🦋

كان شي تشينغ قد طرح سؤاله بشكل عابر، دون أن يتوقع الكثير. 

فمضيفه، تشين مو، كان أشبه بطاغية محليّ، لا تُحرجه حيلة صغيرة كهذه، ولن تعيق طريقه أبدًا. 

تعلم تلك التقنية؟ لا بأس، ظنّ شي تشينغ أن الأمر بسيط ولن يُحدث فرقًا.

لكن ما إن طرح السؤال وبدأ يقلب صفحات الكتاب بفضول، حتى سمع صوت مضيفه الصارم، فتجمد في مكانه.

لا؟!

لقد رُفض؟!

استدار شي تشينغ لينظر إلى تشين مو، وملامحه تموج بخيبة الأمل.

لكن في عيني تشين مو، تحولت تلك النظرة إلى: QAQ

— نظرة طفل باكٍ تقطر دموعًا، وكان تأثيرها على تشين مو أشبه برصاصة!

لكن الأمر لم يكن خاضعًا للعاطفة، بل كان مسألة مبدأ. 

لم يكن بإمكان تشين مو أن يتساهل مع هذا، فعبس وأعاد تأكيد موقفه بجملة واحدة قاطعة:

“لا يُسمح لك بتعلم أي تقنية من نوع الانقسام الجسدي.”

قال شي تشينغ بصوت خافت، بالكاد يُسمع، وقد غلفه الحزن والدهشة:

“لماذا…؟”

بدا صوته ضعيفًا، حزينًا، كصوت حيوان صغير جريح.

وفي ذهن تشين مو، تلاشى نصف غضبه، 

وتخيل فورًا باندا صغيرة مستسلمة تنام في كفه…

لكن تشين مو، رغم ذلك، بقي كما هو. 

من يعاني من اضطراب نفسي لا يشفى بسهولة.

كان بإمكانه أن يُدلله بلا حدود طالما لم يقترب من الخط الأحمر. 

وإن تجاوزه، فالقطع هو المصير، بلا أعذار:

“قلت لا.”

نبرته هبطت ثماني درجات دفعة واحدة، 

واهتز كيانه كله تحت وطأة ذلك الصوت.

شي تشينغ لم يكن يفهم حقًا ما الذي أغضب تشين مو.

تقنية الانقسام الجسدي كانت مريحة ومفيدة، وكان يرى أنه طالما أتقنها، يمكنه أن يبقى بجانب مضيفه دائمًا، بينما يرسل الجسد الآخر ليقوم بالاستكشاف أو تنفيذ المهام.

بالعكس، كان الأمر سينقذه من الارتباك المستمر!

فلماذا إذًا هذا الرفض القاطع؟

عبس شي تشينغ بقلق، وطأطأ رأسه. 

وبينما كان ينظر إلى الكتاب المفتوح، وقعت عيناه على سطر في أول صفحة، كتُب بخط كبير لا يمكن تجاهله:

“هذه التقنية أكثر ضررًا من نفعها، ولا يُنصح بتعلمها إلا في حالات يأس قصوى. 

ففي مراحلها المتقدمة، قد تؤدي إلى تمزق الروح وتلفها الدائم، والمعاناة الناتجة عنها ستلازم المتدرب مدى الحياة بلا علاج. 

كما أن الجسد المنقسم يعكس تمامًا حالة الجسد الأصلي، وأي ضرر يُصاب به ينعكس على الجسد الرئيسي.”

عندها، اتسعت ابتسامة شي تشينغ ببطء، وكأن شيئًا دافئًا قد غمر قلبه.

إذاً… كان مضيفه يقلق عليه!

كان واضحًا الآن: تشين مو لم يرفضه عبثًا، 

بل خشي عليه من فشلٍ قد يؤدي إلى تدمير روحه. 

بل وربما انهيار نفسي دائم!

(أشبه باضطراب الشخصية أو انفصام حاد، وإن لم يكن هذا المعنى الحرفي تمامًا).

ابتسم شي تشينغ من أذنه إلى أذنه، وبدأ خياله بالاندفاع دون توقف!

