رغم أن المقدمة العامة لذلك العالم الغريب كانت تصطدم بعنف مع معتقدات شي تشينغ الراسخة، إلا أنه مضى قدمًا في قراءتها بكل ما أوتي من عزيمة، فقط ليؤدي مهمته على أكمل وجه.
بوجه عام، كان هناك رجال ونساء في هذا العالم.
ولكن فوق هذا التقسيم المعتاد، وُجدت فواصل أوضح بين الرجال أنفسهم، والنساء أنفسهن.
كان جميع الألفا يولدون وهم يملكون قوة فطرية، وتفوقًا طبيعيًا في القتال والقيادة.
كانوا الطبقة المهيمنة، الأقوى بلا منازع.
وعلى الرغم من وجود تباين بين الأقوياء أنفسهم، إلا أنه لا يمكن إنكار أن أي ألفا، حتى الأضعف منهم، كان يظل أقوى من أقوى أوميغا.
تلك كانت هبتهم الفطرية.
الطبقة التي تليهم مباشرة كانت تُعرف بالبيتا.
وفي سياق هذا العالم الغريب، كان البيتا يُشبه الإنسان العادي في عالمنا الطبيعي.
قرأ شي تشينغ المزيد عنهم، ولم يجد فيهم أي اختلاف يُذكر عن البشر المألوفين.
ثم جاء نقيض الألفا المطلق، وأكثرهم غموضًا وغرابة… الأوميغا.
سواء أكانوا ذكورًا أم إناثًا، فمجرد كونهم من فئة الأوميغا يعني أنهم يتمتعون بخصوبة خارقة.
ببساطة، كانوا وكأنهم خُلقوا لأجل الإنجاب.
والأسوأ من ذلك، أن مصيرهم بدا وكأنه مرسوم منذ لحظة ولادتهم، حيث كانوا يمرّون بفترات ' شبق ' مزعجة لا يمكنهم السيطرة عليها،
ويصدر عن أجسادهم دائمًا عبير عطري حلو،
قادر على إثارة كل ألفا قريب.
كان الأوميغا نادرين، أندر بكثير من الألفا، لكن مصيرهم كان تعيسًا بحق.
بعد ولادتهم، يُجبرون على التسجيل في جمعية الأوميغا، ويُسمح لهم بالبقاء مع والديهم فقط في مرحلة الطفولة.
ولكن بمجرد بلوغهم الحادية عشرة، تبدأ أجسادهم بالتغير، ويُؤخذون قسرًا ليُربّوا في مرافق مخصصة، مع أمثالهم.
حتى بعد أن يصبحوا راشدين، لم يكن يُسمح لهم باختيار شريك حياتهم.
العالم كان غارقًا في الحروب، ومكانة الألفا في ساحات المعارك لا يُضاهيها شيء.
كانوا الجنود والمدافعون، والخطوط الأمامية في معارك التوسع.
كانوا السبب في استمرار البشرية.
وكان الألفا المتفوقون يمتلكون الحق في اختيار شريكهم من الأوميغا — الأكثر توافقًا معهم، الأكثر جاذبية، والأكثر خصوبة.
بهذه الطريقة فقط كانت تُنقل السلالة الجينية.
وبذلك يولد ألفا أقوى، ويقوى الجيش، وتزدهر الدولة.
دوره مغلقة من الفضيلة كما يزعمون.
لكن هذه الدوره لم تشمل قط سعادة الأوميغا.
فهم كانوا بشراً، نعم، لكنهم كانوا كذلك أدوات للتكاثر.
إذا حالف الحظ أحدهم، ربما يختاره ألفا جيد، فيعيش حياة أقل قسوة، لكن ذلك لا يعفيه من الإنجاب المستمر.
ولادة طفل أوميغا كانت أشبه باليانصيب، حيث قد يولد حتى لزوجين من البيتا. الاحتمالية غامضة، لكن المؤكد أن معدل ولادتهم منخفض.
