🦋

 كانت الشوارع شبه خالية من السيارات في وقت متأخر من الليل، فوصل العم تشونغ بسرعة بباي شاوزي وتشينغ شيا إلى حي فيلات بينجيانغ.

وعندما توقفت السيارة أسفل المبنى، نظر باي شاوزي إلى ساعته وقال: “عُد إلى المنزل يا عم تشونغ، سأتولى إيصال تشينغ شيا لاحقًا.”

ابتسم العم تشونغ وأومأ برأسه، ثم ذهب إلى المرآب واستقل سيارة أخرى ليغادر المجمع السكني.

كان تشينغ شيا يحتفظ بذكرى واضحة لهذا الفيلا—

ففي هذا المكان تحديدًا، التقيا لأول مرة. 

في ذلك الوقت، خرجت الفيرومونات خاصتة عن السيطرة، لكن باي شاوزي لم يضع علامته عليه، بل أعطاه حقنة مثبّت وأعاده إلى منزله. لم يكن يتصور أن يدور بهما الزمان ليعودا إلى هنا من جديد.

لكن هذه المرة، قرر تشينغ شيا أن لا يسمح لباي شاوزي بإيصاله إلى المنزل.

—لقد قرر أن يبقى الليلة.

أكثر من نصف عام مضى منذ أن بدأت علاقتهما، ومع ذلك لم يُقدم باي جي على وضع علامته الكاملة عليه. 

وبما أن الألفا لا يبادر، فلا بأس أن يبادر هو. 

بل إنه الأفضل…

( هو يناديه دايماً باي جي واللي تعني اخي باي لاكن ذي المرة قررت اخليها باي جي )

كان تشينغ شيا مستغرقًا في أفكاره حين سمع فجأة صوت باي شاوزي الهادئ: “فيما تفكر؟ ادخل.”

فتح باي شاوزي الباب وانحنى بلطف ليخرج زوجًا جديدًا من النعال لتشينغ شيا. 

انقطعت سلسلة أفكار الأخير، وأثناء ارتدائه للنعال، سأل بصوت خافت: “أأنت تعيش وحدك أخي باي؟ لا توجد خادمة في المنزل؟”

رد باي شاوزي وهو يشعل أنوار المنزل ويقوده إلى غرفة المعيشة: “لا أحب وجود غرباء في المنزل، أستعين بموظفة تنظيف بدوام جزئي فقط عند الحاجة. كما أنني نادرًا ما أتناول الطعام هنا، لكن مؤخرًا، صرت أتناول وجبات أكثر.”

قال تشينغ شيا بابتسامة:

“أعرف أن مسلسلي اللذين استثمرت فيهما هذه السنة قد حققا نجاحًا باهرًا، والعائدات تضاعفت عشر مرات. لا بد أن كثيرين دعوك للعشاء أملاً في التعاون معك، أليس كذلك؟”

أجاب باي شاوزي بابتسامة خفيفة وهو ينظر إليه بعينين ملؤهما الحنان: “نعم، كثيرون يحاولون اللحاق بي لنيل نصيب من المرق.”

“هل يمكنني الآن إهداؤك الهدية؟” سأل تشينغ شيا وهو يخفي يديه خلف ظهره وابتسامته مشرقة.

“…حسنًا.” استسلم باي شاوزي لحماس الفتى، فأغمض عينيه ومد يده اليمنى.

بعد لحظة، أحسّ بشيء يوضع في كفه، وصوت الفتى البهيج يهمس في أذنه: 

“يمكنك أن تفتحها الآن!”

فتح باي شاوزي عينيه، 

ونظر إلى كفه—فإذا بها مفتاح سيارة أسود.

تأمل الشعار المألوف على المفتاح، فبدا عليه الذهول للحظة قبل أن يستوعب ما حدث:

“أ… اشتريت لي سيارة؟”

أومأ تشينغ شيا برأسه قائلاً:

“ألم تهدني سيارة نموذجية بإصدار محدود في عيد ميلادي؟ لقد اشتريت لك سيارة رياضية من نفس الطراز. بهذه الطريقة، ستكون لدينا ' سيارة زوجين ' واحدة صغيرة وأخرى كبيرة!”

عندما رأى ملامح الارتباك على وجه باي شاوزي، سأل بتوتر: “أ… أأنت لا تحبها؟”

صمت باي شاوزي للحظة، ثم أمسك بيد تشينغ شيا وقال بهدوء: “تعال معي.”

