🦋

 صالة كبار الشخصيات في مستشفى آيكانغ.

تنهّدت تاو وين لان، ابنة عم تان يوي، وقالت بتساؤل:

“أتساءل ما إذا كان ابن عمي قد غادر بالفعل…أخي في القانون، هل يمكنك سؤاله؟”

أجابها باي تشو وقد بدا عليه الإحراج من مناداتها له بـ ' أخي في القانون ' مرارًا:

“ليس لدي رقم تان… لا تناديني هكذا، من فضلك. لقد التقيت السيد تان للتو، ولا أستطيع الجزم إن كان يرى فيّ شيئًا مميزًا.”

طمأنته تاو وين لان قائلة بابتسامة:

“لا تقلق، رغم مظهره المتسلط، فإنه يستمع لجدي دائمًا. وأنت وسيم جدًا… المسألة محسومة لصالحك!”

ضيق باي تشو شفتيه وهو يتذكر ملامح سونغ لين تشو الجميلة بشكل أقرب إلى الخيال، لكن حين تذكّر موقف الجد من الأخر، عاد إليه الأمل.

كان تان يوي بارًا جدًا بجده، وسيترك سونغ لين تشو لأجل صحته… هذا مؤكد.

فرصته في الفوز كانت كبيرة جدًا.

قال تان وين تشين، ابن العم الأكبر، بعد أن نظر إلى ساعته:

“الساعة تقترب من الخامسة، ولدي موعد مع حبيبتي في ليلة عيد الميلاد… من سيصعد ليتحقق من الوضع؟”

لكن لا أحد تجرأ على ذلك.

كانوا جميعًا يخشون تان يوي. 

مجرد تخيل ملامحه يجعل أنفاسهم تختنق.

قال تاو وين مينغ، أصغرهم، غاضبًا:

“دعوا ذلك المساعد يذهب، ألم يعد بعد؟ لقد مضت أكثر من نصف ساعة! إنه غير جدير بالثقة!”

بينما كانت تاو وين لان تسند ذقنها بيدها وتحلم قائلة بعشق ظاهر:

“ذلك المساعد وسيم جدًا… سأطلب منه حسابه على ويتشات حين يعود.”

قاطـعها تاو وين مينغ بغيرة صبيانية:

“لا تتنافسي معي، إنه لي!… هيه، أخي في القانون، هل أنت مصاب بالإمساك؟ وجهك شاحب!”

كان باي تشو يجلس مباشرة مقابل الباب، ووجهه شاحب كالثلج. وحين سمع تاو وين مينغ يناديه بـ أخي في القانون مجددًا، كاد أن يعض لسانه.

فقد كان يرى من خلال الجزء الزجاجي من الباب، تان يوي واقفًا هناك… ومعه سونغ لين تشو.

الباب كان مواربًا، مما يعني أن تان يوي سمع حديثهم كاملاً.

وحين استدار الثلاثة الآخرون أيضًا ونظروا إلى الباب، ورأوا تان يوي واقفًا هناك، كادوا يختنقون من الرعب.

ما هذا الحظ السيئ؟

لكنهم كانوا يتحدثون فقط عن المساعد، أليس كذلك؟

لا يمكن أن تكون مشكلة كبيرة… أليس كذلك؟

' المساعد ' سونغ لين تشو دفع الباب مبتسمًا وقال بلطف:

“أحضرت لكم كستناءً مكرملًا وشايًا بالحليب. 

هل أضعها على الطاولة؟”

سارع تان وين تشين إلى الوقوف لاستلامها وقال:

“شكرًا لك على مجهودك، مساعد سونغ.”

لكن حين رأى الكستناء بيد تان يوي، كاد أن يسقط على ركبتيه من الصدمة.

منذ متى أصبح هذا القريب المتجهم الوجه يساعد مساعده في حمل الأغراض؟!

شعر تان وين تشين أن هناك أمرًا غير طبيعي… لكنه لم يجرؤ على التفكير فيه بعمق.

فقط تخيل الفكرة جعل جسده يقشعر وكأنه يسير إلى حتفه.

اقترب منه بحذر، يفرك يديه توترًا، وقال بصوت متردد:

“ابن العم… هل يمكنني الحصول على بعض من تلك الكستناء أيضًا؟”

مدّ له تان يوي الكيس، ثم مسح بنظره البارد وجوه الجميع، وقال بكلمة واحدة:

“كُلوا.”

“…”

ما إن أصدر الأمر، حتى التزم الجميع الصمت التام وبدؤوا يأكلون.

تحت نظراته الضاغطة، تناولوا الكستناء وكأنهم يمضغون الشمع… بلا طعم، بلا روح.

رغم أنها كانت كستناءً مكرملة يفترض أن تكون لذيذة، فإنها كادت أن تخنقهم في كل قضمة.

لكن الشيطان لم ينهِ لعبته بعد، إذ سألهم بصوت منخفض:

“هل طعمها جيد؟”

كادوا أن يبكوا، إلا أن تاو وين لان أجابت وهي ترتجف:

“نـ… نعم، لذيذة جدًا.”

أما سونغ لين تشو فقد نظر إلى المشهد بدهشة. بدا وكأنهم رأوا شبحًا.

لقد أعاد النظر كليًا في فهمه لشخصية تان يوي.

هل من الممكن أن يكون تان مينغ تشينغ خائفًا منه أيضًا؟

لا، فذاك الفتى لطالما تحدّث عنه بحب.

يا للأسف… الشخص الذي يستحق أن يُؤدّب هو ذلك الوغد!

“آتششو!”