أما إن اجتمع ألفا وأوميغا، فـ 80٪ من ذريتهم يكونون ألفا.
وغالبًا ما يرث هؤلاء الأبناء الصفات الجينية المتفوقة من آبائهم، ليصبحوا محاربين شجعانًا، أذكياء، وذوي بصيرة.
لهذا السبب، كانت الحكومة تولي أهمية كبرى للأوميغا.
فبسبب إمكانية إنجاب سلالة متفوقة، كان مصيرهم كوسيلة للتكاثر مؤكدًا، كأنها مهمة إلهية لا مهرب منها.
لكن… أكثر من نصف الأوميغا كرهوا هذا المصير. كانوا يرفضونه بكل جوارحهم!
فهم أوميغا، نعم، لكنهم بشر أولًا!
كانوا يريدون حيواتهم الخاصة، حقوقهم الإنسانية!
لكنهم ببساطة… كانوا ضعفاء للغاية.
تحت غطاء ' الحماية '، سُجنوا مدى الحياة.
تنهد شي تشينغ عند هذه الفكرة.
بعد أن عاش حياة كاملة في عالم الوحوش، لم يعد يشعر بنفورٍ من فكرة الإنجاب كما في السابق.
ففي ذلك العالم، كان الوحوش والأنصاف وحوش يتزاوجون ويُنجبون أيضًا، وكان بين الألفا والأوميغا تشابه واضح.
كلا الطرفين ينجذب للآخر، ويتحدان لإنجاب الأطفال.
حتى دورات الشبق هناك بدت شبيهة بحالة الأوميغا.
ومع ذلك… كان الفرق شاسعًا.
فاشبه الوحوش يمتلكون قوة روحية عظيمة، رغم ضعف أجسادهم.
لا يقاتلون، نعم، لكنهم يملكون القدرة على تهدئة الوحوش وإيقاظ قواهم الكامنة.
بل ويقاتلون إلى جانبهم!
لم يكونوا مجرد تابعين للوحوش، بل أحيانًا يملكون القوة الكافية لقلب نظام بأسره.
مثل ذاك المجنون أيميا؛ طموح، جريء، واستغل قدراته الروحية لجرّ الوحوش خلفه، حتى أنه سيطر على الزعيم نفسه وجعلهم دمىً بين يديه.
هكذا كانوا اشباه الوحوش في عالم الوحوش.
لذا، لم يجرؤ أي وحش على الاستهانة بهم.
أما الأوميغا في هذا العالم… فقد تُركوا لمصيرهم.
كانوا دائمًا موضع إغراء للألفا، شديدي الخصوبة، وركيزة لبقاء السلالة.
لكنهم بلا أي وسيلة للدفاع عن أنفسهم.
حتى حين حاول بعضهم التمرد، كان مصيرهم الضياع، فمقاومتهم لم تكن أكثر من حصى تُلقى في بحيرة راكدة؛ تموّج سطحها لحظة، ثم تغوص في الأعماق.
وكأن القدر يسخر منهم… رغم ندرتهم وضرورتهم، إلا أنهم ظلوا مخلوقات بلا كرامة، تُداس ببساطة.
بعد أن أنهى شي تشينغ قراءة الخلفية،
طرد كل تخيلاته التي بدأت بالتمدد في ذهنه.
رجاءً… ليت المضيف لا يُسافر إلى جسد أوميغا، سيكون الأمر عسيرًا للغاية!
حتى أصعب من حين انتقل إلى جسد ييير.
أما عن نفسه؟ لم يكن قلقًا كثيرًا.
هذا العالم قاسٍ للغاية، ولن يغامر فيه دون تخطيط. والآن بعد أن أصبح يملك نقاطًا كافية، لم يعد ملزمًا باختيار دورٍ عشوائي.
حين يحين الوقت، سيتمكن من استخدام صلاحيته كنظام لاختيار جسد مناسب.
