🦋

 بعد أن فرك سونغ لين تشو يديه المتجمدتين ليعيد لهما بعض الحيوية، استأنف مراسلته مع تان يوي:

[شياو سونغ لين]: لن أدعك تفعل ذلك!

[شياو سونغ لين]: شكرًا لك، جيجي! أعجبتني كثيرًا

[تان يوي]: لست غاضبًا بعد الآن؟

كان هذا السؤال نافذًا ودقيقًا.

في الحقيقة، لم يكن له أي حق في التحكم في ما يُشاهده تان يوي، بل إن رد فعله الغاضب كان غير منطقي تمامًا.

فلم تجمعهما يومًا علاقة غامضة أو واضحة، وحتى إن كان له الحق، فإن تان يوي لم يفعل سوى مشاهدة أداء غنائي، ولم يرتكب شيئًا آخر.

حتى غيرته، لا تخوّله أن يسلبه حق المشاهدة.

ولو نظر إلى الأمر من منظور تان يوي، فهل كان عليه أن يستأذنه كلما أراد مشاهدة حفل رأس السنة أو مسلسل تلفزيوني؟

حتى آن جيا هي لم يكن بهذه الغرابة.

ملاحظة : آن جيا هي شخصية خيالية في مسلسل “لا تتحدث مع الغرباء”، طبيب مشهور لكنه كان يشكّ في زوجته ويضربها بسبب اضطراباته النفسية.

[شياو سونغ لين]: الشخص الذي قبلي سرق حبيبي السابق بسبب تنكّره، وله عدد كبير من المعجبين بسببه. كنت أظن أن…

[شياو سونغ لين]: (يشير بإصبعه)

[تان يوي]: كثيرون يعجبون به لذلك؟ 

[شياو سونغ لين]: نعم، نعم، لديه عدد هائل من المعجبين!

لم يكن سونغ لين تشو يبالغ.

ففي معرض مشترك أقامته إحدى شركات الألعاب مع جامعته، ظهر سو تشان مرتديًا زيّ خادمة حريري أسود، وجذب عددًا كبيرًا من طلاب الجامعة، بما في ذلك… تان مينغ تشينغ.

وبينما فكّر في التشابه بين أذواق تان مينغ تشينغ وتان يوي، لم يستطع كبح فضوله وطرح سؤاله بتردّد:

[شياو سونغ لين]: جيجي، هل يعجبك هذا النوع؟

[تان يوي]: لا.

تنفّس سونغ لين تشو الصعداء سرًّا حين رأى هذا الجواب القاطع.

بدا أن تان يوي وتان مينغ تشينغ ليسا متماثلين تمامًا.

فورًا، ارتفعت معنوياته، واستعاد ابتسامته.

[شياو سونغ لين]: لقد تأخر الوقت، جيجي، ألا يجب أن تنام؟

[شياو سونغ لين]: أنا لا أملك حصة غدًا. 

سأُحضر لك طعامًا علاجياً!

[تان يوي]: حسنًا.

بعد أن ودّع تان يوي، عاد سونغ لين تشو بجسده المتجمد تقريبًا إلى المطعم.

تفاجأ الجميع حين رأوه يعود خالي الوفاض بعد أن خرج بلا ورد، لكنه الآن يحمل باقة لافتة.

شرح لهم بابتسامة: “من صديق.”

ولأنهم رأوه يحتفظ بالباقة بحرص، فهم الجميع أن خلفها قصة ما، ولم يجرؤ أحد على التلميح مجددًا للفتاة من جامعة الطيران أو تزويجه بها.

استمتع الأصدقاء بوقتهم حتى قبيل موعد حظر التجول، ثم افترقوا بعد أن أوصلوا الفتيات إلى مهاجعهن.

أما سو تشان، فلم يعد إلى السكن تلك الليلة.

لا أحد فكّر في أمره كثيرًا، ربما لم يشأ أن يعود ويتعرض للسخرية بعد خسارته.