ربما بسبب الحماس المفرط، عطس سونغ لين تشو فجأة.

نظر تان يوي إليه، فرأى أن أنفه احمرّ قليلاً من البرد.

فقال بهدوء:

“لنعد.”

ثم مدّ يده نحوه، في حركة واضحة الهدف: إظهار الحميمية أمام أبناء العم

.

فهم سونغ لين تشو مقصده، وافترّ عن ابتسامة مشرقة، ثم مدّ يده وأمسك بيده.

أولئك الذين كانوا يأكلون برؤوس منحنية شعروا فجأة بالارتياح… لكن حين رأوا أيديهما المتشابكة، تجمدوا في أماكنهم.

خاصة تاو وين مينغ وتاو وين لان… لم يكن في رأسيهما سوى فكرة واحدة:

لقد انتهينا.

ما الذي قلناه؟! ما الذي فعلناه؟!

ألقى تان يوي نظرة باردة على الجميع، وقبل مغادرته قال:

“من يحب أن يُصدر الأوامر باسمي، فليبقَ هنا حتى ينهي طعامه.”

وغادر هو وسونغ لين تشو، تاركين أبناء العم في حالة يرثى لها، ووجوههم شاحبة.

لم يخطر ببالهم أبدًا أن ذلك الشاب الوسيم وتان يوي بينهما علاقة من ذلك النوع.

فتان يوي يبلغ قرابة الثلاثين، ويعيش حياة زهد كاملة، بلا رفيق ولا رفيقة… كيف لهم أن يتخيّلوا هذا؟!

لكن فقط التفكير في مدى حماية تان يوي لسونغ لين تشو… جعل أجسادهم ترتعش.

بعض الناس أحياء، لكنهم أموات…

هذه العبارة كانت تنطبق عليهم تمامًا في تلك اللحظة.

أما أكثر من شعر بالذعر، فكان باي تشو.

فمنذ لحظة دخول تان يوي وحتى خروجه، لم ينظر إليه ولا مرة… وكأنه لم يكن موجودًا أصلًا.

لقد كان يظن، ببساطة ساذجة، أن تدخّل الجد سيمنحه فرصة.

هو المتفوق منذ الصغر، وواثق من نفسه، يعتقد أنه لو أُتيحت له الفرصة، لاستطاع أن يفوز بقلب تان يوي.

من كان يظن…؟

قال تان يوي وهو يرى ابتسامة سونغ لين تشو البلهاء:

“هل أنت سعيد؟”

ارتبك سونغ لين تشو، واحمرّت أذناه قليلًا، ثم قال بخجل وهو يرمش:

“لا… فقط أظن أن مظهرك الآن… وسيم للغاية.”

كان أولئك الناس متغطرسين أمامه، 

لكنهم خاضعون بالكامل أمام تان يوي.

لقد كان ينتقد تان يوي يوميًا على كونه رجلًا مستقيمًا باردًا، لكنه أدرك الآن كم كان متسامحًا معه مقارنةً بالآخرين.

ما هو الرجل المستقيم البارد أصلًا؟ 

هناك من لم يذق حتى طيف ذلك البرود!

كان المستشفى في حي مزدحم، والأجواء مليئة بأغاني الميلاد، وأشجار الزينة، وأشخاص يرتدون زي بابا نويل، والأجواء تعجّ بالفرح.

لكن ما إن دخلا السيارة، حتى هدأت كل تلك الضوضاء.

قال تان يوي ردًا على ما قيل قبل قليل:

“إن حاول أحد من طرفي أن يفرض عليك شيئًا مرة أخرى، فليأتِ إليّ مباشرة.”

سواء كان من أقارب تان يوي، أو من دائرة معارفه، كان هناك دومًا من يستمتع بدهس الآخرين ليرتفع.

بما أن سونغ لين تشو يلبس ببساطة، فإنهم اعتبروه تلقائيًا أقل شأنًا.

قال سونغ لين تشو موضحًا:

“أنا فقط كنت أنوي الخروج لأتناول شيئًا، لذا وافقت… وإلا لما استمعت لهم.”

هو لا يحتاج لإرضاء أحد. 

ولولا أنه كان ذاهبًا على أي حال، لما انتظر في البرد ووقف في طابور طويل من أجلهم.

ثم أردف بثقة طفولية:

“لا تقلق، جيجي، أنا لست سهل الانقياد!”

وضغط قبضته الصغيرة، مقلدًا وجهًا شرسًا.

نظر إليه تان يوي بصمت.

هو ليس سهل الانقياد؟

كان يُسحق يوميًا على يد زميله في السكن…

ربما لم يكن سونغ لين تشو يدرك أن ملامحه الطفولية البريئة تجعله يبدو سهل المراس جدًا.

حتى حين يغضب، يبدو كقط صغير لا يعرف كيف يمد مخالبه.

لكن تان يوي لم يفضحه، بل قال بهدوء:

“لا داعي لذلك، لديهم يدان وقدمان، ويمكنهم خدمة أنفسهم.”

تان مينغ تشينغ، ذلك الكلب، يملك يدين وقدمين أيضًا، ومع ذلك تُدلـله!

هكذا صبّ سونغ لين تشو لعناته في داخله.

كان لديه مصروف جيب وفير كل شهر، كما أن فنادق ومنتجعات عائلته مفتوحة أمامه دون قيد. وحتى مع مرض تان يوي الخطير، كان الأخير يواصل العمل بجهد لكسب المال، بينما كان ابن أخيه يقضي معظم وقته مستمتعًا بالحياة دون أن يمسّ عملًا بيده.

