كان لدى شي تشينغ الكثير من الغضب المكبوت منذ البداية، لذا عندما نطق تشين مو بتلك الكلمات، انفجر على الفور.
تبًا! إذا لم تكن تنوي المساعدة، فلا بأس،
لكن هل كان لا بد أن تصب الزيت على النار أيضًا؟!
استدار فجأة وحدّق بأخيه بحدة.
كانت عينا تشين مو السوداوان تحدقان فيه بنظرة لا تُقاوم، الأمر الذي جعله يسرع في تهدئة نبرته فورًا.
خفّف من نظراته الحادة، ونادى عليه بصوت ناعم:
“أخي…”
حينها، خفّ وهج نظرة تشين مو قليلًا، وهمهم باقتضاب، ثم نظر بعيدًا.
لم يكن الوقت مناسبًا لمجادلته.
كان شي تشينغ يعرف أن سلوك يي شين لا بد أنه أثار حنق تشين مو.
وبصراحة، كان هو نفسه غاضبًا جدًا.
لكن، بفضل حصوله على ذكريات يي تشينغ، فقد كان يرى الصورة بأكملها، ويشعر بعمق أكثر بما يمر به يي شين.
فهذا العالم لم يكن عادلًا تجاه الأوميغا،
وكان إحباط يي شين ملموسًا بالنسبة له.
البطريرك يي، رغم محبته لأبنائه، لم يسأل يي شين يومًا عن رأيه بشأن الزواج.
كل ما فعله هو اختيار الأنسب له، من منظور المصالح والتحالفات، ثم أخبره بالأمر بعدما أنهى الاتفاقات مع صديقه القديم، دون حتى استشارته.
أما يي شين… فقد حاول طوال الوقت أن يُظهر نفسه كابنٍ صالح ومطيع، لأنه كان يعرف أن والده لن يوافق أبدًا على لين سو.
كان يأمل أن إظهاره للطاعة ربما يجعل والده يُلين قلبه حين يبوح له بمشاعره.
لكن… النتيجة جاءت عكسية تمامًا.
لأن البطريرك رأى فيه ابنًا مثاليًا ومطيعًا، فقد بذل جهدًا أكبر في إيجاد الشريك المناسب، بكل حماس وفخر.
وعندما أخبره، انفجر يي شين من الغضب.
لكنه تمالك نفسه، احترامًا لحالة والده الصحية، وكبت كل شيء بداخله. ثم، في تلك الليلة، هرع إلى غرفة يي تشينغ، يائسًا، متخبطًا كمن فقد توازنه.
كان يعلم أن الأوميغا يختلف عن الألفا كثيرًا.
فبينما يمكن للألفا أن يمتلك عدة شركاء، فإن الأوميغا لا يمكنه أن ينتمي إلا لشريكٍ واحد فقط.
بمجرد أن يُوسم، يظل مُلكًا لذلك الألفا مدى الحياة.
حتى وإن تخلى عنه، ألقاه، أو نسيه… يبقى اسمه محفورًا عليه إلى الأبد.
كان يعرف أن الألفا الذي اختاره له والده لن يكون سيئًا. وربما، لو لم يكن في قلبه أحد، لكان من الممكن أن يتأقلم بعد الزواج.
لكن، ذلك الخيار لم يعد متاحًا.
لأنه أحب لين سو.
أحبه منذ سنوات، ولم يستطع التخلي عن هذا الحب، رغم كل شيء.
ومع وجود هذا الحب في قلبه، فإن الزواج بشخص آخر سيكون إهانة كبيرة لأي ألفا.
الألفا بطبعه يملك كبرياءً شديدًا.
فلو علم أن يي شين يحمل في قلبه رجلًا آخر، سيتغير… مهما كان طيبًا في البداية.
وكان يي شين يعرف نفسه جيدًا.
لم يكن من النوع الذي يتملق أو يساير.
لو نشب خلاف، سيكون الطلاق حتميًا.
وهكذا، لن يُدمر فقط مستقبله، بل سيتسبب في تدمير العلاقة بين عائلتي يي و قوه.
وحينها، سيكون مصيره الطرد من العائلة، ولن يجد مكانًا إلا بين الأماكن المظلمة والوضيعة.
لمجرد التفكير في ذلك… تشنج جسده.
ولهذا قرر أن يُنهي الأمر… بالحياة ذاتها.
أمرٌ لا يمكن لألفا أن يفهمه بسهولة.
لذا، رآه يي مو على أنه ضعيف وجبان.
لكن يي تشينغ، بفضل ما عرفه عن هذا العالم،
فهم الحقيقة.
فهم أن يي شين… كان يائسًا بحق.
لكن، لم يكن كل شيء قد انتهى بعد.
كشخص خارجي، يمكنه رؤية ما لا يراه الداخلون.
يي شين ظن أن لين سو رفضه، لكنه لم يرَ أن عناد لين سو جعله هو الآخر سجينًا لعذابٍ لا مخرج منه.
لكن قبل كل شيء، كان لا بد من صفعة توقظه.
