🦋

 كانت الأجواء متوترة إلى أقصى حد.

حين تكلم تان يوي، لم يكن في صوته أي نبرة انفعال، لكن مع ذلك، كان حضوره يفرض ضغطًا هائلًا على الجميع. حتى أن أجساد كل من تان مينغ تشينغ وتوآن توآن ارتجفتا قليلًا تحت وقع هيبته.

أما فروة رأس سونغ لين تشو فقد شعرت بوخز خفيف من شدة التوتر.

مرت نظرات تان يوي عليهم ببرود، حادة كحد السيف، ومن زاويته كان يبدو وكأن تان مينغ تشينغ يحتضن سونغ لين تشو نصف احتضان.

قبض تان يوي يديه بجانبه بقوة وقال بصوت بارد: “تعال هنا.”

كان من الواضح من يخاطب.

تردد سونغ لين تشو للحظة، ثم دار حول توآن توآن وتان مينغ تشينغ وسار نحو تان يوي.

عندما وقف أمامه، كان يشعر بتوتر خفيف، 

خفض رأسه ونادى بهدوء: “جيجي.”

لكن تان يوي لم يرد عليه، بل رفع يده ولمس برفق عنق سونغ لين تشو.

ثم شعر الأخير بملمس قماش يحتك برقبة جلده، ولم يدرك إلا حينها أن ياقة قميصه كانت ملتوية.

أعاد تان يوي ترتيب ياقة قميصه بلطف، وسوّى التجاعيد عليها بهدوء وبطء. 

حركاته كانت طبيعية، أشبه بعلاقة حميمية بين زوجين، فيها مزيج من الحنان والتملك، وكأنّه يعلن أمام الجميع هذا ملكي.

أما تان مينغ تشينغ، فشحب وجهه من وقع المشهد أمامه.

والشخص الآخر الذي كان يوشك أن ينفجر من الغضب، هو ذلك الطفل الذي رأى زوجته تُنتزع منه هكذا أمام عينيه!

أما سونغ لين تشو فلم يتفاجأ كثيرًا. 

في النهاية، ما العيب في بعض الاستعراضات العلنية؟ فالرجل الناضج معتاد على هذه الألعاب.

سحب تان يوي يده، ثم عاد ببرود ليوجه نظره نحو تان مينغ تشينغ مرة أخرى.

قال بهدوء لكنه مليء بالتهديد: 

“يبدو أنكما كنتما تتحدثان بحماس، أليس كذلك؟ أود أن أسمع أنا أيضًا.”

تلعثم تان مينغ تشينغ: “أنا… نحن…”

قبل قليل كان يتباهى أنه سيتحمل اللوم نيابة عن سونغ لين تشو، لكنه حين واجه تان يوي وجهًا لوجه، اكتشف أنه في الحقيقة ليس بتلك الجرأة.

أما توآن توآن، الذي شعر أنه قد تسبب لنفسه بمشاكل كثيرة مع عمه، فهم أن حياته أصبحت في خطر. لكن هذه كانت فرصة ذهبية لينقذ نفسه ويتخلص من خصم في آن واحد.

فقال بسرعة: “هذا الشخص السيء كان يطارد جيجي بلا توقف، ويصر على أن جيجي ما زال يحبه، ورفض أن يرحل!”

تان مينغ تشينغ: “…”

كل كلمة قالها هذا الصغير كانت صحيحة، 

لكن بمجرد أن جمعت معًا بدت وكأنها كارثة.

رأى تان مينغ تشينغ وجه عمه يزداد برودًا، فلم يجرؤ على السماح لتوآن توآن بالاستمرار في الكلام، فبادر بسرعة: “عمي، في الواقع… لقد كنت على علاقة بسونغ لين تشو لفترة، لا أعلم إن كنت تعرف.”

لم يرد تان يوي.

