كان تان يوي قد شبع في تلك الليلة، ولكن الثمن كان أن أمضى الليل وحيدًا، إذ عاد سونغ لين تشو إلى غرفته الخاصة.
الرجل الأكبر سنًا، والذي تذوّق طعم اللحم لتوّه، بات يشعر الآن ببرودة سريره الخالي من وجود سونغ لين تشو إلى جانبه.
وكلما تذكّر ما حدث الليلة الماضية في هذا السرير، انتفض ' حزامه 'من جديد وكأنما اشتعلت فيه النار.
في تلك الأثناء، كان سونغ لين تشو، الذي تفصله جداران عن تان يوي، يخرج من الحمام بوجهٍ شاحبٍ يميل إلى الاخضرار، وقد ألقى بالمرهم الذي كان يحمله على طاولة السرير بضيق، متأففًا من الشعور اللزج والمزعج الذي لا زال يلاحقه من مكانٍ ما.
“رجل كهذا لا يستحق أن يكون له شريك!”
تمتم في نفسه بغيظ.
ومع ذلك، لم يكن امتناعه عن النوم مع تان يوي سببه الغضب فقط، بل كان أيضًا رغبةً في تهدئة وتيرة علاقتهما. فمشاركة السرير أمر حميم للغاية، وخصوصًا حين يتعلّق الأمر بذلك الشيء.
برأيه، لا يُقدم على ذلك سوى الأزواج الذين تربطهم مشاعر حقيقية.
فبعد كل شيء، تان يوي، ذلك المدمن على العمل، الذي لولا انشغاله بإغوائه لكان قد تزوج وظيفته، ربما لم يكن يُعير اهتمامًا لما إذا نام معه أم لا.
وربما كان يتذمّر سرًا من عاداته السيئة في النوم، تمامًا كما فعل في المرة الماضية حين اتّهمه بأنه يتقلّب كخنزير طوال الليل.
وبينما كان يفكر في ذلك، تمدّد سونغ لين تشو على سريره وهو مرتاح الضمير، غير مدرك أن تان يوي في الغرفة المقابلة كان يحدّق بلهفة في حزامه المشتعل.
في اليوم التالي…
كان سونغ لين تشو جالسًا في فناء المنزل الدافئ المشمس، يدردش مع ليانغ شين شين عبر تطبيق ويتشات بينما يرسم بعض الخطوط.
كانت ليانغ شين شين تشكو من قلقها بشأن العثور على وظيفة بعد التخرج، وتمازح قائلة إنه لو كان معها مال كافٍ، لبدأت مشروعها الخاص لتتجنّب التعامل مع العملاء المتطلبين أو الرؤساء المستبدين.
كانت كلماتها عابرة، لكن وقعها على أذن سونغ لين تشو كان مختلفًا.
فهو أيضًا على وشك التخرج في العام المقبل، وبدأ يشعر بالقلق ذاته. ومعه أكثر من مليونَي يوان، ربما حان الوقت ليفكّر بجدية في مشروعه الخاص.
أحد زملائه، من عائلة ثرية، أنشأ ورشة مجوهرات ونجح فيها، وحقق أكثر من مئة ألف يوان في عامٍ واحد.
فلم لا يجرب هو أيضًا؟
صحيح أنه لا يفهم كثيرًا في إدارة الأعمال، لكن بإمكانه دائمًا الاستعانة بخبرة تان يوي متى شاء. وكلما فكر في الأمر، بدا له أكثر منطقية.
علاوة على ذلك، فإن الفصل الدراسي الثاني من السنة الثالثة عادة ما يكون أقل كثافة، لذا لم يكن عليه انتظار التخرج ليبدأ التحضير.
فتح هاتفه على الفور ليبحث عن الخطوات الأولية التي ينبغي اتخاذها. وما إن بدأ بكتابة الكلمات المفتاحية، حتى دوّى جرس الفيلا بضع مرات.
وبعد لحظات، فتح كبير الخدم ليو الباب ليستقبل الزائر.
