Extra 3
أن يُمنَع تان يوي من رؤية لحظات حبيبه، كان ضربةً قاسية لمشاعره الرقيقة، كما لو أن قلبه قد تحطّم إلى شظايا زجاج متناثرة على الأرض.
أكان هذا عقابًا من القدر على البرود الذي عامله به في الماضي، حين كان سونغ لين تشو يركض خلفه بقلبٍ مفتوح؟
أما سونغ لين تشو، فلم تكن لديه أدنى فكرة أنه قد أغضب تان يوي لدرجة سلب النوم من عينيه.
بالنسبة له، كانت اللحظات ساحة خاصة، لا يفتحها إلا للمعارف المقربين.
وتان يوي، في عينيه، كان مجرد عميل، علاقة عابرة لا أكثر، فإعداد الخصوصية كان طبيعيًا: محادثة فقط.
أسرع سونغ لين تشو في إنهاء مسودة تصميم دبوس الصدر، قبل دقائق فقط من انطفاء الأنوار في السكن.
كان في نيّته أن يرسلها لتان يوي فورًا ليأخذ رأيه حول التأثير العام.
لكن بما أن تان يوي اقترح عليه أن يستلهم من معرض المجوهرات، قرر سونغ لين تشو تأجيل الإرسال حتى يحضر المعرض. ربما سيجد فكرة أفضل، والوقت لا يزال في صالحه.
في الحقيقة، لو كانت هذه مجرد طلبية عادية، لكان التصميم الحالي كافيًا تمامًا.
لكن، وبما أن تان يوي منحه هذه الفرصة الثمينة، شعر سونغ لين تشو أنه من الواجب عليه أن يقدم له شيئًا أرفع، كي لا يبقى مدينًا بجميل لا يعرف كيف يردّه.
مرّت الأيام كلمح البصر، حتى حلّ يوم الجمعة.
كان من المفترض أن يعمل سونغ لين تشو في المقهى يوم السبت بعد الظهر وحتى المساء،
لكنه كان يحتاج إلى أخذ إجازة لحضور معرض المجوهرات.
وكان يظن أن طلب الإجازة سيكون أمرًا عسيرًا، خصوصًا أنه قد حصل على إجازة السبت الماضي بسبب ظروف دراسية.
وعطلات نهاية الأسبوع عادة ما تكون أكثر أوقات العمل ازدحامًا، حيث لا يستطيع الموظفون في المقهى وحدهم تحمّل العبء.
علاوة على ذلك، المدير منحه مؤخرًا مكافأة مالية…
أنهى سونغ لين تشو دوامه مساء الجمعة، واقترب من المدير مترددًا، وفي صوته شيء من الخجل:
“مديري، لدي أمر مهم غدًا وأرغب في أخذ إجازة. هل يمكن ذلك؟”
كان هذا المدير معروفًا بعدم ليونته، وقد رأى سونغ لين تشو بنفسه كيف وبّخ إحدى العاملات حتى بكَت، فقط لأنها طلبت إجازة.
تهيأ داخليًا للرفض… لكن ما حدث خالف كل توقعاته.
ابتسم المدير بلُطف وقال:
“طبعًا! خذ إجازتك، الأمر بسيط. وفي المستقبل، فقط أرسل لي رسالة على ويتشات لتُعلمني.”
سونغ لين تشو: “…”
لم يتوقّع هذه الاستجابة المرنة، بل أربكته!
“حسنًا… آسف لأنني كثّفت الإجازات مؤخرًا.
يمكنني أن أعوّض يوم الاثنين.”
“لا داعي، لا داعي. نحن بخير. خذ راحتك.
لن أخصم شيئًا من راتبك، وستحصل على المكافأة أيضًا. لا تقلق.”
سونغ لين تشو: “…”
هل تمّت استبدال المدير بروح خيّرة؟
كأنه عثر على كنز من الذهب في زوايا الواقع.