اضطر تان مينغ تشينغ للاستمرار: 

“لم يمضِ سوى أقل من نصف عام منذ انفصالنا، ثم تزوجك مباشرة. أخشى أنه ما زال يحمل مشاعر نحوي، وربما يعتبرك مجرد بديل عني. فكرت أنه لو أوضحت لك الأمر بنفسي، ربما كنت ستلومني أنا بدلاً منه، فأنا أيضًا أتحمل جزءًا من المسؤولية.”

وأخيرًا تحدث تان يوي: “مسؤولية ماذا؟”

هل هذه هي النقطة الأساسية؟

كتم تان مينغ تشينغ رغبته في مسح العرق البارد عن جبينه وأكمل متماسكًا: 

“المسؤولية عن… عندما كنت أواعده، أحببت شخصًا آخر، وجرحته. عمي، أرجوك لا تلومه. هو تصرف هكذا لأنه كان مكسور القلب. في الحقيقة، هو شخص جيد ومميز. كل الخطأ كان مني.”

بعد أن أنهى حديثه شعر تان مينغ تشينغ ببعض الراحة.

انظروا، أنا شجاع. أتحمل مسؤولية أفعالي.

أما سونغ لين تشو، فقد فقد حتى الرغبة في رفع عينيه من شدة السأم.

يا له من كارما سيئة أن أكون قد واعدت شخصًا مثلك.

قال تان يوي بنبرة باردة خالية من أي مشاعر: “علاقاتك العاطفية كثيرة للغاية، يبدو أن وقتك فائض عن حاجتك.”

شعر تان مينغ تشينغ بشعور سيء.

وبالفعل، أكمل تان يوي: “بداية من الفصل الدراسي القادم، لن تتلقى أي مصروف من العائلة. 

يبدو أن لديك وقتًا كافيًا لتعتني بنفسك.”

اصفرّ وجه تان مينغ تشينغ.

منذ أن أخبر تان يوي عمه بأن مصروفه الشهري لن يتجاوز ألف يوان، وحياته أصبحت صعبة. 

لكن لحسن الحظ، كان والداه يمنحانه عشرة آلاف شهريًا، فكان يستطيع أن يعيش بشكل مقبول.

لكن الآن، إذا أوقف والديه أيضًا الدعم، فكيف سيعيش؟ هل سيبحث عن عمل؟

لو حدث ذلك، فسيسخر منه أصدقاؤه!

بدأ يتوسل بقلق: “عمي، أنا…”

لكن تان يوي قطع عليه الحديث بإشارة من يده: 

“أنا لا أناقش معك.”

“…”

كان وجه تان مينغ تشينغ يتلون بين الشحوب والخضرة. كان من الواضح أنه كان يريد أن يلتمس العذر من عمه، لكن ما إن رأى البرود الذي ارتسم على وجه تان يوي حتى ابتلع كلماته مضطرًا.

شعر سونغ لين تشو بسعادة خفية وهو يرى تان مينغ تشينغ يعاني.

كان يظن أن تان يوي يدلل تان مينغ تشينغ، 

لكن يبدو الآن أنه يعامله مثل الباقين.

رؤية تان مينغ تشينغ يرتجف خوفًا من عمه جعلت سونغ لين تشو يدرك أن تان يوي لا يفرّق بينه وبين بقية أبناء العائلة.

وبينما كان الشيطان الصغير في قلبه يقفز فرحًا، اقترب من تان يوي وهمس له: “جيجي، ألا يزال يحصل على مظاريف حمراء في رأس السنة الصينية؟”

كان قد سمع تان مينغ تشينغ يتفاخر مطلع هذا العام أنه يحصل على مظاريف حمراء تتجاوز المئة ألف يوان.

رد تان يوي ببرود: “لن يحصل عليها هذا العام.”

تان مينغ تشينغ: “…”

تغير لون وجه تان مينغ تشينغ عدة مرات، 

لكنه لم يجرؤ على الاعتراض.