فكر للحظة… إن مضيفه صاحب شخصية معقدة، لن يُتعب نفسه بالتحليل إلا إن كان الأمر خطرًا فعلاً.

ببساطة، شعر بالخطر فقطع الموضوع من جذوره، وإن بدا أسلوبه قاسيًا، فهو ما زال يهتم به كثيرًا!

تأثر شي تشينغ حتى الأعماق… تأثر بمضيفه المصاب بخلل نفسي.

أما في عيني تشين مو، فقد تحولت تلك النظرة المركبة إلى: ⊙▽⊙

— طفل يبتسم والدموع تلمع في عينيه… واختفت شحنة الغضب المتبقية تمامًا.

جذبه إليه فجأة، وغرس قبلة قوية على شفتيه المنحنيتين.

شي تشينغ هذا… مصدر متاعب لا ينتهي!

ورغم مباغتة القبلة، لم يمانع شي تشينغ.

لقد اعتاد على مثل هذا، ولم تكن هذه المرة الأولى. بل في الواقع… شعوره بالدفء كان لطيفًا.

وحين أصبح بالكاد قادرًا على التنفس من شدة القبلة، تملص أخيرًا، وهو يلهث بخفة. 

لكن تفكيره لم يكن في القبل… بل في جبل الكنوز!

يجب أن أُنهي جمعها بسرعة!

لو حدث شيء مفاجئ واختفت، سيموت قهرًا!

ركل تشين مو جانبًا وعاد إلى العمل مثل نحلة نشطة!

أما تشين مو، فقد نظر إلى كتاب تقنية الانقسام السريّة الملقى على الأرض كما لو كان نفاية، وانحنى طرف فمه بابتسامة خافتة.

أي شيء قد يدفع شي تشينغ للابتعاد عنه… يجب أن يُمحى من الوجود.

— مثل هذا الكتاب.

أمسكه بيده، وهمّ بتحويله إلى رماد يذروه الريح، لكنه لم يستطع أن يمنع نفسه من إلقاء نظرة على الصفحة الأولى.

ثم… تذكر تصرفات شي تشينغ.

كيف له ألّا يفهمه؟ التحذيرات في الكتاب كانت بلا معنى بالنسبة له.

لو أراد شي تشينغ أن يتعلم هذه التقنية، هناك مئات البدائل الأفضل. وكانت تلك الأخطار ليست سوى تفاصيل ثانوية أمام إصراره.

لكن… أن يختار التراجع بنفسه، فهذا أفضل بكثير.

ابتسم تشين مو، وتحول الكتاب الذي تهافت عليه الكثيرون، إلى رماد في لحظة.

بالنسبة لشي تشينغ، فإن الثلاث ساعات التي خُصصت للتأمل بين المهام، مرّت كغمضة عين.

أخذ الكنوز وأدخلها إلى مساحة النظام بحماس، 

ثم بدأ بتنظيمها وتوثيقها وتبويبها… كأنما كان أمين مكتبة في قصر سماوي!

ومرت الساعات الثلاث في غمضة.

وحين فتحت مساحة النظام من جديد، كان لا يزال عطشانًا للمزيد!

لا أحد يشتكي من كنوز كثيرة!

ثم خطرت له فكرة… فعاد الحماس إلى عينيه من جديد.

ما إن يعودا إلى المساحة، سيتمكن من معرفة المكافآت!

خصوصًا أن هذه المرة كانت مختلفة: 

الذاكرة محظورة، وهناك مهمة فرعية… فبالتأكيد ستكون المكافآت صادمة!

سحب تشين مو معه بسرعة إلى داخل مساحة النظام.

ورغم أنه هيأ نفسه ذهنيًا، إلا أن ما رآه جعله يفتح فمه دهشة حتى كاد أن يبتلع بيضة أوزة!

يا إلهي! هذا كثير! قلبي الصغير لا يحتمل!

لأنهم أنجزوا جميع المهام دون أخطاء، بل ونجحوا أيضًا في إتمام مهمة عشوائية، فقد حصلوا على كم هائل من النقاط.

