🦋

 Extra 1 

في المساء، داخل جامعة A، تحديدًا في كافيتيريا رقم 2.

أنهى سونغ لين تشو آخر لقمة في طبقه، ثم ودّع زملاءه الذين ما زالوا يتناولون طعامهم، وحمل صينيته الفارغة متجهًا إلى منطقة جمع الصحون. 

كانت تلك المنطقة تعجّ بالصحون المتكدسة، كل واحدة منها تحتفظ ببقايا طعام لم تُمسّ. وحدها صينية سونغ لين تشو ووعاء الحساء الخاص به كانا نظيفين تمامًا، كأن لم يُؤكل فيهما شيء.

وبنظرة فاحصة، يمكن للمرء أن يلاحظ أن القسم الوحيد الذي استُخدم في صينيته كان ذاك المخصص للملفوف المقلي الرخيص، الذي لا يتجاوز ثمنه يوانين للوجبة. أما الأرز والحساء، فقد كانت الجامعة تقدّمهما مجانًا.

بكلمات أخرى، لم تتجاوز تكلفة وجبته الكاملة يوانين.

ما بدا غير معقول للآخرين، كان أمرًا طبيعيًا تمامًا بالنسبة لسونغ لين تشو. 

فقد عاش أيامًا لم يكن يملك فيها سوى ما يسدّ به رمقه من خبز على البخار. 

لذا، وجود الخضار والأرز والحساء في طبق واحد كان بمثابة رفاهية لا يُستهان بها.

لم يكن يقارن نفسه بالآخرين. 

بل كان يقارن ذاته بنفسه في الأمس فقط. 

فإن لم يتراجع عمّا كان عليه، فهو في تقدُّم.

خرج من الكافيتيريا مسرعًا، يشقّ طريقه نحو بوابة الجامعة.

ومنذ أن انتشرت صورة له، التُقطت أثناء مراسم افتتاح العام الدراسي، من على المنتديات الإلكترونية إلى منصة ويبو، بات سونغ لين تشو محطّ أنظار الطلبة كلّما مرّ بينهم داخل الحرم الجامعي.

كان وهج الغروب ينسدل على وجهه المتقن الملامح، يغلفه بشعاع ذهبي، يضيء بشرته النقية ويبرز ملامحه الرقيقة والنظيفة، فيأسر كلّ من تقع عليه عينه.

حتى أن بعض المارة رفعوا هواتفهم خلسة، لالتقاط صورة له.

غير أن سونغ لين تشو كان غافلًا عن كل ذلك. 

كان متأخرًا عن موعد عمله، وكان عليه الإسراع.

فمكان عمله يبعد عن الجامعة مسافة ليست قصيرة، والوقت كان وقت الذروة، والازدحام في المترو كان في أوجه. لذلك، اضطر إلى استخدام دراجة مشتركة، مما جعله في سباق مع الزمن.

لو لم يأكل، لكان الوقت كافيًا تمامًا. 

لكن شراء الطعام من الخارج مكلف، وتكلفة المعيشة في هذه المدينة باهظة بحق. 

ولولا أن برنامج تصميم المجوهرات في جامعة A يُعدّ من بين الأفضل على مستوى البلاد، لما فكّر يومًا بالاستقرار هنا.

سار بخطى سريعة، دون أن يلاحظ أن سيارة فارهة تحمل لوحة أرقام متطابقة كانت تقترب من بوابة الجامعة.

ورغم أن الجامعات لا تحتفي عادةً بمظاهر الثراء أو التفاخر، فإن شعار السيارة وحده كفيل بأن يفضح فخامتها. وما إن لمح الطلبة الرقم المميز على لوحتها حتى تحوّلت عدسات هواتفهم من سونغ لين تشو إلى تلك السيارة.

فهم يرون سونغ لين تشو يوميًا، لكن سيارة كهذه، ومن يقف وراءها، نادرًا ما تُشاهد هنا.

بدأت التساؤلات تنهال بينهم: من يكون صاحب هذه السيارة؟ هل هو أحد خريجي الجامعة الناجحين، جاء ليتبرع للكلية؟

وبينما الغموض يخيّم، توقفت السيارة فجأة.

وتوقفت… بجانب سونغ لين تشو!

نعم، بجانبه تمامًا!

يا إلهي! امتلأ الجوّ بغصة الغيرة، كما لو أن الجميع شمّوا رائحة الليمون الحامض!