في النهاية قال بانكسار: “مفهوم يا عمي.”

رد تان يوي بتنهيدة خفيفة، مشيرًا له بالمغادرة.

كان سو تشان الذي جاء ليبحث عن تان مينغ تشينغ قد شاهد كل شيء بوضوح. 

لم يغضب من كلمات تان مينغ تشينغ، بل كان شاردًا وهو يحدق في تان يوي.

يا له من رجل وسيم… لو فقط…

خفق قلب سو تشان بقوة. لو استطاع أن يخطف تان يوي ويصبح زوج رئيس أول عائلة أرستقراطية في هايدو، لكان الناس سيعبدونه أينما ذهب.

عندها، لن يكون تان مينغ تشينغ وحده من ينحني أمامه، بل حتى عمه سيضطر للركوع.

بعد مغادرة تان مينغ تشينغ، حاول توآن توآن أيضًا أن يتسلل بعيدًا عن نظر تان يوي، ملتصقًا بالحائط.

لكن تان يوي قال دون أن ينظر: “إلى أين تذهب؟”

جمد توآن توآن في مكانه.

ثم تدلى رأسه واقترب بخطى بائسة: “عمي…”

كان مظهره مضحكًا للغاية، ولم يستطع سونغ لين تشو إلا أن يربت على رأسه.

احتك توآن توآن بكف سونغ لين تشو مثل جرو صغير مطيع.

زاد سواد وجه تان يوي أكثر.

قال تان يوي ببرود: “أليس لديك وقت فراغ أيضًا؟”

هز توآن توآن رأسه بسرعة مثل طبلة يدوية: 

“لا يا عمي، أنا مشغول جدًا، أذهب للمدرسة، وأتدرب على العزف، وأرسم، وأقوم بالأعمال اليدوية!”

غطى سونغ لين تشو وجهه، شعر أن هذا الطفل انتهى.

وفعلاً، قال تان يوي: “إذًا لديك واجبات غير كافية. من الآن فصاعدًا، تتدرب على البيانو ساعة إضافية يوميًا.”

توآن توآن: ؟؟؟

هل أنت شيطان؟

كأن صاعقة ضربته، بكى توآن توآن وقال: 

“أنت تتنمر على الأطفال، وووو.”

تان يوي: “ساعتان.”

توآن توآن: “…”

كاد توآن توآن أن يموت من الغيظ. 

كان يخشى أن يفرض عليه عمه المجنون المزيد من التدريب، فظل يرمق سونغ لين تشو بنظرات استغاثة، لكن تان يوي وقف مباشرة بينهما، ليقطع عليه حتى بصيص الأمل.

“…”

حقير، بلا خجل، منحرف!

قبض توآن توآن قبضتيه الصغيرتين وشتم عمه في قلبه بأبشع الأوصاف، لكنه ما إن التقت عيناه بنظرة عمه الباردة حتى ارتجف وهرب باكيًا من جديد.

نظر سونغ لين تشو إلى ظهر توآن توآن القابع في الهروب، وقال بقلق: “أليس من السيء أن يُجبر طفل صغير على التدريب بهذا القدر؟”

ابتسم تان يوي بسخرية: 

“لو لم أُجبره، لأجبره والداه.”

“آه…” أومأ سونغ لين تشو بفهم، شعر فجأة بالشفقة على توآن توآن.

في هذه اللحظة، اقترب تشينغ بين بخطوات هادئة.

همس: “سيدي، السيدة تان وصلت، وتطلب رؤية السيد سونغ.”

زوج السيدة تان كان أخًا بيولوجيًا للجد تان، وبعد وفاة ذلك الجيل الواحد تلو الآخر، أصبحت السيدة تان الأكبر مقامًا في عائلة تان.

الجميع كان يخاف من تان يوي، لكنها وحدها كانت تجرؤ على الوقوف في وجهه بفضل مكانتها.

