🦋

احتضنه تشين مو بين ذراعيه بإحكام شديد،

إلى درجة لم تترك بين جسديهما أي فراغ،

وكأنّه أراد أن يدمجه في كيانه،

أن يبتلعه تمامًا،

أن يُخفيه في أعماقه إلى الأبد.

شي تشينغ لم يُبدِ أي مقاومة.

بقي في حضنه، ساكنًا… لا يتحرك.

قبل أن تعود إليه ذاكرته، كان خائفًا.

بل، فكّر في الهرب مرّة.

لكن، حين عادت كل الذكريات…

هدأ فجأة، بشكل لا يُصدّق.

هذا الرجل…

كان من البداية شيطانًا خرج من قاع الهاوية.

لم يُخفِ عنه شيئًا،

أراه كل ما في داخله.

ولربما، لم يكن هناك أحد في هذا العالم يعرف تشين مو أكثر منه.

فهل يُفترض أن يخاف الآن؟

أم أنّ الأوان قد فات؟

لكن رغم كل شيء،

لا يمكنه السماح لتشين مو أن يستمر في السير بهذا الطريق.

لأنّ النهاية…

لن تكون العالم فقط،

بل تشين مو نفسه.

أخذ شي تشينغ نفسًا عميقًا،

ثم مدّ يده، وبدأ يُربّت على ظهره برفق.

من الأعلى إلى الأسفل،

كما لو أنّه يهدئ وحشًا جريحًا.

كانت حركاته المنتظمة تُخفّف شيئًا فشيئًا من قبضة تشين مو المتصلبة،

وفي ذات الوقت، بدأ قلب شي تشينغ يستعيد هدوءه.

وبعد برهة، تحدث أخيرًا:

“تشين مو، استعدت ذاكرتي.”

“…هم، أعلم.”

“بعد ما نُنهي هذه المهمّة،

لنأخذ قسطًا من الراحة، ما رأيك؟”

“…نعم.”

“تشين مو…”

“…هم؟”

“أنا… أحبك.”

تلك الكلمات الرقيقة،

ذلك الصوت الناعم،

قبض على قلب تشين مو فجأة.

ارتجف جسده كله، وتصلب.

“رغم أني فقدت ذاكرتي،

لم أنسك…

من اللحظة التي رأيتك فيها في هذا العالم،

قلبي خفق بقوة.”

“خلال يومٍ واحد فقط،

وقعت في حبك.”

“تشين مو… لم أنسك قط.

ولا أستطيع أن أنسى.”

قبضته التي خفّت، عادت لتشتدّ من جديد.

لكنّه لم ينبس بكلمة.

تنفسه، وهو يلامس عنق شي تشينغ،

أصبح أثقل… أعمق…

ورغم ذلك،

ظل شي تشينغ يربّت على ظهره برفق.

وصوته ازداد ليونة:

“تشين مو،

لن أتركك أبدًا.”

ثم بصوت أقوى، كأنّه يُقسم:

“لا أريد تركك، ولا أستطيع.”

فلا تخف بعد الآن.

صوتٌ خافت، خشن، خرج من فوقه، وكأنّه يُقاوم شيئًا:

“هل تعرف ما الذي تقوله؟”

“أعرف.”

“لن يكون هناك مجال للندم.”

“ولن أندم أبدًا.”

سؤال تلو الآخر…

وكان كل جواب حاسمًا،

صريحًا، بلا تردد.

كشف له قلبه كاملًا،

في هذا المكان الغريب.

عندها فقط، خفّت حدة تشين مو.

ابتعد قليلًا، ليواجهه وجهًا لوجه،

ورأى في عينيه…

تلك العيون الجميلة،

نقية كالكريستال، لا تشوبها ذرة كذب.

كل مشاعرها صادقة…

بريئة…

تجعل القلب يخفق.

شي تشينغ لم يرمش حتى،

ثم نطق بكلمات خرجت من أعماق روحه:

“أنا أحبك، تشين مو.”

كان توقف الزمن.

تشين مو ظلّ يحدّق فيه،

لم يتكلم، لم يُظهر أي تعبير،

وكأنه تحجّر.

ورغم ذلك،

لم يتراجع شي تشينغ.

اقترب منه، وقف على أطراف أصابعه،

وطبع قبلة خفيفة على شفتيه،

ثم احتضنه بقوة.

“تشين مو…”

“…هم؟”

“لا تفعل ذلك مجددًا… أرجوك؟”

لكن حتى تلك الكلمات الحنونة،

لم تستطع أن تُخفي رائحة الدم التي تملأ المكان.

