520.
تأمّل شي تشينغ الرقم المدوَّن على البطاقة، وعبست ملامحه.
صحيح أن عيد الحب قد لا يكون له وجود في هذا العالم، لكن… ألا يُعدّ رقم 520 رقمًا جميلًا؟
همم… لا بأس، ما دام الرقم ليس 250، فكل شيء بخير!
لكن الأعين في هذا اليوم لم تكن مركزة على الأرقام، بل على أصحابها.
فأكثر من سيتلقى الاهتمام في هذه الدورة من التقييم هم أبناء عائلة تشي.
على رأسهم، تشي زيمو، وكذلك توأما تشي روي.
أما تشي زيروي، فما تزال تُطوّق عنقه اتهامات ثقيلة، وكلما حاول تبرير موقفه، ازداد الطين بلّة.
فالسنوات التي أمضاها في التنمّر على تشي لو لن تُغتفر بهذه السهولة،
وها هو الأخر الآن يستغل الفرصة لرد الصاع صاعين.
لذا، في هذا اليوم الحاسم، لم يحضر تشي لو الحفل.
أما شي تشينغ، فحين عرف بالأرقام التي سحبها أبناء تشي روي الآخرين، لم يتمالك نفسه من الضحك:
واحد رقمه 250، والآخر 500…
يالها من مصادفة!
لكن للأسف، لم يكن في هذا العالم من يفهم المغزى الرمزي لتلك الأرقام، بل ظنّوا أنها أرقام متناغمة، وبدت لهم وكأنها مناسبة سعيدة!
في اليوم الثاني من التقييم، لم يحضر شي تشينغ ولا تشي زيمو، لكن تشي زييوان، أحد أبناء تشي روي، صعد إلى ساحة التقييم.
وبما أن التقييم يُبثّ مباشرًا، فإن أي متقدِّم يملك بعدًا بمستوى 3 أو أكثر يُعرض ويُجرى معه لقاء خاص.
وبما أن دماء عائلة تشي تسري في عروقه، كان من المنطقي أن يكون مستواه الثالث على الأقل.
لكن النتيجة… كانت صفعة مدوّية!
بُعده من المستوى الثاني فقط!
وفوق ذلك، كان بُعدًا من نوع واحد فقط، مخصص لاستخراج الموارد، ولم يكن المورد إلا… خام الحديد العادي!
بالضبط مثل والد شيا نوه…
اصفرّ وجه تشي زييوان.
عادة، لا يُعرض من هو أقل من المستوى الثالث، لكن لكونه من أبناء عائلة تشي، وفي ظل الفضيحة الكبرى التي طالت والده، كانت الأنظار عليه.
النتيجة؟
صاحب مستوى ثانٍ، يُعامل كما لو أنه صاحب بُعد من المستوى الخامس…
لكن بدل الهتافات، تعرّض لوابلٍ من السخرية!
أما شي تشينغ، فحين شاهد الطفل على الشاشة، لم يشعر بالشماتة، بل تنهد بصمت.
لقد تعلّم، من أجل تشي زيمو، كيف يُعدّ الجسد والعقل قبل التقييم.
ومَن كان يعيش وسط عائلة مثل عائلة تشي،
مع أب كـ تشي روي، وأخوة لا يُعتمد عليهم،
فكيف له أن يملك عقلًا هادئًا؟
خصوصًا بعد ما جرى مؤخرًا…
أن يرى أسرة كاملة تتهاوى، ويظل صامدًا؟ مستحيل.
نعم، نظريًا، كان يجب أن يملك مستوى أعلى بفضل الموارد والدم النبيل.
لكن واقعيًا، التوتر والانهيار النفسي قد يُدمّر أي فرصة.
وبهذه النظرة، زاد قلق شي تشينغ…
ماذا عن تشي زيمو؟
فهو لم يكن مجرد شاهد في تلك الفضيحة، بل كان الضحية!
لكنه لم يُظهر قلقه، بل دفنه في قلبه.
بعيدًا عن خيبة تشي زييوان، ظهر حصانٌ أسود مفاجئ في اليوم الثاني:
طفل من أسرة عادية، لكن بُعده كان من المستوى الخامس!
وفجأة، أصبح نجم اليوم.
وخلال ساعات، ظهر والديه على الشاشات، يتحدثان بخجل عن أساليب التربية،
بينما كانت وسائل الإعلام تُغرقهم بأسئلتها.
أما بقية النتائج، فكانت طبيعية:
%80 من الطلاب الجدد حصلوا على بُعد من المستوى الأول.
%18 حصلوا على المستوى الثاني.
والبقية كانت مستويات نادرة أعلى،
وبينهم… كان الوحيد من المستوى الخامس.