على سبيل المثال، جميع المدعوين وصلوا في الموعد المحدد ولم يتجرأ أحد على التأخر، لكنها تعمدت الحضور في منتصف الحفل لتُظهر مكانتها الخاصة.

لكن تان يوي لم يكن من النوع الذي يتأثر بهذه الحيل، وقال ببرود: “دَعْها تنتظر.”

“حسنًا يا سيدي.” 

بدا تشينغ بين معتادًا على هذا الموقف، وأكمل: “لقد أعددنا غرفة استراحة، هل تود الذهاب الآن مع السيد سونغ؟”

أومأ تان يوي بهدوء.

لم يكن سونغ لين تشو يفهم ما الذي يتحدثان عنه، لكنه تبع تان يوي إلى غرفة استراحة أخرى.

كانت هذه الغرفة أكثر فخامة بكثير من السابقة. كان النُدُل يدخلون ويخرجون وهم يدفعون عربات الطعام، وكانت الطاولات ممتلئة بأطباق شتى.

رغم أن الطعام كان وفيرًا في الحفل، إلا أن توافد الضيوف عليهما حال دون تمكنهما من تناول أي شيء.

لم يكن سونغ لين تشو يشعر بالجوع من قبل، لكن ما إن رأى بخار الطعام يتصاعد حتى قرقرت معدته.

عندما دخلوا الغرفة، أسرع أحد النُدُل ليسحب لهما كرسيين.

قال تان يوي: “تفضل بالجلوس.”

جلس سونغ لين تشو على أحد الكراسي ووضع هدية توآن توآن بعناية إلى جانبه. سأل النادل بلطف إن كان يرغب في تخزينها، فأجابه سونغ لين تشو بأنه سيأخذها معه لاحقًا إلى قاعة الحفل.

لم يكن يعلم بعد ما الذي أهداه له توآن توآن، 

لكنه أوصى النادل قائلاً: “لا تكسرها.”

“نعم يا سيدي.” أجابه النادل باهتمام وهو يلتقط الحقيبة الصغيرة بحذر، “سأعتني بها جيدًا.”

نظر تان يوي إلى الحقيبة الصغيرة بتعبير غير ودي وقال ببرود: “هدية من توآن توآن.”

لم تكن جملة استفهامية، بل كانت تصريحًا.

رغم أن توآن توآن كان يعتبر سونغ لين تشو عشيقه السري، إلا أن سونغ لين تشو لم يجد في الأمر ما يدعو للقلق، في النهاية توآن توآن مجرد طفل، فابتسم قائلاً: “نعم، أنا نفسي لا أعلم ما الذي أهداني إياه، متحمس لأكتشف.”

أطلق تان يوي همهمة خفيفة دون أن يعلق، وبدأ بتناول الطعام.

كان الطعام في هذا الفندق الفاخر من فئة الخمس نجوم ممتازًا، وكان سونغ لين تشو جائعًا فأكل بنهم. لكن عندما التفت، لاحظ أن تان يوي بالكاد لامس طعامه.

“جيجي، ألا تشعر بالجوع؟” 

سأل سونغ لين تشو باستغراب.

هل يمكن أن يكون هذا الشخص صعب الإرضاء إلى هذا الحد؟

كان سونغ لين تشو قد اكتشف مؤخرًا أن تان يوي شخص دقيق جدًا في الطعام، يرفض أكل العديد من الأطباق إن لم تُحضَّر بطريقة معينة، لا يحب الأطعمة التي تحتوي على القرع، ويشترط أن تُستخدم البصل والزنجبيل والثوم كمنكهات فقط، وإن تم فرمها وخلطها في الطبق فإنه لا يتناولها.

لكن تان يوي وضع عيدانه بهدوء وحدّق به: “بديل؟”

“كح كح كح!” 

كاد سونغ لين تشو أن يختنق بلقمة من الطعام.