لكن سونغ لين تشو، المعنيّ بالأمر، كان منشغلًا بوجهته، لم يلتفت إلى السيارة، بل تابع سيره كما لو لم يحدث شيء.

حتى…

“لين تشو.”

صوت خافت، بارد، أجش، انبعث من خلفه.

توقّف سونغ لين تشو في مكانه.

استدار سونغ لين تشو بحيرة، ليقع بصره على رجل وسيم الملامح، بارد النظرات، ينزل من سيارة فارهة وهو يرتدي بدلة مصممة بعناية فائقة. 

كان يتمتع بوجه وكأنّما نُحت من الجمال، تكسوه هالة من الأناقة والهيبة، تنبع من كل جزء من جسده. لا شك أن هذا الرجل ينتمي إلى طبقة النخبة، ممن اعتادوا حياة الترف والتميز.

كانت تلك المرة الأولى التي يلتقي فيها سونغ لين تشو بشخص رفيع المكانة إلى هذا الحد. 

تردد لبرهة، ثم سأل بأدب حذر:

“هل كنت تناديني، سيدي؟”

ورغم أن الرجل بدا في الخامسة والعشرين من عمره تقريبًا، إلا أن سونغ لين تشو استخدم أسلوبًا مهذبًا في مخاطبته دون وعي، فقد كانت الهيبة المنبعثة من الرجل تفوق حتى تلك التي كان يشعر بها أيام المدرسة حين يواجه المدير الصارم.

عند سماع نبرة الاحترام في صوت سونغ لين تشو، توقّف الرجل للحظة، ويده المعلقة إلى جانبه قبضت لا إراديًا.

“ألا تتعرّف عليّ؟”

“…”

هل يُفترض به أن يعرفه؟

أجرى سونغ لين تشو مراجعة سريعة في ذهنه لكل معارفه، ولم يجد في ذاكرته أثرًا لرجل كهذا. 

من المستحيل أن يكون قد التقى بشخص بمثل هذا النفوذ دون أن يترك في نفسه انطباعًا.

هزّ رأسه بصدق قائلاً:

“آسف.”

تأمل تان يوي الشاب الواقف أمامه.

كان ذا قامة نحيلة، يرتدي قميصًا قطنيًا أبيض بسيطًا، وبنطال جينز باهت اللون، تبدو عليه علامات الفقر أكثر مما ظهرت في الصورة التي رآها في ذلك اليوم.

في الثامنة عشرة من عمره، بدا سونغ لين تشو أكثر صباً وبراءة مما تخيّل تان يوي.

لكن تلك الشقاوة والألفة التي عهدها منه من قبل، تلاشت الآن، واستبدلت بحذر وبرودة غريبة.

من الواضح أن سونغ لين تشو لا يتعرّف عليه.

ومضت نظرة من العجز في عيني تان يوي الباردتين.

كان في شركته، قد خرج للتو إلى دورة المياه، وحين عاد، فوجئ بوجود مساعده السابق، كان قد استقال منذ عامين، ينتظره لتوقيع بعض الأوراق. 

حتى ترتيب المكتب بدا مختلفًا.

أدرك تان يوي أن ثمة خللًا، فأخرج هاتفه ليتفقد الوقت، ليكتشف أن الزمن… قد عاد فجأة ثلاث سنوات إلى الوراء!

في البداية، ظنّ أنها مزحة. 

لكن بعد عدّة تأكيدات، اتضح له أن ما يحدث ليس حلمًا، ولا خدعة. 

لقد عاد الزمن فعلًا إلى الوراء.

وباستخدام المصطلح الشائع… لقد ' ولد من جديد '.

ولو أن هذا الحدث وقع في وقت مضى، لكان تان يوي قد بدأ فورًا بوضع قائمة بكل الأحداث والفرص التي مرت خلال السنوات الثلاث، ليستثمرها في صعوده المهني.

لكن هذه المرة، كان أول ما فعله هو تكليف أحدهم بالتحقق من وجود طالب جديد يُدعى سونغ لين تشو في جامعة A. وما إن تأكد من صحة ذلك، حتى توجّه إلى هناك دون تردد.

وكانت الحقيقة أن رابط القدر بينهما لا يُستهان به، ففي جامعة تعجّ بآلاف الطلبة، قادته الأقدار إلى الطريق ذاته الذي يسير عليه سونغ لين تشو.

