🦋

 كان هذا اليوم… مكتوبًا عليه أن يكون يومًا مجنونًا!

لقد مضت مئات السنين على تأسيس جمعية الأوميغا،

ولم يسبق لها أن واجهت شيئًا مماثلًا.

بل لم يخطر في بال أحد أن شيئًا كهذا يمكن أن يحدث!

إنه الجنون بعينه!

أوميغا… استطاع أن يُحطّم الجدار بيديه العاريتين،

بل وتفوّق على الألفا الهائجين،

وزرع الفوضى في أرجاء الجمعية وحده!

اجتذب، بقوته وحدها، كل ألفا موجود في الجمعية،

وأطلق العنان لفوضى لا مثيل لها.

لم يتمكن أي ألفا من الاقتراب منه،

ومن تجرأ على لمسه، كان مصيره الطرد العنيف… بلا رحمة.

ذلك الأوميغا كان فاتنًا بحق.

وجنتاه متوردتان، عيناه دامعتان، يفيض بسحر قاتل،

لكن قوته كانت لا تُصدق.

كان سريعًا بشكل لا يمكن للعين أن تدركه،

وكانت قبضتاه، رغم رقتها، بمثابة مطرقة حربية عند الضرب.

في البداية، أيقظ مظهره شهوة القتال في الألفا.

تركوا خصوماتهم جانبًا، وتدافعوا نحوه واحدًا تلو الآخر،

يريدون إخضاع ذلك الأوميغا القوي.

لكن، سرعان ما أدركوا أن أي ألفا يجرؤ على الاقتراب،

سيسقط أرضًا خلال لحظات، سواء أتى وحده أو مع شريك.

أكثر من عشرة ألفا لاقوا نفس مصير سوه يي—

أنوفهم انحرفت عن مكانها، و أماكنهم الحساسة رُكلت بقوة جعلتهم يصرخون باكين!

ومع كل من يسقط، يظهر آخر يحلّ مكانه.

جمعية الأوميغا تغطي مساحة هائلة،

ويأتيها يوميًا ما يقارب الألف ألفا بحثًا عن شريك.

والآن… اجتمعوا جميعًا حوله، كأنهم يسعون للموت طوعًا!

ورغم أن الجمعية اسمها جمعية الأوميغا،

إلا أن كل إدارتها وحُرّاسها من الألفا،

حتى المتزوجون منهم، لم يصمدوا أمام رائحة الفيرومونات المثيرة،

فتركوا مهامهم واندفعوا كالمجانين.

وبلا قيادة ولا حراسة، فُتح باب الجمعية على مصراعيه،

وسقط الزائرون الأبرياء في قبضة الفوضى أيضًا.

لحسن الحظ، ما زال هناك من يحتفظ بعقله.

وبما أن المواجهة اليدوية لم تنجح،

فلا بد من اللجوء إلى السلاح.

ليس القتل، بل المهدئات، والصواعق.

عدد من الرصاصات المخدّرة وُجّهت بدقة نحو الأوميغا،

لكنّه راوغها بسهولة، كما لو أنه الريح!

الصدمة كانت كبيرة…

لكن، في مواجهة مئات من الرصاصات، ماذا عساه يفعل؟!

رفع فرقة من الحراس أسلحتهم المخدّرة،

وصوّبوا جميعًا نحو مركز الفوضى—ذلك الأوميغا العنيف.

لم يكن بوسعه تفاديها جميعًا…

لكنه، مرة أخرى، أثبت أنه… وحش استثنائي!

ظنّوا أنهم سينجحون،

لكن فجأة، انفجر من حوله درع متناوب بالأبيض والأسود،

ارتدّت كل الرصاصات كالمطر نحو الألفا المحيطين به!

لم تُصبه رصاصة واحدة…

بل سقط الجميع حوله في الحال.

كان مشهدًا خرافيًا…

يستحق أن يُسجل في كتب التاريخ!

ومع ذلك… في الواقع، كان شي تشينغ على وشك الانهيار.

صحيح أن قدراته الجسدية عالية،

لكنه ليس بلا حدود.

سيل الوحوش المتلاحق كان يدوّخه.

كل وجه يراه بدا له كأنه تشين مو… لكنهم ليسوا هو.

المنطق والرغبة اشتبكا في داخله،

جسده يوشك على الانفجار.

لولا مهاراته الخاصة—إله الألف ميل، والجدار الحديدي—

لكان قد سقط منذ زمن.