لم يكن من المستغرب أن يثير هذا الموضوع قلق تان يوي، فحتى وإن لم يكن يُكن له مشاعر حقيقية وكان زواجهما مجرد عقد مصلحة، فلن يرضى أبداً أن يكون مجرد بديل، خاصة لابن أخيه. 

هذا سيكون قمة الإهانة لرجل بفخره.

سعل سونغ لين تشو عدة مرات قبل أن يستعيد أنفاسه وقال بسرعة: “مستحيل! أنا توقفت عن الإعجاب به من اللحظة التي اكتشفت فيها خيانته.”

تابع تان يوي النظر إليه.

“أقسم!” كاد سونغ لين تشو أن يرفع يده ليحلف. “لقد واعدته لشهرين أو ثلاثة فقط، وخلال تلك الفترة كنت مشغولًا بالتحضير لمسابقة ولم يكن لدي وقت لأراه. 

هو من ذهب ليرتبط بزميلي في السكن.”

“أنت بارع جدًا في المغازلة، ألم تستخدم نفس الحيل معه؟” سأل تان يوي ببرود.

“أبدًا! كنت باردًا جدًا معه. 

عندما لا يرسل لي رسائل على ويتشات، لا أتواصل معه إطلاقًا. حتى أنه غضب مني عدة مرات لأنه كان يشعر أننا لسنا في علاقة حقيقية.”

رُسمت ابتسامة خفيفة على شفتي تان يوي.

“لقد تعلمت فنون المغازلة معك!” 

خفَض سونغ لين تشو عينيه وقال بحزن مصطنع: “كنت أخشى أنه لو لم أبذل جهدًا كافيًا ستتركني وتبتعد أنت أيضًا.”

توقف تان يوي لوهلة، ونظره استقر على شعر سونغ لين تشو.

كان شعره الأنيق الذي سرّحه بحرص قد بدأ يتبعثر قليلًا، فمد تان يوي يده وسوّى خصلاته برفق. 

بدا شعره ناعمًا بعدما بدأت مثبتات الشعر تتلاشى، لم يكن سهل الترتيب.

سحب تان يوي يده وقال بهدوء: 

“الخيانة ليست سمة في عائلتي.”

لمع بريق انتصار في عيني سونغ لين تشو، لكنه حافظ على مظهره الحزين قائلاً: “لا أحد يعلم، ماذا لو لم أبذل جهدًا كافيًا وظهر أمامك شاب لطيف واستطاع أن يسلبك مني؟”

أجاب تان يوي ببرود: 

“لو كنت بهذا التقلب، لما كنت معك اليوم.”

“…” كلامه لا غبار عليه.

هؤلاء الرجال من نوع المستقيم الأعمى من أن يقعوا ضحية لألاعيب الشاي الأخضر أو اللوتس الأبيض.

ملاحظة : ' اللوتس الأبيض ' يسُتخدم لوصف لشخص يبدو نقيًا ولطيفًا جدًا من الخارج لكنه في الحقيقة يتصرف بخبث أو يسبب المشاكل وهو يتظاهر بالبراءة. ويشبه إلى حد كبير الشاي الأخضر لكن مع نفاق اجتماعي أكبر.

ويشبه إلى حد كبير الشاي الأخضر لكن مع نفاق اجتماعي أكبر.

نهض سونغ لين تشو من مكانه فورًا وعانق ذراع تان يوي قائلاً: “جيجي هو الأفضل، أنا لا أحب أحدًا غيرك.”

لا تحب أحدًا غيري، ومع ذلك تتلقى هدايا من رجال آخرين (توآن توآن)؟

شد تان يوي ذراعه قليلاً ليقتربه أكثر وقال: 

“اذهب وعدل تسريحتك، سنعود إلى القاعة بعد قليل.”

ابتسم سونغ لين تشو قائلاً: “حسنًا.”

