كان على وجه تشي روي ابتسامة متعجرفة،
وعيناه تلتمعان بخبثٍ واضح بينما يحدّق بالطفل الواقف أمامه.
“ألست ذكيًا؟ ألست فخورًا بنفسك؟ وماذا بعد؟
أنت لا تزال مجرد قمامة!”
لقد… فقد تشي روي صوابه تمامًا!
وبينما كانت مشاعر شي تشينغ تغلي بالغضب، بقي تشي زيمو هادئًا بشكل مقلق.
كأن الكلمات لم تصل إليه أصلًا، ولم يكن يرى شيئًا في هذا المكان… سوى شي تشينغ.
عيناه السوداوان، العميقتان كهاوية، لم تبتعدا عن وجهه لحظة واحدة.
سحب تشي روي شي تشينغ بقسوة نحو صدره، وأشهر مسدسًا نحو رأسه مباشرة، ثم قال ببرود قاتل:
“تريده؟
إذًا من الأفضل لك أن تتصرف كما أريد.”
لم يُحرّك تشي زيمو عينيه عن شي تشينغ،
وسأل بصوت منخفض، بلا أي اضطراب:
“ماذا تريد؟”
صرخ تشي روي بانفعال:
“ماذا أريد؟! أنت تعرف، ومع ذلك تسأل!
أريد استعادة سمعتي!
أريدك أن تعترف بأفعالك الدنيئة، أن تكشف حقيقتك للعالم، يا مختل!
وأهم من كل شيء… أريدك أن تتنازل عن حقك في وراثة عائلة تشي!”
شعر بلذة جارفة تملأ صدره كمن تخلّص من جبل جثم فوقه عمرًا كاملاً.
رفع رأسه بنشوة، تعلو وجهه ملامح الظفر:
“هاهاها! لقد استسلمت بالفعل!
ببُعدك التالف هذا، أنت لا تستحق حتى دخول مدرسة، فكيف بوراثة العائلة؟!
لا تحلم حتى بـ—”
“حسنًا، أعدك.”
تجمّد تشي روي في مكانه.
لم يتوقع أن يُذعن بهذه السرعة.
لكنه لم يلبث أن ضحك بجنون.
لو كان يعرف كم يعني له ذلك الفتى، لكان استخدمه منذ زمن بعيد!
لكن… لن يسمح لنفسه بالتقليل من شأن تشي زيمو مجددًا.
الكلمات وحدها لا تكفي. ما يهم هو الإثبات!
أشار لأحد رجاله بجلب المعدات التي أُعدت مسبقًا، وصوّب الكاميرات نحو تشي زيمو.
أما شي تشينغ، فجسده كان مشلولًا بالكامل،
مقيدًا بإحكام، لا يستطيع حتى الصراخ…
لكنه رأى كل شيء.
ما أُحضِر لم يكن سوى معدات تصوير كاملة.
وفي لحظة، فهم شي تشينغ ما الذي يريد تشي روي فعله…
تفجرت مشاعره كبركان! لم يكره أحدًا في حياته بهذا الشكل من قبل!
كم كرهه! كم تمنى لو يُمحى من الوجود!
لماذا؟ لماذا يُعذّب طفلاً؟ لماذا يدفعه لهذا الحد؟
إنه مجرد طفل في الحادية عشرة! لم يخطئ بشيء! لماذا يريد تدميره؟
أراد أن يصرخ… أن يمنع كل هذا.
بقدرات تشي زيمو، كان يستطيع الهرب!
كان عليه أن ينساه، أن يهرب ويترك هذا المجنون خلفه!
هو نفسه لن يموت… هو نظام، لا يمكن أن يموت!
لكنه لم يستطع الكلام… خرجت فقط تأوهات مكتومة.
ثم تذكّر—الرسائل النظامية!
بعث شي تشينغ برسالة عاجلة إلى تشي زيمو:
“اهرب! لا تقلق علي، ارحل فورًا!”
وجاء الرد سريعًا:
“لن أتركك.”
شي تشينغ عاد يكتب:
“أنا نظام، لن أموت.
بمجرد أن تذهب، سأجد طريقي للخروج!”
وصمت الطرف الآخر لوهلة، ثم كتب:
“هذا ما قالته أمي قبل أن ترحل أيضًا… آسف، لا أريد أن أُخدع مرة ثانية.”
حدّق شي تشينغ في تلك الكلمات… وعجز عن الرد.
لم يبقَ سوى طعم مرّ يملأ صدره.