“السيد تان الصغير؟” قال الخادم بدهشة،
“ما الذي أتى بك إلى هنا؟”
ضحك تان مينغ تشينغ بخجل وقال:
“أتيت لأرى لين تشو… هل هو في المنزل؟”
أجاب السيد ليو بتردد:
“نعم، لكنه… أنت تعلم ما يكرهه السيد تان.”
فقد كان معروفًا أن تان يوي لا يحب أن يزوره أحد في منزله، ما لم تكن بينه وبين الزائر علاقة وثيقة.
“أريد فقط التحدث إليه لبضع دقائق يا عمي ليو، نحن زملاء في الجامعة. عمي لن يمانع.”
كذب تان مينغ تشينغ، فلولا أن سونغ لين تشو لم يرد على مكالماته، لما تجرأ على تجاوز محظورات تان يوي والقدوم إلى منزله.
الآن، لم يعد يملك خيارًا آخر.
كان كبير الخدم ليو يجهل ما بين الشابَين، وكان مترددًا، حتى جاءه صوت بارد من خلفه:
“متى كنا زميلين؟”
تجمّد تان مينغ تشينغ للحظة حين سمع الصوت، ثم استدار قائلًا بسرعة: “لين تشو، أرجوك، أريد أن أتكلم معك لبضع كلمات، فقط بضع كلمات. هل تسمح؟”
لقد مر وقتٌ طويل منذ أن رأى ذلك الفتى المتقد بالحياة.
والآن، لم يكن سوى ظل باهت لما كان عليه، بعينين غائرتين، وملامح منهكة، وقد تلاشت منه كل مظاهر الزهو التي لطالما لازمت الشاب المدلل من عائلة تان.
قال سونغ لين تشو ببرود: “إن كان الأمر يتعلق بما حدث البارحة، فلا جدوى من الحديث.”
“لا، لا يا لين تشو، لقد كنت مخطئًا بالأمس.
ما كان يجب أن أقول ما قلته.
أعتذر لك.
أطلب منك أي شيء تريد، فقط ساعدني هذه المرة. أنت لم تكن تحب استعراض سو تشان لثروته أمامك، أليس كذلك؟
عندما تبدأ الدراسة سأتركه، وسأطلب منه أن يعيد كل ما قدمته له، حتى لا يتفاخر به. فقط ساعدني.”
ظل سونغ لين تشو صامتًا.
“أرجوك يا لين تشو، كل ما أريده أن تتحدث الى عمي الصغير.
لا أحد سواك يستطيع مساعدة عمي الآن.
هل أركع لك؟”
وما إن أنهى جملته، حتى خرّ راكعًا على الأرض بصوتٍ مسموع، مما أثار فزع كبير الخدم ليو.
“لا يمكنك فعل ذلك يا سيد تان الصغير، لا يمكنك!” قال وهو يهرع نحوه لينهضه.
لكن تان مينغ تشينغ لم يتحرك، وظلّ يحدّق برجاء إلى سونغ لين تشو بعينين محمرتين.
كان في قلب سونغ لين تشو شيء من الأسى تجاهه، لكنه لم يكن شفقة، بل لأنه شخص يستحق الرثاء فعلًا.
فلو كان يمتلك أدنى قدر من الكفاءة، لما اضطر للركوع أمام حبيب أحدهم، بل لسعى بنفسه إلى إنقاذ شركة عمه.
هل حقًا لا توجد شركة في العالم يمكنهم التعاون معها سوى شركة تان يوي؟
وهل ستضمن له هذه الشراكة البقاء إلى الأبد؟
هو يعلم يقينًا أن عمر عمه لن يطول، فلماذا لا يتعلم كيف يدير الشركة في حياته؟ ليس كما لو أنه مشغول بالدراسة.
كل ما يفعله هو اللهو وملاحقة الحب، معتقدًا أن ميراث عمه يكفي ليمنحه مكانة النخبة.
حتى لو ساعده اليوم، فإن سونغ لين تشو مقتنع بأن شخصية تان مينغ تشينغ لن تمكنه من الحفاظ على إرث عمه طويلًا.
كان على وشك قول شيء ما، حين فُتح باب الفيلا بصوت “نقرة”، ودخل تان يوي.
تصلّب ظهر تان مينغ تشينغ على الفور عندما رأى من دخل.
“عمي الصغير…” تمتم بصوتٍ خافت.