في اليوم التالي، ذهب سونغ لين تشو إلى السوق، واشترى رأس سمكة، ثم صنع به حساءً دوائيًا.

في المستشفى، كان الوحيد الواقف على الباب هو الرجل المعروف بـ الأخ يونغ، ولم يكن هناك أثر لتشينغ بين أو الممرضة.

دخل سونغ لين تشو إلى الجناح، ولاحظ أن باب الغرفة الداخلية كان مواربًا، فطرق الباب، ولما سُمح له، دفعه بهدوء.

كان تان يوي واقفًا أمام النافذة الفرنسية، يداه في جيبه، وكأس في يده، يحدّق إلى الخارج.

رداؤه الأبيض لم يخفِ هالته الباردة، بل زاد من وقاره وجاذبيته، وكان وقوفه المستقيم المهيب أشبه بلوحة لملك لا يُمس.

وقف سونغ لين تشو في مكانه مذهولًا، رأسه مليء بعلامات الاستفهام.

ألم يكن تان يوي مصابًا بشلل؟ فمن يكون هذا الرجل الوسيم الواقف بكل ثقة أمامه؟

“لم لا تدخل؟” سأل تان يوي وهو يلتفت.

“أنت… أنت قادر على الوقوف؟” 

سأل سونغ لين تشو بصوت جاف.

ردّ تان يوي بهدوء وهو يُمرّر أصابعه على حافة الكأس:

“همم.”

ثم أضاف بعد لحظة:

“الجرح الجراحي التأم.”

آه… هكذا إذًا.

كان يظنه مشلولًا، لكنه تبيّن أنه قد خضع لعملية مؤخرًا وكان بحاجة للكرسي مؤقتًا فقط.

نظره سونغ لين تشو إلى ملامحه، التي بدت أكثر صفاءً، وخمّن أن وضعه الصحي قد أصبح تحت السيطرة بعد الجراحة، وربما يمكنه العيش عامًا أو عامين آخرين على الأقل.

في الحقيقة، لم يكن يتمنى لسوء أن يصيب تان يوي.

بل كان يترجّى سرًا أن يطول عمره، وألّا يذهب ميراثه لتان مينغ تشينغ.

لكنه يعلم أيضًا أن المرض لا يُهزم بالرغبات وحدها.

فهو نفسه كان يتمنى يومًا بعد يوم أن تتعافى والدته… لكنها رحلت في النهاية.

حين خطرت والدته في باله، شعر سونغ لين تشو بشيء من الحزن يسري في صدره.

لكن قبل أن يغرق في تلك العاطفة، شعر فجأة بلمسة دافئة تمسّ خده، لتنتشله من شروده. 

رفع عينيه، فإذا به يرى يد تان يوي وهي تتراجع، حاملة الكوب.

سأله تان يوي بصوته الرصين:

“هل تعرّضت للتنمر… مجددًا؟”

كلمة “مجددًا” كانت في محلها تمامًا.

أسرع سونغ لين تشو في ضبط ملامحه وكبح حزنه، وردّ قائلًا:

“لا، فقط تذكرت أمرًا ما.”

أخفض تان يوي بصره قليلًا ونظر إلى شعره الأسود بهدوء.

قال باقتضاب دون أن يسأل المزيد:

“حسنًا.”

“هل… هل تريد أن تأكل الآن؟” 

سأل سونغ لين تشو، محاولًا كسر الصمت. 

“هل تأكل هنا أم في غرفة المعيشة بالخارج؟”

أجاب تان يوي: “غرفة المعيشة.”

توجها سويًا إلى غرفة المعيشة، ولاحظ سونغ لين تشو أن مشية تان يوي، وإن كانت واثقة، إلا أنها ما زالت متيبّسة بعض الشيء.

ولأن تشينغ بين لم يكن موجودًا، توجه سونغ لين تشو إلى خزانة التعقيم بنفسه وأخرج الأواني، وهو يتمتم ساخرًا:

“الأغنياء… متطلّبون فعلًا.”

