🦋

عندما نهض تشي شوان فجأة، حتى لان يوي نفسه شعر بالدهشة.

“أين هو؟”

رد لان يوي على الفور: “في ملاذ الإله الأعلى.”

بمجرد سماعه لهذا الاسم، عقد تشي شوان حاجبيه. ومضت في عينيه ذكريات كريهة، لكن سرعان ما طغى عليها وهج الترقب. إن تمكّن من الإمساك به هناك، فستكون لحظة لا تُنسى!

هذه المرة، سينجح تمامًا!

“هيا! ننطلق الآن!”

أسرع لان يوي في اللحاق به، وما إن وصلا إلى البوابة الرئيسية حتى توقف تشي شوان فجأة. 

استدار، وعيناه الخضراوان المتوهجتان بالبريق الغريب ثبتتا على لان يوي، ثم أمره بصوت حاسم:

“استدعِ فرق الحرب الثلاثة عشر. 

الهدف: ملاذ الإله الأعلى!”

تجمّد لان يوي في مكانه لوهلة، ثم جثا على ركبة واحدة، متلقيًا أعلى أمر عسكري صدر منذ تأسيس التحالف!

تعبئة قوات التحالف كاملة—دليل قاطع على مدى رغبة تشي شوان في الظفر بذلك النظام.

وفي الوقت نفسه، كان ذلك إثباتًا على مدى تفرّد ذلك النظام.

ومع أن الوضع كان عاجلًا، أصدر لان يوي الاستدعاء الأعلى فورًا. 

وبغض النظر عن مواقع قادة الفرق، فقد عادوا جميعًا إلى المقر بسرعة خاطفة. 

وفي غضون نصف ساعة، تجمعت فرق الحرب الأسطورية—التي اهتزّت أمامها عوالم لا تُعد ولا تُحصى!

رغم أن التحالف المستقل تأسس في وقت متأخر، إلا أن قوته القتالية نمت بسرعة مذهلة. 

فبفضل قدرته على ابتلاع الأنظمة، لم يكن مجرد تحالف مضيفين وأنظمتهم—بل كيان واحد لا يحتاج إلى تكيّف أو تنسيق، بلا تناقضات ولا أعطال، كل فرد فيه يُقاتل بحواسه وقوته الذاتية حتى الموت!

ومن دون سابق إنذار، ولا حتى تلميح… استيقظ سكان العالم الأصلي ليجدوا القوتين العظميين على وشك الانفجار.

لطالما كانت رابطة النظام والتحالف المستقل في صراع مرير. 

وعلى الرغم من اختلاف أهدافهم وأعمالهم، إلا أن الجميع كان يدرك أنهما عدوّان لدودان، وأن زعيميهما لن يرتاحا إلا بعد زوال الآخر.

لكن، وعلى الرغم من هذه العداوة المكشوفة، لم تقع حربٌ كبرى قط.

كانت الاشتباكات صغيرة—مكائد، اغتيالات، تشويه السمعة. 

صراعٌ مستمر، لكنه لم يصل أبدًا إلى حربٍ شاملة.

وعندما ظنّ الجميع أن الوضع سيظل كذلك إلى الأبد… اندلعت الحرب تلك الليلة!

لأن الشخص الذي كسر التوازن قد ظهر!

كان كلّ من تشي شوان وشيا شوان يدركان أن هذه فرصتهما الوحيدة. 

مصير كلٍّ منهما سيتقرر الآن.

ومع اصطدام الجيوش، انفجرت كراهية السنين الماضية. 

وبمجرّد رؤية وجوه خصومهم، تفجّرت الدماء، واشتعل الغضب، وقبل أن يُنطق بكلمة واحدة، كانت التعويذات والقدرات قد حوّلت الأرض إلى جحيم.

المقاتلون الأماميون تقاتلوا حتى الموت، 

في حين أن الفرق الخفية لم تنعم حتى بلحظة راحة. 

تسللوا من الزوايا، واخترقوا جدران القلعة بحركات لا تُرى بالعين، يُقاتلون من الظلّ حيث الانتصار الحقيقي يُحسم هناك—من يظفر بالنظام أولًا، يُصبح الطرف الذي لا يُقهر.

لكن… لم تكن المهمة سهلة على الفرق الخفية. 

فما خطط له الصيادون، كانت رابطة النظام قد توقّعته بالفعل. 

إن حاول أحدهم أن يبادر، سارع الآخر بالإفشال. 

وإن شنّ هجومًا خاطفًا، ظهر الكمين المضاد. 

كل خطوة تُقابل بخطوة… كل هجوم يُقابَل بصدّ.

وبعد جولات من الاشتباك… دخلت حتى الفرق الخفية في قتال مباشر.

وفي قلب هذه العاصفة… وقف تشين مو وشي تشينغ.

