رغم أن الأمور ساءت مع عائلة عمه، إلا أن سونغ لين تشو أبلغ عمه بأمر نقل قبرَي والديه.
ولدهشته، قال عمه إنه سيأتي.
لم يكن في وسع سونغ لين تشو منعه، لذا وافق.
لم يمضِ سوى عشرين يومًا منذ أن رآه آخر مرة، لكن بدا وكأنه تغيّر. لقد شاخ كثيرًا، وظهر عليه الإرهاق، وكأن حاله لم يكن بخير مؤخرًا.
كان ضمير سونغ لين تشو مرتاحًا فيما يخص ابن عمه وزوجته، لكنه لم يستطع إخفاء شعوره بالإحراج أمام عمه.
عمه لم يقل شيئًا، بل تبعه بصمت حتى النهاية.
وبعد أن وضع خبير الفنغ شوي الرفات داخل القبر، وأُغلِق بقطعة من الحجر، قام الثلاثة بحرق أوراق الذهب وإشعال أعواد البخور حسب العادات المحلية.
ألقى عمه برزمة من أوراق الذهب في النار، وسأل بهدوء:
“لن تعود بعد الآن؟”
تأمل سونغ لين تشو اللهب المتراقص وهو يحوّل الأوراق الذهبية إلى رماد، وأجاب:
“سأعود لأزور خالتي والباقين.”
أومأ عمه بصوتٍ خافت، ثم قال بعد لحظة:
“بإمكانك أن تأتي لتتناول الغداء معي وتفضفض قليلًا. فقط أخبرني، وسآتي للقائك.”
أصيب سونغ لين تشو بالذهول.
فالحقيقة أن تدخل تان يوي أدّى إلى تدمير أعمال ابن عمه.
ويمكن القول إنه قطع مصدر رزقهم بالكامل، لذا كان سونغ لين تشو مستعدًا لأن يحمل عمه عليه الضغينة، ويعامله كـ ' ذئب أبيض بلا وفاء '.
لم يتوقع أن يكون مزاج عمه بهذه الطيبة.
بل إنه لم يطلب منه زيارة منزله، بل عرض لقائه خارجه، ما يدلّ على أن الدعوة كانت صادقة، وليست مجرد كلمات مجاملة تُقال عند قبر والديه.
شعر سونغ لين تشو بشيء من التأثر، وقال:
“حسنًا، شكرًا يا عمي.”
ضحك عمه وقال:
“ولِم الشكر؟”
رفع يده كأنه يودّ أن يربّت على رأسه، لكنه تراجع، وكأنما تذكّر أن سونغ لين تشو لم يعد طفلًا يمكن العبث بشعره بسهولة.
خفّض يده وقال:
“الخطأ من عندنا. والداك أوصياك بي، لكني لم أُحسن رعايتك. واليوم، احتجت إلى كثير من الشجاعة لأقف أمام قبريهما.”
لم يعرف سونغ لين تشو ما يقول، فاختار أن يصمت.
حين انتهوا من حرق الأوراق، كان الوقت قد تأخّر.
كان من المفترض أن يسافر في رحلة العودة في نفس اليوم بسبب جدول تان يوي، لكن بما أن تان يوي لم يأتِ، أعاد سونغ لين تشو حجز الرحلة ليوم آخر، واصطحب عمه لتناول وجبة في المدينة.
شرب عمه بعض الكحول وأصبح شبه مخمور، لذا طلب سونغ لين تشو من شياو تشين أن يوصله إلى مدخل المجمع السكني. وفي الطريق، تسلل بخفة ووضع بعض المال في جيب عمه دون أن يلحظ.
في اليوم التالي، حلّ عيد تشيشي، وكان أيضًا موعد إطلاق منتج شركة تان يوي.
كانت شركة تشونغياو، التي سرقت بيانات مشروعهم، قد أطلقت منتجها بالفعل في عيد الحب.