نظر تشينغ شيا بدهشة، لكنه تبعه وهو يهبط الدرج خلفه.

في الطابق السفلي توجد غرفة الترفيه السمعية والبصرية، أما الطابق الذي يليه فهو المرآب. 

وبما أن هذه الفيلا تُعد من أفخم مساكن رونغتشنغ، فإن مرآبها السفلي يتسع لخمس سيارات بسهولة. وما إن دخلا، حتى وقعت عينا تشينغ شيا على سيارة رياضية مألوفة تقف في الوسط.

تحت ضوء السقف، كانت هيكل السيارة البرتقالي يلمع وكأنه مغلف بطبقة حريرية من الضوء—نفس الطراز الذي أهداه باي شاوزي له يوم عيد ميلاده، وكأن النموذج قد كبر فجأة.

اتسعت عينا تشينغ شيا بدهشة:

“أ… لقد اشتريت هذه السيارة فعلاً؟!”

حين ذهب قبل فترة إلى معرض السيارات ليشتري النموذج ذاته كهدية لباي، قيل له إن النسخة البرتقالية قد بيعت بالفعل—لم يكن يتوقع أن المشتري كان باي شاوزي نفسه!

قال باي شاوزي وهو يرافقه إلى السيارة:

“نعم، اشتريتها. كنت أنوي أن أهديك إياها نهاية العام كمكافأة سنوية. هكذا، تحتفظ بالنموذج في البيت وتقود السيارة الكبيرة في الخارج. البرتقالي هو لونك المفضل. واحدة صغيرة وواحدة كبيرة. سيارتان برتقاليتان تلازمانك، كما أفعل أنا.”

كانت هذه خطة باي منذ البداية—نموذج صغير في العيد، وسيارة حقيقية في نهاية العام. 

لم يكن تشينغ شيا يتوقع هذه الرقة في التفكير.

شعر تشينغ شيا بالحرارة تعتلي وجهه، اقترب ولمس الخطوط الانسيابية للسيارة البرتقالية، ثم استدار وسأل: “لوحة السيارة: ' رونغ A-CX321—CX ' هي اختصار اسمي، و321 هو تاريخ ميلادي… هل اخترت هذه اللوحة خصيصًا؟”

أومأ باي شاوزي: “نعم.”

امتلأ وجه تشينغ شيا بالابتسام:

“أما سيارتك التي اشتريتها أنا، فرقم لوحتها ' رونغ A-P1123 '، وهي أيضًا أول حرفين من اسمك وتاريخ ميلادك! إذًا، أليست هذه صدفة ذكية؟”

باي شاوزي: “…”

حقًا إنها مصادفة ملهمة.

كان قد خطط لشراء السيارة لتشينغ شيا منذ زمن، ولم يكن يعلم أن الفتى سيشتري السيارة ذاتها له بالمقابل.

واحدة سوداء والأخرى برتقالية، P1123 وCX321، سيارتان متطابقتان كأنهما توأم عاشق.

وفي تلك اللحظة، تبادلا النظرات وابتسما. 

تقدم باي شاوزي من تشينغ شيا واحتضنه بلطف، وقال: “صادرت كل الهدايا التي قدمها فنانو الشركة لي هذا العام، ووالدي وشياويان اعتقدوا أنني أرفض استقبال الهدايا… في الحقيقة، أردت فقط أن أقبل هديتك أنت.”

ضمه بقوة أكبر قليلاً، وقبّل جبين الفتى هامسًا:

“شكرًا لك على هدية عيد الميلاد.

 أحببت هذه السيارة كثيرًا. سأقودها بنفسي، ولن أجعل أحدًا يجلس فيها سواك.”

شعر تشينغ شيا بدفء يسري في عروقه، فردّ العناق وقال: 

“المكافأة السنوية التي وعدتني بها تم كشفها مبكرًا، لكنها أعجبتني كثيرًا. 

ولن أسمح لأحد بالركوب معي سواك. 

سيكون هناك مقعد ' عاشق في سيارة العشاق ' ، اتفقنا؟”

ضحك باي شاوزي وأومأ برأسه:

“اتفقنا. وسأضع ملصقًا على المقعد المجاور للسائق مكتوب عليه المقعد الحصري لتشينغ شيا.”

رغم أن المرآب كان باردًا، فإن جسد تشينغ شيا كان يكاد يشتعل دفئًا. 

صوته الحنون يرنّ في أذنيه، وقلبه ممتلئ بالعسل. 

