🦋

 في العصر الحالي، كان التفاوت بين عدد الألفا والأوميغا فادحًا إلى درجة مرعبة.

 وفقًا للبيانات الدقيقة، فإن عدد الألفا يفوق عدد الأوميغا بنسبة عشرة إلى واحد. 

وهذا يعني ببساطة أن واحدًا فقط من بين كل عشرة ألفا يمكنه أن يرتبط بأوميغا، بينما يُجبر الباقون على الاكتفاء ببيتا، أو حتى… ' العبث ' مع ألفا آخر.

عائلة يي، التي طالما حافظت على نقاء سلالتها، أنجبت ما يقارب 90% من نسلها من فئة الألفا. 

وكان ظهور أوميغا بينهم نادرًا. 

لكن حينما وُلد أحدهم، كان يتمتع بفيرومونات قوية على نحو غير طبيعي، وجاذبية تفوق بكثير الأوميغا العاديين.

الابن الرابع لعائلة يي، الطالب يي شين، كان أحد أولئك الأوميغا النادرين والجذابين للغاية.

ورغم أنه نشأ في بيئة مُرَاقبة ومضبوطة داخل منزل عائلة يي، وكان يستخدم المثبطات بشكل منتظم، إلا أنه في بعض الأحيان، كان ذاك السيد المدلل يتمرد ويشتكي من مذاق المثبطات المقرف. 

لحسن الحظ، لم يكن هناك أحد بالمنزل، كما أن القصر كبير إلى حد يجعل تأثير فيروموناته محدودًا حتى لو كانت قوية.

وهكذا، قرر التوقف عن تناول المثبطات بشكل سرّي. 

لكن النتيجة… كانت كارثية.

لقد استهان بقوة فيروموناته. 

رغم أنه لم يكن في دورته حينها، إلا أن رائحته وحدها في الأيام العادية كانت كافية لإرباك الجنود الذين يحرُسون قصر عائلة يي. 

لم يستطيعوا مقاومة الرائحة، فتسللوا إلى الداخل، وكانوا على وشك ارتكاب جريمة لا تُغتفر.

ومنذ ذلك اليوم، لم يجرؤ يي شين على التخلي عن مثبطاته مرة أخرى. 

صار يحملها معه أينما ذهب، خصوصًا في حدث كبير مثل الهروب من الزواج، فقد أخذها جميعها خشية أن يُقتل في الشوارع من شدة التأثير.

ولكن… لم تمضِ سوى ثلاثة أيام منذ خروجه، فكيف انتهى به الحال إلى هذه الفوضى؟

بينما كان شي تشينغ يتلقى ذكريات يي تشينغ، تأمل في الأمر بجدية. 

في تلك الذكريات، بدا يي شين شابًا عنيدًا، نعم، لكنه كان مستقلًا، ذكيًا، ومحنكًا إلى حد كبير. 

على الأقل، كان يي تشينغ يعتبره أفضل منه بكثير.

ولهذا، فقد كان من غير المعقول أن يقع يي شين في خطأ سخيف مثل فقدان أمتعته!

فما الذي حدث فعلاً؟

ما إن وصل شي تشينغ إلى منطقة لوفيل، حتى أدرك المعنى الحقيقي للفوضى.

يا ألهي! وكأننا في ساحة معركةٍ للوحوش البرية!

ثم… تلك الرائحة!

عبس شي تشينغ. 

حتى هو، كأوميغا، وجد الرائحة خانقة ومزعجة، فكيف سيكون الحال مع الألفا؟!

وفجأة، تذكر شيئًا مهمًا: تشين مو ليس لديه شريكٌ مكتوب له… إذًا كيف يمكنه مقاومة هذه الرغبة القاتلة؟

استدار بحدة ليتفقده، فرأى تشين مو واقفًا بهدوء وثبات.

تساءل للحظة، لكنه سرعان ما فهم… نعم، إنه يتناول مثبطات.

فالمثبطات وسيلة شرعية تستخدمها جميع العائلات لحماية أفرادها.

حتى بين الأشقاء، فإن جاذبية الألفا والأوميغا لا تختفي. 

وبما أن سفاح القربى محرّم بشدة، تلجأ العائلات إلى منح أبنائها الألفا مثبطات خاصة تمنع تأثرهم بفيرومونات إخوتهم.

كانت المنطقة التي يتواجد فيها يي شين نائية، قليلة الحركة، ومع ذلك، فقد تجمّع فيها أكثر من مئة ألفا، وسدّوا الشوارع الضيقة كجدارٍ لا يمكن اختراقه.

خفق قلب شي تشينغ بقوة.

هل ما يزال يي شين بخير وسط كل هذا؟!

وقبل أن يتمكن من التفكير أكثر، سمع صرخةً مدوية، تلتها رائحة دمٍ كثيفة تفوح في الهواء.

قفز إلى موضعٍ أعلى للحصول على رؤية أوضح، وحينها… رأى المشهد بوضوح:

يي شين كان في مركز حلقة من الألفا الهائجين. ثيابه كانت ممزقة بالكامل، كاشفة عن بشرته البيضاء، وكأنه طبق حلوى مغرٍ.

