صُدم لي شيا من أفكاره.
صحيح أن أبناء عائلة يي أهانوه، وأن يي تشينغ سخر منه علنًا، إلا أنهم في الحقيقة لم يلحقوا به أي ضرر فعلي.
كل ما في الأمر أنهم جرحوا كبرياءه.
لكن… أن يُدمّر شي تشينغ انتقامًا لذلك؟
هذا كثير.
فهما أوميغا، وهو يعرف تمامًا كم هو الوضع قاسٍ عليهما في هذا المجتمع.
المجتمع أصلًا غير منصف تجاههم، وإن بدأ الأوميغا بإيذاء بعضهم البعض، فستزداد الأمور سوءًا فقط.
هزّ لي شيا رأسه، وفي النهاية، طرد تلك الفكرة المظلمة من ذهنه.
انسَ الأمر. الانتقام سيأتي لاحقًا، ستسنح الفرصة مجددًا.
فـ يي تشينغ سيتم وسمه على أية حال، وسيكون كافيًا أن يُحرجه يوم زفافه.
وبعد أن حسم أمره، همّ بالمغادرة وهو ينفخ من الضيق.
لكن فجأة، وبشكل غير متوقع، ورغم أنه هو من تراجع عن فكرة فتح الجدار، فإن الجدار بدأ ينكسر من الداخل!
سوه يي كان على وشك أن يُسحق حتى الموت!
لم يرَ في حياته أوميغا مرعبًا إلى هذا الحد!
كان شي تشينغ بعينين حمراوين، ووجه مغطى بالحمى.
ذلك الطفل الرقيق المفترض تحوّل في لحظة إلى وحش رشيق!
سوه يي لم يتمالك نفسه:
الجميلات مسمومات… والعطور القاتلة… أما أنا فسلامٌ على روحي!
مهما كانت تلك الرائحة فاتنة ومغرية، فإن أنفه قد تحطم ولم يعد يشم شيئًا!
ومع فقدان حاسة الشم، عاد إليه وعيه كألفا،
لكن حتى وهو في كامل وعيه، لم يتمكن من مواجهة أوميغا في فترة دوره.
هل للحياة معنى بعد الآن؟ هذا محرج بدرجة لا تُحتمل!
عندها، فقط أدرك المعنى الحقيقي لعبارة:
“لا طعام مجاني في هذا العالم.”
قطعة حلوى تسقط من السماء؟ هراء!
الشيء الوحيد الذي يسقط من السماء هو الكارثة!
أنا على وشك أن أُركل حتى أفقد القدرة على الوقوف!
وهو يحتضن كنزه الثمين، تدحرج سوه يي على الأرض بوجه متورم، يصرخ مستجديًا الرحمة:
“سيدي! مولاي! أرجوك، دعني أرحل! حتى لو لم تقتلني، فلن أجرؤ على لمسك بعد الآن!”
لكن… من يدري إن كان هذا الأوميغا قد فهم توسلاته،
أو ربما فقط رأى أن هذا الحثالة على الأرض لم يعد تهديدًا.
على أية حال، توقف عن ضرب سوه يي.
وبدلاً من ذلك، بدأ يمشي حول الغرفة وكأنه يبحث عن الباب.
كان سوه يي يشعر بالمرارة.
هذه الغرفة اللعينة مصممة خصيصًا ولا تحتوي على باب أصلًا.
المخرج الوحيد هو الجدار،
ولديه مؤقت، لا يمكن فتحه قبل انقضاء الوقت أو إتمام الوسم.
لو كان يستطيع فتحه، لفرّ منذ زمن!
لكنه الآن… عليه أن يتحمّل هذا المصير البائس!
استدار الأوميغا العنيف عدة مرات، ولم يجد بابًا بالفعل.
ثم رفع عينيه الكبيرتين المبللتين، ونظر إلى سوه يي، وسأله بصوت دافئ ومغوٍ:
“كيف أخرج من هنا؟”
كان لصوته نغمة تجعل القلب يرتعش، حتى أن سوه يي شعر بالارتباك مجددًا.
لكن ما إن تذكّر رفيقه الباكي هناك في الأسفل،
حتى تبدّد أي شعور فاسد داخله،
وأجاب بسرعة:
“يوجد مؤقت… ثماني ساعات. لا يمكننا الخروج الآن.”
حدّقه الأوميغا بنظرة حادة، وبدأ في الدوران غاضبًا حول الغرفة.
ثماني ساعات! لم يعد يحتمل!
الحرارة كانت تفتك به، لا تُحتمل!
ثم استدار شي تشينغ إلى الجدار الأبيض البارد.