بل إن بين السلع الفاخرة التي كان يتباهى بها سو تشان، الكثير منها كان هدايا من عم تان مينغ تشينغ، تان يوينفسه — وإن كانت تافهة في نظره، إلا أنها تبقى دلالة على التدليل المفرط!

يا لها من معايير مزدوجة… تمييز واضح بين ابن الأخ وبقية الأقارب!

سونغ لين تشو سخر من تناقض تان يوي في داخله، لكنه حافظ على ابتسامته وقال بوداعة:

“حسنًا، جيجي، لن أفعلها مجددًا.”

همف! حين أؤدب ذلك الحقير، سأُعلّم تان يوي كيف يكفّ عن عادة التدليل تلك!

ثم سأل فجأة، وكأنه استعاد تركيزه:

“جيجي، هل الأمر أن جدك لا يحبني، ويريد إجبارك على الانفصال عني؟”

لم يكن قد التقى بالجدة أصلًا، لكنه قفز مباشرة إلى سيناريو الجد الشرير.

تمامًا كما في عائلات النخبة في القصص المظلمة!

“لا.”

أجاب تان يوي بجدية.

ثم ثبّت نظره فيه، ولفت انتباهه حين ناداه باسمه لأول مرة:

“سونغ لين تشو.”

ارتبك الأخر من نبرة الجدية في صوته، وجلس بظهر مستقيم وكأنه استُدعي لمكتب مدير المدرسة.

“ما الأمر، جيجي؟” سأل بنبرة حذرة.

وبعد لحظة صمت قصيرة، قال تان يوي:

“هل ستكون مستعدًا لإبرام عقد زواج معي؟”

سونغ لين تشو: ؟؟؟

سونغ لين تشو: !!!

هل كان يحلم؟!

هل حقًا سيصبح زوجًا لتان يوي؟

هل سيتحوّل إلى العم الصغير لذلك الحقير، ويأخذ ميراثه، ويصل إلى قمة الحياة دون أن يبذل جهدًا؟!

أين من يقرصه ليوقظه من هذا الحلم؟!

رأى تان يوي نظرة الذهول على وجهه، فقال بنبرة هادئة:

“يمكنك أخذ وقتك في التفكير، أو ترفض مباشرة. 

لا ضغط.”

تان يوي لم يكن من النوع المتسرّع. 

ولو لم يكن متأكدًا، لما تجرأ على إخبار جده برغبته في استخراج شهادة الزواج في رأس السنة، من دون حتى أن يستشير سونغ لين تشو. 

لا بد أن لديه خطة كاملة.

قال سونغ لين تشو بعد تردد:

“هل يمكنني أن أسأل… لماذا؟”

أجاب تان يوي:

“السبب الرئيسي هو جدي. أما السبب الثانوي…”

توقف قليلًا، ثم أكمل:

“هناك الكثير من الذباب، وأصبح مزعجًا.”

كرئيس لعائلة تان، ورغم هيبة تان يوي وشخصيته الحادة، فإنه يُعتبر لقمة دسمة يطمع بها كثيرون بمجرد وجود مكاسب.

وكان هناك عدد لا يُحصى من النساء اللواتي يطمحن إلى أن يصبحن ' السيدة تان '.

لكن زواج والدته الفاشل جعله يمقت هذا النوع من العلاقات، ولم يفكر يومًا بالزواج من فتاة من وسطه الاجتماعي.

فكان زواجه بسونغ لين تشو قرارًا مدروسًا لا عشوائيًا… فقط تم تقديم توقيته.

قال تان يوي بنبرة صريحة:

“فكّر جيدًا، ويمكنك أن تطلب ما تشاء من شروط.”

تألقت عينا سونغ لين تشو:

“أي شرط؟”

أجابه بنظرة ثابتة:

“مم.”

إذًا، إن طلب منه أن يغيّر الوريث ويختار شخصًا آخر… هل سيتلقى علقة؟

لكن بعد ما جرى اليوم، أدرك سونغ لين تشو أن فكرته كانت ساذجة جدًا.

فمحبة تان يوي لتان مينغ تشينغ تفوق تصوره، وتظهر بوضوح في طريقة معاملته المتحيزة.

إزاحته من الميراث أمر صعب، لكن مضايقته… ممكن.

تان يوي أتاح له الحق في وضع الشروط.

أما الزواج… فهو جاء لهذا الغرض منذ البداية.

فبجمال تان يوي وثروته… سيكون من الغباء أن يرفض!

وفوق ذلك، تان يوي ليس لديه الكثير من الوقت… حتى لو تزوجا فعليًا، فلن يخسر شيئًا.

كان سونغ لين تشو على وشك الرد، لكن تان يوي رفع يده كأنه قرأ أفكاره، وقال:

“الزواج ليس لعبة أطفال. فكّر أولًا.”

هز سونغ لين تشو رأسه موافقًا، وهو يعيد حساباته.

عاد إلى السكن، وما زال يشعر أن ما حدث كان حلمًا.

كان يخطط لأن يطارده عامًا أو عامين، فإذا به يقفز مباشرة إلى نهاية الرواية… غير واقعي أكثر من الخيال.

ما الشروط التي يمكن أن يطلبها؟

مع اقتراب نهاية الفصل الدراسي، توقفت أغلب المحاضرات، ولم يكن لديهم أي صفوف صباح الخميس.

رفيقا السكن الآخران، اللذان كانا برفقة شركائهما ليلة الكريسماس، لم يعودا حتى صباح اليوم التالي.