منتجهم الجديد كان مشابهاً جدًا من حيث الفكرة لمنتج وانوو، بل واستخدم نفس الخطة التقنية التي سُرقت. والأسوأ من ذلك، أنهم سبقوهم بالإطلاق وطرحوا المنتج بسعر أقل، مما منحهم ميزة مزدوجة من حيث التوقيت والتكلفة.
وفي يوم الإطلاق، حققت مبيعات تشونغياو رقمًا قياسيًا.
كثيرون اشتروا المنتج بدافع الحماس والانبهار بالدعاية المكثفة.
وكان الانطباع العام إيجابيًا بدرجة كبيرة.
لكن، بعد بضعة أيام من تسلّم المستخدمين للمنتج، بدأت الحقيقة تتضح.
الوظائف الجديدة التي رُوِّج لها لم تكن بتلك الروعة، والمظهر لم يكن سلسًا وفخمًا كما بدا في العرض التقديمي.
بدأت التقارير تتوالى عن مشاكل في الأداء، مثل البطء، والتعليق، وحتى الأعطال المفاجئة.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد.
فجأة، تم تسريب فضائح خاصة بنجم الإعلانات الذي استأجرته الشركة لمنتجهم الجديد—منها علاقات غير شرعية مع عدة نساء.
ورغم أن الشركة سارعت إلى إصدار بيان بفسخ العقد فورًا، إلا أن الضربة التي تلقّتها سمعتها كانت موجعة.
لكن الضربة القاضية الحقيقية جاءت من أحد المؤثّرين المعروفين، وهو من أشد المعجبين بمنتجاتهم…
استلم المنتج، وبدأ مباشرةً ببثٍّ مباشرٍ لتجربة الألعاب باستخدامه.
في البداية، لم يُوفّر أي كلمات مديح، متغنِّيًا بسلاسة الجهاز وروعة استخدامه.
ولكن، في اللحظة الحاسمة، بينما كان على وشك تحقيق نصر ساحق في اللعبة من أعلى نقطة، تعرّض الجهاز لتجميد مفاجئ وانهار البرنامج.
أكثر من مئة ألف مشاهد كانوا شهودًا على هذه الفضيحة الإلكترونية، وشعر الجميع بحرج الموقف الذي غطّى على جو البث بأكمله.
وما زاد الطين بلّة، أن أحدهم عدّل المقطع، جامعًا بين مديح المذيع السابق وردّة فعله المذهولة بعد تعطل الجهاز، في فيديو ساخر سرعان ما انتشر كالنار في الهشيم، مما أدى إلى انهيار سمعة المنتج بشكل مدوٍ.
وبما أن المنتج لا يزال ضمن فترة الإرجاع المفتوحة لسبعة أيام دون أسئلة، اختار العديد من الزبائن إرجاعه والمطالبة باسترداد أموالهم.
رغم أن شركة تشونغياو لم تكن تُعد من كبار العلامات التجارية، إلا أنها كانت منشقة من إحدى الشركات الكبرى، ما تسبب بتأثر علامتها الأصلية أيضًا، وانهار سهمها في السوق.
كانت الشركة قد شهدت ازدهارًا قبل أيام فقط، لكنها اليوم بدت وكأنها على شفا حفرة.
وبالطبع، لا أحد يعلم على وجه اليقين مدى تأثير
' تحرّكات وانوو في ' ما حدث.
⸻
في هذه اللحظة الحرجة، بدأ البعض أيضًا بالتشكيك في منتج وانوو الجديد:
[أنا أثق بجودة وانوو، لكن التجربة التي مررت بها مع تشونغياو سبّبت لي صدمة نفسية.
والتقنية الجديدة مخيفة بعض الشيء.
وسعرها مرتفع، سأنتظر وأرى.]
[إممم، سأختار علامات تجارية أجنبية.
ربما أغلى، لكنها على الأقل لا تفتعل كل هذه المشاكل.]