ذلك الجدار اللعين كان يحتجزه…
يمنعه من رؤية تشين مو!
تبا لك! لن يمنعني شيء!
أطلق زفرة حانقة، ثم صفع الجدار بقبضته بكل قوته.
سوه يي من الداخل: ( ⊙o⊙ )
لي شيا من الخارج: ( ⊙o⊙ )
الأطفال الصغار: “ماما! هناك مجنون هنا! إنه مخيف!”
ذلك الجدار الصلب، الذي قيل إنه مقاوم للرصاص، تحول إلى ركام تحت قبضة الأوميغا الغاضب.
ثم خرج ذلك الأوميغا، الذي تفوح منه رائحة فاتنة حتى الجنون،
يمشي بتفاخر إلى الخارج، حيث تنتظره مجموعة من الألفا الجائعين الباحثين عن شركاء.
سوه يي تجمّد في مكانه، ثم زحف بصمت واختبأ في ركن معتم يعالج فيه ' جروحه النفسية '.
حتى لي شيا نفسه صُعق.
ثم صرخ بغضب:
“لماذا خرجت؟! هل تريد أن يغتصبك الجميع حتى الموت؟!”
تبا… لقد فكّرت في ذلك فعلًا، لكن… لكن ليس هكذا!
كان صوته عاليًا بما يكفي ليسمعه شي تشينغ.
استدار الأخر، حدّق فيه، ثم أمال رأسه وكأنه يحاول تمييزه.
تلك النظرة هزّت كيان لي شيا.
وبينما كان يصرخ ويشتم، كان عقله يعمل بسرعة لإيجاد حل.
لكن الأوميغا لم يفعل شيئًا سوى التحديق فيه، ثم تمتم بنعومة:
“ليس تشين مو.”
كان صوته مثل خطاف، يشد الأرواح.
حتى لي شيا، وهو أوميغا أيضًا، شعر بالإغراء!
كان الأمر مبالغًا فيه!
لحسن الحظ، استطاع أن يتمالك نفسه، فاستخرج رقم يي مو الذي خزّنه سابقًا،
واتصل على الفور.
يجب أن يأتي أحد من عائلة يي بسرعة!
هذا الشيطان يجب أن يُسحب الآن!
لكن، في تلك اللحظة الحرجة، كان جهاز يي مو خارج التغطية.
اللعنة! أحقًا الآن؟!
في هذه الأثناء، كانت عائلة يي تتلقى قنبلة تلو الأخرى، وكلهم في حالة ذهول.
منذ أن أرسلوا يي تشينغ إلى الجمعية،
ظل البطريرك العجوز في البيت في حالة توتر،
لم يجرؤ على إخبار أحد بما فعله، ووكل المهمة بالكامل إلى يي تشين.
عاد يي تشين إلى قصر عائلة يي بعد أن أوصل يي تشينغ،
وهو لا يزال قلقًا على شقيقه الثالث، يتساءل إن كان قد أصبح مشلولًا،
وكان ينوي فقط جلب دواء يعادل المفعول.
لكنه، ما إن وصل، صادف شياو يون يون.
لم يكن بإمكان شي يون دخول قصر يي بدون دعوة،
لكنه كان مضطرًا للبقاء في محيطه، لأن لديه أمرًا هامًا.
وما إن رأى يي تشين، حتى أضاءت عيناه.
شعر يي تشين بارتباك كبير.
هل من الممكن أن شياو يون يون قد بدأ يشعر بصدق مشاعري؟
هل سأحظى أخيرًا بجزء من قلبه؟
كدت دموعه تنهمر من التأثر، وأسرع نحوه مثل كلب صغير يهز ذيله، وسأله بلطف:
“هل انتظرتني طويلًا؟”
لكن عقل شي يون كان مشغولًا، فلم يفهم مقصد السؤال.
أول ما خرج من فمه كان:
“يي…أين يي تشينغ؟”
بمجرّد سماع اسم شقيقه، سقط قلب يي تشين من السماء إلى الأرض.
تذكّر كيف نظر شي يون إلى يي تشينغ آخر مرة، وتلك النظرات العميقة في عينيه…
أشعر وكأنني أغرق في بحر من الغيرة!
اختفت ابتسامته التي كانت دائمًا على وجهه.
حتى نبرة صوته أصبحت متوترة وباردة على غير عادته:
“لماذا تسأل عنه؟”
كان شي يون يعرف يي تشين منذ زمن طويل.
قاتلا معًا، وسندا بعضهما البعض.
لولا ملاحقة يي تشين الجنونية له مؤخرًا، لما تصرّف بوقاحة.