ألن يتمكن من تفادي مصير الأوميغا إذًا؟
وربما… ربما يختار أن يكون ألفا قويًا ليستمتع قليلًا!
اللعنة… لم يستطع منع نفسه من التخيّل.
ماذا لو أصبح ألفا والمضيف تحوّل إلى أوميغا؟
حينها سيتمكن من حمايته، أليس كذلك؟!
وأيضًا… حالة الحرارة تلك…
كيف سيكون شكل المضيف في تلك الحالة؟
ارتجفت أذنا الباندا اللتان يحمل مظهرهما الآن، واحمرّ وجه شي تشينغ بلا قدرة على المقاومة.
فجأة، سمع صوت تشين مو يقول:
“بما تفكر؟”
انتفض شي تشينغ، ورمش عينيه سريعًا، محاولًا طرد تلك الصور المجنونة من رأسه.
تمتم بتوتر:
“الم…المهمة تبدو صعبة جدًا هذه المرة!”
رفع تشين مو حاجبًا: “صعبة؟ ما هو الهدف؟”
شي تشينغ: “…”
تبا! لم يطّلع على هدف المهمة بعد! لا يعلم حتى ما المطلوب! فكيف يحكم أنها صعبة؟!
لا، لا يمكن أن يدع تشين مو يعرف ما كان يفكر فيه! بسرعة… مرّر الشاشة للأسفل…
وفي غمرة توتره، لم يلحظ الابتسامة الساخرة التي مرّت على عيني تشين مو.
— عالم ليس سيئًا على الإطلاق… عالم يمكنني فيه وسم شي تشينغ بالكامل، وتغليفه بعطري، وأعلنه ملكًا لي وحدي… نعم، عالم مثالي.
— نعم… عالم مثالي.
وبعد المقدمة التمهيدية، جاءت تفصيلات الحبكة الرئيسية المرتبطة بهذا العالم.
في هذه المهمة، تم ربطهم بإحدى العائلات الأقوى في النظام المجري: عائلة يي.
على الكوكب الذي نشأت فيه عائلة يي،
خرج منها ثلاثة من أعظم القادة العسكريين في تاريخ الاتحاد المجري—اثنان أصبحا مشيرين، والثالث وصل إلى منصب الرئيس نفسه.
مثل هذه الإنجازات وضعت عائلة يي على قمة الهرم بين العائلات النبيلة،
بل جعلتها من الأعمدة التي لا غنى عنها في بنية الاتحاد السياسية والعسكرية.
امتلكت العائلة قوة جبّارة، وخرج منها عدد من الألفا المميزين على مرّ الأجيال.
كانوا ينتقون الأوميغا بعناية فائقة لضمان بقاء نقاء الدماء، وبفضل هذا الحرص، حافظوا دائمًا على تفوق سلالتهم.
البطريرك العجوز يي كان في شبابه مشيرًا عظيمًا. ومع أنه سلّم مقاليد الحكم وتقاعد رسميًا، إلا أنه احتفظ بنفوذه وعلاقاته الواسعة.
فقد كانت لعائلة يي جذور راسخة امتدت لقرون.
لكن أبناءه الخمسة… لم يكونوا كما تمنى.
ثلاثة منهم من الألفا، واحد أوميغا، وآخر بيتا.
وجود الأوميغا كان نعمة—فهم أدوات التحالف السياسي والمصاهرة.
أما وجود بيتا في العائلة؟ فكان أمرًا لا يرضيه أبدًا.
لحسن الحظ، ورث الألفا الثلاثة قدراته الفذة، وأظهروا مواهبهم منذ الطفولة.
لكن وبكل صراحة، حتى وجود ثلاثة ألفا لا يُعد عددًا كافيًا لعائلة مثل عائلة يي.
ولم تتوقف الكوارث عند هذا الحد.