فبعد كل هذا التعب، لم يكتفِ بغسل علبة الطعام، بل عليه أيضًا غسل كل هذه الأطباق؟ أليس هذا تعقيدًا لا حاجة له؟

لكنه سرعان ما تراجع عن سخطه الداخلي قائلًا:

“حسنًا، هو لا يغسلها بنفسه على أي حال… من الطبيعي ألا يشعر بالمشقة.”

ثم أضاف في نفسه: “تبًا للرأسماليين!”

أما تان يوي، فكان يأكل ببطء ورقي.

لم يفهم سونغ لين تشو يومًا سرّ هوس الناس بمشاهدة مقاطع الموكبانغ، ما المتعة في رؤية أحدهم يأكل وأنت لا تأكل؟

لكنه، وهو يراقب تان يوي، بدأ يفهم تلك المتعة الخفية.

خصوصًا حين فكّر أن ما يتذوقه الآن هو من صنع يديه…

حينها، تضاعف شعوره بالرضا.

حتى إنه شعر أنه قادر على متابعة مسلسل كامل بهذا الشعور!

وفجأة، سأل تان يوي وهو ينظر إلى يده:

“ما قصة يدك؟”

قال سونغ لين تشو، وقد فوجئ بالسؤال:

“هاه؟ آه! ربما أصابني البرد الليلة الماضية، وشعرت ببعض الحكة.”

ففي هذا الطقس البارد، ليس غريبًا أن تُصاب بالأكزيما أو التورم.

وقد أمضى الليلة الماضية واقفًا في البرد يتحدث مع تان يوي لفترة طويلة، حتى خدرَت يداه.

واليوم، حين استيقظ، وجد أن يديه متورّمتان قليلًا وتسببان له الحكة.

لكن لأن يديه نحيلتان بالأصل، لم يكن التورم ظاهرًا كثيرًا.

قطّب تان يوي حاجبيه وقال:

“هناك صندوق هناك، أحضره لي.”

نظر سونغ لين تشو إلى حيث أشار تان يوي، 

فرأى صندوقًا أزرق فاتح اللون. أحضره وناوله له.

فتح تان يوي الصندوق، وأخرج منه شيئًا.

وحين رآه سونغ لين تشو، اكتشف أنه زوج من القفازات.

قفازات رمادية خفيفة ورقيقة.

ناولها له تان يوي قائلًا:

“جرّبها.”

لكن سونغ لين تشو سارع بالرفض:

“لا حاجة، لدي قفازاتي الخاصة.”

وأخرجها من جيبه ليريها له.

فالمدينة رطبة وباردة، وهي بيئة قاسية لمن يملك بنية جسدية ضعيفة مثل سونغ لين تشو.

يداه وقدماه دائمًا باردتان، لذا كان حريصًا على ارتداء ملابس دافئة دائمًا.

لكن ليلة الأمس، بسبب مغادرة الفتيات المفاجئة، نسي قفازاته على الطاولة.

نظر تان يوي إلى القفازات في يديه وقال بهدوء:

“ليست دافئة كفاية.”

؟؟؟

ألقى سونغ لين تشو نظرة على القفازات الرقيقة في يد تان يوي، والتي بدت كطبقة شفافة من الشاش، وفكّر في نفسه:

“أنت ترتدي شيئًا بالكاد يُرى وتقول عن قفازاتي إنها غير دافئة؟!”

لكن قبل أن يُعلق، قال تان يوي ببساطة:

“أعطني يدك.”

سونغ لين تشو: !!!

هل… هل يقصد أنه سيساعده في ارتداء القفازات بنفسه؟

من دون تفكير، مدّ سونغ لين تشو يده اليمنى، باطنها إلى الأسفل، وأصابعه الخمسة مفروجة قليلًا…

وضعية مثالية ليُلبسه أحدهم القفاز.

