🦋

أخذ كي روان بيد سي يوهان واقتاده إلى المكان الذي كان فيه.

ثم عرض عليه أن يجلس في مقعده، بينما جلس هو القرفصاء إلى جانبه، وقال:

“هيا، كُل بسرعة، حتى تتمكن من الراحة باكرًا.”

أومأ سي يوهان برأسه قليلًا، لكنه عبس حين رأى السمكة وقد احترق جزء منها.

وحين لاحظ كي روان أن سي يوهان يكتفي بالتحديق في السمكة دون أن يتحرك، ظن أنه لا يعرف كيف يأكلها.

لم يُفكّر في سنّه أو تجاربه، كل ما كان يشغل باله هو محاولة إرضائه بأي طريقة.

ولذا، مدّ يده وأخذ السمكة من يد سي يوهان، ثم بدأ يُزيل العظام منها.

شقّ الجلد المحروق بلطف، فكشف عن اللحم الطري في الداخل.

نظر سي يوهان إلى قطع اللحم الطري التي قُدّمت إليه قرب فمه.

لم يستطع أن يفهم ماذا يريد كي روان من كل هذا.

إن كان ما يفعله تمثيلًا… فلا حاجة لأن يصل لهذا الحد.

“هيه، فيمَ تفكر؟ افتح فمك.”

قال كي روان مبتسمًا، وقد تملكه شعور غريب بالمحبة والشفقة.

كان بوسعه أن يرى أن سي يوهان لم يعتد على أن يُعامله أحد بلطف.

بل بدا عليه الذهول كلما تلقّى لمسة حنان.

عند سماع كلمات كي روان، لم يتمالك سي يوهان نفسه، وفتح فمه بتلقائية.

دخلت قطعة السمك إلى فمه، وكان طعمها لذيذًا… لكنه لم يركّز على المذاق.

كانت عيناه مثبتتين على كي روان، الذي استمر في تنظيف العظام بعناية.

أما لين تشينغ يي، فقد ظل يحدق في كي روان بدهشة بالغة.

منذ أيامٍ قليلة فقط، كان كي روان يكره سي يوهان إلى حدّ لا يُطاق، وسبق أن أذله مرات كثيرة أمام الجميع.

لقد اعتقد حينها أن كي روان كان يُخطط لقتله!

لكنه الآن… لم يعد يفهم هذا التغيّر المفاجئ.

رغم أن كي روان الحالي يبدو أكثر لطفًا وإنسانية من ذي قبل، إلا أن لين تشينغ يي… لم يُحبّه.

بعد أن أتم كي روان تنظيف العظام، أراد أن يقرص خد سي يوهان بلطف، لكنه تراجع حين رأى يديه ملطختين بالزيت.

خفض يديه وقال لسي يوهان:

“لقد تأخر الوقت… عد إلى العربة واسترح.”

وما إن أنهى كلامه ووقف، حتى غطى الظلام عينيه فجأة، وداهمه الدوار، فقد توازنه وبدأ يسقط باتجاه النار.

تغيرت ملامح لين تشينغ يي فورًا، ومدّ ذراعيه بسرعة ليمسك به.

كان سي يوهان يراقب المشهد بعيونٍ مليئة بالمعاني، وقبضته مشدودة.

“هل أنت بخير؟!”

سأل لين تشينغ يي بقلق شديد.

هزّ كي روان رأسه ببطء وقال:

“أنا بخير.”

كان قد جلس بوضع القرفصاء طويلًا، وعندما وقف فجأة داهمه دوار شديد.

قال له لين تشينغ يي:

“اجلس قليلًا لترتاح.”

“شكرًا لك.”

رد كي روان، وكانت كلمات الشكر منه كافية لتُربك لين تشينغ يي.

جلس كي روان لبعض الوقت، ثم شعر بالنعاس يغلبه.

كانت عيناه تدوران في محجريهما، والعالم من حوله بدا ضبابيًا.

رفع سي يوهان رأسه ونظر إليه، فرآه يُسند ذقنه إلى صدره، كدجاجة تنقر الأرض، يغفو ويستفيق.

كان يبدو لطيفًا للغاية.

وجهه الأبيض، وجبهته الممتلئة، ورموشه الطويلة التي كانت ترتجف قليلًا، وشفته الحمراء التي بدت جذابة جدًا في ضوء النار.

حرّك سي يوهان شفتيه بصمت، وظل يحدق فيه.

نظراته أصبحت أعمق فأعمق.

لكن فجأة، قطع صوت لين تشينغ يي السكون:

“سموك! سمو الأمير!”

ظهر خيط من الغموض في عيني سي يوهان، لكن لم يلاحظه أحد.

فتح كي روان عينيه بتثاقل.

قال له لين تشينغ يي:

“سموك، يُفضل أن تعود إلى العربة لترتاح.”

أومأ كي روان برأسه، رغم أنه كان لا يزال يشعر بالنعاس.

نهض مترنحًا، لكن حتى في تلك اللحظة لم ينسَ أن يمسك بيد سي يوهان.

تثاءب وقال بصوت غير واضح:

“هيا، هان… لنعد للنوم.”

“هان”… هكذا ناداه.

ارتسمت ابتسامة خافتة على شفتي سي يوهان، وتبع خطواته بصمت.

أما يو شين، فقد جلس في العربة طوال الوقت، وشهد كل شيء بأمّ عينيه.

لم يستوعب ما الذي يجعل كي روان يُعامل سي يوهان بهذه الطريقة.

كان يموت من الغيرة… ويغلي في داخله.

لكن سي يوهان لم يلتفت إليه.

كان يعلم أنه لن يعيش طويلًا،

ولم يكن يستحق أن يُضيّع وقته عليه.

هل وجدت خطأ؟ قم بالإبلاغ الآن
التعليقات

التعليقات [0]