كان بين ذراعي رجلٍ ضخم الجسد، ذا عيون باردة حادة. 

كان يرتدي زيًا فضيًا، خاصًا بأحد كبار ضباط الاتحاد، وإن بدا الآن غير مرتب. 

ما لفت الأنظار أكثر كانت النجوم الخمس على كتفه. 

جنرال رفيع المستوى!

كان واحدًا من ثلاثة جنرالات فقط في الاتحاد، وأيضًا ألفا قوي للغاية.

كانت عيناه محتقنتين بالدم، وعقله على وشك الانهيار. ومع ذلك، كان يضغط شفتيه بإحكام، ويكبح رغبته التي تكاد تشتعل فيه. 

كان يحمل يي شين بذراع واحدة بصعوبة، وفي الأخرى يمسك نصلًا مكسورًا، يشق به طريقًا داميًا وسط حشد الألفا.

هؤلاء، رغم هياجهم، ما زالوا مواطنين تابعين للاتحاد، لذا لم يكن بمقدوره استخدام أسلحة قاتلة. 

النصل كان يجرح، لكنه لا يقتل. 

وبسبب ذلك، تلقى ضربات كثيرة بدوره.

ولكن… إصراره وحده هو ما أنقذ يي شين.

كان المنظر مذهلًا بالنسبة لشي تشينغ، أما تشين مو فلم يتردد لحظة. 

اندفع إلى داخل الحشد، ممسكًا بمسدس صعق، وأسقط عشرات الألفا في لحظة.

استعاد شي تشينغ رباطة جأشه، وأخرج بدوره مسدس الصعق غير القاتل، واندفع خلفه نحو الزحام.

وبينما كان الاثنان يهاجمان من الجانبين، تمت السيطرة على الحشد بالكامل. 

لم يبقَ واقفًا إلا الجنرال الذي كان يحتضن يي شين.

اقترب شي تشينغ، فرأى ملامحه بوضوح. 

كان جسده قويًا، يشهد على سنوات من التدريب القاسي.

وجهه وسيم، جاد، لكن تجاعيد خفيفة حول عينيه دلّت على تقدمه في السن.

فكّر قليلاً، ثم تذكر. 

نعم، لقد سمع عنه من يي شين من قبل.

خلال نوبة الشبق، لا يتأثر الألفا فقط، بل حتى الأوميغا يصبح كمن يعيش في عالمٍ مخدر بالكامل.

كان يي شين يحتضنه بقوة، خدّاه متوردان، وعيناه زائغتان كمن لا يرى سوى الرجل القوي الذي أمامه.

“أرجوك، لين سو… أرجوك. 

احتضنني… لا أريد شيئًا سواك… من فضلك… اوسمّني…”

ذلك الصوت الناعم المرتجف، المحمّل برجاءٍ صادق، كان مثل سمٍ قاتل بالنسبة لأي ألفا.

عينا لين سو احمرّتا بسرعة، وبدأت يده ترتعش بعنف. عروقه تنتفخ، وعقله يخوض صراعًا ضاريًا بين العقل والرغبة.

كان يحتضن يي شين، ورائحة الأوميغا الفوّاحة تُحاصره من كل جانب، تدفعه نحو الجنون.

رغبته قد اشتعلت منذ زمن، والوركين الناعمين اللذين التصقا به كانا على وشك تدميره بالكامل.

كان مبتلًّا، بالكامل.

يي شين كان جاهزًا تمامًا. 

كان ينتظره، منتظرًا دخوله، ووسمه، ليُصبح ملكه. 

ذاك الأوميغا الفاتن، الشاب، الذي لم يتوقف يومًا عن إغرائه… سيكون له وحده! 

لن يعود مضطرًا لكبح نفسه بعد الآن، يمكنه أخذه، وامتلاكه، أينما شاء، ومتى شاء.

يملأ جسده الناعم ببذره، يُلقي فيه الحياة، ليُنجبه طفلًا، ليُصبح له نسلٌ مشترك!

كل تلك الخيالات الساحرة كانت تجرّه إلى حافة الجنون، تفقده السيطرة شيئًا فشيئًا. 

كل ما أراده هو تمزيق ثيابه، تقبيله، امتلاكه… لم يعد يستطيع كبح الوحوش التي تعوي داخله.

وفجأة…

نداء جليدي، حاد، أطاح به من جنته الوهمية إلى جحيم الواقع:

“عمي.”

عاد لين سو إلى وعيه كمن سُكب عليه دلو ماء مثلج. 

التفت بذهول نحو الشاب الذي نطقها. 

لم يكن في عينيه أي مشاعر، لمعة، أو ذبذبة… كانتا صافيتين، ساكنتين، كمرآة لا تعكس شيئًا. 

وحتى تلك الكلمة— عمي —كانت باردة، قاطعة، خالية من أي حنين.

لكنها كانت كافية. كافية لتوقظه.

غمره خجل مرير.

