🦋

 شعر سونغ لين تشو بالإحباط حين سمع أن الشرطة لا تستطيع تسجيل القضية. 

غير أن إحباطه لم يدم طويلًا، فما إن سمع تان يوي يسأله: “كيف تريد أن تحلّ الأمر؟” 

حتى كاد يعضّ لسانه من الدهشة، وقد قفزت حالته المعنوية فجأة.

“اللعنة، هل هذه هي حياة أصحاب النفوذ؟ 

حتى الخلافات يمكن حلّها بطرق خاصة؟!”

لم يتمالك نفسه فسأل متردّدًا:

“هل يمكنني حلّ الأمر… بأي طريقة؟”

ألقى تان يوي عليه نظرة هادئة وقال ببرود:

“القتل مستبعد.”

”… لن يصل الأمر إلى ذلك الحد.” فكّر سونغ لين تشو في نفسه.

وبينما راح يراجع في ذهنه سيناريوهات الروايات التي قرأها، غرق في التفكير. 

لطالما كان شابًا مطيعًا لا يحب المشاكل. 

ولو أن يوان روي دونغ اكتفى بسكب الكحول عليه وإلقائه في الـKTV، لربما تغاضى عن الأمر.

لكن عندما استعاد تفاصيل الليلة الماضية…

لولا أنه رتب لقاءه مع تان يوي مسبقًا وطلب منه أن يتصل به…

لولا أن تان يوي يتمتع بذلك الحدس الحاد…

لولا شبكة اتصالاته الخارقة التي جعلت من الممكن تحديد مكانه في لحظات…

لولا كل هذا…

لربما كان قد…

لم يجرؤ حتى على إكمال الفكرة. 

جسده اقشعرّ بمجرد أن فكّر في الاحتمال.

ورغم كل ذلك، وبعد تفكير طويل، لم يتمكن من الخروج بحلّ فعّال، فسأل بتردد:

“ماذا لو… ضربناه ضربًا مبرّحًا؟”

رد تان يوي على الفور:

“هذا لا يكفي.”

أُصيب سونغ لين تشو بالحرج…

لا يوجد حل أعنف من ذلك في مخيلته.

حكّ رأسه وقال بصوت منخفض:

“لا أستطيع التفكير بشيء آخر…”

لم يظهر على وجه تان يوي أي استغراب من جوابه، فسأله ببساطة:

“هل تريدني أن أتكفل بالأمر إذًا؟”

“آه؟”

“سألقّنه درسًا… على طريقتي.”

في تلك اللحظة، تلألأت عينا سونغ لين تشو ببريق غريب.

طريقة تان يوي… لا يمكن أن تكون بسيطة.

على أي حال، هو قال بنفسه إن القتل مستبعد. ويوان روي دونغ لا يستحق الموت، لكن لا بد من عقوبة صارمة، وإلا سيقع ضحايا آخرون.

فأومأ سونغ لين تشو برأسه دون تردد:

“حسنًا.”

عندها، توقّف تان يوي للحظة، ثم أضاف بنبرة نادرة امتزج فيها الحزم ببعض اللين:

“ارتَح جيدًا.”

رآه يشير إلى تشينغ بين ليأخذه عائدًا، فلم يتمالك نفسه وقال على عجل:

“كيف تنوي أن تحلّها؟”

ربما كانت فضولية سونغ لين تشو طاغية، فمال تان يوي إليه قليلًا وقال بصوت منخفض:

“سأدعك ترى بنفسك في الوقت المناسب.”

هل يعني ذلك أنه سيشاهده وهو يُعاقب؟ مباشرة؟!

كم هو مثير هذا العالم!

وبعد مغادرة تان يوي، تذكّر سونغ لين تشو أنه اليوم الإثنين، ولديه محاضرات، كما أنه لم يعد إلى المنزل طوال الليلة الماضية. 

لا بد أن لي تشانغ قد أصبح قلقًا للغاية.

بحث بعينيه عن هاتفه، فوجده على الطاولة بجانب السرير، فأخذه بسرعة وبدأ يراجع سجل المكالمات.

لي تشانغ اتصل به في الساعة الحادية عشرة مساءً، لكنها لم تكن مكالمة فائتة، بل استمرت أكثر من دقيقة—ربما كان تشينغ بين هو من ردّ عليه بالنيابة عنه.

كما تلقّى اتصالًا من مشرفه، لكنه لم يتعدَ دقيقة.

تنفّس الصعداء. يبدو أن لي تشانغ سيقدّم له إذن مرضي لهذا اليوم، فلا داعي للقلق.

في هذه الأثناء، جاءت الممرضة حاملة طبقًا من العصيدة وبعض الأطباق الجانبية. 

