🦋

 كانت القائمة التي طُلبت قديمًا من يي شين لاختيار ألفا من بينها هي نفسها التي عاد البطريرك العجوز يي إليها الآن.

لقد بذل البطريرك وقتًا وجهدًا كبيرًا في اختيار مجموعة من الألفا العُزّاب ذوي الأعمار المناسبة، من أبناء العائلات التي تجمعه بها علاقات طيبة، بهدف إيجاد شريك ملائم لابنه.

وكان قد اختار قوه يان تحديدًا بسبب صداقته القديمة مع كبير عائلة قوه. 

وبما أن قوه يان هو الأصغر في عائلته، فقد ظن أن طباعه ستتلاءم مع يي شين.

لكن من كان يتوقع أن يحدث ما حدث في قضية يي شين…

لحسن الحظ، أن الأمر بقي محصورًا بينهما في حادثة خاصة، ولم يتضخم إلى فضيحة يعرفها الجميع.

وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، جاء يي شين أيضًا ليتحدث مع البطريرك.

كان البطريرك يشتعل غضبًا لمجرد رؤيته، لكن الأوميغا بطبيعتهم أجسامهم ضعيفة، وشريك حياته السابق كان يحب هذا الطفل حبًا خاصًا، حتى أنه أمسك بيده في لحظة رحيله وأوصاه قائلاً:

ابحث له عن شريك مناسب.

لهذا، حتى البطريرك نفسه لم يكن يشعر بالراحة وهو يرى ابنه يأتي الآن متواضعًا، منكس الرأس، طالبًا العذر.

وكان عناد يي شين طوال هذه الفترة نابعًا من شعوره بأن حياته انتهت.

لين سو لم يرده، ولم يكن قادرًا على تقبّل أي أحد آخر.

إن لم يتزوّج، سيصبح وصمة في تاريخ العائلة.

لقد أخطأ والده في حبسه بالمنزل وعدم إرساله إلى جمعية الأوميغا منذ البداية.

وإن لم يتزوّج الآن، لن تتركه الجمعية وشأنه، وربما يصبح الأمر أكثر سوءًا لاحقًا.

لكن… يي تشينغ أخرجه من هذا النفق المظلم.

أعاده إلى الأمل، فصار أكثر هدوءًا ونضجًا.

والآن، استطاع أن يجلس ويتحدث بعقلانية.

كان حديثه منظّمًا، مليئًا بالحجج، وكان واقعيًا.

فالمجتمع لم يكن يومًا منصفًا للأوميغا.

بدأ يي شين بسرد كل ما مرّ به نقطة نقطة، والبطريرك استمع له بتمعّن.

إن كان يي شين حقًا لا يستطيع نسيان لين سو، فلن يكون من الحكمة تزويجه قسرًا.

الأوميغا ليس كبيتا.

إن تمّ وُسمه، فلن يعود حرًّا أبدًا.

تنهد البطريرك العجوز تنهيدة طويلة.

فأسرع يي شين وجلب له كوب ماء وقال بخضوع:

“ابنك كان عاقًا. جرفته مشاعره، وخرج من المنزل دون اعتبار لأي شيء، وأغضبك… كل هذا كان خطئي.”

تنهد العجوز مجددًا ولوّح بيده:

“اذهب. أحتاج إلى الراحة.”

ورغم أنه لم يعده بشيء، إلا أنه بدأ يضع في الحسبان كلماته.

ورغم أن البطريرك كان لا يزال قلقًا من مكانة لين سو الاجتماعية، فإن أكثر ما كان يزعجه هو فرق السن بينهما.

ثلاثون سنة! آه!

لكن لا شيء من هذا كان أكثر صدمة مما جرى مع يي تشينغ.

كان عاجزًا عن الفهم…

لماذا يكون يي تشينغ أوميغا؟ هل كان شريكه السابق يخفي عنه شيئًا طوال الوقت؟

لكنه عاد وفكّر: لم يكن من المعتاد أن يُولد بيتا في عائلة يي، وقد كان يشك في ذلك منذ ولادته.

لكن… لماذا أخفى شريكه الحقيقة عنه؟ 

حتى في لحظاته الأخيرة، لم يبح له بشيء!