اقترب تان يوي من سونغ لين تشو، وانحنى قليلاً ليهمس له:
“هل أنت بخير؟”
أومأ سونغ لين تشو برأسه قائلاً:
“أنا بخير.”
نظر إليه تان يوي بهدوء، وبعد أن تأكد من أنه لم يُصب بأذى، اطمأن قلبه، ثم حوّل بصره البارد إلى تان مينغ تشينغ.
كانت نظرته حادة، وصوته أشد برودة وهو يقول:
“لا يوجد أجداد ولا بوذا في هذا المكان، فلِم الركوع؟”
“أنا… أنا…”
تلعثم تان مينغ تشينغ، عاجزًا عن تقديم أي تفسير.
لقد ظنّ، بما أن اليوم يوم عمل، أن عمه المدمن على العمل سيكون في مكتبه، لذا تجرأ وجاء.
ولكن… كما يُقال، المصائب لا تأتي فرادى.
“هممم؟” قال تان يوي، بصوتٍ منخفض لكنه يحمل من التهديد ما يكفي ليجعل العرق يتصبب من جبين ابن أخيه.
كانت هيبة عمه خانقة، حتى إنه لم يقدر على ابتكار كذبة. فاختار أن يغمض عينيه ويقول الحقيقة:
“أردت من لين تشو أن يطلب منك أن تعفو عن شركة عمي، وألا تنهي التعاون معها.
لقد كنت مخطئًا، وأنا مستعد للاعتذار بأي شكل. فقط، أرجوك، لا تدمّر مستقبل عمي المهني… أرجوك، عمي.”
خفض تان يوي عينيه ونظر إليه بنظرته العميقة الباردة، ثم قال:
“هل تظن أنني أنهيت التعاون مع شركة عمّك بسبب لين تشو؟”
تردد تان مينغ تشينغ قائلاً:
“أ… أليس كذلك؟”
قال تان يوي بنبرة صارمة:
“عُد واسأل تان يوي مينغ.”
“لكن… عمي قال إن السبب أنا… ولهذا جئت…”
بدأ صوت تان مينغ تشينغ يخفت شيئًا فشيئًا، وكأنه يتحلل تحت وقع الحقيقة.
كان في قلبه شك بأن استبعاد عمه من الاجتماع العائلي العام الماضي، الذي استضافه تان يوي، له علاقة به، لكنه لم يجرؤ على الاعتراف.
غير أن إنهاء التعاون كان أمرًا جللاً، فلم يستطع السكوت، واعترف.
عندما علم عمه بذلك، لم يوبخه كثيرًا، بل أوصاه أن يتوسل إلى سونغ لين تشو، لعله يتشفع له أمام تان يوي. ومن هنا استجمع تان مينغ تشينغ كل شجاعته، وجاء.
ضحك تان يوي، لكن ضحكته كانت بلا دفء.
صوته كان كالصقيع:
“لقد أنهيت التعاون لا بسبب أحد، بل لأن شركته قدّمت منتجات مغشوشة، وتسببت بخسائر فادحة لوَانوو.”
كان استبعاد تان يوي مينغ من فعاليات عائلة تان نابعًا من موقف شخصي له علاقة بسونغ لين تشو، وهو أمر وإن كان له تأثير، لكنه لم يكن قاتلًا من الناحية التجارية.
أما إنهاء التعاون، فكان قرارًا مهنيًا بحتًا.
صحيح أن صحة تان يوي مينغ بدأت تتدهور، وشركته تراجعت، لكنهم سعوا لتقليل التكاليف بالغش في المواد الخام.
ونتيجة لذلك، أصبحت جودة المنتجات سيئة، وتوالت الشكاوى من العملاء، بل وصلت الأمور إلى رفع دعوى قضائية ضد شركة وَانوو العام الماضي.
كان من المفترض أن يُنهى التعاون آنذاك، لكن تان يوي مينغ كان مريضًا ونُقل إلى المستشفى. أبدى تان يوي بعض التسامح بسبب قرابة الدم، ومنحه وقتًا إضافيًا.
وهذا بحد ذاته كان منتهى الرحمة.