قال تان يوي بنبرة هادئة:

“هذا ليس المكان المناسب للحديث… ما رأيك أن نذهب إلى مكان أكثر هدوءًا؟”

كانا ملفتين للأنظار، ومع تدفّق الطلاب ذهابًا وإيابًا، تجمّع عدد لا بأس به من المتفرجين.

أما سونغ لين تشو، فكان على يقين أنه لا يعرف هذا الرجل. ومؤخرًا، وبعد انتشار صوره على الإنترنت، اقترب منه أحدهم مدّعيًا أنه مدير في وكالة فنية، وعرض عليه الانضمام إلى برنامج مواهب، مما جعله أكثر حذرًا من أي وقت مضى.

قال بلطف وتهذيب، دون أن يتردد:

“عذرًا، لدي أمور أخرى يجب أن أقوم بها، ولا أملك الوقت الآن.”

ثم أومأ له برأسه بأدب، واستدار بسرعة متجهًا نحو بوابة الجامعة.

تان يوي: “…”

كان رئيس مجلس الإدارة تان، المعتاد على أن يكون محطّ الأنظار أينما حلّ، يواجه لأول مرة في حياته ما يمكن اعتباره نكسة.

لقد كان سونغ لين تشو على حق — هذا النسخة من نفسه لم تكن قد تأذت بعد على يد تان مينغ تشينغ، ولم يكن في قلبه أي ميلٍ تجاهه، بسبب ما يكابده من مشقّة في حياته.

لم يسبق لتان يوي أن طارد أحدًا من قبل، ولم يكن يعلم حتى كيف يبدأ محادثة مع شخص ما… رغم أنه، من الناحية الواقعية، قد نام مع هذا الشخص ليلة البارحة…

أحم.

تقدّم تان يوي بخطوات قليلة حتى بات بجوار سونغ لين تشو وسأله:

“هل أنت ذاهب إلى العمل؟”

قطّب سونغ لين تشو حاجبيه، يتساءل في نفسه ما خطب هذا الشخص الغريب. 

ألم يكن من المفترض لشخص بمثل هذا الغرور والنبل أن يقدّر مكانته ويترفّع عن مطاردة الآخرين؟

تمتم بموافقة مقتضبة، ثم أسرع في خطواته، حتى كاد أن ينطلق عدوًا.

ولما رأى تان يوي أن الفتى يتصرف وكأنه يحاول الفرار من لص، لم يجد مناصًا من اللحاق به.

قال بعرض بدا جادًا:

“سأوصلك.”

نظر له سونغ لين تشو باستغراب متحفّظ، وقد ازداد حذره.

وصل إلى حيث كانت دراجته الصفراء الصغيرة مركونة، فأسرع بفتح قفلها، وقال ببرود:

“لا داعي، شكرًا.”

ثم تجاهله تمامًا، ركب دراجته، وانطلق مبتعدًا بسرعة.

ومن كان يراقب من بعيد، لظنّ أن الأمر أشبه بسباق!

تان يوي: “…”

وقف يحدّق بصمت في ظهر الشاب وهو يتلاشى وسط الزحام.

ثم، بعد لحظة من التجمّد، لمع بريق ابتسامة خافتة في عينيه.

— هذا النسخة من سونغ لين تشو… جذّابة للغاية.

كان سونغ لين تشو يعمل نادلًا في مقهى فاخر.

وبما أن المقهى يقع في هايدو، المدينة التي تستقطب العديد من الزوّار الأجانب، كان من المطلوب أن يتقن العاملون فيه اللغة الإنجليزية، ما جعله يحصل على أجر جيد نسبيًا.

لكن بسبب تأخّره الناتج عن حديثه مع ذلك الرجل، كاد أن يتأخر عن عمله، فأسرع إلى غرفة الموظفين ليبدّل ملابسه.

كان زيّ المقهى مصممًا بعناية، يعكس أناقة راقية.

وبفضل ملامحه الجميلة وسحره الطبيعي، بدا سونغ لين تشو وسيمًا بشكل لافت وهو مرتديًا الزيّ الرسمي.

في يومه الأول من العمل، أنهكه الزبائن بطلباتهم المتكررة لخدمته هو تحديدًا.

وبعد فترة، أصدر المدير تعليماته بأن يقدّم سونغ لين تشو الخدمة في الغرف الخاصة فقط، لتخفيف العبء عنه.

ويُقال إن نسبة إشغال تلك الغرف الفاخرة ارتفعت بشكل ملحوظ بعد هذا القرار.

