قال كي روان بصدق:
“هان، لا تقلق. ستكون بخير. أنا هنا لأحميك.
أعدك بذلك.”
وقبل أن يتمكن سي يوهان من الرد، سمع كي روان صوت لين تشينغ يي وهو يحذّره قائلاً:
“كن حذرًا!”
نظر كي روان من حوله، كان واضحًا أن أولئك اللصوص لا يملكون أي فرصة أمام الجنرال لين، ولكن…
حين رأى جنودًا يسقطون قتلى أمام عينيه، شعر أن قلبه ينفطر. فهو طبيب، ولم يكن في وسعه أن يقف مكتوف اليدين، يتفرج على الأرواح تُزهق دون أن يحرك ساكنًا.
قال بجدية لسي يوهان:
“هان، اختبئ في العربة.”
كان سي يوهان لا يزال طفلًا في السابعة أو الثامنة من عمره، ولم يكن أحد سيلتفت إليه وسط هذه الفوضى.
طالما استقطب كي روان الانتباه إليه، فلن يصيب الفتى أي سوء.
ثم أردف بصوت هادئ:
“اختبئ في العربة، وكن طفلًا مطيعًا.
لا تخرج منها، أتسمعني؟”
أومأ سي يوهان برأسه دون تعبير، كأن وجهه قد تحول إلى قناع جامد.
شعر كي روان ببعض الطمأنينة في قلبه بعد تلك الإيماءة. تناول السيف الأقرب إليه، وتصدى بضربة خاطفة لأحد المهاجمين الذين اقتربوا من ظهر لين تشينغ يي.
استدار الجنرال لين، وقد بردت ملامحه كالسيف، وقال بصرامة:
“ارجع، يا سيّدي الصغير!”
لكن كي روان رد بحزم، وهو يركز نظره في العدو:
“أنا بخير. لا تقلق عليّ.”
“احذر!”
شوش تدخل كي روان تركيز لين تشينغ يي، فانتهز أحد اللصوص الفرصة محاولًا طعنه.
لكن كي روان شد قبضته على السيف، وغرسه في صدر المهاجم بدقة قاتلة. عندها تدخل لين تشينغ يي بركلة عنيفة أطاحت بالجثة بعيدًا.
في تلك اللحظة، أيقن لين تشينغ يي أن عليه أن يركّز كامل انتباهه في القتال.
ولم يلحظ أحد أن وجه كي روان بدأ يشحب، وأن مفاصله تتيبّس من شدة التوتر. كانت يداه بالكاد قادرتين على التمسك بمقبض السيف.
هو طبيب، وقد قتل إنسانًا!
بالطبع شعر بالحزن والندم. لكن في ظل هذا العصر المجنون، وفي خضم هذا الوضع القاتل، لا بد أن أحد الطرفين سيسقط. ولم يكن هناك خيار آخر.
ثبت كي روان بصره على الرجل الذي أرداه قتيلًا، وشعر أن أنفاسه تكاد تنقطع.
وفي العربة، أزاح سي يوهان الستار قليلًا، يريد أن يرى بوضوح ما يجري خارجها. رأى أن اللصوص جميعهم قد وجهوا أنظارهم نحو كي روان.
ثم لاحظ شيئًا آخر…
كان كي روان يلقي بنظرات بين الفينة والأخرى نحو العربة.
ما الذي فيها؟
لا أحد سواه.
فهل كان ينظر إليه؟
هل كان يراقبه ليتأكد من أن أحدًا قد قتله، فيرتاح هو من عناء فعلها بنفسه؟
أم كان ينظر ليتفقده، ليطمئن أنه بخير، لم يُمس بأذى؟
مجرد التفكير في هذا الاحتمال جعل عيني سي يوهان تغيم بسواد كثيف، كأن حبرًا انسكب على صفحة بيضاء. كان عمق سوادها كأعماق البحر.
سحب يده من الستار.
فراغٌ غريبٌ تفجّر في صدره.
ثم ارتسمت على شفتيه ابتسامة ساخرة.
“كي روان!”
حين تفقَّد كي روان محيط العربة ولم يجد ما يثير الريبة، تنفّس الصعداء. بدا أن أولئك اللصوص لم يلحظوا وجود سي يوهان بعد، وهذا أمر جيد. على الأقل، لن يكون مضطرًا للقلق عليه طوال الوقت.
في تلك اللحظة، قفز سي يوهان من العربة بخفة، وانحنى ليلتقط حجرين من على الأرض، ثم قذف بهما نحو أقرب اثنين من اللصوص.
شعر القتلة الذين أُصيبوا بالحجارة بالدهشة والغيظ، ونظروا نحوه بعيون يملؤها الغضب والوحشية.
ولكن، في لحظة قصيرة، أداروا وجوههم بعيدًا.
لم يكن سي يوهان هدفهم.
هدفهم الحقيقي كان كي روان، وهذا الفتى مجرد عابر سبيل لا يستحق الانتباه.
لكن سي يوهان لم يكن ليتراجع، فقد قطّب حاجبيه بحدة، وامتلأت عيناه بوميض عدائي، ثم التقط حجرًا ثالثًا، هذه المرة بذل فيه كل ما أوتي من قوة.
وبمجرد أن أصاب الحجر رأس أحد اللصوص، خرّ الرجل على ركبتيه فورًا.
تملّكه شعورٌ مريب.
كل من تعلّم فنون القتال يعرف أن ما حدث لم يكن صدفة.
القوة الداخلية لا تظهر بهذه البساطة، لكنه لم يأخذ هذا الصبي على محمل الجد في البداية.
بدا صغير السن، وضعيف البنية، فظنه مجرد طفل عادي. لكنه كان مخطئًا، خطأ فادحًا. فهذا الفتى الصغير لا يتقن فنون القتال وحسب، بل يبدو أنه بلغ فيها مرتبة متقدمة.
شعر القاتل بالتهديد، قبض على سيفه وتقدّم بخطى حذرة نحو سي يوهان…