لكنه لم يكن يتوقع أن يكون جزاءه النكران،
بل وتوريط سونغ لين تشو في الأمر!
ربما كان يعتقد أن كلمة من فم سونغ لين تشو ستغير رأيه.
— حسنًا، لو همس له سونغ لين تشو بكلمة على الوسادة، فربما غيّر رأيه فعلًا… فراشه كان موحشًا جدًا هذه الأيام.
تغيّر وجه تان مينغ تشينغ، وشحب لونه.
لم يخطر بباله قط أن عمه، الذي كان يعتبره دومًا درعه الحامي، سيستغله كورقة ضغط رخيصة.
امتلأ وجهه بالحرج، وكأنما يبحث عن شق في الأرض ليدفن نفسه فيه.
“أنا… أنا…” كانت الكلمات تخرج من فمه بين احمرار وجهه واصفراره.
وفي اللحظة التي تلعثم فيها، جاءه صوت تان يوي من فوقه، باردًا كالصقيع:
“لن أتدخل بعد الآن في شؤون عائلتك.
لكن إن أتيتَ لتُزعج لين تشو مرة أخرى…”
لم يُكمل جملته، لكن تان مينغ تشينغ كان قد بدأ يرتجف بالفعل.
ثم التفت إلى كبير الخدم ليو قائلاً:
“عمي ليو، أرِ الضيف طريق الخروج.”
“حسنًا،” أجاب الخادم بأدب، ثم التفت إلى الشاب الذي لا يزال راكعًا، وقال:
“الرجاء المغادرة، سيد تان الصغير.”
كان تان مينغ تشينغ لا يزال يريد التحدّث كمحاولة أخيرة، لكنه حين التقت عيناه بنظرة تان يوي الباردة، بلع كل كلماته.
ونهض من الأرض بخطى ثقيلة، يجر أذيال خيبته، وغادر منزل تان يوي وهو يبدو وكأنه خسر العالم كله.
كان شعور سونغ لين تشو معقّدًا.
لم يستطع كبح فضوله، فسأل:
“جيجي، هل حقًا ستُفلس شركة عمه؟”
أجاب تان يوي بهدوء:
“يعتمد ذلك على كيفية تعاملهم مع الوضع.”
“إن أصلح من نفسه، وركّز على تقديم منتجات بجودة عالية، وكبح جماح جشعه، فبإمكانهم بطبيعة الحال مواصلة التعاون.”
لقد بُنيت ثروة تان يومينغ على أساليب ملتوية، لكنه لم يُمارس تلك الأفعال منذ سنوات. وكان تان يوي يظن أنه تغيّر، ولهذا وافق على التعاون معه.
لكن حين بدأت تظهر مشكلات الجودة، أدرك تان يوي أن ' الطبع يغلب التطبع '.
أومأ سونغ لين تشو برأسه، مؤيدًا كلامه.
ربما تحطّمت الآن أحلام تان مينغ تشينغ وسو تشان.
وخطر في بال سونغ لين تشو فجأة:
لو لم يكن قد ' اختار الشخص الخطأ '، لكان هو من يعاني الآن…
إحم.
سعل سونغ لين تشو بخفة، ونظر إلى تان يوي بنظرة مرتبكة.
لاحظ تان يوي نظرته، فسأله:
“ما بك؟”
قال سونغ لين تشو، متصنّعًا الإعجاب:
“لا شيء، فقط… أشعر بالانبهار من هيبة جيجي!”
بدت لمحة من التسلية في عيني تان يوي.
كان ينظر إلى الفتى الجالس تحت الشمس، يُحيط به نور ذهبي كما لو أنه محاط بهالةٍ مضيئة، بدا في تلك اللحظة أكثر إشراقًا وجاذبية.
لينحني صوته لا إراديًا وهو يقول:
“أريد أن أطلب منك طلبًا.”
انتبه سونغ لين تشو على الفور وسأله بحذر:
“ما هو؟”
رؤية ردّ فعله جعلت تان يوي يشعر بأن طلبه على وشك أن يُرفض.
لكن، الرجل الحقيقي لا يتراجع أمام التحدي!
فقال بصوت جاد:
“أريد إذنك… لأعود إلى العمل غدًا.”