هل هذا هو المدير الذي يعرفه؟!
لكن ما دام المدير قال ذلك، لم يكن أمامه سوى أن يشكره ويغادر بابتسامة.
فلا شيء في هذا العالم يضاهي فرحة إجازة مدفوعة الأجر، مع مكافأة في الجيب.
أما المدير، فقد تابع بابتسامة واسعة وهو يشاهد سونغ لين تشو يغادر المقهى بسعادة.
ثم تنهد براحة.
قبل عدة أيام، تلقّى المقهى استثمارًا من جهة خارجية، وكان من شروط المستثمر أن يُمنح سونغ لين تشو المهام الأسهل، ويحصل على أعلى المكافآت، ويُعامل كضيفٍ لا يُعترض طريقه أبدًا.
وقد أُبلغ المدير أن جزءًا من أرباح الاستثمار سيكون من نصيبه.
ومنذ ذلك الحين، صار يتمنى لو يستطيع أن يعبد سونغ لين تشو كما يُعبد الأجداد!
كيف له أن يجرؤ على منعه من إجازة؟!
وبالفعل، الجمال نعمة.
حتى في وظيفة عادية، هناك من يحميك من خلف الستار.
لم يستطع المدير إلا أن يحسد الفتى في سرّه… حتى كاد أن تدمع عيناه.
عاد سونغ لين تشو إلى سكنه الجامعي وهو في مزاج جيد.
كان اليوم يوم جمعة، وزملاؤه في الغرفة قد خرجوا ولم يعودوا بعد.
استغل الهدوء، وأخرج كتابه الدراسي ليكمل الواجبات التي تركها.
لكن ما إن فتح الكتاب، حتى اهتز هاتفه الموضوع على الطاولة.
مدّ يده إليه، فوجد رسالة جديدة… من ذلك الشخص الذي يُدعى تان يوي.
[تان يوي]: سأرسل سائقي ليقلك من الجامعة غدًا.
[تان يوي]: في حوالي الساعة العاشرة صباحًا، هل يناسبك ذلك؟
[شياو سونغ لين]: لا داعي، لا داعي، يمكنني ركوب المترو بنفسي!
[تان يوي]: تحتاج إلى السائق، وإلا فلن يُسمح لك بالدخول.
كان سونغ لين تشو يعلم أن مثل هذه المعارض الراقية تُحيطها كثير من القيود الرسمية.
فهو لا يملك بطاقة دعوة، ولا يعدو كونه طالبًا جامعيًا بسيطًا، لذا الدخول من تلقاء نفسه سيكون صعبًا بالفعل.
[شياو سونغ لين]: ماذا لو ذهبت إلى محيط القاعة أولًا، ثم التقيت بالسائق هناك ليدخلني معه؟
[تان يوي]: هذا يسبب الكثير من الإزعاج.
[تان يوي]: فقط افعل ما قلته. هذا كل شيء.
لدي أمور أخرى الآن.
سونغ لين تشو: “…”
أهكذا يتصرف الرؤساء المتسلطون؟
الأمر بدا قسريًا قليلًا…
في الحقيقة، لو كان بوسعه، لما أحبّ أن يدين لأحد بأي جميل،
وخاصة إن كان هذا ' الأحد ' شخصًا مثل تان يوي، الذي يشعر أمامه وكأنه يعيش في عالمٍ آخر تمامًا.
لو خُيّر، لاختار ألّا يتورط مع مثل هذا الرجل من الأساس.
كل ما يريده سونغ لين تشو هو أن يدرس بجد، ويكسب المال، ويعيش حياة بسيطة وهادئة.
لكن… بما أن الآخر قد عرض المساعدة بهذا الشكل، لم يكن في وسعه أن يرد المعروف بجفاء.
حسنًا، سيرد هذا الجميل بعملٍ متقن يليق به.