بصعوبة، وبصوت أجش ملتهب من الرغبة المكبوتة، قال وهو يحرر قبضته عن ذراع يي شين:

“الم…مثبطات… أعطوه… إياها…”

وما إن غادر أحضانه، حتى بدأ يي شين يتلوّى من الألم، يقاوم، يصرخ. 

عينا طائر الفينيق خاصته امتلأتا بالدموع، ورغم أنه كان ما يزال مشتعلًا بالرغبة، فقد تمسّك ببقايا عقله.

“لا! لين سو، لا… لا تتركني! لا تدفعني بعيدًا! أرجوك لا!”

لكن الطبيب، الذي وصل في الوقت المناسب، لم ينتظر كثيرًا. وبدقة، حقن في ذراعه مُهدّئًا ومثبطًا.

وغاب يي شين عن الوعي.

آخر نظرة في عينيه، المليئة باللااستسلام، كانت مشبعة بخيبة أمل حارقة، وبحبٍ عميق، متجذّر، لا يمكن أن يُطفأ.

تلك النظرات أصابت قلب لين سو كالسهم. 

حتى بعد أن استعاد وعيه، بدا وكأن الفراغ قد حفر مكانًا في صدره.

عندما انتهى الفوضى، أخذ تشين مو شي تشينغ وعادا معًا. على متن الطائرة الصغيرة، جلس شي تشينغ شاردًا، ما يزال مذهولًا مما رأى.

كانا وحدهما في هذا الحيز الضيق.

بشكل طبيعي، أمسك تشين مو بيده وسأله بصوت خافت:

“ما بك؟”

قال شي تشينغ دون وعي:

“يي شين ولين سو…”

لم يكن يعرف حتى ماذا يريد قوله… فقط كان هناك طعم مرّ في فمه.

ضغط تشين مو على يده، نظر للأمام وقال بهدوء،

“جبناء.”

تجمّد شي تشينغ في مكانه، وحدّق فيه بدهشة.

أعطى تشين مو التحكم بالقيادة للذكاء الاصطناعي، ثم استدار نحوه، واحتضنه على صدره، وهمس بالقرب من أذنه:

“لو كنت أنا… لما تركتك ترحل.”

“ما شأننا بالعمر؟ بالجنس؟ أو حتى الدم؟ 

أنت لي، ولن تكون إلا لي. 

لا شيء، لا أحد، حتى القدر… لن ينتزعك مني.”

رغم أن كلماته خرجت بهدوء، إلا أن صوته العميق الأجش حمل تحديًا شرسًا. 

وكأن كل كلمة كانت صاعقة تضرب قلب شي تشينغ، رجفة بعد أخرى.

تجمّد في مكانه.

كان ذلك… جنونًا محضًا. 

ومع ذلك، بدا منطقيًا في تلك اللحظة.

شخص لم يعرفه إلا ليومٍ واحد. شخصٌ يرتبط بجسده بعلاقة دم. 

ومع ذلك، كيف تسللت تلك الأفكار المجنونة إلى ذهنه بهذه السرعة؟

لكنه… أراد البقاء بجانبه. أراد ألا يبتعد.

كان يشعر بيقين غريب أنه لو ابتعد، فإن هذا الرجل سيتحول إلى شخص آخر تمامًا.

وكأنما استسلم تمامًا لنداء قلبه، همس شي تشينغ بتلك الكلمات التي وعده بها منذ زمن بعيد:

“لن أتركك.”

واحتضنا بعضهما البعض في الصمت.

شعر شي تشينغ أنه لا بد وأنه قد جُن. لكن الغريب أنه لم يشأ أن يُشفى.

الجنون؟ فليكن…

حتى لو كان حلمًا، فقد كان حلمًا جميلًا… مشبعًا بالرضا.

عندما عادا إلى قصر عائلة يي، كان يي شين قد سبقهم إليه، وقد أفاق من نومه.

كان قد بدّل ملابسه، وجلس على الأريكة، وملامحه عادت إلى طبيعتها. 

صحيح أن وسامته بقيت مذهلة، لكن شيئًا فيه أصبح… باردًا. 

منغلقًا.

البطريرك يي، ما إن رآه، حتى نهض من مقعده غاضبًا وصاح:

“أيها الأحمق! لين سو؟! لين سو؟؟! 

إنه أكبر منك بعشرين عامًا! 

هل فقدت عقلك؟!”


{ ملاحظات المترجم :

' سفاح القربى ' هو مصطلح يشير إلى العلاقة الجنسية بين أفراد تربطهم قرابة عائلية محرمة، مثل الأب وابنته، الأم وابنها، الأخ وأخته، أو أي قريب آخر تمنع الشريعة أو القانون الزواج منه بسبب هذه القرابة.

يُعد سفاح القربى انتهاكًا جسيمًا للمحرمات الاجتماعية والأخلاقية والدينية في معظم الثقافات والمجتمعات حول العالم. ويترتب عليه غالبًا آثار نفسية واجتماعية وصحية مدمرة على الضحايا والمجتمع ككل.

ويُعرف هذا الفعل أيضًا بمصطلح زنا المحارم. }

هل وجدت خطأ؟ قم بالإبلاغ الآن
التعليقات

التعليقات [0]