كان الأمر لغزًا، لكن لا جدوى الآن من التفكير فيه.

لقد تأكّد. 

يي تشينغ أوميغا. 

هذه حقيقة لا شك فيها.

يي مو… ويي تشينغ…

مجرد التفكير بهما جعل العرق يتصبب من ظهره.

لا يمكن التأخير أكثر! يجب إيجاد شخص مناسب فورًا، وتزويج يي تشينغ بأسرع وقت!

يي تشينغ مختلف عن يي شين، ولا مجال للخطأ معه.

يجب إنهاء الأمر قبل أن يستيقظا.

لقد هدأ الغبار، وإن حدث شيء، فلن يكون كارثيًا.

نظر البطريرك في الأسماء الموجودة في القائمة.

فقال يي شين، منزعجًا:

“أنت… أنت تنوي؟”

“نعم. وسمه أولاً، ثم تزوج لاحقًا.”

اتّسعت عينا يي شين في صدمة:

“أليس هذا… تسرّعًا كبيرًا؟!”

صحيح أن 80٪ من الناس يتزوّجون بعد الوسم، لكن العائلات المرموقة تكون دقيقة للغاية.

كيف يمكن المجازفة بطفل تمّت تربيته بكل هذا الجهد؟!

صاح البطريرك غاضبًا:

“اصمت!”

يي شين خفض رأسه دون تعليق.

كان لدى البطريرك خمسة أبناء. 

ورغم أن يي تشينغ كان الأصغر وُينظر إليه كبيتا، 

إلا أنه لا يزال من لحمه ودمه.

لولا خطورة الموقف، لما تصرف بهذه الطريقة.

هو نفسه ألفا، ويعرف جيدًا كيف يفكر الألفا…

حين يتذوق ألفا الأوميغا، يصعب عليه التراجع.

لا حاجة لذكر الأفكار التي راودت يي مو تجاه يي تشينغ مسبقًا، وما حدث اليوم يؤكد أن الأمر تجاوز الحدود.

بدلًا من ترك الأمور تتفاقم، الأفضل حسمها بسرعة!

ما إن يُوسم يي تشينغ، لن يستطيع يي مو التفكير به مرة أخرى.

وسيعودان مجرد أخوين.

أما يي تشينغ… فقد تنهد العجوز بعمق.

لن يُعامله معاملة سيئة، أبدًا.

اختار من القائمة شابًا من خلفية أضعف اجتماعيًا، لكنه صاحب خلق.

ورأى أنه بوجود دعم عائلة يي، لن يعيش يي تشينغ في ضيق أبدًا، حتى لو انتقل للعيش مع الطرف الآخر مستقبلاً.

ورغم أنه سيوسِمه قبل الزواج، لن يكون الأمر عشوائيًا.

تواصل البطريرك مع جمعية الأوميغا وطلب توثيق الأمر رسميًا.

كانت هناك غرف خاصة في الجمعية مجهّزة بعزلٍ تام للفيرومونات، لن تُثير أي فوضى إضافية.

اسم الألفا الذي وقع عليه الاختيار كان سوه يي.

وكان في يوم راحته، فحين علم أن أوميغا سيسقط عليه من السماء، غمره الفرح.

الأمر يحدث بسرعة؟ لا بأس! كلما أسرع، كان أفضل!

والطرف الآخر؟

الابن الأصغر لعائلة يي، أوميغا جميل ذو خلفية قوية.

كأن حظًا عظيمًا نزل عليه من السماء.

أيام السعادة بدأت!

وبهذه البساطة… نُقل يي تشينغ وهو لا يزال غائبًا عن الوعي إلى جمعية الأوميغا.

مفعول المهدئ لن يزول قبل المساء.

الوقت كان مثاليًا، ولا يوجد وقت أنسب للوسم من الليل.

ورغم أنه تناول المثبطات، فذلك لا يهم.

فهناك أدوات خاصة لكسر مفعولها، وأدوية تحفّز الدخول في الدوره.

كل شيء كان جاهزًا…

فقط بانتظار أن يستيقظ ذلك الأوميغا الجميل.