[منتج وانوو الجديد يشبه منتج تشونغياو كثيرًا. شركة كبيرة مثل وانوو تسرق الأفكار؟]
[SRDS شركة وانوو أعلنت عن منتجها الجديد منذ عام. من سرق من؟ صعب أن نحدد.]
رغم تضارب الآراء، تم إطلاق منتج وانوو الجديد في الموعد المحدد.
ولدهشة الجميع، تغيّر تصميم التغليف بشكلٍ ملحوظ هذه المرة، على عكس عادة وانوو المحافظة.
كان التصميم مدروسًا بعناية، حتى أن بعض مستخدمي الإنترنت مازحوا قائلين إنهم سيشترون المنتج من أجل غلافه فقط.
أما على المستوى التقني، فلم يكن هناك مجال للمقارنة بين تقنيات وانوو و السارق تشونغياو. ومع بدء تسليم الدفعة الأولى من الطلبات، بدأت ردود الفعل الإيجابية تنهال.
وبالأخص من أولئك الذين اشتروا النسخة الكاملة من الطقم.
كانوا متحمسين للغاية في تعليقاتهم، حيث لم يشمل الطقم الأدوات المعتادة فقط، بل أيضًا علبة راقية متناسقة في جودتها مع التصميم الخارجي، بالإضافة إلى قلادة.
تلك القلادة لم تكن رخيصة كالبضائع التي تُباع في الشارع بـ9.9 يوان، بل جاءت بتصميم احترافي، على شكل سلسلة من زنبق الوادي تتناغم مع ثيمة الربيع، وتُزينها قطعة من التنزانيت المتألقة في الوسط، ما منحها لمسة فاخرة وأنيقة.
حتى أن بعض النساء استخدمن القلادة كعقد أو سوار، ونشرن صورهن على موقع ويبو، وكانت النتيجة ساحرة، تُضاهي المجوهرات باهظة الثمن، ما زاد من شهرة المنتج.
وكان الأهم من كل ذلك، أن سعر الطقم لم يتغيّر عن السابق، ما جعله ذا قيمة عالية مقابل السعر، وسارع الكثيرون لتقديم طلباتهم.
المفاجأة أن الطقم الكامل باع أكثر من المنتجات الفردية.
وبالطبع، لم يخلُ الأمر من بعض الانتقادات من مستخدمي وانوو القدامى، ممن رأوا في ذلك تسويقًا مبهرجًا، لكن في النهاية… كان النجاح حليفهم.
وبعد أسبوع فقط، وصلت مبيعات منتج وانوو الجديد إلى أعلى رقم في تاريخ الشركة.
شعر سونغ لين تشو ببعض الفخر وهو يرى أحد تصاميمه يُعجب الجمهور إلى هذا الحد.
تلك القلادة كانت وليدة لحظة إلهام عابرة، وكان يظن أن الشركة سترفضها بسبب تكلفتها العالية، لذا أدرجها فقط كمرجع إضافي لاستخدامات ترويجية أو مسابقات داخلية.
لكنه لم يتوقع أن تقوم وانوو بصناعتها فعلاً، وبمواد عالية الجودة! يا لها من شركة… ثرية فعلاً.
عندما عاد تان يوي إلى المنزل في تلك الليلة،
كانت الساعة تقترب من الحادية عشرة.
كان اليوم حفلة احتفال للشركة بنجاح الإطلاق، وكان قد دعا سونغ لين تشو للحضور، لكن الأخر كان لديه دوام جامعي، واجتماع فصل دراسي مساءً، حضوره إلزامي وفقًا لتعليمات المرشد الأكاديمي.
وبما أنه لا يحب حضور المناسبات الاجتماعية فقط للمجاملة، اعتذر عن الذهاب.
“جيجي!” قال سونغ لين تشو بابتسامة وهو جالس في غرفة المعيشة يلعب بهاتفه، “عدت!”