وبينما كان يستعد لتسلّم نوبته، اقترب منه المدير وقال:

“شياو سونغ، لا تتعجل. 

لدي مهمة مهمة جدًا لك اليوم.”

“نعم، ما هي؟”

“هناك زبون مهم جدًا طلب خدمتك شخصيًا. الليلة، ركّز فقط على هذا الزبون، ولا تخدم أحدًا سواه. كلما ضغط على جرس الخدمة، يجب أن تكون عنده خلال ثلاث ثوانٍ. فهمت؟”

يبدو أن هذا الزبون بالغ الأهمية.

اعتدل سونغ لين تشو في وقفته وقال:

“حسنًا.”

تابع المدير:

“حسنًا، اذهب الآن وخذ طلبه. 

يجب أن يكون أسلوبك لبقًا ومحترمًا. 

كل ما يقوله أو يطلبه، طالما أنه ليس مبالغًا فيه، استجب له فورًا. اتفقنا؟”

“…”

شعر سونغ لين تشو بإحساس داخلي أن هذه الليلة لن تكون سهلة، لكنه لم يكن يملك خيارًا، فهذا ضمن مسؤولياته. 

لذا قال باختصار: “مفهوم.”

كان المدير يثق بسونغ لين تشو.

فعلى الرغم من أنه لا يزال في الثامنة عشرة من عمره، إلا أنه أظهر نضجًا وجدّية في عمله لا تتناسب مع سنّه.

ربّت على كتفه قائلًا:

“اذهب.”

توجّه سونغ لين تشو نحو باب الغرفة الخاصة، وقد رسم ابتسامة خفيفة على وجهه استعدادًا للقاء الزبون.

طرق الباب، وحين سمع ردًا من الداخل، دخل.

“مرحبًا، يشرفني أن أقدّم الخدمة لـ—”

لكن قبل أن يُتم عبارته، وقعت عيناه على وجه الرجل داخل الغرفة، فتجمّدت ابتسامته على الفور.

اللعنة! إنه هو!

إلى متى سيستمر هذا؟!

أما تان يوي، فما إن رأى الفتى بزيّ العمل، حتى صُعق من مدى جاذبيته.

وسيمٌ للغاية.

الزيّ الأسود أبرز طول جسده النحيل، وانسيابية قوامه الرشيق، بينما ساقاه الممتدتان أسفل المئزر أضافتا إليه طولًا إضافيًا، وكأن قامته ازدادت فجأة.

نسخة ' النادل البريء والنقي ' من سونغ لين تشو… كانت كفيلة بأن تسحر قلب تان يوي عشرة أضعاف.

كان سونغ لين تشو يمنِّع نفسه بأن يسأل مباشرة:

“ما الذي تريده بالضبط؟”

لكن ما إن تذكّر تعابير وجه المدير المتحفّزة وتحذيراته الضمنية، أدرك أنه لا يستطيع استفزاز هذا الرجل المتغطرس الذي يجلس أمامه.

ومن أجل الحفاظ على هذه الوظيفة المربحة، استمر في رسم ابتسامته المهنية.

قال بصوت لبق:

“هل لي أن أعرف ما الذي تودّ طلبه؟”

كان تان يوي يعلم أن سونغ لين تشو لا يعرفه الآن، وكلما اقترب منه أكثر، ازداد تحفظ الفتى وحرصه. 

لذا، لم يكن بوسعه التسرّع.

في الماضي، كان سونغ لين تشو هو من تمسّك به بإصرار حتى أسَره.

أما الآن، فقد آن الأوان ليبذل تان يوي الجهد ليستعيده.

وبعد أن عقد عزمه، بدأ تان يوي في طلب الطعام بهدوء واتزان.

عاد سونغ لين تشو لاحقًا وهو يحمل الطلبات التي طلبها الرجل.

لكن، وقبل أن يستدير ويغادر، قال تان يوي فجأة:

“انتظر.”

انقبض قلب سونغ لين تشو، لكنه لم يُظهر شيئًا، محافظًا على أسلوبه المهني، وسأل:

“هل هناك شيء آخر تحتاجه؟”

أجاب تان يوي بهدوء:

“جئت لطلب مساعدتك.”

“…؟”

مساعدة؟

سونغ لين تشو لم يستطع تصوّر ما يملكه ليقدّمه لرجل كهذا.

