لاحظ كي روان على الفور أن أحد قطاع الطرق توقف فجأة عن مهاجمته، ثم اكتشف أن البطل بدا عليه الذعر الشديد.
كان يرى ملامحه بوضوح حتى في ظلمة الليل.
صرخ بخوف:
“هان، انتبه!”
بدت علامات الرعب على وجه سي يوهان، فاستدار بسرعة واندفع نحو الغابة.
انطلق كي روان خلف سي يوهان بعدما تخلّص من قطاع الطرق الذين كانوا يحيطون به.
ومعظمهم أدرك حينها أن كي روان لم يعد تحت حماية أحد، فبدؤوا يلاحقونه على الفور.
تغير لون وجه لين تشينغ يي، وقد خيّم الظلام في عينيه. ولأن أغلب اللصوص انشغلوا بملاحقة كي روان، فقد تمكن بسهولة من قتل من تبقى منهم.
ثم أمر بصوت حازم:
“الجميع، ابحثوا عن السيّد الشاب، وتأكدوا من أنه بخير.”
لم يكن المطلوب مجرد العثور عليه، بل كان عليه أن يُعثر عليه سالمًا، سليمًا.
“نعم، صاحب السمو!”
أما كي روان، فقد ركّز كل انتباهه على سي يوهان الذي كان يبتعد عنه في المسافة. لم يجرؤ حتى على أن يرمش بعينيه، فقد كان يخشى أن يغيب عن ناظريه لحظة، فيضيع منه إلى الأبد.
شدّ قبضته على سيفه وركض بكل ما أوتي من قوة في إثر سي يوهان. كانت رطوبة الليل تنخر في هواء الغابة، والبرد يتسلل إلى حلقه حتى شعر وكأنه يحترق من الداخل.
وكلما توغل أكثر، ازدادت الغابة ظلامًا.
توقف كي روان فجأة عندما لاحظ غياب الأصوات خلفه، فألقى نظرة حذرة من حوله، ملامحه متجهمة:
أين ذهب سي يوهان بحق السماء؟ لقد رأيته يدخل هذه الناحية!
نادى بصوت ملهوف:
“هان، أين أنت؟”
كان سي يوهان في مكان قريب، يراقب كي روان وهو يبحث عنه بقلق، يلمس ذقنه بأطراف أصابعه، وعيناه تتلألآن بخبث.
كان قد خطّط من قبل لقتل كي روان عند وصولهم إلى مقاطعة يوليانغ، لكنه تساءل: لمَ الانتظار؟ لمَ لا ينهي الأمر الآن؟ لقد اعتبر أن موت كي روان وسط هذا الجمع من الناس، حتى وإن كان مؤلمًا، فلن يكون وحيدًا فيه.
لكن فجأة دوّى صوت كي روان:
“انتبه!”
اتسعت عينا كي روان وهو يصرخ مندفعًا نحو سي يوهان. في المقابل، بقيت عينا سي يوهان باردتين، فقد ظن أن كي روان يحاول قتله من مسافة قريبة.
يا له من أحمق… لقد بالغ في تقدير نفسه.
أمال سي يوهان جسده إلى الجانب، لكن قبل أن يتمكن من فعل أي شيء، سقط مباشرة بين ذراعي كي روان، ما أثار اشمئزازه.
لهث كي روان، بالطبع كان خائفًا.
لكن حين اخترق السيف جسده، وجد نفسه يشعر بالرضا، وكأن هذا الألم له معنى.
أمسك بمقبض السيف، وطعَن الرجل الذي طعنه، طعنة مقابلة.
عندها فقط أدرك سي يوهان أن ذراع كي روان تنزف بغزارة.
“أنت…” كادت عينا سي يوهان تخرجان من محجريهما، وقد امتلأت نظراته بالذهول والريبة.
لقد أصيب كي روان أثناء محاولته حمايته!
لماذا؟ كان بإمكانه ببساطة أن يقف متفرجًا وهو يُقتل، أو على الأقل يترك القاتل يغرس سلاحه فيه ليُطفئ نيران غضبه…
لكنه لم يفعل.
لقد استخدم جسده كدرعٍ بشري… وأنقذ حياته!
انكمشت شفتا سي يوهان حتى أصبحتا خطًا رفيعًا. لم تكن نظراته قاسية كما اعتاد، بل كانت مشوشة، متخبطة، تائهة.
قال كي روان بصوت دافئ، دون أن يلحظ التغيّر الذي طرأ على سي يوهان:
“لا تخف… أنا معك.”
ثم دوّى صوت في الأرجاء، آمرًا بوحشية:
“فتّشوه. اقتلوه فور أن تجدوه.”
تسلل بردٌ غريب إلى قلب كي روان. لم يكونوا مجرد قطاع طرق… كان عددهم في ازدياد مستمر.
وكان هو وحيدًا… لا رفيق له إلا سي يوهان.
كيف له أن يحميهما معًا؟
شدّ على جسد سي يوهان وهمس في أذنه بصوت منخفض ومليء بالرجاء:
“هان، كن فتىً مطيعًا، تمسّك بي جيدًا… لا تتركني مهما حدث، مفهوم؟”
زفر أنفاسه الدافئة في أذن سي يوهان، فما كان من الأخر إلا أن ارتجف قليلًا رغمًا عنه.
هزّ كي روان جسده قليلاً، فمدّ سي يوهان يديه لا شعوريًا ولفّهما حول عنقه.
أمعن النظر في يديه الملتفتين حول عنق كي روان، ثم رفع عينيه إليه، وكان ضوء القمر ينعكس في حدقتيه، يشعل فيهما ومضة حائرة.
خفض كي روان خطواته، فهؤلاء الرجال سيصلون قريبًا. كان عليهم أن يجدوا مخبأً بأسرع وقت، ويأملوا أن يتمكن الجنرال لين من العثور عليهم في الوقت المناسب.
ذلك كان أملهم الوحيد.
“لا بدّ أنهم قريبون. فتّشوا جيدًا.”
“أمرك!”
تجمّد كي روان في مكانه. لا شك أنهم رأوا الجثث التي خلّفها. كانت أصواتهم تقترب أكثر فأكثر.
زاد من سرعته دون أن يشعر…