تقدم شي تشينغ، وبدأ ينفّس عن غضبه:
“استخدم دماغك يا يي شين! هل يمكنك التوقف عن الاستخفاف بموضوع الموت والحياة هذا؟! أليست هذه هي الصورة التي تحتقر بها الأوميغا الضعفاء؟ فماذا عنك؟ ألست مثلهم الآن؟!”
تجمد يي شين في مكانه، ونظر إليه بعينين ضيقتين:
“شياو تشينغ… أنا أحسدك.”
قفز قلب شي تشينغ فجأة:
تحسدني؟! أنا بيتا مزيّف!
لكنه لم يُظهر شيئًا. تنفس عميقًا وأكمل بعصبية:
“قلت لك يكفي! الوضع لا يستحق أن تقتل نفسك! لين سو ذاك، كم مرة لمحت له؟ وكم مرة تهرب؟! فلماذا صدّقته هذه المرة؟ لماذا استسلمت؟!”
شحب وجه يي شين، وهمس بمرارة:
“أنت رأيت بنفسك… هو لا يحبني.
كل شيء كنت أتوهمه فقط.”
رأى شي تشينغ أن يي شين يوشك على الغرق مجددًا، فسارع بإلقاء حبل النجاة:
“هل فكرت أنه ربما… ابتعد عنك من أجلك؟!”
“هاه؟” تجمد يي شين مذهولًا.
فابتسم شي تشينغ بخفة، وواصل:
“لين سو يحبك أكثر بكثير مما تتصور.
فكّر، ألم يكن بإمكانه الزواج بأوميغا طوال هذه السنوات؟! خصوصًا بعدما أصبح جنرالًا، والعائلات تتهافت عليه بأبنائها؟!”
“فلماذا لم يتزوج؟”
توسعت عينا يي شين ببطء. لم يفكر في هذا من قبل. شرارة صغيرة من الأمل أضاءت في قلبه.
تابع شي تشينغ، مستغلًا اللحظة:
“بل فكّر أيضًا… من في الاتحاد المجري من الجنرالات يبلغ الخمسين ولم ينجب طفلًا؟! أتعني أنه لم يُحب أحدًا قط؟!”
“إن كان يحب شخصًا آخر، فبمكانته، كان ليفوز به بسهولة. إلا إذا…”
“إلا إذا لم يكن قادرًا على إيذائك.”
كانت كلماته كصفعة أيقظت يي شين من سباته. عاد النور إلى عينيه.
اقترب منه بحماس، وقال:
“شياو تشينغ… لديّ فرصة، أليس كذلك؟!”
وحين مدّ يده ليمسك بيده، صفعها الأخ الثالث بعيدًا.
ثم… أمسك يد شي تشينغ بشدة.
في وقتٍ عادي، كان يي شين سيشعر بأن هناك شيئًا غريبًا.
لكن عقله كان مشوشًا لدرجة أنه لم يلاحظ شيئًا.
حاول شي تشينغ التملص، لكنه فشل.
ثم قال لنفسه:
هممم… لا بأس. فالأخوة يمكنهم الإمساك بأيدي بعضهم، أليس كذلك؟ لا شيء مريب… إطلاقًا!
وبينما كان يي شين يتنفس من جديد، أضاف شي تشينغ:
“لكن لا تفرح كثيرًا! إن أردت أن تعيش حياتك كما تريد، عليك أن تصبر.
أولًا، عليك أن تجتاز والدك، ثم عليك التعامل مع ذلك الرأس اليابس لين سو.”
وكأن دلوًا من الماء البارد سُكب عليه،
عادت علامات الإحباط على وجه يي شين.
عاد كل شيء إلى نقطة الصفر.
أما المضيف، تشين مو، الذي كان يقف صامتًا كأنه جدار، فقد بلغ به الغيظ من يي شين حد الكُره.
ساذج، غبي، جبان… والأهم، جعلك يا شي تشينغ تقلق بهذا الشكل.
لو لم يكن مضطرًا لمراعاة مشاعر شي تشينغ، ولأجل المهمة، لكان تخلّص منه منذ زمن.
لكن، عندما فكر في ذلك، تجمّد فجأة.
لم يكن لدى شي تشينغ أدنى فكرة عمّا يدور في ذهن الشخص الذي بجانبه، بينما كان لا يزال يُفكّر جاهدًا في كيفية مساعدة يي شين.
قال متأملًا:
“أظن أن الموت مرة واحدة ليس بالأمر السيء… إن لم يكن لين سو قادراً على اتخاذ قرار، فسنجبره نحن على ذلك.”
وبعد أن قال ذلك، بدا أن ذكاء يي شين قد عاد إليه شيئًا فشيئًا، فسأل بتوتر:
“لكن كيف؟ هل نستطيع فعلاً خداعه؟”
آه… حسنًا، كان هذا سؤالًا صعبًا على شي تشينغ.
لين سو لم يكن شخصًا عاديًا بأي حال.