كان هذا… الجحيم.

بضع دقائق فقط مرّت،

لكنها بدت كدهر.

ومع ذلك، سمع جوابه.

سمع وعد مضيفه.

“حسنًا.”

قالها بصوت هادئ… لكنه حمل قوة لا يمكن وصفها.

“أعدك.”

سقط قلبه في مكانه مجددًا.

شي تشينغ… صدّقه.

بلا ذرة شك.

إن قال أنه سيفعل… فسيفعل.

وإلا، لما وافق من البداية.

احتضنه شي تشينغ إليه أكثر،

وهمس:

“لنبدأ من جديد!”

“حسنًا.”

كان ممتنًا من أعماقه لأنهما حصلا على ' نقطة الحفظ '.

ذاك العنصر العشوائي الذي أنقذهما.

الذي مكّنهما من إصلاح ما أفسداه،

والبدء من جديد.

وفي تلك اللحظة،

تمنّى شي تشينغ بصدق…

أن لا يضطرا لاستخدامه أبدًا.

بعد أن عاد الزمن إلى الوراء،

استيقظ شي تشينغ في المكان الذي بدأ منه كل شيء—

غرفة يي تشينغ، على سريره الفخم الواسع.

كان ذهنه لا يزال غائمًا قليلًا،

لكنه قفز من السرير في اللحظة التالية.

تبًا! عليّ أن أجد المضيف أولًا.

لا بد أن أفي بوعدي.

لقد انتقل إلى هذا الجسد عند منتصف الليل،

تمامًا بعد أن طرد يي تشينغ أخاه يي شين،

ثم استحمّ واستلقى للنوم.

ولأنه لا يزال في قصر عائلة يي،

خرج شي تشينغ مباشرة بحذاء النوم.

ولحسن الحظ،

كان يعرف، من ذاكرة يي تشينغ،

أين غرفة شقيقه.

لكن القصر… كان ضخمًا للغاية.

بل، مبالغ في ضخامته.

لحسن الحظ، كان الليل قد حل،

ولا أحد في الأروقة.

استخدم شي تشينغ مهارة إله الألف ميل،

وانطلق بخفة كالغزال.

اختصر مسافة عشر دقائق إلى دقيقة واحدة،

وتوقّف لاهثًا أمام باب غرفة يي مو.

رفع يده ليطرق الباب—

لكنه… انفتح من تلقاء نفسه.

وفي اللحظة التي رأى فيها الرجل الواقف خلف الباب شي تشينغ،

ظهرت نظرة دهشة في عينيه الهادئتين دومًا:

“شياو تشينغ؟!”

التقط شي تشينغ أنفاسه،

ثم ابتسم وقال:

“ما رأيك؟ هل كنت سريعًا بما يكفي؟”

تشين مو كان لا يزال… مذهولًا.

بعد أن استعاد أنفاسه، رمش شي تشينغ بعينيه نحو تشين مو.

مضيفي العزيز، ما بك تنظر إليّ هكذا؟ 

هذه النظرات ليست مما اعتدت عليه!

لكن سرعان ما استعاد تشين مو وعيه،

جذبه إليه فجأة، ولف ذراعيه حول خصره،

ثم انحنى عليه،

وطبع على شفتيه قبلة عميقة، دافئة، ومفعمة بالجنون.

اتسعت عينا شي تشينغ،

“امم… هننّ… هم…”

كانت قبلة تشين مو مشتعلة بالحنين والرغبة،

وكأنّه أراد أن يُفرغ فيها كل سعادته،

كل فوضى مشاعره،

بل، كأنه أراد أن يتأكد من أنّ كل هذا ليس حلمًا.

لطالما كان تشين مو هو من يُبادر،

هو من يسعى خلف شي تشينغ.

لكن هذه المرّة…

شي تشينغ هو من جاء إليه بنفسه،

قبل أن يفتح الباب حتى،

كان قد عاد…

بوعد قطعه وحققه بالفعل.

شي تشينغ…

يريد حقًا أن يكون له.

قبلةٌ حارة،

أذابت المشاعر بينهما،

وفي البداية، تردد شي تشينغ قليلاً،

لكنّه ألقى بكل تردده جانبًا،

وبدأ يبادله التفاعل بصدق.

رغم خجله،

رغم قلة خبرته،

إلا أن مشاعره كانت حقيقية،

تفيض منه، وتُلهب الجو أكثر فأكثر.

وبينما كانا يتبادلان القُبل…

تبدلت أماكنهما.

وقبل أن يُدرك شي تشينغ ما يجري،

كان قد أصبح مستلقيًا على السرير،

ووجه تشين مو مدفونٌ في صدره.

