🦋

 تحطّم عالم سونغ لين تشو بالكامل بسبب كلمات تان مينغ تشينغ.

كاد أن يهتف دون وعي:

“أليس تان يوي عمك؟!”

لكنه تمالك نفسه في اللحظة الأخيرة.

وعندما استعاد في ذاكرته ' رجولة ' تان يوي ليلة البارحة… أدرك فجأة أنه ربما ارتكب خطأً جسيمًا.

ربما… قد أخطأ في الشخص.

تماسك سونغ لين تشو وضبط مشاعره المتخبطة، ثم سأله بنبرة هادئة ظاهرًا:

“أي عم تقصد؟ ذاك الذي ورّثك شيئًا؟”

لم يلحظ المتّصل أي فخ في السؤال، فأجاب ببساطة دون تردد:

“نعم، عمي الحقيقي. لديه تعاملات تجارية مع عمي الآخر. 

فقط قل له تان يوي مينغ، وسيفهم.”

لم يعد سونغ لين تشو يسمع ما قاله بعد ذلك. رأسه بدأ يطنّ، وأفكاره تركض في كل اتجاه كخيلٍ هائج.

هل تان مينغ تشينغ مختل عقليًا؟! 

هذا الرجل ليس عمّه الحقيقي.

إذًا، لماذا يناديه بـ العم الصغير؟!

في عائلة سونغ، يُطلق على إخوة الأب البيولوجيين فقط ألقاب العم الكبير أو الصغير. 

أما غيرهم، فيُنادى بأسمائهم مع العم، مثل العم يوي.

تان يوي ليس عمّه، فلماذا هذه الألفة؟

ألم يشعر بالخجل؟!

كل الألم الذي يعيشه سونغ لين تشو الآن… سببه هذا اللقب الملعون!

وحين طال صمته، تابع تان مينغ تشينغ قائلاً:

“أعرف أنني أخطأت سابقًا، وأنا آسف… سأفعل أي شيء لأعوّضك. 

فقط أرجوك، لا تورّط عمل عمي بسبب خلافنا. 

هذا ليس لعب أطفال. 

حتى لو جرحتك، لا داعي لأن يصل الأمر إلى هذا الحد.”

بدأ صوته يرتجف من الغضب.

في نظره، نعم، لقد أساء إلى سونغ لين تشو، ويستحق أن يُعاتب. 

لكن تلك ' الإساءات ' تبقى في دائرة الأخلاق.

أما العبث بشركات العائلة… فذلك مبالغة غير مبرّرة.

منذ العام الماضي، بدأ تان يوي بتهميش عمه تدريجيًا. صحيح أن الخطوات كانت هادئة، لكن نتائجها كانت واضحة للجميع.

في بداية هذا العام، أنهى تان يوي رسميًا شراكة وانوو مع شركة عمه. شركة كانت تنهار ببطء بسبب مرض العم، وهذا الانفصال كان ضربة قاضية.

ومن دون دعم عائلة تان، لم يبقَ أمام العم إلا الإفلاس.

وبحسب منطق تان مينغ تشينغ، لا بد أن سونغ لين تشو هو من حرّض على ذلك.

فلماذا يعاديهم تان يوي فجأة؟

رغم بروده، لم يكن أبدًا بالشخص الذي يُهاجم دون سبب.

سونغ لين تشو… كان شرسًا جدًا.

لكنه، رغم كل شيء، ما زال يراه ملاكًا طيّب القلب.

لكن لا بد من التعامل مع الواقع. 

لا مفر.

لين تشو هو الأمل الأخير.

فخفض صوته أكثر وقال:

“عمي بنى شركته بجهد عمر، وقد صار على فراش الموت الآن… إن تلقى ضربة الإفلاس، لن يتحمّلها.”

“صحيح أنك لم تقتل بوه رن، لكن بوه رن مات بسببك. لا أريدك أن تحمّل ذنبًا مثل هذا، أنت شاب يا لين تشو، أفهمني.”

ملاحظة: بوه رن (伯仁) هو اسم يُذكر غالبًا في عبارة مأثورة شهيرة في الثقافة الصينية، أصلها من التاريخ القديم:

“أنت لم تقتل بوه رن، لكن بوه رن مات بسببك.”

المعنى:

العبارة تُستخدم للإشارة إلى حالة الضرر غير المباشر — أي أنك قد لا تكون الفاعل المباشر للأذى أو الموت، ولكن بسبب تصرفاتك أو قراراتك، تسببت في نتيجة مأساوية لشخص آخر.