وبعد الإفطار، ذهب سونغ لين تشو ليستحمّ، فبدأ يشعر بالحياة تدبّ فيه من جديد.

جاء الطبيب لاحقًا وفحصه، وعندما تأكّد من أن حالته مستقرة، أُجريت له إجراءات الخروج.

رغم أن الغرفة التي أقام بها لم تكن فخمة مثل جناح تان يوي، إلا أنها كانت غرفة راقية بلا شك—ولا بد أن تكلفتها مرتفعة.

ولم يكن سونغ لين تشو مرتاحًا للبقاء في مكان فخم كهذا، خصوصًا إن كانت الفاتورة ستدفع من جيب أحد.

صحيح أن التكاليف خُصمت مباشرة من حساب تان يوي، لكنه كمريض، كان بإمكانه طلب نسخة من الفاتورة.

وعندما رآها… كاد أن يُصاب بجلطة.

المبلغ؟ 2800 يوان!

كل هذا لأنه تعرّض للتخدير قليلًا؟ 

ونام ليلة واحدة؟!

أسعار هذا المستشفى… لا تُطاق!

والأسوأ؟ أن هذا السعر بعد خصم 8.8٪ باعتبار أن تان يوي من عملاء Black Gold المميزين!

اختنق سونغ لين تشو مجددًا.

هل فات الأوان لتغيير تخصصه إلى المالية وإدارة الأعمال؟

ربما عليه أن يفتح مستشفى خاص به في المستقبل…

بعد إنهائه إجراءات الخروج، جلس سونغ لين تشو على أريكة مريحة في ردهة العيادات الخارجية. 

فتح مربع دردشة تان يوي، وأرسل له تحويلًا بقيمة 2800 يوان.

[تان يوي]: [?]

[شياو سونغ لين]: مصاريفي الطبية، المستشفى قالوا إن جيجي دفع لي مقدمًا، شكرًا، جيجي.

[شياو سونغ لين]: (ثعلب يقبل.gif)

أعاد تان يوي المال مباشرة.

ظن سونغ لين تشو أنه رفض استلام المال، وكان على وشك أن يقول شيئًا، لكن تان يوي أرسل رسالة أخرى:

[تان يوي]: المال خاص بالطعام العلاجي.

“……” بدا الأمر وكأنه لا مشكلة فيه.

فبما أن هذه كانت رغبة تان يوي، لم يكن من المناسب رفضها، وبالتأكيد تان يوي لن يقبل المال أصلًا.

فكّر أن مواد الطعام العلاجي قد تكون مكلفة أيضًا، لذا لم يُصرّ.

وعلى أية حال، 2800 يوان تكفي لأكثر من عشر وجبات، وهذا يعني أن تان يوي يتوقّع أن يأتي أكثر من عشر مرات.

أليس هذا…

أماه، هل يمكن اعتباره مكسبًا من حادثة سيئة؟

[شياو سونغ لين]: حسنًا، سأعدها لك خلال أيام.

[شياو سونغ لين]: جيجي الأفضل O (∩_∩) O

[شياو سونغ لين]: (ثعلب صغير يغازل.gif)

[تان يوي]: أين أنت؟

[شياو سونغ لين]: هنا في ردهة العيادة.

[تان يوي]: تعال.

[شياو سونغ لين]: ها؟

[تان يوي]: ألا تريد أن ترى كيف سنتعامل مع ذلك الشخص؟

[شياو سونغ لين]: أوه، قادم فورًا!

كان سونغ لين تشو يخطط للعودة إلى الصف، لكن كلمات تان يوي جعلته يعدل وجهته ويعود إلى جناح المرضى.

الرجل القوي الذي كان يحرس باب الغرفة لم يوقفه هذه المرة. 

بل ناداه بأدب: “السيد سونغ”.

ابتسم له سونغ لين تشو ودخل إلى الغرفة.

ألقى تان يوي نظرة عليه، ثم قال لهاتفه: “لنبدأ”، وناول الهاتف لسونغ لين تشو.

لم يفهم في البداية، لكنه ما لبث أن أدرك أنه في مكالمة فيديو.

على الطرف الآخر كان يوان روي دونغ، بدا وكأنه داخل مبنى غير مكتمل وتعرض للدفع من أحدهم.

“ماذا تريدون مني؟”

ظهر رجل ثقيل مغطى بالوشوم على الشاشة، دفعه وقال بسخرية: “أبي رئيس الولايات المتحدة، هل يفترض أن أفتخر؟”

يوان روي دونغ: “…”

اختنق يوان روي دونغ ثم قال بسخرية: 

“لست أحاول تهديدكم، اسألوا في المدينة، كثير يعرفني، يوان روي دونغ. 

إذا كنتم عاقلين، دعوني أرحل ولن ألاحقكم.”