وحين استيقظ يي تشينغ، كان ذهنه خاليًا تمامًا.

شعر وكأنه كان في حلم…

حلمٌ انتقل فيه إلى عالم غريب، ووقع في حب أخيه الأكبر.

وفور أن تذكّر كلمة أخ، خطر بباله شي يوي – شقيقه البيولوجي في حياته السابقة.

وتلبّكه الشعور…

من قد يقع في حب أخيه؟ هذا فظيع… فظيع للغاية!

وفجأة…

استفاق من هذا الحلم الصادم.

بعد أن استيقظ، كان لا يزال يشعر بالضياع قليلاً.

ما وقع عليه بصره أولًا كان جدارًا أبيض.

آه… إذاً كان حقًا حلمًا. لا يزال في المستشفى.

حاول النهوض بصعوبة، وعندما التفت، رأى رجلاً غريبًا جالسًا إلى جانبه.

وما إن رآه يفيق، حتى ابتسم له ابتسامة لطيفة وقال:

“استفقت؟ اسمي سوه يي.”

شي تشينغ كان مشوشًا تمامًا.

من هذا؟ سوه يي؟ لم يسمع بهذا الاسم من قبل.

جلس معتدلاً على السرير، وظلّ متحيرًا لفترة، قبل أن يعود إليه وعيه فجأة.

هذا المكان… هذا ليس مستشفى!

صحيح أن الجدران كانت بيضاء، لكن الغرفة مزخرفة بطريقة فاخرة أكثر من اللازم.

خصوصًا السرير الذي كان مستلقيًا عليه. الستائر الذهبية، الشراشف…

لا شيء من هذا ينتمي لمستشفى!

تجمّعت الذكريات المبعثرة فجأة، واصطفت أمامه.

لم يكن حلمًا! اللعنة، لقد كان حقيقيًا!

كان يعانق ويقبّل شقيق يي تشينغ البيولوجي!

في تلك اللحظة فقط، استعاد شي تشينغ وعيه بالكامل، لكنه لم يكن قادرًا بعد على فهم ما الذي يحدث.

وسرعان ما لم يعد هناك حاجة للتفكير أصلًا.

شعور لا يُطاق من الحرارة اشتعل فجأة في داخله.

أطراف أصابعه باتت مشتعلة، وتلك الحرارة وكأنها تمتلك حياة خاصة بها، تتسلل عبر أطرافه، وتهاجم عموده الفقري، حتى ارتجف جسده وصعقت الكهرباء أسفل بطنه.

وكأن أمعاءه تحترق من الداخل!

رغم الحرارة العنيفة، شعر جسده وكأنه يُفرغ تدريجيًا.

قوة ناعمة استولت عليه، جعلته يسقط بلا حول ولا قوة إلى حافة السرير.

رغم قلة خبرته، أدرك شي تشينغ بوضوح ما الذي يحدث.

إنه يدخل في الدوره. في هذا المكان الغريب!

تبا لهذا الجسد! تبا لهذه الدوره اللعينة!

لم يعد قادرًا على التحكّم بنفسه، وكأنه قد جُنّ تمامًا.

تبا لهذا العالم!

وفي تلك اللحظة، نهض سوه يي الذي كان لطيفًا ومحترمًا طوال الوقت فجأة.

ارتعش جسده بالكامل من الانجذاب بينما كان يشمّ تلك الرائحة الفواحة في الهواء بانبهار.

كان يشعر بانزعاج خفيف سابقًا، لأن جسد الأوميغا كان مشبعًا برائحة ألفا آخر.

لكنه الآن… لم يعد يهتم بأي شيء.

تلك الرائحة كانت فاتنة بشكل لا يُحتمل!

مجرد نفحة واحدة منها جعلت قلبه يرتجف ويتوهج.

شهوته كانت تنفجر من داخله.

جمال لا يُصدّق! هذا الأوميغا فاتن بشكل يفوق الخيال!

كاد سوه يي أن يترنّح وهو يقترب من يي تشينغ.

أراد أن يلمسه. يستطيع أن يمتلكه.

يا إلهي… بإمكانه أن يمتلكه بالكامل!

هذه اللحظة كانت الأروع في حياته كلها!