الأصل التاريخي:

تُنسب إلى دو يو (杜预) في فترة أسرة جين الغربية. 

استخدمها للتعبير عن شعوره بالذنب، عندما قالها بعد وفاة شخص اسمه بوه رن، متأثرًا بقرار سياسي أو عسكري اتخذه دو يو، رغم أنه لم يقتله مباشرة.

كانت تلك الجملة الأخيرة ابتزازًا عاطفيًا من الطراز الرفيع، لكن لها وقعها. 

هدأت ملامح سونغ لين تشو قليلًا.

لكنه لم يتمالك نفسه من الضحك، وقال:

“آه؟ وماذا تريدني أن أفعل إذًا؟”

ظنّ تان مينغ تشينغ أنه بدأ يلين!

فرح قلبه، وقال في نفسه:

الشكر للآله، لا يزال قلبه طيبًا!

فأسرع قائلاً:

“أطلب منك فقط أن تقول لعمي… ألا يُنهي المشروع المشترك بين وانوو وشركة عمي. 

فقط هذا…”

ثم توقف قليلاً، وأضاف بصوت متردد:

“وإن أمكن… أن يُبقيه ضمن دائرة النفوذ في عائلة تان. 

لقد بنى علاقاته بشق الأنفس طوال هذه السنين.”

سونغ لين تشو لم يكن غبيًا. 

فهم فورًا ما الذي فعله تان يوي.

أولًا: أنهى مشروع وانوو مع شركة عم تان مينغ تشينغ.

ثانيًا: أخرجه من شبكة علاقات عائلة تان، وتركه يُصارع وحده.

كانت نبرة تان مينغ تشينغ توحي وكأنه يظنّ حقًا أن تان يوي قد فقد صوابه، وصبّ جام غضبه على عمّه دون رحمة.

أهذا هو كلّ ما في الأمر؟

ضحك سونغ لين تشو ضحكة خفيفة، تحمل كثيرًا من السخرية.

لم يفهم تان مينغ تشينغ سبب ضحكه، فشارك في الضحك بحماقة، ثم قال برجاء:

“فهل يمكنك مساعدتي إذًا؟”

فجاءه صوت سونغ لين تشو كالسهم:

“أيمكنني؟ أيها الأحمق!”

نادراً ما استخدم سونغ لين تشو كلمات نابية، لكنه هذه المرة لم يتمالك نفسه:

“هل خالف تان يوي القانون؟ أو انتهك الأخلاق؟ 

أو خرق ناموس السماء؟ كيف تُحمّلني مسؤولية موت بو رن؟! لأن عمّك عقد شراكة مع شركته، فصار لزامًا عليهما البقاء متلازمين إلى الأبد؟ وإن حدث شيء، فالمسؤولية تقع عليّ؟!”

ساد صمت على الطرف الآخر.

ثم أردف، بنبرة لاذعة:

“ما دمتَ مغرمًا إلى هذه الدرجة بالفضيلة، فلمَ لا تفتتح مدرسة في الأخلاق؟ 

ستحقق ثراءً يفوق كل خيال.”

وختم كلماته بكلمة واحدة:

“سافل!”

ثم أنهى المكالمة فورًا، وحظر الرقم، وألقى هاتفه على السرير بانفعال.

لكن حركة كهذه أعادت إليه ألمًا موجعًا في موضع استُنزف أكثر مما يحتمل، فشهق من شدّة الألم وسحب نفسًا عميقًا.

وفكّر، بغصّة:

ما كان هذا سوى خطأ كارثي.

لطالما آمن بأن تان يوي هو العم المريض، ولم يتردد لحظة واحدة، رغم كثرة التناقضات.

ألم يقل تان مينغ تشينغ إن عمه يعامله كابنه؟ 

لكن تان يوي بالكاد يعامله كمجرد معرفة.

ثم إن تان يوي، ما عدا تلك الأزمة الصحية الطارئة، يتمتع بصحة جيدة، ولا تبدو عليه علامات مرض عضال. 

وإن وُجد مرض خفي، ألم يكن جدّه –الرجل الصارم المستقيم– ليمنعه من الزواج بدلًا من أن يزج به في علاقة طويلة الأمد؟ 

أليس هذا نوعًا من الإضرار المتعمّد؟

كل هذه الإشارات لم تثر شكوكه يومًا!

كان أعمى… أعمى بكل معنى الكلمة.

وتذكّر كيف راوده بالأمس بكل جسارة، كيف قدّم نفسه للذئب طواعية…

فودّ لو تنشقّ الأرض وتبتلعه.

في تلك اللحظة، سُمِع طَرقٌ خفيف على الباب.