ومع ذلك، لم يكن يريد أن يسقط.

لا يستطيع.

رغم الغشاوة على وعيه، كان هناك هاجس راسخ يثبّته:

تابع… لا تتوقف!

تابع التقدّم، خطوة تلو الأخرى،

يدفع كل من يعترض طريقه،

يرتدّ عنه كل هجوم،

تعلو الصرخات من حوله،

ويعمّ الاضطراب كل مكان.

أنفاسه متقطعة،

وخدر يسري في أطرافه،

الإرهاق، والارتباك، وحرارة الجسد تهاجمه معًا.

ربما لن يصمد أكثر من ذلك.

بدأت الأفكار السوداوية تملأ رأسه…

وفجأة، تجمد جسده.

رائحة مألوفة…

رائحة تهز روحه… قلبه… كيانه.

وفي اللحظة التالية، دوّى انفجار رهيب!

أضواء ساطعة، غبار يتطاير، صرخات تعلو…

المشهد أبهر الجميع.

وبعد أن انقشع الدخان، ظهر رجل في قلب الفوضى.

جسده المتناسق يرتدي زيًا عسكريًا فضيًا،

شعره يطير في الهواء،

وجهه كجليد البحيرات،

وعيناه السوداوان كهاوية لا قرار لها.

كل من رآه، شعر بقشعريرة تسري في عموده الفقري.

الهالة القاتلة لم تُخفَ قط، بل كانت واضحة، صريحة.

نية القتل كانت واضحة…

موجهة للجميع—إلا شخصًا واحدًا.

وحين رأى شي تشينغ تشين مو،

ذلك المشهد الذي كان من المفترض أن يبث فيه الرعب،

ملأ قلبه بسكينة وفرح لا يوصف.

حتى جسده الساخن شعر بلحظة من السلام.

أخيرًا… رآه.

أخيرًا… سيعود إلى جانبه.

انفرجت شفتاه بابتسامة باهتة،

تجلّت سعادته، واحمرّت وجنتاه، وامتلأت عيناه برقّة فاتنة.

كقطّ نبذ مخالبه،

كان شكله طبيعيًا،

لكن جاذبيته كانت تُغري كل من حوله بأن ينقضّ عليه.

وهو، لم يشعر بشيء من ذلك.

لم يرَ سوى تشين مو،

ولم يدرك أن جسده بدأ يُطلق رائحة أكثر فتكًا،

رائحة قادرة على سلب العقول.

كل ألفا خائف،

لم يعد قادرًا على المقاومة.

نهضوا جميعًا، وتقدموا نحو الأوميغا المتفتّح،

حتى قبلة واحدة… لم تعد تكفي.

لكن شي تشينغ لم يرَ أحدًا،

عيناه لم تريا سوى رجلٍ واحد،

رجلٌ بدا وكأنه نزل من السماء.

ثم… سمع صوتًا مخيفًا…

وشمّ رائحة دمٍ خانقة.

وحين التفت،

رأى ألفا سقط أرضًا،

عنقه مفصول بسكين طائرة،

عيناه متسعتان، مليئتان بالذعر والصدمة…

لكن… كان قد مات.

وتحوّلت كل الأنظار إلى الرجل في الخلف…

ذلك الألفا… الذي قتل بشريًا ببرود دون أن يرمش.

جميع الألفا محاربون،

لكن القليل منهم يُنهي حياة إنسان آخر بهذه الوحشية.

لكن…

كل هذا لم يكن سوى البداية.

مات الألفا الأربعة الذين اقتربوا من شي تشينغ، واحدًا تلو الآخر.

بنفس الطريقة تمامًا، قُطعت حناجرهم،

وانفجرت الدماء من أعناقهم كنافورة،

لتغمر ثيابهم بلون أحمر قانٍ في لحظات.

كانت وجوههم مشبعة بالرعب،

رائحة الدم كريهة ومخيفة،

وصيحات الموت تصدح باليأس…

رعب لا يُصدّق تسلل في لحظة إلى قاعة الجمعية الفسيحة.

وفي اللحظة التالية، استشاطت الجموع غضبًا.

“وحش! مجنون! اقتلوه!”

اندفع جميع الألفا نحو تشين مو،

سكاكينهم تلمع، أشبه بمخالب الوحوش،

تتجه نحوه، تريد تمزيق لحمه، وغرزها في قلبه!