رفعت امرأة شابة كانت بجانب الرجل يدها إلى صدرها وقالت: “أوه، أنا خائفة جدًا.”

قال الشخص الذي يحمل الهاتف: “رئيس العمل ما زال يراقب، لا تضيّعوا الوقت.”

أومأ الرجل الموشوم وقال: “حسنًا. أنتم، انزعوا ملابسه.”

ظهر المزيد من الرجال الموشومين، أمسك اثنان بـ يوان روي دونغ بقوة، وبدأ الآخرون في نزع ملابسه.

شاهد سونغ لين تشو ما يحدث بعدم تصديق، ثم التفت إلى تان يوي.

هذا لا يمكن أن يكون حقيقيًا، أليس كذلك؟

قال تان يوي، وهو ينظر إلى كومة من الملفات على حضنه بنفس بروده المعتاد: 

“اهدأ، أنا مواطن ملتزم بالقانون.”

لم يستطع سونغ لين تشو منع نفسه من وضع إصبعه على زر إنهاء المكالمة.

إذا ازداد المشهد وقاحة، فسينهيه فورًا.

ظل يوان روي دونغ يهدد ويشتم، لكن الرجال نزَعوا عنه كل شيء حتى بقي بملابسه الداخلية.

وعندما بدا أنهم جادون، انهار وبدأ يتوسل.

“أيها الإخوة، كم دفع لكم صاحب العمل؟ سأعطيكم الضعف، لا، الثلاثة، فقط دعوني أذهب!”

“بالطبع، دفع لنا مئة مليون. هل تملك هذا المبلغ؟”

قال يوان روي دونغ وهو يختنق: “هذا مستحيل! سأعطيكم مليون.”

رد الرجل الموشوم: “اغرب عن وجهي؟ تبًا، متسول.”

ثم مزّق آخر قطعة ملابس على جسده.

كاد سونغ لين تشو أن يرمي الهاتف بعيدًا، لكن لحسن الحظ، تغيرت زاوية الكاميرا قبل أن يرى شيئًا مخلًا.

قال الرجل الموشوم بلهجة مبالغ فيها: 

“يا إلهي، صغير جدًا، مثل عود الأسنان.”

وانفجر الآخرون في ضحك بذيء.

احمرّ وجه يوان روي دونغ خجلًا وقال: 

“أنا آسف، إيها الإخوة، اذا كنت مخطئ. 

اندفعت وارتكبت جريمة. سأسلم نفسي للشرطة. فقط دعوني أرحل.”

قال الرجل الموشوم: 

“فات الأوان. حقير مثلك لابد ان يُخصى.”

ثم أخرج سكينًا.

فكر سونغ لين تشو: وأين ذهب التزامك بالقانون؟

تحوّل وجه يوان روي دونغ إلى الرماد من الخوف وهو يصرخ: 

“لا، لا تفعلوا هذا بي! هذا مخالف للقانون!”

قال الرجل الموشوم: “الغريب إنك لم ترى ان هذا  مخالف للقانون عندما حاولت سرقة شخص بالأمس.”

“أنا… أنا…”

“كفى.”

قالها الرجل وهو يلوّح بالسكين. “ثبتوه، هذه المرة سأنفذها فعليًا.”

“بالطبع.”

“لا، لااا يمكنك فعل هذا، اههه!”

صرخ يوان روي دونغ بأعلى صوته، بينما ارتجف سونغ لين تشو من الخوف. شعر بوخزة مباغتة في موضع حساس، وابيضّ وجهه كليًّا.

لكن، ولدهشته، لم يظهر في الفيديو أي مشهد لدماء تسيل.

قال الرجل الموشوم بازدراء، وهو لا يزال ممسكًا بالسكين، والشفرة البيضاء النظيفة لا تشي بأي استخدام: “تفو، اخفته لدرجة أنه بلل نفسه. أنا بالكاد لمسته.”

من الواضح أنه لم يكن ينوي استخدام السكين فعلًا، بل أراد فقط تخويف يوان روي دونغ.

ومع ذلك، بدا أن يوان روي دونغ فقد وعيه من شدة الرعب. أنفه يسيل، ودموعه تنهمر، ومظهره بائس ومخزٍ إلى أبعد حد.

قال الرجل الموشوم وهو يخطو خطوة إلى الأمام ممسكًا بالسكين: “والآن، سأفعلها حقًا.”

لكن سونغ لين تشو لاحظ أن الأمر كله تمثيل، لم تكن لديهم نيّة حقيقية لإيذائه، كل ما فعلوه هو زرع الرعب في قلبه.

ومع هذا، أطلق يوان روي دونغ صرخة هلع حقيقية، خاصة حين حرّك الرجل الموشوم السكين فعلًا، فتسبب بجرح صغير تسربت منه نقطة دم خفيفة على النصل.

