟”

هزّ سي يوهان رأسه، لكن في عينيه كانت هناك حيرة.

تنهد كي روان بارتياح، ثم رفع يده ولمس جبينه.

كانت بشرته بيضاء جدًا، ولهذا بدا الورم في الجانب الأيسر من جبهته واضحًا جدًا، بارزًا كأنه بقعة من الغضب.

وقبل أن يصرخ من الألم، سمع صوتًا مألوفًا يأتي من الخارج:

“كيف تجرؤ على الوقوف في طريقي! سأقتلك!”

هاه!

سخر كي روان داخليًا.

هل هناك أحد أحمق أكثر مني في هذا العالم؟

يبدو أن عليّ الانتقام… فقد شوه وجهي الجميل!

شدّ الستار ونظر باتجاه مصدر الصوت.

رجل يركب حصانًا، يرتدي ثيابًا فاخرة، كان يواجه لين تشينغ يي وجهًا لوجه.

رغم ملابسه الغالية، إلا أنه بدا كقردٍ متبجّح، تجعلك ملامحه ترغب في لكمه.

وعلى الأرض، كانت فتاة صغيرة، لا يتجاوز عمرها الثالثة عشرة أو الرابعة عشرة، تبكي بحرقة، وثيابها ممزقة.

كانت تحاول الهرب على ما يبدو.

من أول نظرة، فهم كي روان ما الذي جرى.

كان لين تشينغ يي يحدّق في الرجل بنظراتٍ متجمدة كالثلج.

“ما بك تحدق هكذا؟ ستموت أيها الوغد!”

صرخ الرجل بوجه الجنرال.

“سأجعلك تندم!”

كان لين تشينغ يي على وشك تلقينه درسًا لن ينساه، لكن كي روان قال بصوت مرتفع وساخر:

“كيف تجرؤ على الوقوف في طريقي؟ أنت من سيموت أيها الأحمق، هل تعرف من أنا؟”

كان الجميع يرتدون ملابس عادية للتنقل بسهولة، لكن ذلك الأحمق لم يتساءل لمَ هذا العدد الكبير من الناس؟

ألا يرنّ في رأسه جرس إنذار واحد؟!

أغبياء على هيئة بشر.

صُدم لين تشينغ يي من وقاحة كي روان المفاجئة، ونظر إليه بنظرة امتعاض خفيفة.

ترجّل كي روان من العربة، وهو يخطط لأن يُري هذا المعتوه كيف يبدو ' الأمير الوغد ' الحقيقي.

تجاهل لين تشينغ يي، وساعد الفتاة الصغيرة على النهوض بلطف:

“لا تخافي، أنا هنا. 

لن يجرؤ أحد على إيذائك بعد الآن.”

صرخ الرجل بغضب:

“من تظن نفسك؟!”

قال الحارس الذي كان بجانب ذلك المتغطرس:

“سيدي، أرجوك… دع الأمر. لنعد. تجاهله فقط.”

كان الحارس قد لاحظ أن الوضع لم يكن طبيعيًا، فمن الواضح أن الأشخاص الواقفين أمامهم ليسوا بسطاء.

ماذا لو كانوا من أصحاب الشأن؟

عندها، سيتحول الأمر إلى كارثة لا تُحمد عقباها.

لكن المعتوه لم يتحمّل أن يُؤمر من مجرد حارس، فركله من على ظهر الحصان، صائحًا:

“من تظن نفسك حتى تكلمني بهذه الطريقة؟”

اشتد برود وجه لين تشينغ يي، ووضَع يده على مقبض سيفه، على وشك أن يستله من غمده.

لكن كي روان قال ساخرًا:

“أنا والدك، ألا تعرفني؟”

ثم أشار إلى لين تشينغ يي إشارة واضحة ألا يتحرك بعد.

في هذه اللحظة، أزاح سي يوهان الستار وأطل من داخل العربة، ينظر إلى كي روان الذي كان يثير الجلبة كالعادة.

لكن هذه المرة… لم يستطع أن يكرهه.

لم يعد يبدو مزعجًا كما كان من قبل.

“اقتلوه! شَوهوا وجهه الجميل!”

صرخ ذلك الرجل الغاضب.

رفع كي روان حاجبًا ساخرًا.

على الأقل اعترف أنه وجه جميل، فكّر بتهكم.

الفتاة الصغيرة أمسكت بذراعه فجأة، وعينها مليئة بالذعر:

“أرجوك… ارحل، لا شأن لك. 