وفي اللحظة التي كان فيها سونغ لين تشو يستعد للذهاب إلى المكتبة للمذاكرة، دخل سو تشان حاملًا باقة من ٩٩ وردة زرقاء.

رائحتها القوية، الناتجة على الأرجح عن عطر مُصنّع، اخترقت أنف سونغ لين تشو فورًا.

لم يكن معتادًا على هذه الروائح، ومع زكامه، عطس عدة مرات متتالية.

قال سو تشان بنبرة مصطنعة:

“آه، آسف، نسيت أنك لا تحب هذه الروائح… ماذا أفعل؟ حبيبي أنفق ١٣١٤ يوانًا على هذه الباقة. 

من المؤسف رميها.”

مسح سونغ لين تشو أنفه وقال بهدوء:

“يمكنك أن تأكلها.”

فتح سو تشان فمه ليرد، لكن سونغ لين تشو كان قد ارتدى حقيبته وخرج دون أن ينتظر.

تلك الليلة، ظل يفكر في الشروط التي يمكن أن يضعها لتان يوي كي ينتقم من ذلك الحقير.

وبعد أن شعر بالقرف من سو تشان، خطرت له فكرة لامعة.

أخرج هاتفه، وفتح نافذة الدردشة مع تان يوي.

[شياو سونغ لين]: جيجي! وجدت الشروط!

كان تان يوي مشغولًا على الأرجح، فلم يرد إلا بعد أن أنهى سونغ لين تشو مذاكرته، واستعد للذهاب لتناول الغداء مع لي تشانغ.

[تان يوي]: ما هي؟

[شياو سونغ لين]: أنا أدرس في نفس الجامعة التي يدرس فيها ابن أخيك، تان مينغ تشينغ، تعلم ذلك، أليس كذلك؟

[تان يوي]: نعم.

[شياو سونغ لين]: أعرف شريكه… إنه يُهدي شريكه هدايا باهظة كثيرًا، وشريكه يتباهى بها أمامنا يوميًا ويهيننا. إنه مزعج حقًا.

[شياو سونغ لين]: فلو أمكن… هل يمكنك أن تُخفض له مصروفه للنصف؟

[شياو سونغ لين]: ثلثه أيضًا لا بأس!

[تان يوي]: هل هذا فقط؟

[شياو سونغ لين]: نعم، جيجي QAQ، هل هذا كثير؟

[شياو سونغ لين]: إن لم يكن ممكنًا، يمكنني التفكير في شيء آخر!

[شياو سونغ لين]: (صورة ثعلب لطيف يبيع اللطافة.gif)

في الطابق ٣٦ من برج مركز المال العالمي، 

في مكتب رئيس مجلس إدارة مجموعة وانأو.

وضعت المساعدة فنجانًا من القهوة الطازجة على الطاولة المصنوعة من خشب الصندل وقالت:

“سيد تان، قهوتك.”

تناول تان يوي رشفة من القهوة، وظلّ ينظر إلى شاشة هاتفه.

كان يعلم أن اقتراب سونغ لين تشو منه لم يكن بريئًا، بل هدفه الحقيقي هو الانتقام من تان مينغ تشينغ.

لكن حين رأى الشروط التي وضعها، لم يستطع إلا أن يبتسم بسخرية.

كان يتوقّع أن يطلب منه إفلاس عائلة تان مينغ تشينغ، أو التسبب بخسائر كبيرة لهم، أو حتى إجبارهم على الانفصال.

لكن كما يبدو… الأطفال يظلون أطفالًا.

لا عجب أنهم يُضطهدون دائمًا.

[تان يوي]: كم تصرف في الشهر؟

[شياو سونغ لين]: [(يعد على أصابعه) تقريبًا 1000 يوان.

رفع تان يوي حاجبيه بدهشة.

ألف يوان فقط كمصروف شهري؟!

كرجل نشأ في بترف منذ نعومة أظفاره، وحتى عندما أرسله والده للدراسة في الخارج، لم يكن ليتخيّل أبدًا كيف يمكن لشخص أن يعيش بألف يوان في الشهر، خاصة في مدينة من الدرجة الأولى مثل مدينتهم.

فقط نفقاته اليومية تتجاوز هذا الرقم بكثير.

لكن ما لم يكن يعلمه هو أن هذا المبلغ بالنسبة لسونغ لين تشو يُعد كافيًا.

حين التحق بالجامعة، كانت ديون علاج والدته قد أنهكته تمامًا. لم يكن يجد ما يسد به رمقه أحيانًا، فما بالك بألف يوان شهريًا.

لم يبدأ وضعه بالتحسن إلا بعد أن بدأ يعمل في بعض الأعمال الجزئية.

[تان يوي]: إذًا… سيصبح مثلك لاحقًا.

في تلك اللحظة، جاء صوت لي تشانغ وهو يسير نحوه:

“لين تشو، لماذا لا تتحرك؟”

لاحظ أن زميله واقف بلا حراك، يحمل هاتفه.

لقد أصبح مدمنًا على هاتفه مؤخرًا!

قال سونغ لين تشو فجأة، بصوت فيه لمحة حماس:

“لو أن تان مينغ تشينغ اصبح يصرف فقط ألف يوان في الشهر، كيف سيكون شعورك؟”

أجابه لي تشانغ وهو يلف ذراعه حوله ويقوده نحو المقصف:

“لن أتمكن من شراء كمية كافية من المفرقعات للاحتفال! لكن دعنا نكون واقعيين… كيف له أن يعيش بألف يوان؟ ربما يصرف ستة أرقام في اليوم الواحد!”