جاء اليوم الثالث.
تشي زيمو، رقم 520.
تم تحديد تقييمه في الصباح، فوصلا إلى المركز باكرًا.
كان في مجموعة تضم 20 طالبًا، وسبقه في الترتيب تشي زيدان، ابن تشي روي الآخر.
بعد ما حدث مع زييوان، شعر زيدان بضغطٍ كبير،
حتى إنه، عندما رأى تشي زيمو، لم يرغب إلا بالابتعاد عنه، ولم يعد يهتم بالانتقام.
ظهرت نتيجته أخيرًا — بُعد من المستوى الرابع.
لم يكن سيئًا.
ورغم أنه لم يتباهَ، إلا أن زفرته الثقيلة كانت كافية لتعبّر عن ارتياحه.
لم يُحاول السخرية من تشي زيمو، فقد كان مستوى 4 هو الحد الأدنى المقبول لعائلة تشي.
وأخيرًا…
حان دور تشي زيمو.
رافقه شي تشينغ، كما حضر تشي لو رغم إرهاقه، ووصل باكرًا.
اجتمعوا عند بوابة القاعة.
وحين اقترب لحظة الوداع، أخرج شي تشينغ ابتسامته الهادئة، رغم أن راحتيه كانتا متعرّقتين،
وقال بلطف:
“سأكون في الخارج بانتظارك.”
أومأ تشي زيمو، “همم.”
أما تشي لو، فكان توتره لا يقلّ عن شي تشينغ.
هذا الابن… هو الثمرة الوحيدة لحبه الحقيقي.
كل ما بناه، وكل ما سعى إليه، كان ليورثه له.
راودته آلاف الكلمات، لكنه لم يستطع البوح إلا بجملة واحدة، وهو يمسك بيد ابنه:
“طالما كان جيدًا، فهذا يكفي.”
رفع تشي زيمو عينيه ونظر إليه، ثم قال، بهدوء نادر:
“لا تُرهق نفسك كثيرًا… خذ قسطًا من الراحة.”
توسعت عينا تشي لو من الدهشة،
لكن قبل أن ينطق، كان ابنه قد استدار ودخل.
أما شي تشينغ، فلم يكن يملك الوقت لتطييب خاطر الأب الرقيق، فقد كان على أعصابه تمامًا.
وأخذ يُواسي نفسه:
حتى لو لم يكن بُعد زيمو مميزًا… لا بأس!
بُعد شيا نوه خرافي!
سأغطي عليه! سأحميه!
لكنه كان يعرف…
تشي زيمو نشأ وسط بيئة قاسية، وحساسيته تجاه الفشل مرتفعة.
كلما ارتفعت التوقعات… كان السقوط مؤلمًا أكثر.
خصوصًا مع تشي زيمو، الذي ورث طبع تشين مو الحاد.
فالأشخاص أصحاب الشخصية المتقلبة هم أكثر من يخشون الفشل، وإن خابت آمالهم،
قد ينهارون فجأة ويخرجون عن السيطرة، ولا تسعهم عندها تسعة ثيران!
سيكون ذلك كارثة حقيقية.
لهذا، كان شي تشينغ يتوسل في أعماقه أن تكون نتيجة تشي زيمو مُرضية!
تقييم الأبعاد كان مقسومًا إلى ثلاث مراحل:
1. قياس المساحة الكلية.
2. تحليل الخصائص الداخلية.
3. مرحلة مُعزّزة لتقييم التفاصيل الدقيقة.
وكانت النتائج تُعرض بعد نهاية كل مرحلة.
المرحلة الأولى هي الأسرع، إذ لا تتجاوز خمس أو ست دقائق قبل أن تُعرض النتائج على الشاشة في الخارج.
وقف شي تشينغ وتشي لو في توتر شديد، يرفعان أعينهما نحو الشاشة العملاقة.
وقد تم ترتيب الأسماء بحسب أرقام التقييم التي سُحبت.
ظهرت أول ثلاثة أسماء، وكانوا جميعًا يحملون أبعادًا صغيرة لا تتجاوز نصف المتر.
ثم… في الاسم الخامس، ظهر اسم تشي زيمو.
وفي اللحظة التالية، شهق الجميع بذهول!
تشي لو نهض واقفًا من شدة الصدمة.
“تشي زيمو، مساحة البعد: 100,000 وحدة مربعة!”
مساحة بُعد تشي زيمو تعادل عشرة أضعاف مساحة بُعد تشي لو نفسه!
ما هذه الأرقام؟!
يا للذهول!
أما شي تشينغ، فقد انعقدت قبضتاه من الحماس والقلق في آنٍ معًا.
