🦋

في لحظة، شعر سي يوهان بنفسه ممددًا في مكان دافئ، وقد غمره فجأة غطاء ناعم دافئ.

استنشق رائحة العنبر… عبيرٌ حلو، لطيف، يتسلل إلى الأعماق.

كانت الرائحة صادرة عن جسد كي روان.

الآن، وهو نائم في نفس الموضع الذي نام فيه كي روان، محاطًا بعطره،

غمره شعور بالارتباك.

كان من المفترض أن يُثير هذا اشمئزازه…

نعم، مقزز، مقزز جدًا.

قال ذلك في نفسه، محاولًا إقناع ذاته، دون أن يُلاحظ أنه كان يعبس لا شعوريًا.

وفجأة، لامسته يد دافئة على جبينه.

أطراف أصابع كانت تُداعب حواجبه برفق، كأنها تُحاول أن تُزيل غضبه وارتباكه.

وسمع صوتًا رقيقًا يقول:

“هان… لا تخف. أنا معك. صدقني، لن يجرؤ أحد على إيذائك بعد الآن. أعدك… لا تقلق.”

نظر كي روان إلى سي يوهان وهو لا يزال متكوّرًا في نومه،

ذلك الالتفاف الذاتي الذي لم يكن إلا علامة على عدم الأمان،

كما يتكوّر الأطفال في أرحام أمهاتهم، لأنه الموضع الوحيد الذي يمنحهم شعورًا بالأمان.

تنهد كي روان بصمت. كان يشعر بالنعاس قبل لحظات، لكنه الآن لم يعد كذلك.

ورغم أن سي يوهان لم يكن قد استعاد قوته الكاملة كما في حياته السابقة،

إلا أن ذاكرته كانت حاضرة، وكان يشعر بنظرات كي روان المثبتة عليه،

وهو لا يعلم لماذا كانت تلك النظرات تُربكه إلى هذا الحد.

وفجأة، اهتزت أذنا كي روان، وارتسمت على وجهه ملامح البرود.

كرجل قضى سنوات يمارس فنون القتال، كان يملك حاسة يقظة تُنذره بالخطر،

وقد شعر الآن باقتراب أحدهم… شخص لا ينتمي للجنود.

شيءٌ ما كان مريبًا.

مدّ يده فورًا ووضعها على فم سي يوهان برفق، وهمس له:

“هان، استيقظ… استيقظ بهدوء.”

فتح سي يوهان عينيه.

لكن كي روان لم يُدرك أن تلك العيون لم تكن عيون شخص استيقظ للتو،

بل كانت باردة، واعية، حذرة.

“هناك أحد ما. لا أعلم إن كانوا أعداء أو لا، لكن المؤكد أنهم ليسوا أصدقاء.”

لماذا؟

لأنه كان قد أمر الجنود الذين اصطحبوا الأمراء إلى بلدانهم أن يعودوا مباشرة إلى مملكة اللهب الأحمر بعد أداء مهمتهم.

وحتى إن أخطأوا وفهموا الأمر بطريقة مختلفة، فإن أقربهم، من البلاد الجنوبية،

سيحتاج خمسة أيام على الأقل ليصل إليهم… فما بالك بالبقية؟

وإن كانوا جنودًا من الإمبراطور نفسه، فذلك مستبعد أكثر،

إذ لا يتحركون بهذا الهدوء والصمت.

لا شك إذًا… ثمة شيء غريب يحدث!

سحب كي روان الستار وقفز من العربة، ثم التفت ومد يده نحو سي يوهان:

“انزل.”

لكن سي يوهان تجاهله وقفز من العربة بنفسه.

ولم يكن لدى كي روان وقت للشعور بالإحراج.

هرع الجندي الذي كان يحرس العربة قائلاً:

“سموك، هل من خطب ما؟”

قطّب كي روان جبينه،

ألم يسمعوا شيئًا؟

فسأله:

“هل سمعت أي صوت غريب؟”

“آه…”

كاد الجندي أن يهز رأسه بالنفي، لكن حينها صاح لين تشينغ يي بصوت حاد:

“الجميع، استعدوا!”

استفاق الجنود من غفوتهم، وأصبحوا على أهبة الاستعداد.

قبض كي روان على معصم سي يوهان بلا وعي.

“من هناك؟!”

قالها لين تشينغ يي وهو يقبض على سيفه بقوة. عيناه كانتا كجليد أسود يتوهّج.

ثم تبع ذلك صوت خطوات، وصوت غليظ قال:

“هاه… حصاد وفير الليلة. 

الطريق الذي تسلكونه… ملكنا!

فما رأيكم؟ تريدون الحفاظ على نقودكم؟ 

أم أنكم تفضلون الاحتفاظ بحياتكم؟

الاختيار لكم.”

قطّب كي روان حاجبيه.

قطع طريق؟ سرقة؟

رد لين تشينغ يي بنبرة هادئة كأنه في محادثة عادية:

“لا نحمل أي مال.”

كانت نبرته المتزنة كفيلة بأن تبعث الطمأنينة في قلب كي روان.

هو الجنرال العظيم لين، لا خوف ما دام هنا.

هل وجدت خطأ؟ قم بالإبلاغ الآن
التعليقات

التعليقات [0]