تنفّس سونغ لين تشو الصعداء فورًا.
اللعنة! كان يظن أن الطلب سيكون العودة لمشاركة السرير!
قال تان يوي، رغم أنه لم يتوقّع قبولًا:
“أعدك أنني لن أعمل لساعات إضافية، وسأعود في الوقت المحدد… هل أستطيع؟”
فأجابه سونغ لين تشو بإيجابية فاجأته:
“طبعًا، جيجي، اذهب.”
تان يوي: …
لماذا يشعر وكأن هذا الشخص سعيد جدًا؟!
سأله بشك:
“حقًا؟”
هزّ سونغ لين تشو رأسه بقوة:
“حقًا، طالما أنك تهتم بصحتك ولا تعمل وقتًا إضافيًا!”
تان يوي: …
ثمة شيء مريب هنا. الأمر لا يبدو طبيعيًا.
⸻
بعد ذلك، عاد تان يوي إلى عمله بشكلٍ طبيعي، مستعدًا لإطلاق منتج جديد.
وكما وعد، لم يعمل لساعات إضافية، وكان يعود مبكرًا كل يوم لتناول العشاء مع سونغ لين تشو.
لكن، شعر بأن هناك شيئًا قد تغيّر في سونغ لين تشو.
كيف يصف الأمر؟ كان سونغ لين تشو فيما مضى يخلق الفرص لمغازلته كل يوم تقريبًا، ويرسل له رسائل عبر ويتشات مليئة بالمشاعر، بل وبعضها يحمل إيحاءات جريئة.
كان بارعًا جدًا في هذا الجانب.
أما في هذه الأيام… فلم يعد هناك أي مزاح، ولا حتى إيحاءات.
كلامه بات عاديًا، بسيطًا، بلا أي حرارة.
الفرق كان كبيرًا جدًا، وجعل قلب تان يوي يشعر بشيء من الخلل.
وخاصةً بعد أن ذاق لذّة الجسد الكبرى، لدرجة أنه يستطيع الآن استحضار تفاصيل تلك الليلة واحدة تلو الأخرى.
إحم.
تم الانتهاء من مسألة نقل قبري والدي سونغ لين تشو، وقبل انتهاء عطلة الشتاء، كان عليه العودة لنقل رفاتهما إلى المقبرة العامة.
وبذلك، تكون هذه الصفحة قد أُغلقت نهائيًا.
تولى تشنغ بين، المسؤول عن الترتيبات، مهمة التواصل مع خبير فنغ شوي، وقد قام الأخر بكل التحضيرات اللازمة، فلم يكن على سونغ لين تشو سوى الحضور فقط، دون أن يشغل باله بشيء.
وبما أن تان يوي أصبح رسميًا ' زوج الابن '، فقد بات من الطبيعي أن يشارك في مثل هذه الأمور. رغم انشغاله الشديد، طلب من مساعده أن يُفرغ له يومًا كاملاً لهذه المناسبة.
لكن خبير الفنغ شوي، بعد أن اطّلع على الأبراج الفلكية، اكتشف أن برج تان يوي يتصادم مع برج والدة سونغ لين تشو، لذا لا يجوز له الحضور.
وحين أخبره تشينغ بين بذلك، قال تان يوي ببرود:
“إذن، ابحث عن خبير فنغ شوي آخر.”
كاد تشينغ بين يوافق، لكن سونغ لين تشو تدخّل قائلاً:
“لا داعي يا جيجي، ليس عليك الذهاب.
شركتك على وشك إطلاق منتج جديد بمناسبة مهرجان تشيشي، والعمل أهم.”
نظر إليه تان يوي بتركيز وقال:
“هذا أهم من العمل.”
آه، إذن تستطيع أن تعترف بذلك أيضًا، فكر سونغ لين تشو وضحك في سرّه، لكنه قال على الفور:
“الأمر ليس كذلك. في هذه الأمور، الناس يضعون أهمية كبيرة للأبراج والتوافقات، خصوصًا في ما يتعلق بالأموات. فلنحترم مهنتهم.”
لم يُعلّق تان يوي، لكن سونغ لين تشو طمأنه قائلاً:
“سنزورهم في عيد تشينغ مينغ.”