لاحظ أن تان يوي كان يرتدي ملابس رسمية هذه الليلة، بدلة أنيقة بلون رمادي مزرق، مع ربطة عنق، وزرّ على الصدر الأيسر—ذلك الزر الذي أهداه له في عيد الحب.
حين صمّم سونغ لين تشو هذا الزر، أخذ بعين الاعتبار أن تان يوي قد يرتديه في مناسبات رسمية، لذا استخدم مواد عالية الجودة، رغم تكلفتها المرتفعة.
والآن، بدا على بدلة المصمم وكأنه قطعة مجوهرات راقية.
لم يستطع سونغ لين تشو كبح إعجابه، فقال مبتسمًا:
“جيجي، وأنت ترتدي هذا الزر… ألا تبدو كأوسم رجل في القاعة؟”
تان يوي: “…”
أُصيب السيد تان بحالة من العجز عن الرد أمام هذا النوع من الإطراء، فاكتفى بـ”همم” غامضة، ثم غيّر الموضوع قائلًا:
“لماذا لم تخلد للنوم بعد؟”
ورغم أنهما قد اشتريا منزلًا جديدًا بالقرب من الجامعة، إلا أن الجد تان كان يؤمن بالخرافات إلى حد ما، مصرًّا على اختيار يوم مبارك للانتقال.
وقد وقع الاختيار على يوم في أوائل شهر مارس، أي بعد نحو أسبوع.
ابتسم سونغ لين تشو وقال:
“كنت في انتظار عودتك.”
لم يتغيّر تعبير وجه تان يوي، لكن قلبه امتلأ فرحًا من الداخل.
في الآونة الأخيرة، كان يحاول قدر الإمكان ألا يعمل لساعات إضافية، إلا أن انشغاله بإطلاق المنتجات الجديدة، وتراكم المهام، جعله أحيانًا لا يعود إلى المنزل قبل التاسعة مساءً، ما قلل كثيرًا من وقت تواجدهما سويًا.
كان على وشك أن يقول شيئًا، حين بادره سونغ لين تشو بالسؤال:
“كنت أود أن أسألك… لماذا قامت وانوو بتحويلي مبلغًا كبيرًا من المال؟”
تان يوي: “…”
“أتعاب تصميم.” أجاب ببرود.
“لكن المبلغ كبير جدًا،” قال سونغ لين تشو، الذي يعرف جيدًا أسعار السوق بحكم عمله في نفس المجال، وتابع بحذر:
“أأنت… لا تستخدم الموارد العامة لأغراض شخصية، أليس كذلك؟”
رفع تان يوي يده يفرك جبينه وقال:
“المبلغ يُحسب بناءً على نسبة المبيعات الخاصة بالقلادة.”
“لكن… أليست القلادة تُمنح مجانًا؟”
نظر إليه سونغ لين تشو بنظرة تحمل عبارة واضحة: لا تحاول الكذب عليّ.
كان يتابع آراء العملاء يوميًا، ويعرف كل كبيرة وصغيرة.
أمام هذا التحديق المشكك، ابتسم تان يوي وقال بصوت منخفض:
“لا شيء في هذا العالم يُمنح مجانًا.”
سونغ لين تشو: “…”
اللعنة على الرأسماليين!
اقترب تان يوي من خزانة المشروبات، وسحب زجاجة نبيذ، ثم صبّ كأسين، ودفع أحدهما باتجاه سونغ لين تشو.
“لنحتفل،” قال تان يوي.
كان لدى سونغ لين تشو بعض التحفّظات بشأن النبيذ، لا سيما الأحمر.
تردد قليلًا قبل أن يقبل الكأس، ثم ضحك:
“لماذا كل هذه الرسميات بيننا؟”
“نوع من الطقوس.” رفع تان يوي كأسه وقال:
“شكرًا لك، المصمم سونغ، على أفكارك المبدعة.”