“لا تتسرع، لا تتسرع… دعنا نرى الخصائص، هل هناك تفاصيل مميزة؟”
كان تشي لو يكاد يُجنّ من شدة الإثارة.
أراد أن يقتحم الغرفة ويرى بعينيه إن كانت النتائج حقيقية، لكنه تمالك نفسه، فالتقييم لم ينتهِ بعد، وعليه الانتظار.
منذ ظهور نتائج تشي زيمو، باتت كل النتائج اللاحقة فاقدة للقيمة.
فالجميع تحوّلوا للحديث عن مساحة المئة ألف وحدة مربعة المذهلة.
ومهما كانت الخصائص، فقد أحدثت هذه النتيجة زلزالًا في الأوساط الأكاديمية والسياسية.
منطقة لانشين بأكملها شعرت بالحماس،
فتواجد حامل لبُعد بهذه القوة ضمن حدودها يعني:
• فرص أكبر للحصول على الموارد.
• جذب الجنود والدعم العسكري.
• منافسة أوسع على عروق أحجار الطاقة.
• استقطاب سكان واستثمارات جديدة.
باختصار…
بداية عصرٍ جديد!
بدأت المرحلة الثانية،
وكانت أبطأ قليلًا،
لكنها أيضًا تُعرض خلال خمس أو ست دقائق.
الجميع كان يحدّق بالشاشة بترقّب، ينتظرون اسم تشي زيمو.
ولكن…
مرّ الوقت،
وظهرت أسماء الآخرين،
إلا أن اسم تشي زيمو لم يظهر!
ما الذي يحدث؟
شعر شي تشينغ بأن شيئًا ما ليس على ما يرام.
في هذه اللحظة، خرج أحد المقيمين وتوجه مباشرة إلى تشي لو وهمس له:
“سيد تشي، نرجو منك المجيء معنا.”
قطّب تشي لو جبينه، وهمّ بالنهوض، لكن شي تشينغ سارع بالسؤال:
“سيدي، هل يمكنني مرافقته؟”
ثم أمسك بذراع تشي لو ليُعينه.
بسبب وقوفه المفاجئ، شعر تشي لو بدوار،
ولم يستطع الاتزان إلا بمساعدة شي تشينغ.
فقال للمقيم: “نحن معًا.”
لم يعترض المقيم، لكن ملامحه كانت قلقة ومليئة بالأسى، وكأن ما سيُعرض عليهما ليس خبرًا سارًّا.
عندما دخلوا، كانت الغرفة مليئة بأكثر من عشرة مقيمين وخبراء أبعاد.
الجميع كان محدقًا في الشاشات، يتناقشون، بل يتجادلون بانفعال!
ما إن دخل تشي لو وشي تشينغ، حتى التفتت إليهم الأنظار.
لم تكن هناك حاجة للتعريف، فالجميع يعرف تشي لو.
دخلوا في صلب الموضوع فورًا:
“سيد تشي، بخصوص بُعد ابنك… هناك مشكلة.”
اقترب تشي لو وسأل بصوت مشحون:
“هل يمكنني رؤية ذلك؟”
“بالطبع.”
عرضوا له مقطع فيديو قصير.
وما إن ظهر المشهد، حتى اتسعت حدقتا تشي لو وارتجف جسده.
كان شي تشينغ يشاهد أيضًا.
المشهد لم يكن طويلًا، بل لا يتجاوز الثواني الخمس… لكنه كان مُبهمًا ومعقدًا للغاية.
لا سماء زرقاء، لا تربة، لا خامات.
بل خيوط من الضوء المتشابك، ألوان متداخلة، أضواء تُشبه الشفق القطبي لكنها مُقلقة ومهيبة بشكل لا يوصف.
جميلة حد الرعب.
قال تشي لو، وصوته يضطرب:
“هل هذه لقطات من داخل بُعد تشي زيمو؟”
“نعم. ولم نتمكن سوى من تسجيل خمس ثوانٍ فقط.
كل مجسٍّ نرسله… يتحطم فور دخوله.”
“لا نستطيع النفاذ إلى البُعد مطلقًا.”
ازداد وجه تشي لو شحوبًا.
وفهم شي تشينغ المشكلة في الحال.
إذا كانت المجسّات لا تصمد، فكيف يمكن الزراعة أو الحصاد هناك؟
مساحة مئة ألف وحدة… قد تكون كلها عديمة الفائدة!
شعر شي تشينغ بقشعريرة تسري في ظهره…
{ ملاحظات المترجم :
520 تُلفظ بالصينية كـ ' أحبك '، وتُعتبر من رموز عيد الحب في الصين.
الرقم 250 يُعد شتيمة بالصينية، كناية عن الغباء، لأنه يرمز إلى نصف عقل. }