سطح المرآة الرمادي أضاء فجأة، وعينا مو يان تلألأتا بفرحة جامحة. لقد نجح! لقد فعلها!
تمكن من قفل روح ذلك الرجل!
بعد آلاف السنين، لم يشعر بهذا القدر من النشوة من قبل. كان إحساسًا بالإثارة لا يُضاهى.
كان على وشك امتلاك قوة تتجاوز هذا العالم!
لكن في اللحظة التالية، رأى من ظهر في المرآة.
سطح المرآة تموّج أولًا كماء بحيرة تهتز تحت نسمة هواء، ثم بدأ بالاستقرار تدريجيًا، كاشفًا عن وجه فتى جميل.
كان الفتى طويلًا نسبيًا، رشيق الجسد، بشرته ناصعة، عيناه السوداوان مستديرتان براقتان. أنفه صغير، وشفاهه وردية بلون ناعم.
لكن أكثر ما جذب الانتباه كان أذناه نصف الدائريتين السوداوين المغطيتين بالفراء، تبرزان من شعره الأسود القصير، وترتجفان بخفة، بطريقة تذيب القلوب.
لكن قلب مو يان سقط إلى قاع هاوية جليدية.
…هذا ليس تشين مو!
مَن هذا؟!
كيف أخطأ؟ هذا مستحيل!
لقد قفل على تشين مو بدقة مطلقة — كيف انتهى به الأمر إلى استهداف شخص آخر؟!
وبحسب مظهره، كان هذا الشاب بوضوح مزارعًا شيطانيًا صغيرًا.
ولكن لم يكن هناك أحد آخر في المكان!
وفي اللحظة التالية، انكمشت حدقتا مو يان بحدة — رأى ذلك الشاب… مستلقيًا في أحضان تشين مو.
لقد أخفق حقًا.
سرت خيبة أمل عارمة في قلبه، لكنه تماسَك سريعًا.
لقد ضيّع أفضل فرصة، وهو ليس أحمقًا ليرتكب خطأين.
عليه الانسحاب فورًا، وإلا فإن تشين مو إن لاحظه… ستكون العواقب كارثية.
لم يتردّد لحظة، وأطلق تعويذة الهروب. لكن في نفس اللحظة، اندفع نصل أسود كالصاعقة نحوه.
تغيّرت ملامح مو يان — لقد تم كشفه!
ورغم أنه من كبار المزارعين، إلا أنه بالكاد تمكّن من صدّ الهجوم.
لكنه لم يُرِد القتال، بل الهرب فقط.
غير أن خصمه لم يكن يخطط لتركه يهرب.
الفرق الهائل في القوة جعله يسقط بسرعة في موقف بائس. والآن، فهم تمامًا الضغط الرهيب الذي عاناه لو جيويوان قبله.
الفجوة كانت ساحقة لدرجة تقضي على الأمل نفسه.
رغم رغبته في الفرار، إلا أنه لم يستطع الإفلات.
وتشين مو لم يكن ينوي إضاعة وقته.
بعد بضع ضربات فقط، انفجرت قوة تشين مو فجأة. تشكّل سيف ضخم من طاقة روحية نقية، اندفع نحو مو يان بزخم لا يمكن إيقافه.
تقطّرت حبات العرق البارد من جبين مو يان.
كان بإمكانه أن يشعر بالموت يقترب منه بشراسة.
كان سيموت — تمامًا كما مات لو جيويوان.
بلا سبب، وبطريقة عبثية!
…لا! لا يمكنه قبول ذلك!
لن يموت! لا يمكنه الموت هكذا!
مهلًا — لا يزال لديه ورقة أخيرة! مقامرة أخيرة!
رفع مو يان مرآة حبس الأرواح، وأمر الفتى المنعكس فيها:
“احمني!”
حبس روحه، وأمره بالطاعة.
لم يكن يعلم من يكون هذا الفتى، لكنه الآن… ملكه!
لم يعوّل كثيرًا على هذا المزارع الشيطاني الصغير الذي يحتمي بتشين مو. لكن ما رآه في اللحظة التالية جعله يدرك — لقد ربح مقامرته!
ذلك الفتى الضعيف ظاهريًا اندفع بسرعة تفوق هجمة تشين مو، ليعترض الضربة القاتلة دون تردد.