ارتجف جسد سونغ لين تشو توترًا.

جاءه صوت كبير الخدم، ليو، من خلف الباب:

“سيد لين، هل استيقظت؟”

كان تان يوي قد أوصاه بأن يعتني به، وقد سمع صوت مكالمة في الداخل، فعلم أنه استيقظ، وانتظر حتى انتهت المكالمة قبل أن يطرق الباب.

تنفّس سونغ لين تشو الصعداء بصمت.

لحسن الحظ، لم يكن تان يوي.

فأجاب بصوت منخفض.

قال السيد ليو:

“هل أُحضر لك الطعام إلى غرفتك، أم تنزل لتتناول الغداء؟”

رغم أنه كان لا يرغب في الحراك أصلًا، فإن مجرد التفكير بأن خدم الفيلا كلّهم قد يعتقدون أن السيد لين قد عجز عن النزول لأنه… لم يقدر على الجلوس، كان ذلك ضربة لكرامته كرجل.

لا!

كرامته لا تسمح له بمثل هذه الإهانة.

فقال:

“سأنزل بنفسي.”

ذهب كبير الخدم ليُخبر المطبخ، بينما عاد سونغ لين تشو إلى غرفته مترنّحًا.

أراد أن يغتسل أولًا، وما إن مدّ يده ليخلع قميص النوم، حتى لمح شيئًا في إصبعه البنصر.

خاتم.

في النظرة الأولى، بدا بسيطًا، من الذهب الأبيض. لكن بتأمّل أدق، ظهرت تفاصيل دقيقة تنمّ عن تصميم فني فائق.

حينها، تذكّر أنه، وهو بين اليقظة والنعاس، شعر بتان يوي يضع شيئًا في إصبعه، وتمتم بكلمات خافتة:

“عيد حب سعيد.”

إذن… هذا هو هديته التي فاتته.

كم هو منافق!

يتظاهر بعدم الاكتراث، ثم يقدّم له خاتمًا بهذه الرمزية في عيد الحب!

أيّ عاقل سيرى هذا ويظن أنه رجل مستقيم الطبع؟!

زمجر ساخرًا، ثم اتجه إلى الحمّام ليغتسل.

لكنه، حين نظر إلى نفسه في المرآة…

تجمّد.

عنقه وعظام ترقوته كانت مزروعة ببقع حمراء كأنها مزرعة فراولة ناضجة.

حقول الإنتاج لا تُضاهي ' المحصول ' الذي خلّفه تان يوي عليه.

ذاك الرجل البارد المتزن… يتحوّل في السرير إلى وحش!

تمتم، بغيظ:

“وغد!”

لكن بعد لحظة، شعر أن هذه الشتيمة ليست كافية…

ارتدى قميصًا عالي الياقة ليخفي آثار المجزرة، وجرّ ساقيه المنهكتين نحو مائدة الطعام.

وهنا… واجه مشكلة أكثر إيلامًا:

لم يستطع الجلوس.

حتى مع وجود وسادة خفيفة على الكرسي، بقيت المشكلة الأساس بلا حل…

على الرغم من أن تان يوي كان قد وضع له الدواء بينما كان نائمًا، فإنها كانت المرة الأولى، والمنطقة المعنية قد تعرضت لاحتكاك عنيف. 

أي حركة كبيرة، دع عنك الجلوس، كانت تجعله يلهث من الألم.

ذلك الوغد تان يوي، كأنه كان يعوّض فجأة عن سنوات من الحرمان دفعة واحدة، أليس كذلك؟

صرّ سونغ لين تشو على أسنانه بغضب. 

في المرة القادمة، لن يسمح له بتصرف كهذا!

أما الآن، فالمشكلة الكبرى هي: كيف سيجلس أصلًا؟

“شباو لين”، خرج كبير الخدم ليو من غرفة التخزين، ممسكًا بوسادة ناعمة، ووضعها على الكرسي قائلاً: “اجلس هنا.”

“…”

عندما لمح سونغ لين تشو ابتسامة ليو المليئة بالمعرفة والدهاء، احمرّ وجهه من أعلى رأسه حتى شحمة أذنه، شعور بالحرج اجتاحه دفعة واحدة. 

لحسن الحظ، لم يكن في غرفة الطعام أحد سواه، فمشى بخطى بطيئة حتى الكرسي وجلس.

رغم أن الألم ما زال قائمًا، إلا أن الوسادة خففت الوطأة إلى حدٍّ كبير.

كان الطعام الأساسي عبارة عن عصيدة، والمقبلات خفيفة للغاية.