قاد أحد العاملين سونغ لين تشو إلى غرفة التجميل، بينما غادر تان يوي الصالة وأعطى أوامره لتشينغ بين بصوت منخفض: “لا حاجة بعد اليوم لإبلاغ فرع تان يوي مينغ بأي أنشطة تخص العائلة.”

كان تان يوي مينغ هو عم تان مينغ تشينغ. 

ورغم أنهم كانوا فرعًا أبعد في شجرة العائلة، إلا أن مرض تان يوي مينغ الخطير في الآونة الأخيرة عجّل بتراجع مكانة عائلته تدريجيًا حتى أصبحوا على هامش العائلة الكبرى.

والآن، بقرار بسيط من تان يوي، تم عزلهم تمامًا عن دوائر النفوذ. صحيح أنهم ما زالوا يحملون اسم تان، لكنهم لم يعودوا يتمتعون بأي مزايا أو حماية من العائلة.

بالنسبة لتان يوي، لم تكن أكثر من جملة واحدة، لكن بالنسبة لعائلة تان يوي مينغ، كان ذلك كمن زاد طينهم بلة.

“حسنًا، سيدي.” أجاب تشينغ بين بهدوء.

لم يتفاجأ تشينغ بين بهذا القرار. 

فتان يوي لم يكن راضيًا عن الأساليب القذرة التي استخدمها تان يوي مينغ في بداياته لتحقيق ثروته. لكنه كان يعتبره تافهًا لا يستحق حتى أن يضيع وقته عليه.

والآن، بعدما أصبح تان يوي وزوجته سونغ لين تشو رسميًا تحت مظلة الزواج، كان هذا القرار مصيرًا حتميًا.

ففي النهاية، الرجل الحقيقي لا بد أن يحمي شريكه.

حتى لو كان الشريك لا يعلم شيئًا عن ذلك.

كان تان يوي على وشك العودة إلى القاعة عندما ظهر شخص فجأة بجانبه.

كان سو تشان يترصده منذ فترة، يراقبه وهو يزرر سترته ويتحدث مع مساعده بخطوات واثقة نحو القاعة. 

كان يعلم أن هذه فرصته الوحيدة.

ندم لأنه لم يرتدِ ملابس نسائية اليوم، فهذا كان ورقته الرابحة. لكنه لم يستطع أن يبدل ملابسه هنا، وكان يرتدي بدلة راقية مع مكياج احترافي، ولم يكن شكله سيئًا مقارنة بسونغ لين تشو.

لكن صعوده لم يكن قائمًا على مظهره فقط، بل على أساليبه.

تظاهر سو تشان بأنه ثمل قليلًا وتمايل بشكل مبالغ فيه، ثم تعمد السقوط مباشرة نحو تان يوي.

في اللحظة التي كاد أن يقع في أحضانه، تنحى تان يوي ببرود جانبًا، فسقط سو تشان بقوة على الأرض.

حتى مع السجادة السميكة على الأرض، سُمع صوت ارتطام “دونغ”، مما يدل على شدة السقوط.

كاد سو تشان أن يتقيأ دمًا.

أجبر نفسه على البكاء ونظر إلى تان يوي بنظرة ضعيفة ومظلومة، قائلاً: “السيد تان، أنا آسف، شربت كثيرًا وفقدت توازني. آمل ألا أكون قد آذيتك.”

قطّب تان يوي حاجبيه وسأل ببرود: “من أنت؟”

رد سو تشان: “أنا سو تشان، أحد ضيوف الحفل الليلة.” 

ثم حاول الوقوف لكنه تعمد أن يفشل، ونظر إلى تان يوي برجاء قائلاً: “السيد تان، يبدو أنني التويت قدمي، هل يمكنك مساعدتي؟”

أصدر صوت “آه” متألمًا وهو يمسك بكاحله.

رغم أن تان يوي لم يتعرف على ملامح سو تشان، 

إلا أنه بمجرد أن سمع الاسم، أدرك من يكون.

