🦋

 لم يكن شي تشينغ قادرًا على إصدار أي صوت، كل ما استطاع فعله هو أن يفتح عينيه على اتساعهما لينظر إلى الصبي الواقف أمامه.

الانفجار العنيف الذي حدث قبل لحظات كان أوسع بكثير مما توقعه أحد، وجسد شيا نوه، بعد كل شيء، كان مجرد جسد بشري عادي.

حتى مع حماية تشي زيمو له، لم ينجُ من الأذى.

شعر وكأن كل عظامه قد انخلعت من أماكنها، وكان الألم لا يُحتمل حتى أنه اضطر لأن يعضّ على أسنانه.

كان شي تشينغ يعلم في قرارة نفسه أن هذا الجسد لن يصمد أكثر…

لكنه لم يرد أن ' يموت ' الآن.

ليس الآن!

لقد تلقى تشي زيمو بالفعل صدمة نفسية عنيفة، ولا يستطيع تخيّل ما قد يحدث له إن مات شيا نوه في هذه اللحظة!

إنه يحمل قوة مروعة، ويكره العالم إلى درجة لا تترك ولو بصيص ضوء في قلبه…

كان مجرد انعكاس مرعب للنسخة البالغة من تشين مو.

لا… هذا أسوأ حتى من تشين مو.

على الأقل، شي تشينغ كان لا يزال حيًّا في عالم تشين مو.

أما في عالم تشي زيمو، فقد… مات!

لا! لا يمكنه الموت! لا يمكن أن ينتهي الأمر هكذا!

بكل ما تبقى فيه من قوة، حاول شي تشينغ فتح عينيه، وتمسك بالحياة بعناد يائس، رغم أن روحه المرهقة كانت تصرخ من الألم.

لكن، لم يستطع إيقاف تسرب الحياة من جسده.

ومعها… كانت روحه، روح النظام، تنفصل تدريجيًا عن الجسد.

لم يستطع أن يتكلم، ولم يستطع أن يتحرك، 

فقط يفتح عينيه على اتساعهما ويشعر بالموت يزحف إليه من جديد، 

تاركًا في قلبه مرارة الندم… وألمًا لا يمكن وصفه.

وفي النهاية… لم يستطع أن يصمد.

طُرد من الجسد، وطفا في السماء، روحه خفيفة كريشة، لكن عقله… مثقل حتى كاد يختنق.

لقد مات… مجددًا.

وحين نظر إلى حالته الروحية، لم يرَ سوى طفل صغير، ضعيف، يحتضن جسدًا أكبر منه حجمًا.

كان يتحسس وجهه برقة، يعتني به كما لو أنه كنز لا يُقدّر بثمن،

كعصفور صغير وجد أخيرًا عشه…

وفي عينيه رضا خالص، وسكينة مميتة.

مشهد واحد، لكنه كان كافياً ليقطع قلب شي تشينغ إلى شرائح.

هذا لم يكن ما أراده…

هذا لم يكن المفترض أن يكون النهاية!

ثم… فجأة!

استفاق من صدمته!

نقطة الحفظ! كان هناك نقطة حفظ!

لقد حفظ قبل لقائه بتشي زيمو مباشرة!

يمكنه تحميل الملف، يمكنه أن يبدأ من جديد!

يمكنه أن يغيّر كل شيء!

شيا نوه لن يموت، وتشي زيمو لن يتحوّل إلى هذا الكائن المظلم…

سيحصلان على نهاية أفضل، سيكملان بعضهما البعض، وسيعيشان في سلام!

هرع شي تشينغ إلى الفضاء الخاص بالنظام، لكنه اصطدم بمشهد كالدلو البارد صُبّ فوق رأسه…

لم يستطع الدخول.

لم يستطع الدخول إلى الفضاء المشترك بينه وبين تشين مو.

بل وجد نفسه في فضاء النظام الأصلي… الأبيض، البارد، الذي لا يحوي شيئًا سوى الدفتر اليدوي.

ما الذي يجري؟

إذا لم يستطع دخول فضاء المضيف… فلن يتمكن من تحميل الملف، ولن يعود الزمن للوراء!

أصيب شي تشينغ بالذعر، فاندفع نحو الدفتر اليدوي.

وقبل أن يمد يده، فتح الدفتر نفسه تلقائيًا.

“المهمة لا تزال قائمة. 

لا يمكن الدخول إلى فضاء المضيف.”

برد قلبه فجأة.

فهم حينها فقط… أن المهمة لم تنتهِ بعد.

رغم موته، كان تشين مو لا يزال داخل ذلك العالم.

وطالما أن المضيف موجود، ستستمر المهمة حتى تكتمل… أو تفشل.

في الحالتين… لا إمكانية لإعادة التحميل.

إذًا… هكذا سينتهي الأمر؟

شيا نوه مات… وتشي زيمو جن جنونه.

هل هذه هي النهاية الوحيدة الممكنة؟

رغم غياب جسده، شعر شي تشينغ ببرودة تسري في عمقه كالسكاكين.

شيا نوه لا يمكن أن يموت!