بالأمس، كان قد أجبر تان يوي على تناول العصيدة، وها هو اليوم يدفع الثمن. 

ومع ذلك، كان يعلم أن الأمر يصب في مصلحته، فلم يكن له إلا أن يتناول الملعقة بصمت.

“أين ذهب تان…جيجي؟” سأل سونغ لين تشو فجأة.

“السيد خرج لبعض الوقت.” 

أجاب كبير الخدم بهدوء.

“آه…” أومأ سونغ لين تشو برأسه، ثم تساءل فجأة: “هل ذهب إلى الشركة؟”

سكت السيد ليو للحظة: “……”

كان كبير الخدم على وشك إيجاد عذر ماكر، 

لكن سونغ لين تشو رفع يده ليوقفه.

لقد فهم الأمر. 

من المؤكد أن تان يوي ذهب إلى الشركة. 

فبالأمس كان عيد الحب، والشركة التي سرقت بيانات مشروعهم كانت تقيم حفل إطلاق منتج جديد، فلا بد أن تان يوي ذهب لاستكشاف الوضع والتخطيط لهجوم مضاد.

في السابق، كان سونغ لين تشو قلقًا من أن يرهق تان يوي نفسه رغم مرضه العضال وقد يموت… أما الآن؟ هيه.

بقوته التي أظهرها بالأمس، إن مات فسيكون ذلك معجزة!

همف! يبدو ككارثة امتدت لآلاف السنين!

كان قلب سونغ لين تشو يغلي بالغضب، لكن شفتيه لم تستطيعا منع نفسيهما من الارتفاع قليلًا في ابتسامة باهتة.

الرجل العجوز ليس مصابًا بمرض عضال، وهذه وحدها كافية لتجعله يشعر بالفرح، حتى ولو قليلاً.

فقط قليلاً.

رأى كبير الخدم أن سونغ لين تشو لا يبدو غاضبًا، فتجرأ وقال بحذر: 

“قال السيد إنه سيعود قبل العشاء.”

أجابه سونغ لين تشو باستخفاف: 

“ومن يهتم إن عاد أو لم يعد؟”

سعل كبير الخدم بخفة، وهو يتذكر كيف أن سيده قد بالغ في أذيته حتى جعل سونغ لين تشو، الذي طالما اهتم به، يصل إلى هذه الحال.

لكن… نظر كبير الخدم إلى الخاتم الجديد الذي يزين إصبع سونغ لين تشو، وابتسم برضى.

لقد تحوّل التمثيل الكاذب إلى واقع حقيقي، 

ولم يعد هناك حاجة ليفكر في الرحيل.

شرب سونغ لين تشو ثلاث أوعية من العصيدة العطرة قبل أن يبدأ بالشعور بالحياة تعود إليه.

وبينما كان يستعد للعودة إلى غرفته ليستريح، سمع صوت محرك سيارة في ساحة المنزل—لقد عاد تان يوي.

تصلّب جسد سونغ لين تشو فجأة.

لم يكن يعلم كيف سيواجه تان يوي الآن.

معرفته بأن تان يوي لم يكن في الحقيقة عمًّا بيولوجيًا لتان مينغ تشينغ، وأنه لا يعاني من مرض عضال، جعلته يشعر بالفرح، لأنه لم يكن مستعدًا لتجربة ألم الفقد من جديد.

ذلك الألم، الذي يشعر فيه وكأن العالم كله انطفأ من حوله، ولا يبقى سوى ظله، يمشي وحيدًا في الظلام، بلا وجهة.

لكن، هدفه من الاقتراب من تان يوي لم يكن بريئًا—كان يريد الانتقام من ذلك الحقير، وانتزاع حقه في الميراث، وكل ما فعله من إغواء ومبادرات جريئة كان لأجل هذا الهدف. 

كان ذلك الهدف أشبه بنور يرشد خطاه، 

يدفعه للاستمرار رغم قسوة الرجل الصلب.

نعم، يمكن القول إنه كان يُكنّ له مشاعر.

كان يحبه بالفعل… لكن، لم يكن ذلك الحب العميق الذي يصل إلى حد العشق.

ومع ذلك، ها هي علاقتهما قد قفزت فجأة خطوات إلى الأمام، وما فعله الليلة الماضية جعله يبدو وكأنه مغرم به حد الجنون.

وهذا… وضعه في مأزق.