ظل تان يوي مترددًا وسأل:
“وماذا عن ابن عمك وزوجته؟”
أجابه سونغ لين تشو:
“لا تقلق.
سأخبر عمي فقط، ولن يعلموا أنني عدت.”
ورغم تردده، لم يستطع تان يوي أن يخرق قواعد الطقوس، خاصة حين يتعلق الأمر بوالدي سونغ لين تشو.
في اليوم الثالث عشر من الشهر الأول القمري، سافر سونغ لين تشو إلى مسقط رأسه، وبات ليلته في المدينة. وكان عليه أن يتوجه إلى القرية صباحًا في اليوم التالي.
كان شياو تشين هو من استقبله في المطار وأوصله إلى الفندق. الفندق نفسه من قبل، خمس نجوم، وقد تم حجز الجناح الرئاسي مسبقًا، لذا تمكّن من تسجيل الدخول مباشرة.
بعد أن أخذ حمامًا دافئًا في الغرفة، تذكّر سونغ لين تشو أنه لم يتواصل بعد مع تان يوي، فأمسك بهاتفه وأرسل له رسالتين.
[شياو سونغ لين]: جيجي، وصلت إلى الفندق!
[شياو سونغ لين]: ثعلب لطيف يبيع اللطافة.gif
لم تمر ثوانٍ قليلة حتى اهتز هاتفه بمكالمة فيديو واردة من تان يوي.
حين رأى صورة الملف الشخصي المألوفة، لم يستطع سونغ لين تشو إلا أن يبتسم.
ربت على وجهه الغبي وأجاب المكالمة.
“جيجي!”
كان تان يوي قد أنهى لتوه العشاء، وكان في طريقه إلى مكتبه. وجاء صوته العذب والواضح من سماعة الهاتف:
“منذ متى وصلت؟”
أجابه سونغ لين تشو، وهو يُميل الكاميرا للأسفل ليُريه البيجاما التي يرتديها، دلالة على أنه خرج للتو من الحمّام:
“وصلت لتوي، توًا من الحمّام.”
سقط نظر تان يوي على ملابس النوم التي كان يرتديها سونغ لين تشو—بيجاما من قماش القطيفة بلون أبيض حليبي، وأزرارها مغلقة حتى العنق.
تساءل تان يوي ببرود: ما هذا التصميم؟
الأزرار تغطي نصف رقبته البيضاء النحيلة… لا شيء ظاهر. شركة تُنتج ملابس نوم بهذه الطريقة يجب أن تُعلن إفلاسها فورًا.
بعد صمت، سأل تان يوي بهدوء:
“في الليلة الماضية، تركتُ علامات كثيرة على عنقك… هل اختفت؟”
سونغ لين تشو: ؟؟
كيف تجرؤ أن تسأل؟!
بسبب تلك العلامات، ارتديت كنزات برقبة عالية لعدة أيام!
ألا تشعر بالذنب ولو قليلًا؟!
قال ببرود:
“اختفت.”
حتى لو لم تختفِ، لن أدع هذا العجوز يعرف!
وخاصة تلك العلامة على عظمة الترقوة… كانت ببساطة شريرة!
“حقًا؟” قال الشيطان وهو يمد مخالبه ببطء:
“دعني أرى.”
“…”
إن أريته، سينكشف كذبي فورًا!
“همم؟”
نبرة تان يوي كانت مليئة بالتلميح.
تقلّب سونغ لين تشو بعينيه وقال فجأة:
“دع الأمر، نحن بعيدون جدًا عن بعضنا.
حتى لو رأيت العلامة، لن تتمكن من مساعدتي في إزالتها عن بُعد. بل وقد تؤذي عينيك.”
ثم رمش له بعينيه بريئة وهو يقول:
“وسأشعر بالذنب إن تضررت عينا جيجي.”
تان يوي: “…”
رأى سونغ لين تشو ومضة الصمت في وجه هذا الكلب من الرجال، وضحك في سرّه.
همف! في السابق لم تكن تنظر عندما عرضت عليك، والآن تريد أن ترى؟ احلم!
كلب! اكتفِ بمشاهدة الملابس!