لم يُظهر الفيديو سوى وجه يوان روي دونغ، لذا لم يعرف سونغ لين تشو ما الذي فعلوه تحته بالضبط، لكن من ملامح الرعب الملتوية على وجهه، بدا أن الألم كان حقيقيًا.

لا بد من الاعتراف… لقد كان هذا مُرضيًا جدًا.

كان هذا بالتأكيد أفضل من مجرد ضربه.

علاوة على ذلك، كانوا لا يزالون ضمن حدود القانون. حتى السكين المستخدمة لم تكن سوى سكين فواكه، لا تخضع لأي تنظيم قانوني.

اتضح أن تان يوي لم يكن يكذب. 

لقد كان فعلًا مواطنًا يلتزم بالقانون.

وحين شعر الرجل الموشوم بأن يوان روي دونغ تلقى الرعب الكافي، أفلت قبضته، فانهار يوان على الأرض ككلب ميت، وقد تفرّقت أرواحه الثلاثة وأرواحه السبع من شدة الذعر.

ركله الرجل الموشوم وقال: 

“هل تجرؤ على فعلها مرة أخرى؟”

“لا، لا… لن أفعل…”، كان يوان روي دونغ يرتجف، وجهه مغطى بالمخاط والدموع، وبدأ في النحيب: “لن أفعلها مرة أخرى… وووو.”

قال الرجل الموشوم: “لا تقلق، إن فعلتها مجددًا، سنقطع ذاك الشيء ونرميه للكلاب!”

ارتجف يوان روي دونغ مجددًا، وبدا أنه لا يزال غارقًا في صدمته، يتمتم مرارًا وتكرارًا: 

“لن أفعلها مجددًا، لن أفعلها مجددًا…”

وحين بدا أن كل شيء شارف على الانتهاء، أنهى سونغ لين تشو مكالمة الفيديو.

تنفس الصعداء، ثم لاحظ أن تان يوي لا يزال يتصفّح ملفًا بين يديه، دون أن يبدو عليه أي اهتمام بما جرى على الطرف الآخر من المكالمة.

كان هذا مثيرًا للإعجاب في نظره.

اقترب منه وسلّمه الهاتف.

“هل تشعر بتحسّن الآن؟” سأل تان يوي.

“نعم!” قالها سونغ لين تشو بإخلاص. 

“تلك الخطوة كانت قويّة جدًا، لم تُحدث أذى كبيرًا، لكنها كانت إهانة قاسية.”

بهذا الدرس، من المؤكد أن يوان روي دونغ سيحمل ندبة نفسية عميقة.

لقد كانت وسيلة أكثر فاعلية من مجرد الضرب.

على الأرجح، سيسترجع هذه الحادثة في كل مرة يحاول فيها دخول السرير مع أحد… ثم يفقد قدرته.

لقد كان… مُرضيًا جدًا.

وفي تلك اللحظة بالذات، طرق رجل لم يسبق أن رآه سونغ لين تشو باب غرفة المستشفى، وبعد أن تلقى الإذن، دخل.

كان يرتدي هو الآخر بدلة رسمية، ويبدو عليه مظهر نخبة الشركات.

“السيد تان”، سلّمه الرجل ملفًا وقال: “لقد قمت بمراجعة جميع الشركات التابعة لمجموعتنا والتي تتعامل مع شركة يوانتي للمواد الجديدة. 

من بينها، تعتبر شينغ واي وخفي من أكبر عملائهم.”

أخذ تان يوي الملف، وبدأ يتصفحه باسترخاء. “أوقفوا كل أشكال التعاون. 

من هذه اللحظة، لن تتعامل أي من شركات المجموعة مع يوانتي إطلاقًا.”

تجمد الرجل قليلًا من وقع القرار، ثم قال: 

“مفهوم، السيد تان.”

سونغ لين تشو: “…”

إذا لم تخنه الذاكرة، فإن شركة يوانتي للمواد الجديدة كانت تابعة لوالد يوان روي دونغ، كما ذكر هو نفسه سابقًا.

كان يظن أن العقوبة التي تلقّاها يوان روي دونغ كانت كافية… لكنه لم يتوقّع هذا التصعيد المذهل.

هل هذا ما يُسمّى في الحياة الواقعية بـ الملك الذي كسر البرودة؟

كان… مُرضيًا بعض الشيء.

ملاحظة : ' الملك الذي كسر البرودة ' هي عبارة شائعة في الثقافة الصينية، مأخوذة من مسلسل أسرة كانغشي، وتُستخدم للدلالة على سقوط مفاجئ لشخصية بارزة أو نافذة بسبب تغيّر الظروف أو الأحداث غير المتوقعة.
هل وجدت خطأ؟ قم بالإبلاغ الآن
التعليقات

التعليقات [0]