ما إن أنهى شي تشينغ رواية حلمه، حتى ارتعد بدنه من جديد—فقد شعر بنفس الحضورين المروعين الذين رآهم في رؤياه. 

رفع رأسه بتوتر ونظر إلى تشين مو:

“أعتقد… أنهما قريبان.”

أظلمت عينا تشين مو. 

كان وعيه الروحي يفوق وعي شي تشينغ بأضعاف—رأى بوضوح ما يحدث في الخارج.

قوتان مهولتان تقفان على طرفي المشهد. 

لم تبدأ المعركة بعد، لكن مجرد وجودهما هزّ المكان.

واحد مقابل واحد، هناك أمل.

اثنان ضد واحد… الهزيمة مؤكدة.

حلل تشين مو الموقف بسرعة، ثم سأل شي تشينغ:

“هل يمكنك العودة إلى فضاء النظام؟”

تألقت عينا شي تشينغ — نعم! 

إن عاد إلى فضاء النظام، فلن يهم ما يحدث في الخارج!

حاول فورًا… لكنه فُوجئ بالمنع.

رأى تشين مو تعبيره القلق، فقال بهدوء:

“كما توقعت. 

لقد عثروا على طريقة لإغلاق طريق الهروب.”

ازدادت ملامح شي تشينغ اضطرابًا، ونظر إلى تشين مو بعينين مذعورتين. 

لم يفهم ما يحدث، لكنه أدرك شيئًا واحدًا: هم السبب في هذه الكارثة.

لم يكونا قد استقرا بعد… لم يعرفا حتى طبيعة هذا المكان… وها هما وسط معركة كونية.

ومهما بلغت قوة تشين مو، فهما لا يزالان شخصين فقط. 

هل يستطيعان حقًا مواجهة قوتين عظيمتين؟

هذا لم يكن عالمًا صغيرًا من عوالم المهمات. 

بل عالم يفوق كل ما عرفاه.

وببساطة: إن كان البشر مقياسًا، فهذا المكان هو ميدان الآلهة.

هل يمكنهما… النجاة؟

ارتجف قلب شي تشينغ، وكان قلقه واضحًا تمامًا. حدّق في تشين مو، ينتظر إجابة.

نادراً ما ابتسم تشين مو، لكنه في تلك اللحظة، ابتسم.

ابتسامة بطيئة، دافئة، تُطمئن القلب.

مرّر يده بلطف على عنق شي تشينغ، وهمس:

“لا تقلق. فقط… ثق بي.”

أومأ شي تشينغ لا شعوريًا.

قبّله تشين مو قبلة خفيفة، ثم وضعه برفق في الجيب الداخلي لسترته. بصوت منخفض قال:

“مهما حدث… لا تخرج.”

جاء الرد بصوت مكتوم من داخل الجيب:

“حسنًا.”

كان يثق بتشين مو. 

حتى لو أصبح في موقفٍ سلبي، يجب أن يثق به.

فهو ليس مجرد تابع، ولا عبء. 

دوره هو أن يتعاون.

في الخارج، كانت الحرب قد بلغت ذروتها. 

الخسائر فادحة من الطرفين. 

حتى شيا تشي ولان يوي شاركا بأنفسهما في القتال — ورغم قتلهما العديد من الأعداء، إلا أن كليهما أصيب بجراح.

ومع ذلك… بقي تشي شوان وشيا شوان ثابتين.

كان عليهما أن يظلا كذلك.

لم يكن هناك من يعرف قدرات الآخر أكثر منهما.

فمنذ زمن بعيد، خاض الاثنان معًا معارك لا تُعد ولا تُحصى.

في ذلك الحين، كانا رفيقين في السلاح—كلاهما من رابطة النظام.

لكن رابطة النظام في الماضي لم تكن كما هي اليوم.

كانت تتألف من ثلاثة عشر فقط، يعملون مباشرة تحت إمرة الإله الأعلى، ويقيمون إقامة دائمة داخل الهيكل الإلهي. 

لم يغادر أحدهم هذا المكان المقدس يومًا واحدًا.

كانوا يتمتعون بقوة هائلة، ومواهب تُحسد، وقد منحهم الإله الأعلى كل شيء—أجسادهم، قوتهم، الفنون السرّية، والأسلحة. 

كل شيء كان مكشوفًا لهم، لكن في المقابل، لم يكن يُسمح لهم بالمغادرة.

القوة تولّد الطموح.

والطموح يغذّي الرغبة.

ومع الوقت، نمت داخلهم رغبة جامحة—أن يروا العالم الخارجي، أن يُظهروا قوتهم، أن يُعبَدوا، أن يكونوا…

لكنهم لم يجرؤوا على عصيان الإله الأعلى.

مرّت عصور لا تُحصى، وجذور الرغبة ترسّخت في قلوبهم أكثر فأكثر. 

حتى جاء اليوم الذي ثاروا فيه.