سأل تان يوي مساعده تشينغ بين: “هل دعوته؟”

“لا، سيدي.” أجاب تشينغ بين بسرعة، 

“يبدو أنه جاء مع السيد تان مينغ تشينغ.”

تابع تان يوي طريقه متجاهلاً سو تشان وقال ببرود: “هذا حفل عائلي.”

فهم تشينغ بين على الفور، هذا يعني أن الحفل مخصص للعائلة فقط، وسو تشان بلا خلفية أو صلة.

حاول سو تشان أن يمسك بكم تان يوي لكن الحراس وصلوا بسرعة وأمسكوا به.

“اتركوني… مممف.” سد الحراس فمه دون رحمة وسحبوه خارج الفندق.

في الخارج، كان هناك ساحة نافورة يتجمهر فيها الكثير من الناس لمشاهدة عرض النافورة، وكان البعض يصور بالهاتف. وعندما رأوا سو تشان يُسحب بهذا الشكل، وجهوا كاميراتهم إليه.

لا أحد يعرف من أصدر الأمر، لكن أحد الحراس قال: “لا تكن طرفًا ثالثًا في حياتك القادمة.”

بمجرد أن قال ذلك، توجهت المزيد من الكاميرات لتصوير سو تشان.

كان مظهره في هذه اللحظة بائسًا: 

بدلة فاخرة أصبحت مجعدة، شعره مبعثر من شدة المقاومة، بدا وكأنه العشيقة التي تم طردها. 

كان الناس يشيرون إليه ويتحدثون عنه، مما جعله يشعر بالغضب والعار حتى أنه كاد يهرب من شدة الإحراج.

بحلول نهاية الحفل، كان الوقت قد تجاوز التاسعة مساءً.

عندما خرج سونغ لين تشو وتان يوي من القاعة، كان الجو قد أصبح باردًا. 

كان الجو دافئًا داخل القاعة بفضل التدفئة، لكن مع خروجهم، جعلهم الهواء البارد يرتجفون.

أسرع النادل بإحضار معاطفهم، كما أعاد الهدية التي قدمها توآن توآن إلى سونغ لين تشو.

في هذا الحفل، كان جميع الضيوف قد أحضروا هدايا، لكنها جميعًا سُلّمت إلى الاستقبال وسيتم إيصالها لاحقًا. 

بعد أن يراجعها سونغ لين تشو، يمكنه أن يحتفظ بما يشاء ويتجاهل الباقي. لكن الهدية الوحيدة التي حملها معه كانت هدية توآن توآن.

بعد أن ركبا السيارة، لم يستطع سونغ لين تشو الانتظار لفتح الحقيبة ومعرفة ما أهداه هذا الطفل الصغير. حتى تان يوي نظر باهتمام.

لم يتوقع سونغ لين تشو أن يقدم له طفل مثل توآن توآن هدية مميزة، لذا فتح الحقيبة أمام تان يوي بلا حذر. وجد داخلها علبة هدايا مربوطة بشريط على شكل فراشة. فك الشريط وفتح العلبة.

بداخلها كان هناك خاتم ورقي يدوي الصنع، ليس أنيقًا جدًا، لكن يمكن رؤية ألماسة كبيرة (مصنوعة من الورق) على الخاتم، مكتوب عليها بكلمة حب باللون الأحمر مع قلب صغير مرسوم. 

تحتها كانت هناك ورقة صغيرة وردية مكتوب عليها بخط صغير وغير منتظم:

“زوجتي، سأوفر من مصروفي لأشتري لك واحدًا حقيقيًا. اموواه اموواه.”

التوقيع: “عشيقك السري، توآن توآن.”

سونغ لين تشو: “…”

تان يوي: “…”

(ملاحظة: طبعًا الورقة كانت مليئة بالأخطاء الإملائية لكني صححتها )

هل وجدت خطأ؟ قم بالإبلاغ الآن
التعليقات

التعليقات [0]