جلس تشي زيمو أمام الكاميرا، وبنبرة باردة، تخلّت عن أي تردّد، قال:
“أنا من آذى تشي زيهوي وتشي زيروي.
أنا من أمسك بيد تشي روي وجرح معصمه.
أنا من لفّق التهمة.
كل شيء كان بسببي.
تشي روي بريء.”
نطق ' الحقيقة ' التي أرادها تشي روي… ومع ذلك لم يبدُ الأخر راضيًا.
قال بسخرية:
“من سيسدقك هكذا؟ سيظنون أنني أهددك!
دعهم يرون حقيقتك! دعهم يرون أنك لست طفلًا طبيعيًا، بل… وحش!”
ثم أمر بإحضار صخرة ضخمة ولوح حديدي.
“هيا، أرهم قوتك!”
تقدم تشي زيمو نحو الصخرة.
مدّ يديه الصغيرتين والناعمتين، ثم ضرب بقوة!
تحطمت الصخرة إلى فتات.
ثم التفت نحو اللوح الحديدي، وضربه مرة واحدة، فانحنى في شكل مقوس…
لكن يديه احمرّتا فورًا، وتورّمتا من الألم.
تشي روي شعر بالدهشة. أما شي تشينغ… فقد كان يتمزق من الداخل.
لو أنه فقط كان أقوى… لو أنه فقط كان أكثر حرصًا… لما وصل تشي زيمو لهذه اللحظة.
لقد ترك كرامته… كرامته التي كانت أثمن من حياته… وسحقها!
لم يستطع أن يتخيل كيف يشعر تشي زيمو الآن.
قد لا يُظهر شيئًا على وجهه، لكن لا شك أنه يتفتّت في أعماقه.
كل ما كان يتمناه شي تشينغ… أن لا يكون هو من دفعه إلى حافة الهاوية.
لكن كل ما استطاع فعله الآن هو المشاهدة… العاجزة!
عينا تشي زيمو بقيتا معلقتين على شي تشينغ طوال الوقت، لا يرمش، لا يلتفت.
مشاعره اشتعلت داخله حتى كادت تحرقه.
كأن النظر إليه فقط هو ما يمنع تلك النيران من التهام جسده بالكامل.
هذا الشخص… هو خلاصه، هو كل ما تبقى له.
حتى لو خسر كل شيء… حتى لو دمّر العالم… لا يمكنه أن يخسره.
كأن الفكرة حُفرت في عظامه، وسرت في دمه، وامتلكت كيانه بالكامل.
هو له… ولن يكون لغيره!
كل من يحاول أخذه… كل من يؤذيه… يجب أن يموت!
نعم، الموت!
لماذا لا يموتون جميعًا؟!
الظلام ازداد عمقًا في عينيه، وانطفأت آخر شرارات الضوء.
طالما ماتوا جميعًا، لن يتمكن أحد من أخذه.
طالما اختفوا… سيكون بإمكانه أن يعيش معه إلى الأبد.
يا له من عالمٍ جميل!
عالم لا يسكنه سوى شي تشينغ…
عالم يخصّه وحده!
ارتسمت ابتسامة خفيفة على زاوية فمه.
تلك الابتسامة، على وجهه الطفولي، بدت جميلة بشكل مروّع!
كان تشي روي على وشك طيّ الكاميرا في رضا، لكنه تجمد فجأة وهو ينظر إلى تشي زيمو.
شعر بقشعريرة تزحف في عموده الفقري…
رغم أنه الطرف المسيطر… لماذا شعر بهذا الخوف؟
لا بأس!
حتى لو كان هذا الوحش قويًا، فقد أحضر معه عشرين رجلًا مسلحًا…
لا يمكن أن يحدث شيء!
تشي زيمو نظر إليه بصوت منخفض:
“هل يمكنني أخذه الآن؟”
عند سماع كلمات تشي زيمو، عاد تشي روي إلى وعيه تدريجيًا.
تلاشى ذلك الإحساس الغريب بالخوف شيئًا فشيئًا.
نعم! معه ورقته الرابحة! ما الذي يدعوه للقلق حتى؟
ومع مواجهة سؤال الطفل، قال أخيرًا ما ظلّ يكتمه في قلبه طويلاً، مشبعًا بلذة الانتقام:
“يا ابن أخي الطيب… كم أنت ساذج! تصدق كلام الكبار؟
تريد أخذه؟ لا… لن يأخذك أحد، ولن تأخذ أحدًا.
هذا المكان سيكون قبراً… لك، وله معك!”