في اليوم التالي، نزل سونغ لين تشو من مبنى السكن قبل الموعد المتفق عليه بقليل،
واستعد للانتظار عند بوابة الجامعة إلى أن يصل سائق تان يوي.
لكن، ما إن اقترب من البوابة، حتى لمح سيارة فارهة متوقفة أمام مبنى السكن مباشرة.
ورغم أنها لم تكن لافتة للنظر كسيارة رولز رويس الفخمة التي يمتلكها تان يوي،
إلا أنها لا تزال كافية لتجذب الأنظار وتُثير التساؤلات بين الطلبة.
كان سونغ لين تشو على وشك تجاوز السيارة، حين انخفض زجاج نافذة السائق نصف فتحة، وخرج منه صوت بارد بدا له مألوفًا:
“سونغ لين تشو.”
توقّف سونغ لين تشو، ثم التفت برأسه ليرى وجه تان يوي الهادئ.
آه… ألم يكن من المفترض أن يأتي السائق؟
ثم… كم سيارة فارهة يملك هذا الرجل أصلًا؟
المسكين · سونغ لين تشو · جثا على ركبتيه في صمت أمام هيبة الرئيس الكبير.
قال تان يوي بصوته الخافت البارد مجددًا:
“اركب أولًا.”
كان سونغ لين تشو يعلم أن الوقوف هنا لثانية إضافية يعني أن العيون ستبدأ بالتجمع،
وأن عدسات الهواتف ستُشهر عليه، وأن صورًا جديدة ستظهر في منتديات الجامعة مساء اليوم.
ولتجنّب أن يتحوّل إلى مادة للثرثرة، أسرع بالدوران حول السيارة، وفتح الباب الأمامي، وجلس في المقعد المجاور.
وما إن جلس، حتى لمعت ابتسامة خفيفة جدًا في عيني تان يوي،
ثم أغلق النافذة، وحرّك السيارة.
سأله سونغ لين تشو، وقد جلس بتوجّس بسيط:
“لماذا أتيت بنفسك؟”
رد تان يوي دون أن يغيّر تعبير وجهه:
“لدي بعض الأمور الحكومية، ومررت من هنا صدفة.”
بما أن مقر الحكومة المحلية قريب من الجامعة، أومأ سونغ لين تشو برأسه.
لكن داخله تساءل: هل تعمل الجهات الحكومية أيام السبت؟
ثم قال له تان يوي بهدوء:
“اربط حزام الأمان.”
سحب سونغ لين تشو حزام الأمان نحوه، ثم تردد لوهلة قبل أن يقول بارتباك:
“أنا… أنا قليل الخبرة، لا أعرف كيف أربطه. هل يمكنك أن ترشدني؟”
لم يكن الأمر خطأه.
فبسبب ظروفه المادية الصعبة، نادرًا ما سنحت له الفرصة لركوب مثل هذه السيارات الفارهة.
وحتى في المرات القليلة التي استقل فيها سيارة أجرة، كان يجلس دومًا في المقعد الخلفي.
هذه المرة الأولى التي يجلس فيها في المقعد الأمامي،
وكل ما يعرفه أن الحزام يجب أن يُسحب على الصدر، لكنه لا يعرف أين يُثبّت تحديدًا.
ضغط تان يوي على المكابح فورًا، وفي تلك اللحظة، احمرّت أذنا سونغ لين تشو وعنقه خجلًا.
قال له تان يوي بنبرة مطمئنة:
“لا بأس، لكل شيء أول مرة.”
ثم اقترب منه قليلًا وقال:
“أعطني الحزام.”
قال سونغ لين تشو، محاولًا التراجع:
“لا، لا داعي، طالما أنني…”
لكنه لم يُكمل جملته، إذ كان تان يوي قد مدّ يده بالفعل، وأمسك بحزام الأمان.
مال بجسده إلى الداخل، حتى صار قريبًا جدًا من سونغ لين تشو.