تان يوي، الذي كان ينوي فقط أن يعطيه القفاز ليأخذه بيده: “…”

ارتجفت زاوية فم تان يوي، لكنه مع ذلك التقط القفازين وبدأ يُلبسهما لسونغ لين تشو.

كان واضحًا أنه لم يسبق له أن اعتنى بأحد من قبل، فحركاته كانت غير ماهرة، وبما أن القفازين لم يكونا من النوع الفضفاض، فقد تطلب الأمر بعض الجهد.

كانت أنامل تان يوي تلامس أحيانًا بشرة سونغ لين تشو، ناشرة دفئًا حارقًا في مواضع اللمس. 

حاول سونغ لين تشو أن يتحمّل دون أن يسحب يده تلقائيًا، لكن أذنيه سرعان ما احمرّتا.

وكأن قرنًا من الزمان مضى، قبل أن ينتهي تان يوي من إدخال أصابعه في القفاز.

سأل تان يوي وهو يلاحظ احمرار وجهه:

“هل الجو حار جدًا؟”

“…”

شعر سونغ لين تشو أن هذا الرجل الحديدي ميؤوس منه.

قال متصنعًا البرود:

“لا.”

ثم رفع يده، متأملًا القفاز الذي غطى كفه، وسأل بشك:

“هل يمكن لهذا أن يدفئني فعلًا؟”

فالقفاز بدا أنيقًا للغاية، لكن درجة احتباسه للحرارة كانت محل تساؤل.

قال تان يوي:

“بالتأكيد. أعطني يدك مرة أخرى.”

مدّ سونغ لين تشو يده مجددًا، فمد تان يوي أصابعه نحو طرف معصمه، ثم ضغط على مشبك صغير يبدو وكأنه جزء من الزينة.

بعد لحظات، شعر سونغ لين تشو بحرارة لطيفة تنتشر في يده، فتفاجأ:

“آه! إنه كهربائي؟”

“نعم، جرّب استخدام هاتفك.”

أخرج سونغ لين تشو هاتفه من جيبه في حيرة، ثم حرّك إصبعه على الشاشة، ليجد أن القفاز لا يعوقه عن استخدام الجهاز، وكأن يده مكشوفة تمامًا.

قال بانبهار:

“هذا… مدهش للغاية!”

ورفع يده متفحصًا القفاز عن كثب، وأضاف:

“هل صُنع من مادة خاصة؟”

فعند النظرة الأولى، كان يبدو كقُفاز عادي، عدا عن تصميمه الراقي.

قال تان يوي وهو يناوله العلبة:

“مادة فائقة التوصيل. 

الشاحن داخل العلبة، احتفظ به.”

لوّح سونغ لين تشو بيده بسرعة وقال:

“هذا ثمين جدًا، لا يمكنني قبوله. 

احتفظ به لنفسك، سأشتري واحدًا مشابهًا.”

فبجانب وظيفته، كان تصميم القفاز فخمًا ومتقنًا، يصلح لحضور حفلات راقية دون أن يبدو خارج السياق، ما يدل على أنه غالٍ بلا شك.

لكن قبل أن يتمكن من خلع القفاز، أوقفه تان يوي بأطراف أصابعه.

رفع عينيه إليه وقال:

“هذا منتج تجريبي للأصدقاء. 

حصلت عليه مجانًا.”

لو كان تشينغ بين حاضرًا، وسَمِع هذا الكلام، لأصيب بغيظٍ دفين.

فالمعاناة التي كابدها في شراء هذه القفازات، لا يعلمها إلا هو.

لكن لهجة تان يوي الهادئة، جعلت من الصعب الشك في صدقه.

قال سونغ لين تشو:

“آه، هكذا إذًا. 

في هذه الحالة، عليك الاحتفاظ به لنفسك. 

أنت مريض، وتحتاجه أكثر مني.”

ردّ تان يوي بنبرة غير مبالية:

“لدي زوج آخر. هل تفضل أن أرميه؟”

وبينما كان يتحدث، أمسك بالعلبة حقًا وهمّ برميها في سلة المهملات المجاورة.