أما ذلك الرجل البعيد، فوقف وسط الزحف البشري دون أن يهتزّ له جفن،

بل… ارتسمت على شفتيه ابتسامة،

ابتسامة شرسة، قاسية،

مليئة بالشر والجنون.

تعالوا… كلكم تعالوا!

تعالوا، وسقطوا معي إلى الجحيم!

وهكذا… بدأت المذبحة الحقيقية.

جمعية الأوميغا تُحرّم حمل الأسلحة النارية،

فتحولت إلى ساحة رعب خالية من البارود،

يُدار فيها القتل بقوة الجنون وحدها.

كان شي تشينغ يراقب المشهد، جامدًا.

لم يرَ في حياته شيئًا بهذا الرعب.

الدماء، الصراخ، الخوف، الموت بلا نهاية…

كلها اجتمعت، كوّنت قبضة تضغط على قلبه.

لم يعد قادرًا على التنفس…

لم يعد يستطيع الاستيعاب…

وكأنه صار قشرة فارغة، بلا روح.

وهناك، وسط الدماء،

رأى ذلك الرجل…

رجلٌ يحمل ملامح تُثير الإعجاب،

لكنها كانت الآن مشوهة بابتسامة شيطانية…

كأنما يريد أن يسحب الجميع معه إلى الهاوية.

وفي اللحظة التالية…

انفجرت صورة متكررة داخل ذهن شي تشينغ.

رأى تشين مو…

لكن في زي مختلف كليًا،

عيناه ميتتان، يداه مغطاتان بالدم…

وجهه البارد ملطخ بالوحشية.

تشين مو… تشين مو…

لا! يا إلهي… لا!

انفتحت بوابات الذاكرة فجأة،

واجتاحت عقله كموجة عاتية…

النظام… العقد… المستضيف… المهمّة…

تذكّر كل شيء!

استعاد كل ذاكرته… كل شيء!

كيف نسي…؟

تلك المهمة اللعينة…!

تبًا لهذا الدور التافه!

حين فتح شي تشينغ عينيه مجددًا،

لم يكن هناك من هو حيّ في القاعة.

الجميع… ماتوا.

أجساد ممزقة مبعثرة في كل مكان،

جراحهم اختلفت في الشكل، لكنها جميعًا وحشية، دامية.

الدم الساخن لا يزال طريًا،

وغمر الأرض بلون قانٍ قاتم.

رائحة المعدن والدماء ثقيلة… خانقة.

كان شي تشينغ مستيقظًا بالكامل.

غرائزه خمدت،

وكل ما يراه أمامه… جحيم.

قلبه ينقبض،

وجهه شاحب حتى العظم.

ثم… جاء مضيفه.

عبر فوق الجثث،

داس الدم الكثيف،

خَطا كما كان يفعل دائمًا،

بثقة ملك،

كإلهٍ يبتسم وسط الخراب…

واتجه نحوه.

رفع شي تشينغ رأسه،

وتطلع إليه دون أن يرمش.

لم تكن هناك نقطة دم واحدة على ملابس تشين مو.

كان نظيفًا تمامًا، جميلًا للغاية.

زيه العسكري الأبيض يُغطي جسده المتين،

ووجهه البديع كان متنافرًا مع هذا الجحيم،

ومع ذلك… كان يغوص فيه حتى الركبتين.

لم يكن يرى أحدًا…

سوى شي تشينغ.

وعلى وجهه… ابتسامة لطيفة.

مد يده، واحتضنه.

دفء جسده، ملمسه الناعم،

رائحته المهدئة،

كلها تسللت إلى شي تشينغ كدواء مسكن،

أراح روحه أخيرًا.

ثم، مال تشين مو قليلًا،

رأى عنقه الرقيق،

جلده الناصع، الرقيق، الشفاف،

وكأنه يرى الدم يجري تحته مباشرة…

كان مغريًا للغاية…

يكاد يعضّه…

لكن لا يستطيع.

ابتسم تشين مو،

وأسقط قبلة خفيفة على شفتيه،

ثم مرّر لسانه بلطف عليهما.

“أنا هنا، شياو تشينغ… لا تخف.”

— لن يستطيع أحد أن يأخذك مني.

— أنت… ملكٌ لي وحدي.

هل وجدت خطأ؟ قم بالإبلاغ الآن
التعليقات

التعليقات [0]