ضحك سونغ لين تشو وقال:

“الأحلام ضرورية… من يدري؟ قد تتحقق!”

في الأمس، تسبب سو تشان في أول خلاف حقيقي بينه وبين تان مينغ تشينغ، بعد أن حذف حساب ليانغ شين شين دون إذن منه.

لكن تان مينغ تشينغ عوّضه بباقة ضخمة من الورود، ووعده بحقيبة فاخرة كهدية للعام الجديد، فشعر أنه استفاد من الخسارة.

خاصة أن الورود أزعجت سونغ لين تشو، فازداد نشوته بها!

في المساء، وبعد انتهاء المحاضرات، ألحّ سو تشان على تان مينغ تشينغ ليأخذه إلى المتجر ويشتري له الحقيبة التي وعده بها.

تردد تان مينغ تشينغ:

“أليس لا يزال أمامنا أسبوع حتى رأس السنة؟”

قال سو تشان بلا مبالاة:

“وماذا لو نفدت الكمية؟ يمكننا أن نطلب حجزها مسبقًا، أسبوع فقط!”

صمت تان مينغ تشينغ.

“ما الأمر؟ نادم؟”

تنحنح وقال:

“أمم… عمي اتصل بي اليوم وقال إنه لن يعطيني نفس المصروف الشهري بعد الآن.”

لم يُعره سو تشان اهتمامًا:

“لا بأس، لا تزال تملك ما يكفي في مصروفك الشهري!”

“الأمر ليس مجرد تخفيض بسيط.”

“كم إذًا؟”

تردد تان مينغ تشينغ قبل أن ينطق:

“ألف يوان فقط.”

ظن سو تشان أنه سمع خطأ:

“كم؟!”

“ألف يوان.”

سكت سو تشان مشدوهاً:

“هل تمزح؟ هذا لا يكفي حتى للطعام!”

كان تان مينغ تشينغ نفسه يظن الأمر مزحة، لكنه سمعها مباشرة من فم عمه:

ألف يوان شهريًا، لا أكثر.

والأخطر من ذلك، نبرة عمه كانت قاطعة، وكأنه بدأ يتحكم بنفقاته فعليًا.

لم يفهم لماذا بدأ فجأة في إدارة مصروفه، لكنه يعلم أن لا أحد يجرؤ على الاعتراض إن تكلم هذا الرجل.

منذ دخوله الجامعة، كانت مصاريفه الشهرية تأتي من عمه.

صحيح أنه يمكنه طلب المال من والديه، لكن وضع عائلته عادي جدًا، ولا يزيد دخلهم الشهري كثيرًا عن عشرة آلاف.

وعشرة آلاف؟

يصرف أكثر من ذلك في جلسة واحدة مع أصدقائه الأثرياء في النوادي الليلية.

قال سو تشان بنبرة مجروحة:

“وماذا عن حقيبتي؟ لقد وعدتني!”

تنهد تان مينغ تشينغ بضيق:

“أنا لا أملك مالًا حتى لنفسي الآن، كيف أشتري لك حقيبة؟”

“يمكنك أن تطلب من عمك زيادة المصروف! 

لديه الكثير من المال، في النهاية كله لك، سواء الآن أو لاحقًا!”

“ليس عمي… آه، لا فائدة من الحديث، على أي حال لا أملك المال الآن. 

حقيبتك ستنتظر حتى أملك ما يكفي.”

بدأ سو تشان يشك أن تان مينغ تشينغ يتحجج حتى لا يفي بوعده.

هل بدأ يتراجع؟! الرجل الذي يبخل في الحب، لا يمكن الاعتماد عليه… يجب تهذيب هذا السلوك فورًا!

“لا يهم، أريد الحقيبة. 

لقد وعدتني، بل وتباهيت بها أمام أصدقائي. 

دبر نفسك!”

لكن تعنت سو تشان زاد من غضب تان مينغ تشينغ.

حين كان مع سونغ لين تشو، لم يطلب الأخر منه أي شيء فاخر.

أما هذا، فقد أعطاه الكثير، ومع ذلك لا يشبع، ويثير الدراما لمجرد أنه لم يمنحه المزيد.

نزع يده عن سو تشان بعنف:

“هذا لا يعنيني. افعل ما تشاء!”

امتلأت عينا سو تشان بالدموع على الفور، وغطى وجهه وركض بعيدًا.

كانا في شارع الجامعة، بعد انتهاء الدوام، وكانت العشرات من العيون تتابع الجدال.

تان مينغ تشينغ شعر بالإحراج والغضب، وصرخ في وجوه من حوله:

“ماذا تنظرون؟!”

في تلك اللحظة، جاءه صوت رقيق:

“الطالب تان، من أغضبك إلى هذا الحد؟”

استدار، فوجد ليانغ شين شين تبتسم له بحنان.

شعر بالحرج من انفعاله، فمسح وجهه وقال:

“لا شيء… لقد جعلتني أُظهر أسوأ وجهي أمامك.”

“الجميع يمرّ بمشاعر سلبية. 

خذ هذه الحلوى، قد تواسيك.”

رغم أنه لم يكن يحب الحلوى، ولم يكن طفلة صغيرة، إلا أن ابتسامتها منعته من الرفض.

أخذها بعد تردد، وقال:

“شكرًا لك.”

“لا داعي، آمل أن تذيب هذه الحلوى كل همومك.”

مجرد ابتسامتها خفف نصف توتره.

في طريق آخر، كان سونغ لين تشو ولي تشانغ قد أنهيا حصتهما أيضًا.

سأله لي تشانغ:

“هل ستذهب إلى المكتبة الليلة، لين تشو؟”

“أمم.”