وانبعث من جسده عطر خفيف يشبه عبير شجر الأرز البارد، نقيّ ومنعش، يشبهه تمامًا.
رائحة بالكاد تُلاحظ، لكنها جذابة، حتى لمن يكرهون العطور الثقيلة كـ سونغ لين تشو.
لم يستطع تمييز ما إذا كانت رائحة عطر أم رائحة ملابسه.
ورغم أنه لم يقصد، إلا أن سونغ لين تشو تنفس بعمق قليلاً… يريد أن يستنشق أكثر.
لكن تان يوي انسحب بسرعة.
ثبّت له الحزام، ثم عاد إلى مقعده دون أن يقوم بأي حركة غير لائقة، طوال تلك اللحظة.
قال سونغ لين تشو بصوت خافت، وعيناه إلى الأسفل:
“شكرًا لك.”
كانت الحمرة ما تزال تكسو أذنيه.
ورغم معرفته أن تان يوي رجل جاد، ولا يمكن أن يسخر منه لجهله بكيفية ربط الحزام،
إلا أنه شعر بالحرج على أي حال.
“لا عليك.”
أجاب تان يوي، وهو يلف أصابعه بخفة.
كان هناك احتكاك بسيط جدًا بين يده وظهر يد سونغ لين تشو عندما أخذ الحزام.
لكن رغم قصر تلك اللحظة، استطاع تان يوي أن يشعر ببرودة لمسة الشاب،
حتى في هذا الجو الحار من أواخر الصيف.
ولو لم يكن يخشى أن يُحسب عليه تصرف مريب،
لكان أمسك تلك اليد الصغيرة وقبّل ظهرها بهدوء.
أعاد تان يوي تشغيل السيارة، وغادر بوابة الجامعة.
ونظرًا لصرامة الإدارة الجامعية تجاه دخول السيارات الخاصة، تساءل سونغ لين تشو كيف تمكّن هذا الرجل من إدخال سيارته.
كما هو متوقع من شخصية مرموقة.
كان موقع معرض المجوهرات يبعد حوالي ساعة عن الجامعة.
لحسن الحظ، لم يكن هناك زحام في الطريق، فسارت السيارة بسلاسة حتى وصلت إلى وجهتها.
لكن تان يوي لم يدخل بها مباشرة.
بل ركنها بهدوء أمام مطعم راقٍ.
“لنتناول الغداء أولًا.”
قال تان يوي وهو يطفئ المحرّك.
ردّ سونغ لين تشو بهدوء:
“أوه.” ثم أضاف:
“تفضل أنت. سأنتظر في الخارج.”
“…؟”
نظر تان يوي إليه وقال:
“ألن تتناول الغداء؟”
“لقد أكلت مسبقًا.”
“أكلت الغداء؟”
“نعم، قبل أن أركب السيارة مباشرة.”
“…”
اختنق تان يوي للحظة وقال:
“ما زال الوقت مبكرًا. كل شيئًا إضافيًا.”
“لا، شكرًا. لا يمكنني تناول شيء الآن. وأحضرت معي طعامًا في حقيبتي.”
أجابه سونغ لين تشو بلطف.
في مدينة عالية التكلفة كـ هايدو، تناول الطعام في الخارج لم يكن رخيصًا،
وخاصة في المناطق التي تُقام فيها معارض المجوهرات.
لذا، كان سونغ لين تشو الذكي قد تناول غداءه مسبقًا في الجامعة،
بل وحتى أحضر بعض خبز الباوزي في حقيبته تحسّبًا لأي طارئ.
تان يوي: ???
لم يستطع إلا أن يعقد حاجبيه بقلق…
لم يكن الأمر مجرد صعوبة في مطاردة سونغ لين تشو،
بل كان… وضع الجحيم ذاته.
كل ما أراده تان يوي هو اصطحاب الشاب ليتناولا وجبة هادئة معًا،
فلماذا تحوّلت الأمور إلى هذا الحد من التعقيد؟!