كان يعرف طبعه جيدًا، رغم كونه من عائلة قوية، كان سلوكه أقرب إلى شوارع الحي.
لكن حين رأى تلك النظرة الباردة في عينيه، شعر بعدم ارتياح.
هل يمكن أن يكون قد ملّ مني؟ هل عاد إلى صوابه أخيرًا؟
لكن سرعان ما طرد الفكرة من رأسه.
الوقت لا يسمح بهذه الأفكار الآن!
تجاهل موقفه البارد، وأصرّ:
“أنا بحاجة لرؤيته!”
أجابه يي تشين فورًا:
“لا!”
ضيّق شي يون عينيه:
“أنا بحاجة لرؤيته، وهذا لا يخصك!”
اشتعل غضب يي تشين.
حتى لو كنا ألفا، ألا تعني لك تلك السنوات شيئًا؟!
ضحّيت بالعالم لأجلك، أحببتك كالمجنون، ولم ترني حتى كإنسان…!
لطالما كان يي تشين واثقًا من نفسه،
لكن قلبه أصبح باردًا حين رأى الطريقة التي كان شي يون ينظر بها الآن إلى يي تشينغ.
هل يُعقل أن يتغيّر؟
كل ألفا ينجذب إلى الأوميغا، هذه غريزة.
فعل لأجله الكثير، واجه معه صعوبات لا تُحصى،
تشاركا لحظات الفرح والحزن،
لكن الغريزة لا تُكسر.
شي يون، لم يرَ يي تشينغ سوى مرة واحدة، شمّ رائحته لمرة واحدة فقط،
ومع ذلك… فاق كل شيء.
خفض يي تشين بصره، وأخفى المشاعر في عينيه.
قال بجفاء:
“انسَ الأمر يا شي يون.
لقد فات الأوان.
يي تشينغ الآن في الجمعية، وسيتم وسمه الليلة.”
وكأن صاعقة ضربت دماغه.
اتسعت عيناه، وأمسك بياقة يي تشين بقوة:
“ماذا قلت؟!”
رأى يي تشين نظراته المجنونة، فأعاد كلماته ببرود.
“ياأيها الوغد اللقيط!”
صرخ شي يون، وسدد له لكمة على وجهه!
ورغم أن وجه يي تشين تلقّى الضربة، إلا أنه لم يستطع أن يرفع يده عليه،
لكن الغضب أفسد عقله،
أمسك ذراع شي يون بقوة وصاح:
“هذه مشكلة عائلتي! يي تشينغ أخي، لا علاقة لك بالأمر!”
فردّ شي يون بذراعه الأخرى، ولكمه على الجانب الآخر من وجهه.
قمع غضبه بصعوبة، وهتف:
“أخيك؟ تبًا لك! إنه أخي!
إنه أخي أنا، شي يون، أخي الحقيقي!”
“ماذا؟”
كان وجه يي تشين مكدومًا، لكن تعبيره الآن كان أكثر غرابة من أي كدمة.
“ماذا قلت؟”
“إنه أخي الصغير،
الذي خرج من نفس الرحم،
والذي افترقنا عنه منذ كنا أطفالًا!”
كان يي تشين مذهولًا.
كيف… كيف يكون ذلك ممكنًا؟!
وفي تلك اللحظة، صدح صوت العجوز:
“كفاكما! ادخلا الآن.”
رفعا رأسيهما، ليجدا بطريرك عائلة يي واقفًا، وجهه ممتقع بالصرامة.
وبعد أن دخلا الغرفة، بدأ شي يون يروي كل شيء يعرفه بهدوء.
كانت المأساة من بدايتها متجذّرة في اسم: أوميغا.
شريك بطريرك عائلة يي القديم، اسمه سو ران،
كان أوميغا عاديًا من عائلة عادية،
هرب منذ صغره من قبضة جمعية الأوميغا،
وعاش متخفيًا كبيتا.
وقد استطاع إخفاء هويته بفضل شي يوان — والد شي يون.
كان شي يوان أوميغا كذلك،
لكنه كان عبقريًا في الصيدلة،
وقد اخترع أنواعًا مختلفة من المثبطات،
نسخة معززة تخفي رائحة الأوميغا تمامًا دون ضرر يُذكر.
ما كان يُعدّ نعمة عظيمة للأوميغا،
رآه أصحاب السلطة كارثة.
فالأوميغا أصلًا نادرون،
فإذا صار بإمكانهم إخفاء هويتهم، فكيف سيجد الألفا شركاء؟
وأين تذهب الدماء النقية؟
بل، سيعود المجتمع إلى الوراء!