“أنا لا… سأذاكر مع حبيبتي عبر الدردشة الصوتية. المكتبة مزعجة.”

“…هل الدراسة بهذه الطريقة فعالة؟”

“بالطبع. حين يدرس الرجل والمرأة سويًا، يتضاعف التركيز. أنت لاتملك حبيبة، من طبيعي الا تفهم.”

ابتسم سونغ لين تشو وقال:

“ساملك زوج بعد رأس السنة، انتظر فقط وسترى.”

لكنه تخيل نفسه يذاكر مع تان يوي صوتيًا…

وفعلاً، يبدو أن فعالية المذاكرة ستتضاعف وكأنه يذاكر مع معلم صارم!

في تلك اللحظة، اهتز هاتفه، فأخرج الهاتف معتقدًا أن تان يوي هو من راسله، لكنه وجد رسالة من ليانغ شين شين.

[شياو تيان شين]: (صورة)

[شياو تيان شين]: هاه! أليست هذه سرعة مذهلة؟

فتح سونغ لين تشو الصورة، فوجد ليانغ شين شين جالسة في المقعد الأمامي لسيارة تان مينغ تشينغ.

جامعتهم تملك موقفًا للسيارات، وبعض الطلاب يدفعون رسومًا ويقودون سياراتهم إلى الحرم.

تان مينغ تشينغ كان أحد أولئك الذين رآهم سونغ لين تشو مرارًا.

لقد ركب سيارته أكثر من مرة، وتعرف عليه من النظرة الأولى.

[شياو سونغ لين]: أليس من المفترض أن يشعر سو تشان بالغيرة؟

[شياو تيان شين]: تشاجر معه اليوم. وكأخت كبرى حكيمة، ظهرت في الوقت المناسب، وأصبحت المستمعة المتفهمة الرقيقة في قلبه.

[شياو تيان شين]: أشعر أن مشاعره تجاهي تتنامى شيئًا فشيئًا.

[شياو تيان شين]: والخطوة التالية… تعذيب الحقير والخائن!

[شياو تيان شين]: (صورة شيطان يحمل شوكة.gif)

شجار؟

هل له علاقة بتخفيض مصروف تان مينغ تشينغ؟

فـتان يوي كان قد صرّح بأنه يريد أن يكون مصروف تان مينغ تشينغ مثل سونغ لين تشو، أي 1000 يوان شهريًا.

رغم أن ذلك أسعد سونغ لين تشو في الظاهر، إلا أنه في داخله شكّ في إمكانية حدوثه.

فمع تدليل تان يوي لابن أخيه، من غير المحتمل أن يكون جادًا.

لكن سواء أكان الأمر حقيقيًا أم لا، ففي الأيام التالية، لم يرَ سونغ لين تشو سو تشان يتباهى أمامهم كما اعتاد.

بل بدا قلقًا بشكل متزايد، حتى أن لي تشانغ قال ذات مرة إنه سمع سو تشان يتشاجر مع تان مينغ تشينغ عبر الهاتف في إحدى الليالي.

لم يكن هناك ما يبعث على الارتياح أكثر من معرفتهم بأن الأمور بينهما لا تسير على ما يرام.

ومع اقتراب الامتحانات النهائية، صبّ سونغ لين تشو كامل تركيزه على المراجعة، إلى أن جاء يوم ٣١ ديسمبر، حيث شارك في نهائيات مسابقة الغناء الجامعية.

كان من المقرر أن يسافر تان يوي في رحلة عمل مع نهاية العام، لكن إصابة جده ودخوله المستشفى أجّلت الرحلة إلى ما بعد رأس السنة.

لذا، سأل سونغ لين تشو مرة أخرى إن كان يريد الحضور، فوافق تان يوي.

في فترة الظهيرة، طلب تان يوي من مساعده أن يجلب كل المستندات التي تحتاج توقيعه قبل الساعة الرابعة.

وما إن خرج المساعد، حتى تلقى اتصالًا من موظف الاستقبال يُبلغه بأن تان مينغ تشينغ يطلب مقابلته ويسأل إن كان بالإمكان الصعود إليه.

كغيره من أبناء عائلة تان، كان تان مينغ تشينغ يخشى تان يوي حدّ الموت.

ينتمي إلى أولئك الذين لا يجرؤون على الاقتراب من ' الشيطان الكبير ' إلا عند الضرورة القصوى.

وهذه أول مرة يطلب لقاءه وجهًا لوجه.

كان تان يوي على وشك أن يرفض بلطف بحجة انشغاله، لكنه تراجع وفكر لحظة، ثم قال عبر الهاتف:

“دعه يصعد.”

وصل تان مينغ تشينغ بسرعة إلى المكتب بصحبة المساعده.

وقف أمام الرجل الجالس خلف المكتب، منهمكًا في العمل، وتمتم بتوتر:

“عمي…”

رفع تان يوي عينيه من المستندات ونظر إليه ببرود:

“اجلس.”

جلس تان مينغ تشينغ بتردد على المقعد المقابل.

قال وهو يحاول ترتيب أفكاره:

“الأمر هكذا… شركة عمي تقيم حفلة رأس السنة الليلة، وطلب مني أن أسألك إن كنت متفرغًا للحضور لبعض الوقت.”

في السابق، لم يكن عمّه ليرسله في مثل هذا الطلب.

لكن بعد أن خفّض تان يوي مصروفه فجأة، أصابهم الحيرة، وجعلهم يتساءلون عن نواياه.