وملأته النشوة، فمدّ يده المرتجفة وهمس:

“يي تشينغ، دعني أساعدك… أنت بحاجة إلي.”

لكن، قبل أن تلامس يده جسده، انكُسرت بقوة عنيفة.

صرخ سوه يي من شدّة الألم.

وعندما رفع رأسه، رأى الأوميغا ذو الوجه المحمّر، لكن عينيه كانتا باردتين كالصقيع.

“اخرج!”

الرغبة، الدم، القتال…

كلها عناصر تحفّز أعصاب الألفا.

وإن كان سوه يي قد فكّر في التمهّل، فإن مقاومة شي تشينغ فجّرت داخله رغبة التحدي.

تقدّم مجددًا، مستعدًا هذه المرة.

يبدو أن هذا الأوميغا يعرف كيف يقاتل… لكن ماذا في ذلك؟ الأوميغا ضعفاء بطبيعتهم، وهو أيضًا في حالة دوره. مهما كان قويًا، ليس إلا قطًا صغيرًا يصرخ! يمكنني السيطرة عليه بسهولة.

لكن… كانت عاقبة استهانته بشي تشينغ أن ذراعه الأخرى قد كُسرت أيضًا.

رغم ذلك، كان شي تشينغ يعرف جيدًا أن جسده بدأ يضعف، ولم يعد قادرًا على الاستمرار.

بدأ يشعر بالدوار، والوجه الذي أمامه بات يتغيّر.

الرجل الذي يراه ليس هذا الغريب…

بل كان وجهًا آخر…

وجهٌ بشعر أسود طويل، وعيون داكنة كسواد الليل، وتعبير بارد، وملامح فائقة الرقة.

كان يمسك يده بإحكام، يمرر أصابعه على عنقه، ويقبّله بقوة…

تشين مو! تشين مو!

يا إلهي… أريده! أريده حقًا!

لا! توقف! هذا ليس تشين مو، لا يمكن… لا يمكن!

هذا شخص آخر! لا يجوز! مستحيل!

حاول قمع تلك الصور، تلك الرغبات.

ومع كل ما تبقى له من قوة، وجه لكمة قوية نحو صدغ سوه يي.

عليه أن يسقط هذا الألفا بأي ثمن!

في مكان آخر…

كان لي شيا موجودًا أيضًا في مقر جمعية الأوميغا.

لقد خضع لمقابلة زواج يوم أمس، وبغضّ النظر عن النتيجة، كان عليه أن يقدّم تقريرًا اليوم.

لم يكن محظوظًا مثل يي شين.

فهو ترعرع داخل الجمعية منذ صغره، لذلك كان مُلزَمًا بالتقارير بعد كل لقاء.

ثم سمع أن يي تشينغ قد تم نقله إلى هنا أيضًا.

تجمّد لي شيا للحظة، لكنه أدرك الحقيقة على الفور.

شي تشينغ سيتم وسمه؟

لم يكن الأمر صعبًا للتخمين.

فقد رأى بأمّ عينه ما جرى يوم أمس.

ولمنع سفاح القربى، فإن أسرع وأسهل حل هو وسم الأوميغا فورًا.

قهقه لي شيا بسخرية.

يالها من حظوظ! كل أبناء عائلة يي، واحد تلو الآخر، ينعمون بالحظ وكأن السماء تُمطر عليهم ذهبًا!

رغم غرورهم ووقاحتهم، وظلمهم أحيانًا، إلا أن آباءهم لا يزالون يعتنون بهم. 

الأمور دائمًا تنتهي لصالحهم.

أما هو…؟

كل ما أراده هو ألفا يناسبه، ومع ذلك، انتهى به الأمر مَهانًا، مكسورًا.

لم يكن سعيدًا.

وأثناء سيره في أحد ممرات الجمعية، خطرت له فكرة…

لماذا أسمح لهم أن يفوزوا؟

ماذا لو فتح الجدار؟

مع فيرومونات شي تشينغ القوية… سيفقد جميع الألفا الموجودين هنا عقولهم!

هل وجدت خطأ؟ قم بالإبلاغ الآن
التعليقات

التعليقات [0]