صدقني، لا تريد أن تتورط مع هذا الرجل.”

في هذه اللحظة، وبينما كانت يد الفتاة تمسك بذراع كي روان، أظلمت عينا سي يوهان قليلاً.

يديها ليست ناعمة بما يكفي… ليست بيضاء بما يكفي.

هكذا فكّر.

قال كي روان بنبرة هادئة وحاسمة:

“لا تخافي. فقط أخبريني بما حدث، ودعيني أتكفّل بالباقي.”

ترددت الفتاة، ثم أدركت أن الرجل أمامها ليس شخصًا عاديًا.

أخفضت نظرها، وعيناها تغرورقان بالدموع:

“كنت أشتري بعض الحاجيات حين ظهر فجأة، وأصرّ على أن أصبح محظية… بالطبع رفضت، فقام بـ…”

ببساطة، كان ينوي اختطافها.

قال كي روان ببرود:

“فهمت الآن. هناك من يظن نفسه فوق القانون، فيسطو على فتاة في وضح النهار.”

ضحك ذلك المتعجرف وقال:

“أنا هو القانون. وماذا في ذلك؟”

رد كي روان ساخرًا:

“آه، أنت القانون؟ آسف، هل اسمك حقًا (القانون)؟ ما اسم والدك؟ لماذا سماك هكذا؟ إنه اسم غريب قليلًا، ألا ترى؟ لكنه ليس سيئًا… بل جميلٌ نوعًا ما.”

صرخ الرجل:

“ما الذي قلته؟ موتك قريب!”

ثم قفز من حصانه وضرب كي روان مباشرة في وجهه.

لكن كي روان ابتسم، وتراجع خطوة بخفة، فتفادى الضربة تمامًا.

لكن في أعين من حوله، بدا وكأن الضربة أصابته في صدره.

تراجع كي روان متعمدًا، ممسكًا بصدره، وتظاهر بالضعف والانكسار، ثم صاح:

“كيف تجرؤ على ضربي؟!”

ضحك الرجل المتعجرف ساخرًا وقال:

“كفى تمثيلاً! سأقتلك الآن!”

لكن كي روان ربت على ثيابه، ثم وقف بهدوء، وقال بصوت بارد:

“هل سمعتم ما قال؟ قال إنه سيقتلني… أنا، أمير هذه البلاد!

إن لم يكن هذا خيانة عظمى، فما هو إذن؟

أمسكوه، واضربوه حتى الموت!”

“أمرك يا سموّ الأمير!”

تقدم عدد من الجنود المتخفّين بثياب عادية وأمسكوا بالرجل.

كان أشبه بمهرج أمام أولئك الذين أجادوا فنون القتال حقًا.

صرخ الرجل بغضب، غير مصدق لما يحدث:

“كيف تجرؤون! تقول إنك الأمير؟ من يُثبت ذلك؟”

قال كي روان وهو يرمش بعينيه بثقة:

“أنا.”

ثم التفت إلى الجنود قائلاً:

“نفّذوا الأمر فورًا.”

من الواضح أن ذلك الرجل كان يملك نفوذًا خلفه.

ولهذا، فإن اتهامه بمحاولة اختطاف فتاة لم يكن كافيًا ليُسجن أو يُدان.

كان لا بد من تهمة أقوى… بأسرع وقت.

ثم التفت كي روان إلى لين تشينغ يي وقال:

“الجنرال لين، أكره أن أزعجك، لكن هل يمكنك إرسال أحد لإبلاغ والدي بما حدث اليوم؟”

ترجّل لين تشينغ يي من حصانه وقال ببرود:

“سموك، لماذا تضيّع وقتك مع هذا الأحمق؟”

في رأيه، كان الأفضل قتله فورًا.

فأمثاله لا يستحقون حتى أن يُعرض أمرهم على الإمبراطور.

ضحك كي روان بخفة، ثم قال بنبرة هادئة:

“صحيح، لكنه بالتأكيد يملك نفوذًا. ولو اتهمناه بمحاولة خطف فتاة، لن يُعاقب بالإعدام.

وإن توليتَ الأمر بنفسك، سيحاول والده الانتقام منك.

أنت مهم جدًا، ولا يجب أن تعرّض نفسك لخطرٍ تافه كهذا.

افعل ما تجيده، يا جنرال… دافع عن الوطن، ودع القذارة لي.

ثم إنني أنا الأمير، فليحاولوا لمسي إن استطاعوا.”

هل وجدت خطأ؟ قم بالإبلاغ الآن
التعليقات

التعليقات [0]