اجتاحت ذاكرته لحظات لا تُنسى… والداه، صديقه الأشقر…

شيا نوه كان له عالمه الهادئ الخاص، والآن… دُمّر بسبب شي تشينغ.

وتشين مو… كيف يمكنه أن يتركه وحيدًا؟

تشين مو لم يكن يحمل أي ذكريات. لم يكن يعلم حتى ما هو هدف المهمة.

وشي تشينغ لا يستطيع إرسال رسالة إليه.

لا يستطيع الدخول إلى فضائه!

وبالتالي… تشين مو لن يُكمل المهمة.

سيختفي بمجرد موت تشي زيمو.

لا!! لا يمكنه السماح بهذا! لا يمكن أن يخسر كليهما!

استجمع قوته، ونظر إلى الدفتر مجددًا.

لابد من وجود طريقة!

بدأ يقلب صفحاته بسرعة، وكان الدفتر أشبه بمعجم ' كانغشي ' ، ثقيلٌ وممتلئ.

وأخيرًا… وجدها.

بفضل قدرات النظام الخاصة، يمكنه إصلاح الشخصية إذا ماتت في عالمٍ ما… لكن بثمن باهظ.

أولًا: عليه دفع 3009 نقطة.

وثانيًا: عليه الانتظار 20 عامًا لإكمال الإصلاح.

ارتعش جسده الروحي…

عشرين عامًا؟ هذا كثير!

واصل القراءة، وكان هناك خياران لتقليل المدة:

إما دفع نقاط إضافية، أو أن يدخل النظام نفسه جسد الشخصية ليُجري الإصلاح من الداخل.

شي تشينغ عضّ على ناصيته، واتخذ القرار:

سيفعل الاثنين معًا!

استخدم كل النقاط المتبقية لديه لتقليص المدة إلى عشر سنوات،

ثم دخل جسد شيا نوه لبدء الإصلاح الداخلي، ليُقلصها إلى خمس سنوات.

هذا هو الحد الأدنى… 

لم يكن بالإمكان تقليصها أكثر.

خمس سنوات… ستكون كافية.

عندما يعود شيا نوه، سيستطيع لقاء تشين مو مجددًا!

لم يفكر أكثر، بل اتبع التعليمات:

دفع النقاط، ثم اندمج في جسد شيا نوه.

الإصلاح الداخلي يختلف عن التنقل بين الأجساد…

لم يكن يشعر بألم شيا نوه،

لكنه بالمقابل… لم يكن يشعر بما يجري في العالم الخارجي.

لكن طالما كان بداخله، فإن خيطًا من الحياة سيبقى موصولًا.

لن يموت كليًا، لكنه أيضًا… لن يفيق.

شي تشينغ لم يكن يرى تشين مو، ولم يستطع التواصل معه.

وفي ذلك الظلام… لم يكن يملك سوى شيء واحد:

أن يُصلح.

وكان عليه أن يفعل ذلك، بينما العالم من حوله… ينهار.

تشي روي مات.

تشي لو مات.

وتشي زيمو… أصبح وحشًا.

أطلق العنان لبُعده… وانفجر العالم.

الانفجار دمّر المدينة بأكملها.

وتوالت صيحات الغضب:

اقتلوا الوحش!

انتقموا للضحايا!

تشي زيمو لا يمكنه أن يبقى حياً!

الحكومة جمعت أقوى القوات العسكرية،

وتحالفت العائلات الكبرى،

وحرّكت الأقاليم كلها جيوشها…

كلهم أرادوا صيد وحشٍ في الحادية عشرة من عمره.

لكن… كل ذلك كان بلا جدوى.

أقوى الأسلحة،

أشجع الجنود،

قوة البشرية بأسرها…

لم تكن كافية للمسّه.

كانت قوة تشي زيمو تبدو وكأن لا نهاية لها،

هجومًا ودفاعًا… سيطرته كانت كاسحة، كمن يُغلف السماء بقوته.

لم يكن شيئًا يمكن تصنيفه ضمن ' البشر ' أصلًا.

نعم… لم يكن إنسانًا.

في غضون عامٍ واحد فقط، صمد أمام هجمات العالم بأسره،

ثم… أسّس قوته الخاصة.

تكوّن ذلك الفصيل من حملة الأبعاد عديمة النفع،

لكن قوتهم… كانت ساحقة.

أُهملوا، واحتُقروا، وطُردوا من المجتمع.

حياتهم كانت سلسلة من الظلم والظلام.

ثم جاء تشي زيمو.

هو من أنار طريقهم،

علّمهم كيف يطلقون قدراتهم،

وكيف يصنعون من ظلامهم نورًا،

يرفعهم من الطين… إلى أعالي السحاب!

الأبعاد التي كانت تُسمّى عديمة الفائدة،

لم تكن كذلك قط.

لقد امتلكوا طاقة أقوى من أي شخص في هذا العالم.

استطاعوا التحكم بها، وتوجيهها،

وداسوا بها على كل متغطرسٍ ومغرور!

كان الوقت قد حان…

ليعرف أولئك الذين احتقروهم معنى السقوط إلى الجحيم،

ليتذوقوا ألم العذاب الأبدي!