لكن بما أن الوقوف هنا ممنوع لفترات طويلة، فتح سونغ لين تشو باب السيارة،
ثم التفت نحو تان يوي، وابتسم ابتسامة نظيفة ومشرقة وقال:
“تفضل أنت.”
في تلك اللحظة، انبهر تان يوي لوهلة من إشراقة ابتسامته.
لكن قبل أن يستفيق من دهشته، كان سونغ لين تشو قد غادر السيارة واختفى من أمامه.
ذلك السرعة في التحرك… كأنه يخشى أن يُمسك به تان يوي ويُجبره على تناول الغداء معه.
“…”
ماذا كان بوسعه أن يقول؟
لم يكن أمام تان يوي سوى أن يدخل المطعم وحده، بصمت.
هو لم يكن جائعًا فعلًا،
كل ما أراده هو أن يتناول الطعام معه.
جلس في الغرفة الخاصة التي حجزها مسبقًا، وألقى نظرة على قائمة الطعام،
فرأى أن الحلويات في هذا المطعم تبدو جيدة.
فطلب مجموعة منها دفعة واحدة، ثم طلب من النادل أن يجهزها للأخذ خارجيًا.
في تلك الأثناء، كان سونغ لين تشو قد خطّط للذهاب إلى مركز تسوّق قريب ليمضي الوقت في الهواء المكيّف.
لكن بعد البحث، لم يعثر على مركز تجاري قريب.
ولم يشأ أن يبتعد كثيرًا، حتى لا يجعل تان يوي ينتظره طويلًا.
ورغم وجود محال للمشروبات، إلا أنه لم يدخل…
فهو لا يستطيع تحمّل تكاليف أي شيء فيها.
فما كان منه إلا أن جلس تحت ظل شجرة، وأخرج هاتفه، وبدأ في حفظ بعض الكلمات.
لم يمر وقت طويل، فقط نصف ساعة، حتى وصله إشعار جديد من تان يوي:
[تان يوي]: انتهيت.
[تان يوي]: أين أنت؟ سأمرّ عليك.
[شياو سونغ لين]: لا حاجة، أنا قريب، سآتي إليك.
وقبل أن ينهي تان يوي كتابة رده، كان سونغ لين تشو قد وصل بالفعل وجلس في المقعد الأمامي بجانبه.
بالفعل، كانت المسافة قريبة جدًا.
لكن الجو كان حارًا للغاية.
ورغم أنه كان يقف في الظل، إلا أن العرق كان قد بدأ يتكوّن على جبينه.
وقبل أن يدخل السيارة، مسح العرق عن أنفه وجبينه.
وكان وجهه لا يزال محمرًا من الحرّ.
قطّب تان يوي حاجبيه وسأله:
“ماذا كنت تفعل؟ لماذا تتصبب عرقًا؟”
ابتسم سونغ لين تشو ابتسامة مجهدة وقال:
“لا شيء… الجو فقط حار قليلًا. لا تقلق، سأرتاح بعد قليل. لنذهب.”
لكن تقطيبة حاجبي تان يوي ازدادت عمقًا.
من كلمات الفتى، أدرك أنه كان ينتظره في الخارج لنصف ساعة…
ولم يكن ذلك لخجله أو تفضيله الشخصي،
بل لأنه لم يشأ أن يدخل أي مكان يحتاج إلى إنفاق المال — مال لا يملكه.
رغم أن اليوم كان في منتصف سبتمبر، إلا أن الحرارة لا تزال كما لو أنها من ذروة الصيف.
والوقت كان في الظهيرة، أشدّ أوقات النهار حرًا،
ومع ذلك… جعل تان يوي سونغ لين تشو ينتظره في هذا الجو الخانق لنصف ساعة.