جازف بحياته لحماية مو يان — لأن أمرًا من أعماق روحه أُملي عليه: احمه، مهما كان الثمن.
مو يان لم يتوقع من الفتى أن يصمد.
كل ما أراده هو أن يشتري لنفسه لحظة للهرب.
لكن ما حدث فاق كل التوقعات.
ففي اللحظة التي كاد فيها السيف المدمّر أن يصيب الفتى، توقف فجأة.
تلاشت الطاقة الرهيبة كأنها لم تكن.
التهديد بالموت الذي كان قبل لحظة… لم يكن إلا كابوسًا عابرًا.
تجمّد مو يان، ثم في اللحظة التالية، انفجرت داخله سعادة هستيرية.
ظنّ أنه انتهى… لكنه نجا!
لكن قبل أن يذوق طعم الفرح، عادت موجة قمع مرعبة أقوى من ذي قبل. جعلته يبهت من شدتها.
رفع رأسه بصعوبة — ليرى الرجل الذي أخيرًا رفع بصره نحوه.
عينان سوداوان تشتعلان كجمر، وشفاه نحيلة تنفتح بصوت مغمغم عميق، غاضب:
“ماذا فعلت؟”
ارتجف مو يان — لكنه لم يكن خائفًا بعد الآن.
لقد وجد نقطة ضعف تشين مو.
لقد أمسك بقلبه.
أمسك بالفتى وضحك بخبث:
“إذًا… هكذا الأمر.”
مرر أصابعه على وجنته البيضاء، ورأى الظلام في عيني تشين مو يتعمق.
ثم، بلهجة قاسية متوترة، أمر:
“اقتلْه. اقتل تشين مو.”
وبمجرد تلقيه الأمر، اندفع الفتى كوميض برق نحو تشين مو — بلا تردد، بلا تفكير.
سيفه المقدس سُلَّ، واندفعت طاقة روحية هائلة، رسمت قوسًا أخضر زُمُرُّديًا، متجهًا مباشرة نحو قلب معلمه.
بسيفٍ علّمه إياه تشين مو، وبيدين احتضنهما، وبتقنيات درّبه عليها… استهدفه بقسوة.
وقف مو يان يراقب من الجانب، والابتسامة تتّسع على شفتيه. لم يكن يعتقد أن الفتى يستطيع قتل تشين مو، بل أراد فقط… أن يعرف.
كم يهمّ هذا الفتى عند تشين مو؟
وكانت النتيجة… مُرضية للغاية.
حركات الفتى كانت شرسة، لكنها عديمة الخبرة. سلاحه فخم، لكن لا تناغم بينه وبين يده.
صاحب طاقة عظيمة، لكنه لا يعرف كيف يستخدمها.
حتى شخص مثل مو يان كان بإمكانه سحقه بسهولة. ومع ذلك، الرجل الذي أرعب القارات، لم يكن يرد أن يؤذيه.
تشين مو… كان يتهرّب فقط.
مو يان كان مذهولًا، ثم مغتبطًا.
“توقّف!”
توقّف الفتى فورًا.
“عُد!”
عاد بسرعة إلى جانب مو يان.
نظر تشين مو إليهما بصمت، أظافره تغوص في راحة يده، ورائحة الدم تملأ الهواء.
لذا لقد كانت مرآة حبس الأرواح.
مرآة تحبس الأرواح، تجعلهم عبيدًا لسيدها.
لا يهم من تكون — في تلك اللحظة، أنت مِلكي.
شي تشينغ، شي تشينغ خاصته وحده، أُنتُزع منه — خُطف من بين ذراعيه، من جانبه، من قبضته… أمام عينيه.
الفراغ الذي بدأ من كفّه انتشر بسرعة إلى قلبه، جوف مظلم بلا نهاية، تنبعث منه نيران مشتعلة قادرة على إحراق كل شيء.
لا يُغتفر. لا يُحتمل!
رفع تشين مو رأسه قليلًا، عيناه السوداوان ساكنتان كبركة من المياه الميتة. نظر إلى مو يان، وصوته متأرجح بين العقل والجنون:
“ما الذي تريده؟”
رفع مو يان ذقنه بتحدٍّ:
“أريدك.
أريدك وكل ما تملكه من زراعة.”
“حسنًا.”