تلطّخ الهيكل الإلهي بدماء الخونة. 

وكان ثمن تلك الثورة حياتهم.

لكنهم، حتى في موتهم، صرخوا طلبًا للحرية.

من بين ثلاثة عشر حارسًا، لم ينجُ سوى اثنين:

تشي شوان وشيا شوان.

كانا حينها مجرد طفلين صغيرين، لا يفقهان شيئًا.

أمام الدم والموت، كل ما استطاعا فعله هو التحديق بعيونٍ متّسعة، تغمرها الرهبة.

بدت الثورة كمجزرة من طرف واحد.

لكن، ومنذ ذلك اليوم، لم يظهر الإله الأعلى مرة أخرى.

ظلّت خزائن الإله الأعلى مفتوحة أمام تشي شوان وشيا شوان. كبرا، تطوّرا، ومع مرور عصور أخرى، فهما ما لم يفهماه سابقًا.

فقد كان في قلبيهما نفس التوق… نفس العطش للحرية… نفس الطمع في القوة.

لكن هذه المرة، كان لديهما الخبرة. 

ولم يعملا بتهوّر.

وُضعت خطة دقيقة، وخُطط لكل تفصيل.

وفي النهاية، أسقطا ذلك الرجل من عليائه.

وسرعان ما نالا ما أراداه:

حصل أحدهما على قوة الإله الأعلى الهجومية المطلقة،

والآخر نال الدفاع المطلق للإله ذاته.

أصبحا لا يُقهران، لكن لم يستطع أيّ منهما أن يصبح الحاكم الأعلى.

لأن أعظم قوة للإله الأعلى قد اختفت.

لم يستطع تشي شوان ولا شيا شوان هزيمة الآخر.

كلٌّ منهما كان مطلقًا:

هجمات تشي شوان قادرة على محو العوالم،

ودفاعات شيا شوان قادرة على تحمّل كل ذلك دون أن تنكسر.

ومع هذه التناقضات الكاملة، أصبحا عدوّين أبديين.

حربهما اللا منتهية لم يكن هدفها إلا ابتلاع الآخر، لكن لم يستطع أحد منهما النجاح.

فقد كانت قوتهما مستمدة من قوة الإله الأعلى.

ولا أحد… يستطيع هزيمة الإله الأعلى.

ولا حتى هما أنفسهما.

لكن الآن… الخزانة التي ضاعت في العالم الخارجي قد عادت.

' هبة ' الإله الأعلى وجدت أخيرًا مضيفًا لها، وعادت إلى هذا العالم!

لو تمكن أحدهما من الظفر بالخزانة، لو انفرد بها، لكسر حدوده الحالية، وتجاوز ما هو ممكن. وحينها فقط… تنكسر عقدة التوازن.

من يحصل على الخزانة أولًا… سيحصل على وسيلة هزيمة الآخر.

وإن فاز أحدهما، فسيبتلع الآخر بالكامل…

ويصبح الإله الأعلى الجديد، الواحد الأوحد!

ولهذا… لن يترددا في فعل أي شيء!

بعد أن استقر تشين مو على مكان شي تشينغ، خرج من معبد الإله الأعلى.

في البداية، انقضّ عليه مقاتلون متعطشون للدماء، لكن… بمجرد أن لوّح بنصله الأسود كالحبر، انقسموا إلى نصفين.

تفتحت دماؤهم، ما زالت ساخنة، كزهور موتٍ مزدهرة في جحيمٍ لا قرار له.

مشى الرجل ذو الشعر الأسود وسط ساحة المعركة الدامية، دون أن يتأثر.

كان هادئًا، ثابتًا، لا خوف، لا توتر.

كانت خطواته خفيفة، لكن حضوره نفسه كان كافيًا ليسحق الهواء من حوله.

كأن جبلًا يضغط عليهم.

المحاربون، رغم قوتهم، لم ينهاروا، لكن وجوههم احمرّت من الضغط.

كل شيء توقف حين مرّ.

استدار كلا الطرفين، ينظرون إلى هذا الرجل الغريب، غير المعروف.

لكن بعض العيون الحادة… تعرّفت عليه.

وصُدموا!

من كان يظنّ أن هذا الوافد الجديد يمتلك مثل هذه القوة؟!

فوضى هذا الصباح في نقابة المرتزقة لا تزال حاضرة في الأذهان.

والآن، مع حلول الليل، أول معركة حياة أو موت بين الفصيلين الأعظم—بسببه أيضًا؟!

تحت أنظار الخوف والدهشة، دخل تشين مو إلى قلب الساحة.

كان ينظر للأمام بنظرة ثابتة، لا مركّزة في الظاهر، لكنها مغروسة في شخصٍ واحد.

وقال:

“أقبل دعوتك.”

هل وجدت خطأ؟ قم بالإبلاغ الآن
التعليقات

التعليقات [0]