شعر تان يوي بوخز في صدره، مزيج من الأسف والانزعاج…
لكن في حضرة شاب مثله، لا يعرف كيف يتعامل.
كان سونغ لين تشو واضحًا في تجنبه، خائفًا من أن يُثقل على أحد،
وخائفًا أكثر من أن يدين لأحد.
ومع ذلك، لا مفر من هذه الدينامية بينهما الآن.
للمرة الأولى في حياته،
كره تان يوي كونه ' رجلًا حديديًا مستقيمًا. '
لو كان يملك شيئًا من الرقة أو التحايل،
لكان تقدّم كثيرًا في هذا الطريق العاطفي.
قال له سونغ لين تشو، وقد ربط حزام الأمان ونظر إليه متسائلًا:
“ما الأمر؟”
لاحظ أن وجه تان يوي يبدو متجهّمًا.
“لا شيء.”
قالها تان يوي بهدوء، ثم ناوله كيسًا كان في يده.
“هذه حلويات من المطعم.
لا آكل الحلويات… خذها أنت.”
كان سونغ لين تشو ينوي أن يرفض فورًا،
لكن النظرة التي رأى بها تعبير وجه تان يوي قبل قليل، جعلته يتردد.
وبعد لحظة صمت، قبِل الكيس وقال بهدوء:
“شكرًا لك.”
ولما رآه يقبل أخيرًا دون رفض، ارتسم خيط ابتسامة على شفتي تان يوي،
وقال:
“هناك آيس كريم بداخله. كُله الآن قبل أن يذوب.”
“آوه، حسنًا.”
أخرج سونغ لين تشو آيس كريم من الكيس.
لقد كان حقًا من تلك الحلويات التي تُقدَّم في مطعم فاخر بعد الوجبة، يتمتّع بجمالية عالية.
داخل مخروط مقرمش كبير، رُصّت كرات آيس كريم بألوان جميلة كأنها لوحة فنية صغيرة.
أخذ سونغ لين تشو ملعقة صغيرة منه، والبرودة التي اجتاحت فمه في هذا اليوم الحار من بدايات الخريف كانت كالسحر المنعش،
لم يستطع منع نفسه من إغماض عينيه قليلاً وهو يقول بانبهار:
“لذيذ جدًا!”
زالت بعض الغيوم من صدر تان يوي وهو يرى ملامح السعادة البريئة على وجه الشاب.
حسنًا، لا بأس… لا يمكن استعجال الفوز بقلب هذا الزوج.
إن كان تان مينغ تشينغ استطاع الفوز به مرة، فأنا أيضًا أستطيع… هذه المرة أفضل.
قاد تان يوي السيارة، ودخل ساحة المعرض بسلاسة.
كان المكان مكتظًا بالسيارات الفارهة.
وما إن توقفت سيارته حتى جاء أحد العاملين فورًا لفتح الباب له.
نزل سونغ لين تشو مع تان يوي من السيارة، وكان يظن أن هذا الأخر سيوصله فقط ثم يغادر،
لكنه فوجئ بأنه خرج هو أيضًا، وألقى المفاتيح إلى موظف الركن، مشيرًا إليه أن يتولى الأمر.
“سأدخل لألقي التحية على صديق.”
شرح تان يوي بهدوء.
“آه، حسنًا.”
لم يشكّ سونغ لين تشو في شيء، ودخل مع تان يوي إلى الداخل.
كان قد شارك في معارض مجوهرات من قبل، وظنّ أن الأمر سيكون مشابهًا،
لكنه أدرك فور دخوله كم كان ساذجًا.
فمع أنه معرض مجوهرات، إلا أنه بدا كحفلة كوكتيل راقية،
القاعات مزينة بفخامة مبهرة،
والحضور من حيث الملابس والهيئة، واضح أنهم من الطبقة المخملية أو أصحاب النفوذ.
شعر كأنه فتى ريفي ضائع لا يعرف كيف يخطو أو ينظر.