وتوالت حملات الملاحقة،
وصار شي يوان هدفًا.
لكن شي يوان كان ذكيًا،
وقد ساعد الكثير من الأوميغا،
وكان هناك ألفا قوي يدعمه من الخلف.
لم يكشف الحقيقة، لكنه قدم له كل الدعم.
كان ذلك الألفا نصيرًا لقضية الأوميغا،
ومدافعًا عن الزواج الأحادي،
رافعًا لواء القانون ليحمي الأضعف.
لكن فكرته كانت تصطدم بالواقع،
وقُتل وهو يحاول إنقاذ شي يوان.
عندها، فقد شي يوان الأمل،
وبالكاد أنجب طفلين، لكن صحته انهارت تمامًا.
فأوكل مصير الطفلين إلى شخصين مختلفين:
شي يون ذهب مع زوجين من البيتا،
أما يي تشينغ، فتبنّاه سو ران.
كان سو ران مدينًا له،
فبفضله استطاع أن يعيش عشرين عامًا بسلام.
ثم جمعته الأقدار بـ يي شوان.
وكان يي شوان وقتها منشغلًا بمهمات خارجية،
وقبل رحيله، حمل منه سو ران طفلًا،
لكنه أجهضه بعد شهر،
ولم يستغرب ذلك،
فقد كانت خصوبة الأوميغا ضعيفة،
وبعد إنجاب أربعة أطفال، صارت فرص الحمل شبه معدومة.
ثم، حمل الخامس مفاجئًا،
لكن الحمل كان صعبًا، وقضى شهرًا في السرير،
ثم فقد الجنين.
كان ذلك محزنًا، لكنه كان مستعدًا نفسيًا.
في تلك الفترة، علم بأمر شي يوان.
وحين رأى حاله، أدرك أن شي يوان لم يعُد يريد الحياة.
لكن لا بد لأحد أن يربي الطفل.
فأخفى الأمر عن يي شوان،
وانتظر عشرة أشهر، ثم تبنّى يي تشينغ وربّاه كابنه.
لكن عائلة يي كانت تملك أصلًا طفلًا أوميغا.
وكان سو ران يعرف أن حتى يي شوان لن يستطيع إبقاء أوميغا إضافي في المنزل.
لكنه امتلك الأدوية التي صنعها شي يوان،
وقرر إخفاء هوية يي تشينغ من البداية،
وظل السر مخفيًا لأكثر من عقد.
كانت نية سو ران بسيطة:
أن يربي الطفل كابنه،
فأخفى الحقيقة حتى وفاته، ولم يخبر يي شوان قط.
وكان يي تشينغ ينظر إليه كبيتا غير مرغوب فيه.
وخاف أنه إن قال الحقيقة ليي شوان،
سيُهمَل، فقرّر أن يحتفظ بالسر للأبد.
لكن في ذلك الوقت، كتب رسالة بخط يده،
وأوصى بها والدي شي يون بالتبنّي.
لو أراد شي يون يومًا أن يبحث عن أخيه،
فسيجده عبر تلك الرسالة.
والأهم… أن شي يون ويي تشينغ توأمان.
حتى بدون الرسالة، يكفي النظر إليهما!
سلّم شي يون الرسالة إلى يي شوان،
وفي الوقت ذاته، نزع القناع الرقيق عن وجهه.
وفجأة، تحوّل شكله العادي إلى جمال مبهر.
رغم اختلاف الهالة والسلوك،
كانت ملامحه نسخة عن يي تشينغ!
أنهى البطريرك قراءة رسالة شريكه الراحل،
وكيف له أن لا يصدّق؟
وشكل شي يون الحالي لا يترك مجالًا للشك.
ثم فكّر بمكان وجود يي تشينغ الآن…
وشعر وكأن صخرة هبطت على رأسه.
إن لم يكن ابنه، فلا توجد رابطة دم بينه وبين تشين مو!
وإن لم يكونا شقيقين… فليس هناك سفاح!
ولن تكون مأساة!
إذًا… هل كان هناك داعٍ لأن يتم وسمه بهذه العجلة؟!
يا ألهي… ماذا فعلت؟!
أسرع البطريرك ليتصل بجمعية الأوميغا.
وما إن تم الاتصال، حتى صرخ بأعلى صوته:
“افتحوا الجدار! أوقفوهما فورًا! بسرعة، أوقفوهما الآن!”
لكن ما وصله من الطرف الآخر جمّده مكانه.
وفي تلك اللحظة…
فُتح الباب.
وقف رجل بهالة قاتمة، يقف والنور خلفه،
وصوته كالثلج:
“أين هو؟”