امتدت الحرب على اتساع الكوكب،

وقام حاملو الأبعاد المرفوضة… بثورتهم.

كانوا الجنود الأقوى،

وقلبوا موازين العالم.

أخيرًا، أصبح مصيرهم بأيديهم.

وفي وسط كل ذلك،

كان تشي زيمو هو إيمانهم الوحيد، إلههم الأوحد!

لقد كانت حقبة الفوضى،

الحقبة الأشد ظلمة في التاريخ.

لكنها… لم تكن إلا البداية،

بداية الكابوس… وبداية المأساة.

في السادسة عشرة من عمره،

في أجمل مراحل العمر،

كان وجه تشي زيمو قد فقد ملامحه الطفولية.

تقلّصت عيناه قليلاً، وأصبحت نظراته حادة.

ملامحه لا تزال مثالية،

لكنها الآن نضجت، واشتعلت بجمال المراهقة المتوهج.

رغم كل ما تغيّر في العالم،

كان لا يزال يعيش في قصر عائلة تشي،

في نفس الغرفة القديمة، لم تتغير.

كل يوم… يعود،

يحتضن شي تشينغ إلى صدره،

ويغلق عينيه للراحة.

كان الطقس جميلاً اليوم.

أشعة الشمس اخترقت الستائر،

وقفزت أشعتها على السرير كجنية مرحة،

تضيء جسد الفتى النائم.

كان وجه شي تشينغ هادئًا،

وبشرته الوردية تحت الضوء بدت كلوحة فنية.

تشي زيمو حدق فيه بصمت…

ثم ابتسم،

وطبع قبلة خفيفة على جبينه، وهمس:

“شي تشينغ… حان وقت الاستيقاظ.”

لم يردّ الشخص النائم.

لكن تشي زيمو لم يغضب.

انحنى بلطف،

وبدأ يُلبسه ثيابه بعناية.

من البداية إلى النهاية،

كانت عيناه السوداوان تلمعان بدفء مفرط،

كما لو كان يدلل حبيبًا يُدللّه رغم عناده.

ثم حمله بين ذراعيه،

وجلسا سويًا عند النافذة.

أسند شي تشينغ إلى صدره،

وأمسك بيديه، ثم قال:

“أنظر، الأزهار تتفتح في الخارج.”

لكن شي تشينغ لم يتحرك.

لم يُجب.

ابتسم تشي زيمو،

وهمس في أذنه:

“لكن حتى أجمل زهرة… لا تقارن بك.”

شعر بوخز خفيف في قلبه،

فطبع قبلة أخرى على عنقه الأبيض،

ثم عانقه في سكينة،

ووجّه عينيه نحو الأفق.

حتى جاء صوت طرقٍ خفيف على الباب.

رفع تشي زيمو حاجبه:

“ادخل.”

فتح الباب،

ودخل شاب ذو شعرٍ قصير.

كان يان تشي.

بعد خمس سنوات من المعارك،

كَبُر جسده، اتسعت كتفاه،

واشتدت قامته.

لكن في عينيه…

حيرة ثقيلة.

أبلغ القائدَ بآخر التطورات في الجبهة،

فرد تشي زيمو:

“فهمت.”

عادة، كان يان تشي ينصرف…

لكن اليوم، بقي في مكانه.

قطب تشي زيمو حاجبيه:

“هل هناك شيء آخر؟”

خفض يان تشي رأسه نحو الأرض.

خمس سنوات مضت…

والعالم كله تبدّل.

لكن شعور تشي زيمو نحو شي تشينغ…

لم يتغير.

بل ازداد عمقًا وجنونًا.

في البداية،

كان يان تشي يأمل…

كان يتمنى أن يفيق شي تشينغ ذات يوم.

فهو من أنقذ سيده.

لكن…

مر عام،

ثم عامان…

ثم ثلاثة…

والآن خمسة.

وشي تشينغ… لا يزال نائمًا.

بات واثقًا… أنه لن يفيق.

لكن تشي زيمو…

غرق كليًا في حلمه.

عالم من خياله…

لا يريد الخروج منه.

يان تشي قبض على يديه بقوة،

وركع على الأرض بركبتَيه.

واجه الموت بعينيه،

وقال بصوتٍ مهتز:

“سيدي… أرجوك، دع السيد شي يرقد بسلام.”

بمجرد أن نطقت كلماته،

انطلقت أشعة سوداء حادة!

وخلال لحظة، غُمر ذراعه اليسرى بألم لاذع،

وسال منها الدم.

تشي زيمو احتضن شي تشينغ في ذراعيه،

وقف بثبات،

وعيناه كالصقيع،

وصوته مثل كسر جليد:

“اختفِ من أمامي… فورًا!”


{ ملاحظة المؤلفة:

“وأخيرًا وصلت لهذه النقطة، يا لها من نشوة! 

(عيون متلألئة)

لا تقلقوا، المهمة شارفت على الاكتمال~” }

هل وجدت خطأ؟ قم بالإبلاغ الآن
التعليقات

التعليقات [1]

  1. Anonymous عضو
    49
    حبيت التطور جدا وشو راح يصير بس يصحى من الغيبوبة