حين رأى سونغ لين تشو أنه جاد، قفز سريعًا وأخذ العلبة من يده قائلًا:

“لا، لا ترمها! سأحتفظ بها!”

ومرّ بريق خافت من التسلية في عيني تان يوي.

أدرك سونغ لين تشو لاحقًا أن القفاز الذي أعطاه إياه تان يوي كان دافئًا بحق.

فرغم عدم تساقط الثلج بعد، إلا أن الصقيع شديد، والريح تخترق العظام.

لكن، في طريق عودته، ورغم الرياح الباردة التي صفعت وجهه، بقيت يداه دافئتين، وكأن دفّاية صغيرة تحيط بكفّيه.

حين عاد إلى الجامعة، كانت الساعة قد تجاوزت السابعة.

وبينما كان يقترب من مهجع الطلاب، اصطدمت به مجموعة من العشّاق كانوا يمرحون دون انتباه. 

تعثّر سونغ لين تشو وسقطت علبة القفاز على الأرض.

“آه، آسف، لم أقصد—”

توقّف المتحدّث فجأة، وتلعثم في كلماته.

قال الشاب وهو يحكّ أنفه بإحراج:

“لين تشو، أنت؟”

كان الشخص الذي اصطدم به ليس سوى ذلك الحبيب السابق الحقير… تان مينغ تشينغ.

دون أن يُظهر أيّ رد فعل، قلب سونغ لين تشو عينيه بصمت.

يقولون ' العدو لا يُلاقيه المرء إلا في طريق ضيّق '، لكن لماذا ما زال يصطدم بالحمقى حتى في الطرق الواسعة؟

كان على وشك الانحناء لالتقاط علبة التغليف، لكن تان مينغ تشينغ أسرع والتقطها أولًا.

غير أنه ما إن همّ بإعطائها له، حتى تجمّدت حركته فجأة.

تملّك سونغ لين تشو شيء من القلق:

هل هناك ما يميز القفازات؟ هل عرف تان مينغ تشينغ أنها تعود لتان يوي؟

وإن ذهب الآن ليُخبر تان يوي عن علاقتهما السابقة، فسيعرف الأخر حتمًا دوافعه للتقرّب منه…

يا للمصيبة.

انطلقت أجراس التحذير في ذهنه، وفي اللحظة ذاتها، هرع سو تشان نحوهما.

وقف بين تان مينغ تشينغ وسونغ لين تشو دون تردد، وكان يبدو أنه تعافى تمامًا من إحباط خسارته بالأمس.

ابتسم بمكر وقال:

“آسف، لين تشو، كنا نمرح كثيرًا ولم ننتبه… لم نقصد الاصطدام بك.”

ثم التفت نحو تان مينغ تشينغ وقال بدلال:

“مينغ تشينغ، أعد له العلبة.”

لكن تان مينغ تشينغ تجاهله، ووجّه سؤاله إلى سونغ لين تشو:

“من أين اشتريت هذه القفازات؟ هل يمكن أن تخبرني؟ لقد بحثت عنها طويلاً ولم أجد مثلها.”

تنفّس سونغ لين تشو الصعداء.

إذًا، لم يتعرّف عليها.

خطف العلبة من يده وقال ببرود:

“كانت هدية.”

توسّع فضول تان مينغ تشينغ وسأل بإلحاح:

“هل يمكنك أن تسأل الشخص الذي أهداك إياها عن مكان شرائها؟ أرجوك!”

لكن سونغ لين تشو لم يُعِره أي اهتمام، واستدار ليغادر.

أراد تان مينغ تشينغ اللحاق به، لكن سو تشان أوقفه ممسكًا بذراعه:

“ما الذي تفعله؟” 

قال غاضبًا، “انظر جيدًا، من هو حبيبك الآن؟”

ردّ تان مينغ تشينغ بضجر:

“تسك… لا شيء. فقط أردت أن أعرف من أين أحضر تلك القفازات، لأني أرغب في إهدائها لعمي.”

