كانت العربة واسعة، لكنها لم تكن طويلة بما يكفي. ورغم أن كي روان لم يكن طويل القامة، إلا أنه لم يستطع أن يتمدد فيها براحة.
وبعد مضي بعض الوقت، لم يشعر كي روان بالنعاس كما في البداية.
فجلس، ولوّح بيده نحو سي يوهان قائلاً:
“هل تريد أن تنام قليلاً؟”
هزّ سي يوهان رأسه، وقال بصوتٍ لم يكن قاسيًا لكنه أيضًا خالٍ من العاطفة:
“لا. نم أنت.”
تألقت عينا كي روان ببريق باهت:
هل يمكن أن يكون هذا نوعًا من الاهتمام؟ هل يعني هذا أنه يهتم بي؟ لا بد أن يكون كذلك.
لكن النعاس كان قد تغلّب عليه، فتخلى عن التفكير، واستلقى داخل العربة ونام مطمئنًا.
وخلال الليل، وتحت أوامر لين تشينغ يي الصارمة، لم يجرؤ الحرّاس على إحداث أي ضوضاء قد تُوقظ الأمير.
لم تُسمع سوى خطوات خفيفة متقطعة في أرجاء المكان.
تسلل ضوء القمر من خلال شقوق العربة، وانعكس على وجه كي روان، فأضفى عليه صفاءً ناصعًا وجمالًا ساحرًا.
حدق سي يوهان به ببرود، وأصابعه بدأت تتحرك لا إراديًا. ثم سار ببطء نحو كي روان.
كان كي روان نائمًا كالأطفال، مستغرقًا في أحلامه.
تساءل سي يوهان في نفسه:
ماذا لو… مات الآن وهو نائم؟
ارتسمت ابتسامة باردة على شفتيه، ومدّ يديه نحو عنق كي روان.
كان عنقًا رقيقًا، هشًّا… وكأنه يمكن كسره بقليل من الضغط.
كأن كي روان أحس بالخطر، فقد عبس وجهه وهو نائم، لكنه لم يستيقظ.
زاد سي يوهان من ضغطه شيئًا فشيئًا، وعيناه تلمعان بوميض دموي وقسوة مرعبة.
بدأ تنفّس كي روان يثقل، وجبهته تندّى بالعرق.
قال سي يوهان بصوتٍ منخفض بارد:
“كم أنت محظوظ يا كي روان! يبدو أنك نسيتَ أنني سلختُ جلدك في حياتك الماضية. هذه الحياة… مريحة جدًا بالنسبة لك، أليس كذلك؟”
جالت نظراته الباردة على وجه كي روان الذي بدأ يتورد من قلّة الأكسجين.
داخل الحلم، شعر كي روان بأن أحدًا يخنقه.
لم يكن يتنفس، كان يحتضر… يحتضر فعلًا.
وفجأة…
هوف!
استيقظ كي روان جالسًا، يلهث بقوة، ويمسك بعنقه بارتباك.
لقد كان حلمًا… حلمًا خانقًا، رأيت فيه سي يوهان يخنقني حتى الموت.
لكن… إن كان حلمًا فقط، فلماذا بدا حقيقيًا إلى هذا الحد؟
لقد شعر فعلاً بالألم في عنقه!
فرك عنقه مرارًا، ثم نظر نحو سي يوهان الذي كان متكورًا في زاوية العربة.
انعقدت حاجباه، مزيج من الحيرة والخوف يملأ قلبه.
كيف غفوت هكذا؟ كان عليّ أن أتمسّك به، أن أملّقه، أن أتودد إليه…
لا أن أترك نفسي نائمًا ليقوم بسلخ جلدي مجددًا!
ضرب جبهته بكفّه وبدأ يزحف بهدوء نحو سي يوهان.
أما سي يوهان، فقد كان بالفعل يعتزم قتل كي روان،
لكن بعد قليل من التفكير، تراجع.
فالعربة لا تحتوي على غيرهما، وإن حدث شيء، فسيكون هو أول المشتبه بهم.
ناهيك عن أنه لم يستعد بعد قواه كما كانت في حياته السابقة، لذا… لا فائدة حقيقية من قتله الآن.
لكن…
ماذا لو كان كي روان هو من ينوي قتلي هذه المرة؟
شعر سي يوهان باقترابه. قبض على كفه بإحكام.
واتخذ قرارًا صارمًا:
إن لمسني بأدنى حركة عدائية… سأقتله فورًا.
لكن… كي روان لم يفعل شيئًا.
بل على العكس، حمله بين ذراعيه برفق.
تصلب جسد سي يوهان للحظة، لكنه سرعان ما أجبر نفسه على الاسترخاء، خوفًا من أن يلاحظ كي روان ذلك.
أما كي روان، فلم يفكر في كل هذا التعقيد.
ظن أن تيبّس جسده ناتج عن ضعف الدورة الدموية من النوم بوضعية واحدة لفترة طويلة.