وفور أن نطق بهذه الكلمات، انفجر ضاحكًا بلا قيود!
كل الغُصص التي كان يحملها تبخرت!
لقد انتصر! استعاد سمعته!
أزاح كل العقبات عن طريقه!
هو الوريث الحقيقي لعائلة تشي!
وأخيرًا… استعاد ما كان له منذ البداية!
يريد تشي زيمو أن يعيش؟
فليحلم!
كيف يمكنه أن يتركه حيًا، بعد كل ما حدث؟
بعد هذه العداوة التي لا تغتفر؟
نظر إلى تشي زيمو بملامح مفعمة بالزهو،
كان يريد أن يرى وجه ذلك الوحش الصغير يتلوّى بالرعب واليأس!
لكن…
“أهكذا إذاً؟”
رفع تشي زيمو رأسه قليلًا.
وعيناه السوداوان التصقتا به من جديد.
لا تزال تلك الابتسامة الخفيفة تعلو شفتيه، كالملائكة حين تهبط على الأرض… ولكن بشيء مخيف.
“هذا المكان… هو حقًا قبر.”
“قبوركم!”
اتسعت عينا تشي روي رعبًا، وهو يرى الصبي يقترب منه بسرعة مرعبة.
رفع سلاحه فورًا وأطلق!
الرصاص انطلق بدقة نحو صدر تشي زيمو…
لكن ما تلا ذلك، كان مشهدًا يجمّد الدم!
رفع الصبي رأسه قليلاً،
وفجأة… انبعث ضوء أزرق أمامه،
صدّ الرصاصة!
تلاشى الضوء،
وأكمل سيره،
كأن شيئًا لم يكن.
صُعق الجميع في المكان!
تشي روي شعر بقشعريرة تغزو عموده الفقري.
صرخ بجنون:
“أطلقوا النار الآن! اقتلوا هذا الوحش!”
الرصاص مزّق الهواء،
لكنه لم يمس الطفل في المركز.
الضوء الأزرق كان درعًا طاقيًا يحميه تمامًا.
شي تشينغ، حين رأى هذا، تذكّر شيئًا…
وفهم الحقيقة في لحظة خاطفة:
يا إلهي!
تشي زيمو… أخيرًا استوعب!
كان يُطلق تلك الطاقة الوحشية من بُعده!
لا! لا يمكنه فعل هذا! إنه خطر جدًا عليه الآن!
أرسل له رسالة على الفور:
“تشي زيمو!
لا تستخدم طاقة بُعدك!
إنها قوية جدًا، ولن تستطيع التحكم بها!”
لكن دون أن يتلقى ردًا…
فتح تشي زيمو فمه،
وبصوت عميق، أجش، مُغرٍ ومُخيف، قال:
“لا بأس يا شي تشينغ… أنا هنا.
سأحميك.
سأبقى معك إلى الأبد.
لن يفرقنا أحد… أبداً!”
وما إن سقط صوته،
حتى رفع يده مجددًا.
انطلقت شعاع قرمزي قاتم من أطراف أصابعه،
اندفع مباشرة نحو رأس تشي روي!
مرت القوة القاتلة عبر جمجمته،
وتفجرت سُحب الدم،
عينا تشي روي تجمدتا، ووجهه تجمّد بدهشة لا تصدق!
ثم… انبعثت أضواء لا تُحصى من جسد تشي زيمو،
اندفعت كسيول قاتلة في كل اتجاه،
وحيثما وصلت، تحوّلت الأرض إلى دماء!
المستودع المظلم، الرطب،
تحوّل إلى جحيم قرمزي!
لكن… لم يتوقف الانفجار.
بل بدا كأن سدًّا قد فُتح.
الطاقة اندفعت بجنون لا يُرد، لا يُحد، لا يُوقف!
تشي زيمو، في قلب الدائرة،
كان كقنبلة نووية انفجرت!
الليل أُضيء بنور أبيض فاقع،
ثم جاء الانفجار…
زلزل الأرض!
قوة قادرة على تدمير العالم أُطلقت… بلا نية مسبقة.
الطمع الدنيء أيقظ الشيطان النائم.
دمّر كل شيء، احرق كل شيء…
فكل هذا العالم قذر، ملوّث، لا يستحق الوجود.
انحنى تشي زيمو، ورفع جسد شي تشينغ اللاواعي.
احتضنه إلى صدره، واقترب من عنقه،
ثم، وهو يرتعش بشهوة… لعقه برفق، وهمس:
“شي تشينغ… لم يبقَ سوانا.”