إن طلب من تان يوي أن يعيد علاقتهما إلى ما كانت عليه قبل شهر، فهل سيظنه ذلك النوع من الرجال الحقيرين الذين يرتدون سراويلهم ثم يفرّون هاربين؟

غطّى سونغ لين تشو وجهه بإحراج، مدركاً أن كل هذا بدأ بسبب تان مينغ تشينغ، ذلك الوغد عديم الضمير!

حتى أنه طلب مساعدته! 

مجرد أنه لم يركله حتى الآن يُعد شفقةً ورحمة!

وبينما كان سونغ لين تشو غارقاً في دوامة أفكاره، فتح الباب فجأة بصوت “نقرة”.

دخل تان يوي من الخارج، والريح الباردة ما زالت تلتف حوله كوشاح شتوي ثقيل.

رغم أنه لم ينم سوى بضع ساعات في الليلة الماضية، بدا منتعشاً وكأنه ربح جائزة كبرى تقدر بعشرات الملايين. 

كان ينبض بالحيوية والانطلاق.

وفكر سونغ لين تشو في سبب هذه الحيوية، فغاصت أسنانه في شفته غضباً.

وجه تان يوي كان أكثر برودة من الهواء الخارجي، لكنه ما إن وقعت عيناه على الشاب الجالس في غرفة المعيشة حتى انصهر هذا الجليد بلطف.

“أفقت؟” قال تان يوي، وهو يخلع معطفه ويناوله لكبير الخدم ليو.

ألقى كبير الخدم ليو نظرة ذات مغزى لتان يوي، وكأنها تقول: “سونغ لين تشو يعرف تماماً إلى أين ذهبت.”

رفع تان يوي حاجبه وكأنه يستعد للعاصفة.

لكن، على غير المتوقع، اكتفى سونغ لين تشو بردٍ باهت: “همم”، دون أن ينبس بكلمة أخرى.

بدّل تان يوي حذاءه واقترب منه، وسأل بصوت خافت: “هل أنت غاضب؟”

رمقه سونغ لين تشو بنظرة حانقة، وكأن لسان حاله يقول: “أنت كاذب، بالطبع أنا غاضب.”

فكر في كذبة الليلة الماضية، حين أقسم تان يوي أنه لن يفعلها مجدداً، ثم عاد ليهاجمه مرتين إضافيتين حتى أغشي عليه. 

كان الغضب لا يزال يعصف بداخله.

تنهد بضيق، ثم أشاح بوجهه عنه، رافضاً حتى النظر إليه.

ضحك تان يوي بخفة.

مدّ يده بلطف ليمسح شيئاً من طرف فم الشاب، ربما نقطة حساء صغيرة، لكن سونغ لين تشو ارتجف من لمسته، إذ كانت شفتاه لا تزالان منتفختين جراء ما حدث البارحة.

كانت لمسة خفيفة، لكنّها كافية لإرسال تيار كهربي في جسده، حتى فروة رأسه شعرت به.

ارتدّ سونغ لين تشو خطوتين إلى الوراء على الفور، هارباً من يد تان يوي المذنبة. 

لكن حركته المفاجئة تسببت بتنشيط موضع أكثر حساسية مما ظن، فخرج منه أنين لا إرادي.

قطّب تان يوي جبينه وسأله: “أين يؤلمك؟”

“…أليس الأمر واضحاً؟”

“هل رأيت المرهم والورقة التي تركتهما على منضدة السرير؟ هل وضعت المرهم بنفسك؟”

تخيل سونغ لين تشو نفسه وهو يضع ذلك المرهم… فقط الفكرة كانت كفيلة بجعل وجهه يحمرّ حتى أذنيه. 

تمتم وهو يتلعثم: “مـ ما شأنك أنت؟”

ساد الصمت لثوانٍ، ثم قال تان يوي: 

“لأن لي علاقة بالأمر.”

سونغ لين تشو: ؟

“لأني أنا السبب.”

ما هذا؟! هل لديه الجرأة ليقول ذلك؟ 

ألا يشعر بذرة ندم لخداعه ذلك الطالب الجامعي البريء البارحة؟

نظر تان يوي إليه بتمعّن، وفهم من تعابير وجهه أنه لم يضع المرهم.

قال بنبرة هادئة: 

“دعني أضعه لك، وإلا ستظل تشعر بعدم الراحة.”

تهرّب سونغ لين تشو من يده بسرعة وهدر في وجهه: “لا تظن أنني لا أعرف ما تخطط له! 

هيه، لا تجرؤ حتى على الاقتراب من… مؤخرتي، لا لشهرين… بل لثلاثة أشهر قادمة!”

تان يوي: “…”

هل وجدت خطأ؟ قم بالإبلاغ الآن
التعليقات

التعليقات [0]