لاحظ تان يوي توتره وقال بلطف:
“لا تقلق، أنا سأرافقك.”
“شكرًا، أعتذر عن الإزعاج.”
وما إن ظهر تان يوي حتى أحدث حضوره بلبلة في المكان.
من الواضح أن كثيرًا من الحاضرين يعرفونه،
وما إن رأوه حتى بدت على وجوههم ملامح الدهشة، وكأن وجود تان يوي في هذا المكان أمر يصعب تصديقه.
أما سونغ لين تشو، فقد ظن أن سبب الاستغراب هو أن معظم الحاضرين من السيدات، لذا بدا غريبًا حضور رجلين معًا.
وفي تلك اللحظة، اقترب منهما رجل طويل القامة، أنيق في ملبسه، وقال بابتسامة:
“تان، لم أكن أتوقّع أنك ستأتي بنفسك.
هذا يُشرفني حقًا!
معرضي المتواضع سيتألّق بنورك!”
كان الرجل على الأرجح من عِرق مختلط، يرتدي ملابس ذات ألوان غير تقليدية،
نصف شعره وردي، النصف الآخر أبيض، وفيه خصلات سوداء — مظهر فريد لا يُنسى.
ما إن وقعت عيناه على سونغ لين تشو، حتى أضاءت عينيه وقال:
“واو، من هذا الشاب الوسيم؟”
رمقه تان يوي بنظرة حازمة، فتراجع أليكس فورًا وتجنّب النظر إليه مجددًا.
يا إلهي، لقد نظر إليه فقط لأنه وسيم!
هل تستحق النظرة كل هذا الغضب؟
ما كل هذا التملك؟!
كان تان يوي راضيًا، ثم قال:
“هذا أليكس، منظم المعرض، ومصمم مجوهرات أيضًا.”
سونغ لين تشو: !!!
أليكس؟ أهو أليكس نفسه الذي يعرفه؟!
تذكر ما قرأه عنه في بايدو — فرنسي من أصول صينية،
ومصمم مجوهرات شهير…
والرجل أمامه كان حقًا مختلط العرق، ويبدو كمصمم محترف.
لا شك، إنه هو — أيقونة تصميم المجوهرات العالمية!
مُعلّمه المُلهم، أليكس!
وفوق ذلك… شاب جدًا!
قال تان يوي وهو يقدّمه:
“سونغ لين تشو، صديقي. طالب في برنامج تصميم المجوهرات بجامعة A.”
ردّ أليكس مبتسمًا:
“آه، إذًا هذا هو الصديق الذي ذكرتَه.
حسنًا، أنا…”
لكنه لم يُكمل، فقد رنّ هاتفه، فنظر إلى المتصل وتجهّمت ملامحه قليلًا.
ثم قال بتردد:
“آسف يا تان، يبدو أن عليّ أخذ هذه المكالمة. أمر معقّد قليلًا.”
أومأ تان يوي برأسه،
وغادر أليكس بسرعة، واضح أن الأمر طارئ.
حينها فقط، استيقظ سونغ لين تشو من فرحته لرؤية مُلهمه،
وتأكد من نفسه وهو يسأل تان يوي:
“هو أليكس، مصمم المجوهرات الأول ومؤسس علامة زيرو، صحيح؟”
“نعم.”
أجابه تان يوي.
سونغ لين تشو: !!!
نعم، لا شك في ذلك. هو بالفعل مثله الأعلى!
لمعت عيناه كطفل يرى نجمًا سينمائيًا أمامه،
وقال بصوت مفعم بالحماس:
“لم أكن أتصوّر أنه بهذه الشباب! هذا لا يُصدّق! وهو مميز ووسيم جدًا! أنا أعجب به كثيرًا!”
الرئيس تان: ؟!؟
عذرًا؟ هل يمكنك تكرار ذلك؟ من الذي تُعجب به؟!