ارتفع مستوى المضيف بشكل كبير.

وبسبب صعوبة العالم الناتجة عن حظر الذاكرة، 

زاد حجم الخبرة المكتسبة، والمهمة الفرعية أيضًا منحتهم كمية إضافية ضخمة.

والنتيجة: وصل تشين مو إلى المستوى 20.

في كل مستوى، تُفتح عناصر جديدة في متجر النظام، وكل عشر مستويات ترفع من القيمة الأساسية للمكافآت.

قبل المهمة العشوائية، كان تشين مو في المستوى التاسع، وبعدها قفز إلى المستوى 16.

فعلًا، المهمة العشوائية كانت كنزًا لا يُقدّر بثمن!

والمهمة الأخيرة، بفضل نجاحها الكامل، دفعتهم إلى المستوى 20.

وبمجرد بلوغ هذا المستوى، أصبحت المكافأة الأساسية لكل مهمة 5000 نقطة.

لكن… بسبب ختم الذاكرة، كانت المضاعفة ×10!

لحظة!

لاحظ شي تشينغ فجأة أن مضاعفة العشر مرات تمت بعد إضافة مكافأة المهمة الفرعية!

كانت مكافأة المهمة الفرعية 15,000 نقطة، زائد النقاط الأساسية 5,000… ثم ضرب ×10…

200,000 نقطة!

كانت مكافأة تشين مو النهائية! صدمة كاملة!

أما دخل النظام، فرغم أنه انخفض للنصف، فقد حصل شي تشينغ على 100,000 نقطة كاملة!

هل هذا هو ما يسمونه… الطاغية الفوري؟

هذا جنون! (≧▽≦)/

كان شي تشينغ ما يزال غارقًا في عدّ الأصفار بسعادة غامرة، 

بينما كان تشين مو قد فتح متجر النظام بالفعل، دون تردد، 

وأنفق مئة ألف نقطة في لحظة واحدة.

حين رأى الحبة الصغيرة في راحة يده، بلونيها الأبيض والأسود المتناوبين، ارتسمت ابتسامة باهتة على شفتي تشين مو، 

ثم التفت إلى شي تشينغ وقال بهدوء:

“افتح فمك.”

شي تشينغ: “هم؟”

لم يفتح فمه، بل اكتفى بتوسيع عينيه بدهشة.

فأمسك تشين مو بذقنه، ولعق شفتيه الزهريتين برفق.

وبلا وعي، تراخى فك شي تشينغ، فانزلقت الحبة داخل حلقه مباشرة.

بلع!

لم يُدرك شي تشينغ طعمها حتى، كانت قد وصلت معدته بالفعل.

“ما الذي…؟”

لكن قبل أن يتمكن تشين مو من الإجابة، انطلق صوت في أذنه:

“تم تفعيل السلالة… بدء تقوية الجسد…”

وفي اللحظة التالية، انهمرت المعلومات على ذهنه كالسيل، فبادر شي تشينغ إلى استقبالها، وشيئًا فشيئًا، بدأ يفهم ما الذي يحدث.

اتضح أن تشين مو قد اشترى له جسد الباندا الصغيرة، وأطعمه إياه.

تذكر تمامًا أن ذلك الجسد كلّف 100,000 نقطة!

لكن… لا بأس، لقد كانت نقاطًا أُنفقت في محلها تمامًا.

فجودة هذا الجسد كانت عالية للغاية، والأهم من ذلك أنه من سلالة قابلة للتطور.

كان هناك مجال شاسع للنمو، وكل تطور يعني قفزة نوعية.

وقد رافقت السلالة مهارات حصرية خاصة بها.

وبما أن السلالة كانت لا تزال في مستواها الأول، فلم تُفعَّل سوى مهارة واحدة فقط.

لكن تلك المهارة وحدها كانت مذهلة بما يكفي—جدار الحديد.

كانت أشبه بحماية إلهية. 