برودة طفيفة أعادته إلى رشده.

أسرع بتعديل ثيابه،

ووجهه محمّر،

ولسانه معقود.

“تشين مو… لا… تشين مو…”

رفع تشين مو رأسه،

وعيناه السوداوان تفيض رقّة،

لكن… لم يتوقف.

أراد شي تشينغ أن يبتعد،

لكنه لم يستطع.

كل لمسة وكل قبلة…

تُحيله هشًّا، لينًا، عاجزًا.

لكن… لا يمكنهم الاستمرار!

تحرك بسرعة،

وبصوت مرتجف، تمتم:

“أجسادنا الآن… نحن…

نحن إخوة… إخوة حقيقيون… لا نستطيع… لا يجب علينا…”

وأخيرًا…

استطاع أن يُخرج الكلمات بصعوبة.

لكن الرجل فوقه لم يتوقف.

أصابعه الحارّة والماكرة كانت تتابع طريقها،

لتجعل عقله مشوشًا أكثر فأكثر.

شي تشينغ بالكاد صمد،

لكن ضميره… لا يزال حيًا.

لا يمكن!

هذا ممنوع، في كل العوالم!

ولذا، قال له برجاء:

“انتظر… دعنا ننتظر حتى نعود إلى أجسادنا الأصلية،

ثم… ثم نُكمل… ما بدأناه، حسناً؟”

كانت كلمات رائعة،

أخيرًا… رفع تشين مو رأسه ونظر إليه.

كانت عينا شي تشينغ دامعتين،

وشفتيه محمرّتين،

ووجنتاه متوردتان…

رغم كونه بيتا،

لم يكن أقل سحرًا في نظر تشين مو.

انحنى ليقبّله بلطف،

ثم همس في أذنه:

“لا تقلق… إنهم ليسوا إخوة حقيقيين.”

شي تشينغ: “هاه؟”

هل فاتني شيء مهم؟

“كيف لا يكونان إخوة؟!”

طبع تشين مو قبلة أخرى على شفتيه المرتبكتين،

ثم تمتم بالقرب منه:

“يي تشينغ ليس من أبناء عائلة يي.

لقد تبنّاه سو ران.”

تجمد شي تشينغ في مكانه.

يا إلهي… ما الذي يحدث؟!

كيف لم أسمع بهذا من قبل؟!

وكيف عرف تشين مو؟!

فضوله أشعل قلبه.

رائحة الفضائح قوية جدًا!

لكن…

وقبل أن يُكمل تشين مو ما كان ينوي فعله،

اختفى الجسد الأبيض الناعم،

وظهر بدلاً منه…

مخلوق صغير الحجم، أسود وأبيض،

كبير العيون، مكوّر الشكل… باندا صغيرة!

تشين مو: “…”

ذلك المخلوق الصغير حرّك أذنيه،

ثم رفع عينيه المبللتين إليه بخجل،

وسأله بصوت رقيق:

“ما الذي يحدث؟ أخبرني!”

ظلّ تشين مو يحدّق فيه…

ثم بدأ يفكر…

هل فعلت خيرًا بشراء هذا الجسد له؟ 

أم ارتكبت حماقة؟

لكن الباندا الصغيرة أثبتت براعتها،

رفعت قوائمها القصيرة،

تدحرجت إلى كفّ مضيفها،

استقرت هناك، وراحت تحدّق فيه بجدية تامة.

تشين مو: “…”

وبعد لحظة من الصمت،

لم يستطع مقاومة لمسه بعد الآن.

مدّ يده، وبدأ يداعب ذقنه،

ثم بطنه الصغير.

ابتسم تشين مو،

وبدأ يحكي له القصة كاملة بصوت حنون.

أما شي تشينغ…

فقد أصغى بكل حواسه،

وكأنّ دلوًا من الدراما سُكب عليه فجأة!

يا له من وضع معقد!

وفور انتهائه،

حدّق شي تشينغ في تشين مو، متحمسًا:

“إذاً… هذا يعني أن مهمتنا الفرعية الأولى يمكن أن تُنجز الآن؟!”

لم يكن هناك رابط دموي،

وشي تشينغ كان أوميغا،

إذاً يمكنه الاقتران رسميًا بتشين مو!

نظر إليه تشين مو،

وقال بجدية تامة:

“لو لم تقاطعني قبل قليل…

لكنا قد أتممنا مهمتنا بالفعل.”

هل وجدت خطأ؟ قم بالإبلاغ الآن
التعليقات

التعليقات [0]