هل يحاول تربيته؟

هذه الفكرة جعلت والديه وعمه في غاية السعادة.

فتان يوي لا يكلف نفسه عادة عناء الانتباه لأحد من الجيل الأصغر.

ولو كان يُوليه اهتمامًا، فهذا يعني أنه بدأ يُقدّره حقًا.

وكان تكليفه سابقًا بمساعدة عمه في بعض شؤون الشركة، إشارة إضافية على هذا الاهتمام.

إن أصبح رب عائلة تان راعيًا له، فمستقبله سيزدهر، وسينال احترام الجميع في العائلة.

لهذا السبب بالضبط تم تكليفه بهذه ' المهمة المشرفة ' — ترك انطباع جيد لدى تان يوي.

قال تان يوي:

“لدي خطط.”

لم يتمالك تان مينغ تشينغ نفسه وقال دون تفكير:

“أي خطط؟”

ثم أدرك فداحة ما قاله، فأسرع في تدارك نفسه:

“أعني… إن لم تكن خططك طويلة، هل يمكنك الحضور لبعض الوقت؟ 

لا يهم إن كنت باكرًا أو متأخرًا.”

المساعده وضعت كوبًا من القهوة أمام تان مينغ تشينغ بهدوء… وأشعلت له شمعة في قلبها.

يا للمسكين… طالب جامعي بلا خبرة، تجرأ أن يسأل عمّ العائلة عما يشغله، بل ويقترح عليه الحضور بعد أن قالإنه مشغول… هذا لا يُفسّر إلا بالغباء.

حتى لو لم تكن لدى تان يوي أي خطط، لما كان ليحضر حفلات رأس السنة الصغيرة هذه.

ما لم يكن الأمر مرتبطًا بالعمل، فهو لا يحضر مثل هذه التجمعات حيث يتملق الجميع وجوده.

وكما هو متوقّع، أجاب تان يوي ببرود بكلمتين فقط:

“لا وقت.”

تصلّب جسد تان مينغ تشينغ، وأدرك فجأة مدى سذاجة دعوته.

كان يحاول جاهدًا التفكير في طريقة لتدارك الموقف، لكن فجأة سمع تان يوي يقول:

“سأذهب لأشاهد عرض حبيبي.”

تان مينغ تشينغ: ؟؟؟

المساعده التي كانت على وشك المغادرة: !!!

المساء.

ركض سونغ لين تشو باتجاه سيارة فاخرة كانت متوقفة في موقف صالة Hangda Gymnasium، ونادى وهو يلهث قليلاً:

“جيجي!”

فتح تشينغ بين باب السيارة الخلفي، فخرج تان يوي بخطى هادئة.

توقفت عيناه على سونغ لين تشو، ورفع حاجبيه قليلاً بدهشة خفية.

خلال الأيام الماضية، أصبح الطقس أدفأ قليلاً، وكان سونغ لين تشو يرتدي بدلة بسيطة من قماش رخيص، مصنوعة ضمن خط إنتاج عادي. القصّة لم تكن متقنة، لكن على جسده، أضفت لمسة راقية.

وكان من الواضح أنه وضع مكياجًا خفيفًا.

نظرًا لانشغاله بالامتحانات، لم يجد وقتًا لقص شعره، فاكتفى بتصفيفه بشكل أنيق، تاركًا خصلتين تتدليان على جبينه.

وبفضل ملامحه الجميلة، بدا وكأنه نجم مشهور على وشك حضور حفل كبير.

لاحظ سونغ لين تشو نظرة تان يوي المتفحّصة، فارتبك قليلًا وقال:

“العرض سيُبث على قناة هايتو تي ڤي غدًا، وطُلب من الجميع وضع مكياج… هل أبدو غريبًا؟”

أجاب تان يوي بنبرة ناعمة نادرة على رجل مستقيم وصلب:

“على العكس… تبدو رائعًا.”

“حقًا؟ إنها المرة الأولى التي أرتدي فيها بدلة، لذا أشعر بعدم ارتياح.”

قال سونغ لين تشو وهو يعدل ياقة سترته.

“متى وقت عرضك؟”

سأل تان يوي.

“غالبًا في الثامنة والنصف. أنا المتسابق السابع.”

نظر تان يوي إلى ساعته… كانت السادسة، لا يزال هناك متسع من الوقت.

ثم التفت إلى تشينغ بين وقال:

“اطلب من أحدهم إحضار بدلة.”

“أمرك، سيدي. هل هي من أجل السيد سونغ؟”

تأكّد تشينغ بين، فهو بحاجة لمعرفة المقاس.

“نعم.” أومأ تان يوي برأسه.

“لا داعي! لا داعي فعلًا!”

قال سونغ لين تشو بسرعة، “أنا مرتاح بما أرتديه الآن!”

لم يرد تان يوي، بل مد يده وسحب كم سترته قليلاً، كاشفًا عن خيط مفكوك.

سونغ لين تشو: “…”

نظرك كعين صقر!

البدلة كانت مستأجرة من قبل تشو كي شين، والخياطة فيها رديئة.

لكن سونغ لين تشو لم يُغيّر رأيه، فهو يشارك في مسابقة غناء، لا عرض أزياء.

حتى لو ارتدى أفخم البدلات، لن يحصل على نقاط إضافية من الحكام.

وإلا، لما خرج اللقب من يد تلك الفتيات المتأنقات.

قال مبتسمًا:

“لا داعي حقًا… لو بدلتها الآن، سيكون الأمر معقّدًا أكثر. فلنبقِ على هذه، وسأرتدي البدلة الأنيقة حين نذهب غدًا لاستخراج شهادة الزواج.”