وافق تشين مو دون تردد. “لك ذلك.”
اتسعت عينا مو يان على الفور، لكن في اللحظة التالية، انكمشت حدقتاه في صدمة مروعة.
تشين مو اندفع نحوه بسرعة لا تُصدق — كالسيف المجرد!
لم يجد مو يان وقتًا إلا ليصرخ أمرًا يائسًا:
“احمني!”
اندفع الفتى أمامه فورًا، لمواجهة تشين مو وجهًا لوجه.
السيف في يده يحمل نية قتل باردة، وهاجم الرجل القادم بكل دقة.
بدأ مو يان يشعر بالانتصار — لكن تشين مو… لم يتوقف!
السيف اخترق كتفه مباشرة، وانفجر الدم منه، لكن اندفاعه لم يتباطأ لحظة!
عيناه السوداوان كانت ثابتة على فريسته — حتمية، قاتلة، لا رجعة فيها.
مو يان سُحق مجددًا تحت الضغط الساحق.
لم يعد يستطيع الحركة.
لم يكن أمامه سوى التفرّج، بينما الرجل المدمّى يقترب منه ويقبض على عنقه بقبضة حديدية.
بضغط وحشي، تحوّل وجه مو يان إلى الأحمر القاني، لكنه أبى أن يستسلم.
لم يرد الموت.
بصوت مبحوح متكسّر، أمر:
“اقـ…ـتله… اقـ…ـتله…”
انطلق الفتى مجددًا، كل ضربة منه تستهدف قلب تشين مو مباشرة.
لكن تشين مو لم يتجنّب.
تمزق ظهره، الألم امتزج برائحة الدم، وأشعل المزيد من الجنون في عينيه. قبضته على عنق مو يان ازدادت قسوة، مخالبه غاصت في جلده.
انفجر الدم.
تحطمت القصبة الهوائية لمو يان، واتسعت عيناه برعب لا يوصف، ملامحه انكمشت في رعب ميت.
الآن، لم يعد قادرًا على الكلام، ولا إصدار الأوامر.
لم يعد قادرًا على التحكم بالفتى — لكن الفتى أيضًا… لم يكن قادرًا على التوقف.
فإن مات مو يان، تختفي لعنة مرآة حبس الأرواح.
لكن تشين مو ابتسم ابتسامة مشوّهة:
“هو لن يقتلني، وأنا… لن أدعك تموت بهذه السهولة.”
وفي هذه اللحظة، أدرك مو يان أنه أيقظ شيطانًا حقيقيًا.
لم يعد يستطيع التوسّل. لم يعد يستطيع التفاوض. حتى اللعنة التي ألقاها لم يستطع رفعها.
تشين مو استمر بتلقي الضربات… مقابل أن يُذيق مو يان مئة ضعف الألم.
عذاب لا ينتهي.
عقوبة ميؤوس منها لا فكاك منها.
مو يان انهار أخيرًا.
عقله تفتّت، لكن الذبح استمر.
حتى… بدأ نفس الفتى يتقطع، وحركاته تبطؤ، وجسده يهتز.
قطّب تشين مو جبينه أخيرًا.
مرآة حبس الأرواح تربط الروح، ولا تبالي بجسد مُنهك، أو جريح، أو ميت. طالما أُعطِي الأمر — نُفّذ.
حتى وإن تحوّل إلى جثة تمشي… لا يتوقف.
شي تشينغ سيقاتل حتى يحترق جسده تمامًا، حتى يموت من الإنهاك.
وما إن خطرت هذه الفكرة في بال تشين مو، حتى عادت إليه ومضة من الرشد.
نظر إلى مو يان — الذي أصبح الآن جثة بلا روح.
ومباشرة، سحَقَه.
انتهى العذاب. ومعه، اختفت اللعنة.
وفي اللحظة التالية… سقط شي تشينغ فاقدًا للوعي.
التقطه تشين مو.
رداؤه الأسود يقطر دمًا، وجهه شاحب كالموت، لكنه كان يحدّق بعينين تتوهج بجنون هادئ.
انحنى قليلًا، قبّل عنق الفتى، وهمس بصوت أجشّ مملوء بهوس مرَضي:
“تشينغ تشينغ… تشينغ تشينغ خاصتي… أنتَ لي.”