كان الابن الأكبر فارسًا شجاعًا، خاض المعارك بشجاعة وصعد إلى رتبة ' مقدّم ' في سن صغير.
لكن من كان يتوقع أن يسقط قتيلًا في إحدى المعارك؟!
عادت العائلة بميدالية شرف أخرى… ميدالية عديمة الحياة، تنضم إلى العشرات المكدّسة في مستودعهم. ما نفعها الآن؟!
والأدهى من ذلك، أن الابن الأكبر مات دون أن يترك خلفه وريثًا.
انقطعت سلالته إلى الأبد!
أن يُشيّع الأب العجوز ابنًا لم يشب بعد،
أمر كفيل بأن يشيب له الرأس بين ليلة وضحاها.
بعد تلك الخسارة، أصبح البطريرك يولي أبناءه اهتمامًا مضاعفًا.
من بين أبنائه الخمسة، لم يكن هناك سوى أوميغا واحد.
ومن فرط حبه وخوفه عليه، استخدم الحيل والنفوذ ليمنعه من التسجيل في جمعية الأوميغا.
فهو جوهرة عائلة يي، ولا يمكن التفريط فيه.
ربّوه داخل المنزل، أغرقوه بالدلال، وفرشوا له الحياة بالحرير والطعام الفاخر.
خشية أن يُضر جسده، استخدموا له أنواعًا من المثبطات باهظة الثمن، تلك التي لا يستطيع دفع ثمنها إلا أصحاب السلطة.
هذه الأدوية ساعدت في كبح فيروموناته، مما سمح له بالخروج والتعامل مع إخوته بسلام.
ومنذ نعومة أظافره، كان البطريرك قد دبّر له زيجة مناسبة.
زواجًا بينه وبين حفيد صديق العمر، الرجل الذي رافقه نصف حياته، وشاهد على نموه منذ الصغر.
كان ألفا موثوقًا به، لا يمكن أن يُسيء إلى ابنه.
بالإضافة إلى ذلك، كان هذا الزواج تحالفًا بين اثنتين من أقوى العائلات في الاتحاد.
لكن… من كان يظن أن ذلك الابن سيهرب يوم زفافه؟! هرب! بنفسه!
غضب البطريرك العجوز حتى سقط أرضًا،
وكاد أن يُفارق الحياة من شدّة الصدمة.
ثم جاءت الضربة الثالثة لتُجهز عليه تمامًا.
ابنه الثاني، أحد الألفا الذين علّق عليهم آمالًا كبيرة… وقع في غرام ألفا آخر!
ولم يكتفِ بذلك، بل فجّر القضية على مرأى ومسمع الجميع، وبدأ بمطاردة حبيبه في جميع أرجاء الاتحاد.
حتى قطيع من الحمير لم يكن ليوقفه!
سقط البطريرك مريضًا طريح الفراش، يتنهد طوال الليل.
فقد زوجه الأوميغا منذ خمس سنوات… واليوم، وسط هذا العبث، شعر حقًا أنه وحيد.
رغم أنه أنجب خمسة أبناء، إلا أن حالته لم تكن أكثر بؤسًا من ذلك.
لم يتبقَ له إلا اثنان: ألفا، وبيتا.
البيتا كان شبحًا لا يكاد يُرى منذ ولادته، لكنه كان ذكيًا وقادرًا. مؤخرًا، بدأ البطريرك يلتفت إليه، ويعامله معاملة أفضل.
أما الابن الألفا الباقي؟
كان جامحًا، متمرّدًا، لكنه على الأقل لم يهرب مع ألفا آخر! كانت قدراته جيدة، وإن لم تكن مثالية، لكن… ما العمل؟
لم يكن أمام البطريرك سوى القبول.
الآن، ما عليه إلا أن يسرع في إيجاد أزواج أوميغا مناسبة لأبنائه المتبقين، ليُرزقوا بالأبناء في أقرب وقت.
عائلة يي لا يمكن أن تنقرض!