قال سو تشان بلا مبالاة:

“قِفازان فقط؟ حتى لو كانا من ماركة ليدي شيانغ، ما فائدتهما؟ 

هل ستُهدي عمك شيئًا بهذا البساطة؟”

نظر إليه تان مينغ تشينغ بجمود وقال:

“هل تعلم كم ثمن تلك القفازات؟”

“كم؟”

ذكر له الرقم، فتوسّعت عينا سو تشان من الذهول، ثم قال بسخرية:

“هو لا يملك أصدقاء أثرياء مثلك… لا بد أنها مزيفة.”

قال تان مينغ تشينغ بهدوء:

“سجلت رقم العلبة. دعني أتحقق.”

فتح هاتفه، ودخل الموقع الرسمي للماركة، وأدخل الرقم.

ظهرت الصفحة فورًا، تؤكد أن القفازات أصلية، مع صورة مطابقة تمامًا لتلك التي كان سونغ لين تشو يرتديها.

كان الغروب قد بدأ يحلّ، والإضاءة خافتة، فلم يتمكن سو تشان من التمعّن جيدًا في القفازات في البداية.

لكن بعد رؤيتها على الموقع، أدرك أنها لم تكن فقط باهظة الثمن، بل أنيقة ومميزة ويمكن استخدامها مع الهاتف… فاستبدت به الغيرة.

قال وهو يهزّ ذراع تان مينغ تشينغ بدلال:

“حبيبي، أريد واحدة مثلها!”

ردّ تان مينغ تشينغ ببرود:

“حتى لو أردت، لا أستطيع شراؤها لك. 

وإن استطعت، فلن أقدّمها لك. 

الأفضل أن تبقى مع قفازات ليدي شيانغ خاصتك.”

“…”

ازدادت غيرة سو تشان.

لكنه يعلم أيضًا، رغم ثراء تان مينغ تشينغ، أنه لا يقدر على تقديم هدية بهذا الثمن له.

“لا بأس”، فكّر في نفسه.

“حين يرث عمه… سآخذ كل ما أريده!”

أما تان مينغ تشينغ، فلم يستطع منع نفسه من تتبّع خطوات سونغ لين تشو بنظره وهو يبتعد.

ربما تأثّر بما جرى في مسابقة الغناء بالأمس، فحين وقف سو تشان بجانب سونغ لين تشو… ظهر الفرق بينهما جليًّا.

في الملامح، في الهالة، في كل شيء.

لم يكن مجرد فارق… بل هوّة لا يمكن عبورها.

“يا لغبائي…” همس لنفسه.

وشدّ قبضته، محاولًا قمع مرارة الندم التي غلّفت صدره.

في مستشفى آيكانغ.

كان تان يوي قد أنهى طعامه، وجلس عند المكتب بجانب النافذة يعالج شؤون الشركة.

بسبب رقوده في المستشفى، تراكمت عليه الملفات، وكان لا بد من مراجعتها.

لحسن الحظ، حالته الصحية لم تكن مقلقة كثيرًا، وبعد أيام قليلة من الراحة، سيتمكن من العودة للعمل.

وبينما كان يراجع تقرير مشروع، اهتزّ هاتفه.

كانت مكالمة من جده.

من دون أن يرفع عينيه عن الشاشة، التقط الهاتف وأجاب.

لكن، وقبل أن ينطق بكلمة، سمع صوت جده الغاضب في الطرف الآخر، يزمجر بصوت عالٍ:

“تان يوي، أيها اللعين! تقول إنك تحدثت معه جيدًا، ولم تُضفه حتى على ويتشات؟! هل تريد أن تقتلني من الغيظ؟!”

تان يوي: “؟”

هل وجدت خطأ؟ قم بالإبلاغ الآن
التعليقات

التعليقات [0]