ضحك سونغ لين تشو وقرع كأسه بكأس تان يوي قائلاً:
“وبالمقابل، هل تود مساعدتي في شيء، أيها الرئيس تان؟”
رفع تان يوي حاجبًا بتساؤل:
“ما هو؟”
قال سونغ لين تشو بجدية:
“لدي بعض المال الزائد، وأفكّر في فتح ورشة تصميم مجوهرات.
هل تعتقد أن الفكرة قابلة للتنفيذ؟”
تفاجأ تان يوي قليلًا من فكرة سونغ لين تشو.
كان دائمًا حازمًا مع الجيل الأصغر، لا يُطيق مضيعي الوقت مثل تان مينغ تشينغ، أو ابنة أخته المدللة التي تفتقر إلى الطموح ولا تريد سوى حياة مريحة، حتى إنه أرسلها إلى الخارج للدراسة دون تردد.
لكن… كان شخصًا بمعايير مزدوجة.
حين يتعلّق الأمر بسونغ لين تشو، لم تكن لديه أي شروط. حتى لو قضى يومه نائمًا في المنزل مثل سمكة مملّحة، لم يكن ليعترض.
كان بإمكانه إعالته.
لكن طالما أن سونغ لين تشو أراد أن يبدأ مشروعه الخاص، فإن تان يوي يدعمه بكل تأكيد.
سأله:
“هل تنوي تسجيل علامة تجارية باسمك؟”
أومأ سونغ لين تشو وقال:
“نعم، أنوي استئجار محل صغير، ودمجه مع متجر إلكتروني لبيع تصاميم تستهدف السوق الواسع. وإذا حصلت على بعض الاعتراف، يمكنني إدخال خط منتجات فاخرة بسعر معقول.”
صمت تان يوي للحظة، ثم قال:
“إذا كنت تفكر مستقبلًا في الاتجاه نحو الفئة الفاخرة، أو حتى الراقية، فأنصحك بشراء علامة تجارية موجودة لها بعض الشهرة.
سيكون ذلك أسهل لدخول السوق عالي المستوى.”
صُدم سونغ لين تشو من كلمتي شراء و علامة تجارية معروفة. فتكلفة الاستحواذ على علامة تجارية محترمة كانت تتجاوز حدود خياله.
سارع بالرد:
“لا حاجة لذلك، لا أملك المال الكافي، ولا أستطيع إدارتها أيضًا.”
لم يقل تان يوي شيئًا، بل ظل يدير خاتم الزواج في إصبعه وينظر إليه بهدوء.
سونغ لين تشو: “…”
فهم سونغ لين تشو تمامًا ما يقصده تان يوي.
يبدو أن ما يُسمّى بـ اتفاق الزواج بينهما، لم يعد موجودًا في نظر تان يوي.
فبما أنه يعتبره شريكه الرسمي الآن، فمن الطبيعي أن يكون له حق في استخدام ممتلكاته.
قَرّب سونغ لين تشو يده وأمسك بطرف كمّ قميصه وهمس:
“أريد أن أبدأ بنفسي… لأشعر بالإنجاز.
هل هذا مقبول؟”
هدّأ هذا التصرف البسيط قلب تان يوي على الفور.
رَقّت تقاسيم عينيه، وقال بصوتٍ دافئ:
“لا داعي لأن تقلق بشأن المال أو الإدارة.
وانوو تملك العديد من الشركات، وأنا لا أدير كل شيء بنفسي. سأُعلّمك كيف تُدير فريقًا، وتركّز أنت على التصميم.”
تردد سونغ لين تشو قليلًا، ثم قال:
“أمم… ما رأيك أن ألهو قليلًا لبضع سنوات وأكتسب خبرة؟ وبعدها نفكر في الاستحواذ على علامة تجارية؟”
أدرك تان يوي أن سونغ لين تشو يرغب بأن يخوض التجربة بنفسه، فلم يُصر عليه.
ارتشف من كأسه قليلًا، وبدأ يتحدث بشكل عفوي عن بعض النقاط التي ينبغي الانتباه لها عند تأسيس ورشة عمل.