توقف لحظة، ثم أضاف بخجل:

“إذا لم يكن لديك مانع، جيجي.”

لم يقل تان يوي شيئًا.

فأمسك سونغ لين تشو بكمه وهزّه قليلًا وقال بلطف:

“موافق، جيجي؟”

تان يوي: “مم.”

“أنت الأفضل، جيجي! هيا، سأوصلك إلى مكان جلوسك ثم أذهب للاستعداد.”

كان المسرح يبعد قليلاً عن موقف السيارات.

في الواقع، كان بإمكان سيارة تان يوي أن تصل مباشرة إلى بوابة الملعب، لكنها كانت لامعة جدًا، وقد يتجمهر حولها الناس.

لذا طلب سونغ لين تشو منه النزول هنا.

المسابقة كانت محط أنظار الطلاب على منتدى الجامعة طوال الأسبوع.

ورغم أن هناك عشرين طالبًا من جامعتين تأهلوا للنهائيات، إلا أن التركيز كله كان على سونغ لين تشو — الحصان الأسود — وخصمه من جامعة الطيران، الذي فاز باللقب مرتين.

سونغ لين تشو جذب الانتباه بفضل وسامته، وبدأت معارك كلامية بين معجبيه ومعجبي خصمه على المنتدى.

الأجواء كانت متوترة جدًا، لدرجة أن عددًا من الحراس تم استدعاؤهم لمنع وقوع اشتباكات بين الطلاب.

نظرًا للزحام الشديد، قام سونغ لين تشو أمس بالاتفاق مع أحد أعضاء مجموعة حجز المقاعد على حجز مكانين مميزين.

“جيجي، اجلس هنا أنت والمساعد تشينغ. 

سأعود إليكم بعد العرض.”

قالها وهو يشير إلى المقاعد.

“حسنًا.”

رد تان يوي وهو يعدّل ياقة سونغ لين تشو بحركة حنونة، ثم قال:

“بالتوفيق.”

احمرّت أذنا سونغ لين تشو قليلًا، وأومأ.

“سأريك الجائزة بعد أن أفوز بالمركز الأول!”

“جيد.”

رغم ثقته، إلا أن سونغ لين تشو كان قد شاهد عروض خصمه من السنوات الماضية، ويعلم أنه ما لم يخطئ، ففرصته كبيرة جدًا.

جلس تان يوي في مقعده.

مر وقت طويل على آخر مرة حضر فيها مكانًا صاخبًا كهذا، فشعر ببعض الانزعاج.

لكن مقعده كان موضوعًا بذكاء بجانب عمود، يمنحه رؤية مباشرة للمسرح ويحميه من نظرات الآخرين الفضولية.

ورغم ذلك، لم تخفَ هالته الفريدة وملامحه الجذابة عن الأنظار.

خلال عشر دقائق من جلوسه، ظهر منشور في منتدى الجامعة:

[تعالوا بسرعة لرؤية أجمل رجل في المكان! 

إذا لم يجعلك تبكي من وسامته، سأبث لنفسي وأنا أبتلع كلماتي!]

العنوان لفت انتباه الجميع.

ما مدى وسامة هذا الشخص؟ حتى لو كان جذابًا، هل يمكنه منافسة سونغ لين تشو؟

دخلوا منشورًا بنية السخرية… لكن فور رؤيتهم للصورة، لم يبقَ في ذهنهم سوى كلمة واحدة:

“واو!”

الصورة كانت ضبابية، وأظهرت فقط جانبه، ومع ذلك…

لم تستطع الضبابية أن تخفي سحره اللافت، وهالته الطبيعية، وجاذبيته الطاغية.

[واو! واو! واو! أشعر أن مفرداتي لا تكفي، واو هي الكلمة الوحيدة التي تترجم دهشتي!]

[أريد صورة عالية الجودة للوجه خلال دقيقة!]

[خلال دقيقتين، أريد معرفة مكان جلوسه بالضبط!]

[خلال ثلاث دقائق، أريد كل معلوماته!]

[هل هو من جامعة الطيران؟ متى ظهر عندهم هذا الوسيم الخارق؟]

[ما نعرف! مناداة للناشر، أين أنت؟!]

لكن صاحب المنشور اختفى، والمنشور ارتفع بسرعة ليُصبح موضوعًا ساخنًا، وظهر بجانبه الوسم الأحمر الأكثر رواجًا.

أما على سطح فندق شينغ يوي، فقد كان تان مينغ تشينغ مستندًا إلى السور، يستمتع بالنسيم.

كان عمه قد أعلن اليوم، خلال اجتماع الشركة السنوي، أن تان مينغ تشينغ سيكون الوريث، وسيبدأ تدريبه الفعلي على إدارة الشركة بعد رأس السنة.

وبعد جلسة حشو بالرؤوس من قبل المساهمين العواجيز، شعر بدوار شديد، فاختلق عذرًا للخروج واستنشاق بعض الهواء.

أخرج هاتفه الذي كان يهتز بصمت في جيبه، فوجد أن مجموعة سكنه الجامعي — التي عادة ما تكون ميتة — كانت تنفجر بالمحادثات.

تصفّح قليلاً، واكتشف أن الحديث كله يدور حول منشور على المنتدى.

نظر إلى العنوان، وبما أنه من النوع المهووس بالوسامة، جذبته العبارة على الفور…

ففتح المنشور ليرى بنفسه مدى وسامة هذا الرجل المزعوم…

هل وجدت خطأ؟ قم بالإبلاغ الآن
التعليقات

التعليقات [0]