إن لم تكن خطة الموت الزائف مُحكمة، فلن يستطيعوا خداعه بسهولة… فجأة، تحوّل الأمر إلى تحدٍّ أكثر تعقيدًا!
وبينما كان يفكر، دفع شي تشينغ الشخص بجانبه بمرفقه دون وعي.
“أخي، هل لديك فكرة؟”
كان تشين مو غارقًا في تأملاته حول معنى الحياة، قبل أن يعيده هذا الدفع البسيط إلى الواقع.
نظر نحوه بدهشة نادرة، وقال: “هاه؟”
شي تشينغ حدّق فيه بلا حول ولا قوة.
في لحظة حرجة كهذه، وتفقد تركيزك؟!
تنهد، وأعاد عليه السؤال من جديد.
وبعد أن استمع تشين مو لكل شيء، أجاب ببساطة تامة:
“الأمر سهل… فقط ليتناول حبة موتٍ زائف.”
صُعق شي تشينغ ويي شين معًا، وسألا في نفس اللحظة:
“يوجد شيء كهذا؟!”
لكن تشين مو لم يكن يرى أحدًا سوى شي تشينغ.
كانت نظراته تحمل لطفًا نادرًا، ربما بسبب أفكاره السابقة، مما جعل قلب شي تشينغ يخفق بسرعة، وشعر بقليل من الذعر.
خفَضَ رأسه سريعًا، لكنه لم يفهم…
ما الذي يحدث مع أخي؟
أما يي شين، فقد استعاد راداره الذي تعطّل طويلًا، ولاحظ أخيرًا شيئًا مريبًا:
تبًا… ما هذه النظرة في عينيه؟! هذا العسل كافٍ ليغرق إنسانًا!
لكن المضيف، الذي لم يكن شخصًا عاديًا على الإطلاق، غيّر مزاجه في لحظة، واستعاد هيبته.
دون أن يُلقي حتى نظرة على يي شين، أخرج حبةً وسلمها له وقال بصوت بارد:
“تناولها في غضون عشر دقائق من منتصف الليل، لا قبل ولا بعد.
وإلا، فعواقبك على عاتقك.”
كان الأمر صارمًا إلى درجة أن يي شين لم يتجرأ حتى على طرح الأسئلة.
أخذ الحبة، وحفظ التوقيت جيدًا في ذاكرته.
ونظرًا لتعطيل ذكريات شي تشينغ مؤقتًا، استطاع تشين مو إخراج الأشياء من مساحة النظام بنفسه، ومن هناك استخرج تلك الحبة المعجزة.
وبعد أن انتهيا من تجهيز خطة يي شين، دخلت خادمة وقالت بلطف:
“سيدي الثالث، طلب السيد أن تزور حديقة تشين جين. نظرًا للظروف الخاصة في منزل عائلة لي، تعذر على السيد الشاب لي المجيء، لذا تم ترتيب العشاء في الخارج.”
أومأ تشين مو برأسه إشارةً على أنه سمع.
أما شي تشينغ، فقد تجمّد لثانية، ثم اتسعت عيناه…
أوه لا… لقد نسي الأمر تمامًا!
موعد! موعدٌ رتبه العجوز لأخيه!
أخيه… في موعد تعارف؟!
هل هذه مزحة؟!
{ ملاحظات المؤلفة:
أحم… يبدو أن هذا الغبي سيتحوّل قريبًا إلى قدرٍ من الغيرة يغلي!
بالمناسبة، لم أكن أتوقع ردود الأفعال العنيفة منكم يا فتيات على الفصل السابق، لذا سأقدّم لكم سريعًا بعض الشاي المُهدئ و الحلوى لتخفيف الغضب.
في هذا العالم، تختلف العقليات من شخصٍ لآخر. لا أحد كامل، والجميع يعانون من بعض النقص.
آه صحيح! البعض قال إن شي تشينغ يستطيع إكمال المهمة إن تزوج من تشين مو.
لكن، سواء كانا شقيقين بيولوجيًا أم لا، لا يمكنهما الزواج في هذا العالم.
تشين مو نفسه يعتقد أن شي تشينغ شقيقه الحقيقي.
والمهمة تتطلب تزويج الإخوة الصغار عبر زواج رسمي، مع شهادات وكل شيء. هذا العالم ليس متفتحًا بما يكفي ليسمح بزواج الإخوة.
لذا، لا يمكن لشي تشينغ أن يتزوج من تشين مو.
والأمر الآخر… ليس لديهم سوى أخٍ صغيرٍ واحد حقيقي—يي شين.
لذا، كان من الضروري تزويجه هو.
وأعلم أن إعدادات عوالم الـ ABO فيها كثير من الإحباط، وكتبتُ هذه القصة كي أغيّر بعض تلك الإحباطات. سأبذل جهدي، لكنني لا أضمن النجاح الكامل.
آه صحيح! لن أكون متواجدة غدًا، لكنني قمت بجدولة الفصل القادم مسبقًا.
التحديث سيكون في تمام الساعة 11!
فلنثق بـ الجدولة كن، موآه }