لكنه ابتسم بطريقته الهادئة كنادل محترف وقال:

“تفضل، ما الأمر؟”

اختلق تان يوي عذرًا كان قد حضّره مسبقًا:

“صادف أنني اطلعت على أحد تصاميمك التي شاركت بها في إحدى المسابقات، وأعجبني الأسلوب كثيرًا. أود أن أطلب منك تصميم دبوس صدر مخصص لبدلتي.”

توقف سونغ لين تشو للحظة، وقد لاحت الدهشة في عينيه.

رغم كونه طالبًا في سنته الجامعية الأولى، إلا أنه كان قد شارك بالفعل في عدد من مسابقات تصميم المجوهرات، واكتسب بعض الخبرة والاعتراف المحدود في الدوائر الصغيرة.

غير أن أغلب تلك المسابقات كانت صغيرة النطاق، ولم يتلقَّ بعد تدريبًا أكاديميًا متكاملًا.

لذلك، كانت تصاميمه لا تزال تحمل لمسة من الهواية، ولم تكن لتلفت نظر محترفين حقيقيين.

لم يفهم لماذا قد يهتم رجل تنضح منه الفخامة والذوق الرفيع بأعماله تحديدًا.

ولم يُخفض حذره، بل سأله:

“أي مسابقة تقصد؟”

استرجع تان يوي مشهد الجوائز والتذكارات الكثيرة فوق مكتب الفتى في ذلك الزمن، فأجاب:

“بطولة كأس بومينغ للشباب.”

وما إن سمع سونغ لين تشو اسم تلك المسابقة، حتى استرخى شيء من توتره.

لقد شارك في تلك البطولة في الفصل الدراسي الأول من عامه الدراسي الأخير في الثانوية، وتفوّق فيها بين عشرات المتسابقين، محققًا المركز الأول وجائزة مالية قدرها عشرة آلاف يوان.

ذلك التصميم كان بحق أفضل ما أنجزه حتى الآن.

سأله تان يوي بنبرة ثابتة:

“هل هذا ممكن؟”

في داخله، كان سونغ لين تشو قد اقتنع إلى حدٍّ ما.

ورغم أنه لا يزال مستغربًا من اهتمام هذا الرجل بتصميمه، إلا أنه يعلم أن بإمكان شخص بمكانته أن يطلب بسهولة تصميمًا مخصّصًا من أشهر المصممين في المجال.

لكن تصميم المجوهرات يعتمد أيضًا على الذوق الشخصي، وإذا كان هذا الرجل قد أحب عمله فعلًا… فلمَ لا؟

فقال بعد تفكير:

“ممكن، لكن مهاراتي لا تزال محدودة، ولا أستطيع أن أضمن أن التصميم سيطابق تمامًا ما تتخيله.”

ردّ تان يوي ببساطة:

“لا بأس.”

طالما أنه من تصميمه، فسيعجبه حتى لو كان ورقة بيضاء.

نظر إليه مرة أخرى وقال:

“لدي بعض المتطلبات، إن كان الأمر مناسبًا، هل يمكن أن أضيفك على ويتشات لأرسل لك التفاصيل؟”

“…”

هذه الحيلة مألوفة جدًا.

لكن… المال يظل مغريًا.

في الواقع، كانت إدارة المقهى صارمة جدًا بشأن التفاعل مع الزبائن، ومن غير المسموح تبادل الحسابات أو الأحاديث خارج نطاق الخدمة.

لكن المدير أوضح منذ قليل أن أي طلب لا يُعد مفرطًا يجب تلبيته.

فتردد سونغ لين تشو للحظة، ثم عضّ على شفته قليلًا، وأخرج هاتفه المحمول.

لن يدع فرصة كهذه تضيع.

وإن تبيّن لاحقًا أن هذا الرجل يستغل الأمر لمضايقته، فببساطة، سيستخدم خاصية ' عدم الإزعاج '.

مسح تان يوي رمز ويتشات الخاص به بهدوء، وأضافه إلى جهات الاتصال.

وما إن ظهرت على الشاشة عبارة: “شياو سونغ لين قبل طلبك للصداقة”، حتى ارتسمت على شفتيه ابتسامة بالكاد تُلحظ.

— إضافة ويتشات هذه، جلبت له سعادة تفوق توقيع عقد بمئات الملايين.

غافلًا عن أن اسمه قد أُدرج فعلًا على لائحة ' عدم الإزعاج ' عند شخص ما.

هل وجدت خطأ؟ قم بالإبلاغ الآن
التعليقات

التعليقات [0]