وكان سونغ لين تشو يُنصت بتركيز، حتى إنه لم يلاحظ أن تان يوي قد شرب ما يقرب من نصف زجاجة النبيذ.
ولم يتوقف تان يوي عن الكلام حتى تثاءب سونغ لين تشو، فقال بهدوء:
“لنرتح الآن، وسأُعلمك كل شيء تدريجيًا لاحقًا.”
كان سونغ لين تشو بالفعل يشعر بالإرهاق، وصوته بات ثقيلًا، مختنقًا بنغمة أنفية:
“حسنًا.”
تحركت أصابع تان يوي قليلاً، في حركة خفيفة.
نهض سونغ لين تشو من مكانه، وأخذ زجاجة النبيذ، ليكتشف أنها أوشكت على الفراغ.
رمقه بنظرة غاضبة:
“جيجي، لماذا شربت كل هذا؟”
كان تان يوي قد عاد لتوه، وعلى الأرجح شرب أيضًا في حفل الشركة.
والآن يشرب مجددًا؟ أليس خائفًا أن يسكر؟
“لا بأس، هذا النوع خفيف.” قال تان يوي، ونهض واقفًا، لكن جسده تمايل فجأة، وكاد أن يفقد توازنه.
أسرع سونغ لين تشو للإمساك به.
قال تان يوي، ممسكًا بيده بقوة، محاولًا الثبات:
“وقفت بسرعة فقط.”
لكن ملامحه وتصرّفاته كانت تقول غير ذلك.
كان سكرانًا بوضوح، ولم يستطع السيطرة على جسده.
رؤية هذا المشهد جعلت سونغ لين تشو لا يعرف إن كان عليه أن يضحك أم يغضب.
ساعد الرجل حتى أوصله إلى السرير، دون أن ينتبه إلى النظرة الظافرة التي ارتسمت في عينيه.
لقد مرّ ما يقرب من أسبوعين منذ المرة الأخيرة.
لا بد أن الجسد قد تعافى الآن…
وبينما كان سونغ لين تشو يساعده على الاستلقاء، سقط تان يوي على السرير بكل ثقله، مما أدى إلى سقوط سونغ لين تشو فوقه مباشرة.
حاول سونغ لين تشو النهوض بسرعة، لكن ذراعًا قوية لُفّت حول خصره فجأة، وقبل أن يدرك ما يجري، دُفع جسده إلى السرير، وهبطت قبلة حارة على شفتيه.
؟؟؟
“جـ… جيجي!”
شعر سونغ لين تشو أن هناك أمرًا غير طبيعي، فبدأ يحاول دفع تان يوي بعيدًا، وتمكّن من انتزاع شفتيه منه.
حدّق به غاضبًا:
“كنت تتظاهر بأنك ثمل!”
امتلأت عينا تان يوي بتلك النظرة العميقة المُعتادة، وأجاب بكل بساطة:
“هممم.”
سونغ لين تشو: ؟؟؟
ما هذا؟! كيف تجرؤ أن تُقر بذلك هكذا بكل برود؟!
وقبل أن يتمكن من دفعه مرة أخرى، كان تان يوي الخبير قد ثبّته أرضًا. وبدأت يده الساخنة تنزلق على خصره، حتى توقّفت عند الحزام…
وتبخّرت قوى سونغ لين تشو فجأة، وكأن الهواء فُرغ من صدره.
لم يبدُ على تان يوي أي ندم على ما فعله، بل قرّب وجهه من عيني سونغ لين تشو اللتين بدأت دموع الإثارة تلمع فيهما، ثم قبّل زاويتهما برفق.
صوته الأجش، العميق، همس عند أذنه:
“اليوم… سأُعطيك أول درس. لا تثق بأحد أكثر من اللازم.”
سونغ لين تشو: “…”
أنت… أنت لست إنسانًا، أنت كلب حقيقي!