ووفقًا للوصف، لا يوجد تقريبًا أي هجوم لا يمكنه صدّه.

صحيح أن المدة كانت قصيرة حاليًا، مجرد دقيقة، لكنها قابلة للتمديد مع ترقية المهارة.

حتى لو كانت قصيرة، فإن الوصول لمرحلة شبه مناعة تامة كان إنجازًا مذهلًا بحد ذاته.

والآن، بعد أن امتلك تقنية الهروب، ومع مهارة الدفاع الحديدية، شعر شي تشينغ أنه إن حصل على مهارة هجومية قوية واحدة فقط، فسيكون راضيًا تمامًا.

لكن… كانت هناك أمور أهم في هذه اللحظة.

نظر شي تشينغ إلى تشين مو بجدية، وقال بصوت دافئ:

“شكرًا لك!”

صحيح أنه كان قادرًا على شراء الجسد بنفسه، لكن المبادرة من مضيفه كانت مؤثرة بحد ذاتها، أليس كذلك؟

لكن قبل أن يبدأ ذهنه بالانزلاق نحو مشهدٍ درامي مشبع بالمشاعر والتأثر، استدار تشين مو وسعل بخفة:

“لا تترك باقي النقاط بلا فائدة. 

استخدمها كلها في تعزيز خصائص جسدك.”

كبح شي تشينغ فيض مشاعره، وأومأ بجدية:

“حسنًا، لا مشكلة!”

أما تشين مو، فكان لا يزال يحتفظ بنحو مئة ألف نقطة بدوره، واستغلها هو أيضًا لتعزيز جسده.

ويجدر القول… أن تقوية الجسد لم تكن بالأمر السهل.

في المراحل الأولى، كانت المتطلبات بسيطة، لكن كلما ارتفع المستوى، زادت التكاليف بشكل مضاعف.

وعند إضافة متطلبات التوافق مع بنية الجسد، أصبح الأمر أكثر صعوبة بشكل عام.

لكن، رغم كل الصعوبات، فإن إنفاق مئة ألف نقطة قد حول شي تشينغ إلى ما يشبه البشر الخارقين.

بالطبع، لم يُنفق النقاط كلها. 

أبقى نقاط احتياطية، واحدة منها للطوارئ النظامية، وأخرى لتخزين بعض الأدوية والأدوات المهمة.

وفي النهاية، تبقى معه عشرون ألف نقطة فقط.

بعد أن أكملا الاستعداد، ضغطا معًا على زر الانتقال، واستعدا للولوج إلى العالم التالي.

ظهرت خلفية العالم الجديد على الشاشة الكبيرة أمامهما.

شي تشينغ قرأها… ولم يستطع إلا أن يُصاب بالدهشة!

يا إلهي… ما هذا التعقيد؟!

رغم أنه خاض من قبل عالم الوحوش حيث يمكن للرجال إنجاب الأطفال من بعضهم، إلا أن هذا العالم… قد حطم جميع تصوراته السابقة!

ألم تعد علاقات ( رجل × رجل ) أو  ( امرأة × امرأة ) أو حتى ( رجل × امرأة ) كافية؟ 

ما قصة وجود ستة أجناس في هذا العالم؟!

وما معنى الفا وبيتا واوميغا؟!

رغم أنه استخدم لفافة اللغة العالمية من قبل، إلا أنه لم يتمكن من فهم تلك المصطلحات أبدًا عند رؤيتها!

وما بال هذه الكلمات الصريحة جدًا؟!

دورة الشبق، الحرارة، التعليم، التملك…

اللعنة! وماذا لو تحول المضيف إلى أوميغا؟!

وفور أن راودته هذه الفكرة، انتصبت أذنا الباندا الصغير في رأسه بحماس…


{ ملاحظة المؤلفة:

شي الغبي، تفكّر أكثر من اللازم! }

هل وجدت خطأ؟ قم بالإبلاغ الآن
التعليقات

التعليقات [1]

  1. Anonymous عضو
    45
    نظامنا الحلو أنت لي راح تصير أجمل اوميغا 🙈🤭