بقي متكئًا في حضن باي شاوزي لبعض الوقت، حتى قال الأخر وهو يلتفت إلى الساعة: 

“أو… هل أوصلك بهذه السيارة الآن؟ وربما تأخذها في جولة اختبار؟”

همس تشينغ شيا: “هل أنت مصمم على إيصالي؟”

تفاجأ باي شاوزي، ثم قال بلطف:

“إنه وقت متأخر، والجو بارد، أخشى أن—”

قاطعته تشينغ شيا وهو يصعد الدرج:

“منزلك واسع، لا بد أن فيه غرفة ضيوف. 

هل أستطيع المبيت الليلة؟ 

البرد قارس ولا رغبة لي بالعودة.”

فكر باي شاوزي لوهلة ثم أومأ:

“لا بأس. 

الوقت متأخر والطرقات ليست آمنة في هذا الجو. سأوصلك غدًا.”

قال تشينغ شيا في نفسه:

غدًا؟ ربما لن تستطيع توصيلي أصلاً.

أخذ باي شاوزي تشينغ شيا إلى الطابق الثاني، وخصّص له غرفة نوم مقابلة تمامًا لغرفته الخاصة. 

كانت الغرفة مزوّدة بحمام داخلي، وحين أوصله إليها، انحنى برقة، وطبع على جبينه قبلة خفيفة، وقال بصوت دافئ: “تصبح على خير.”

تشينغ شيا: “…”

حقًا، أنت نهر نقي يتدفق وسط عالم الألفا. 

أوميغا يأتي إليك بنفسه، وأنت تجعله ينام في غرفة الضيوف.

دخل تشينغ شيا الحمام ليأخذ دشًا، وفي داخله دوامة من التساؤلات والدهشة، غير مدرك أن باي شاوزي، في الغرفة المقابلة، كان يصارع أيضًا رغباته وقد أغرق جسده بماء بارد. 

تشينغ شيا الذي اختار المبيت الليلة، بدا له كحَمَلٍ صغير دخل عرين الذئب طواعية، حتى أنه سأله ببراءة: “هل يمكنني المبيت هنا؟”

تلك الجملة وحدها كانت كافية لتمتحن حدود صبره.

لكنه تمالك نفسه بعقلانية. 

فـتشينغ شيا لم يتجاوز التاسعة عشرة بعد، وربما لم يمرّ بأي تجربة من قبل. 

وخوفًا من أن يؤذيه، أو يعجّل بشيء ليس مستعدًا له، كبح باي شاوزي جماح رغباته، رغم أنه كان قد تعلّم مؤخرًا الكثير من النظريات، بل وشاهد مقاطع توضيحية حول عملية الوسم.

ومع ذلك، ظل يشعر أن تشينغ شيا ما زال نقيًا جدًا، شفافًا جدًا. أن يقترب من جسده الآن، سيكون كأنك تقتلع زهرة قبل أوانها، أو تمسّ نبعًا عذبًا دون إذنه.

تجهم وجهه قليلًا وهو يخرج من الحمام، وإذا بصوت طرق خفيف على الباب يقطعه من أفكاره.

مسح شعره المبلل، وفتح الباب——

كان الفتى يقف هناك، وقد أنهى حمامه للتو.

شعره الأسود كان لا يزال يقطر ماءً، يلتصق بأذنيه، ولم يكن يرتدي سوى منشفة بيضاء، بالكاد تغطي الضروري، فيما قدماه العاريتان تلامسان أرضية الغرفة.

المنشفة القصيرة كشفت عن عظام الترقوة الناعمة وساقين طويلتين رشيقتين. 

وكانت بشرته، الندية ببخار الماء، تتلألأ تحت إضاءة الغرفة الدافئة كأنها تشع نورًا. 

رفع رأسه قليلاً، ونظر إلى باي شاوزي بعينيه الصافيتين وقال بجديّة:

“أخي باي، نسيت أن أحضر بيجامتي.”

باي شاوزي: “…”

تفجّرت عقدة حنجرته، وعيناه لم تستطيعا التراجع عن هذا المنظر.

تشينغ شيا، في آنٍ واحد، بريء وساحر بشكل لا يُحتمل.

أن يأتي إلى غرفة ألفا بهذه الهيئة؟ 

كأن الخروف جاء بنفسه إلى فم الذئب.

باي شاوزي كبح أنفاسه، وأدار وجهه خجلاً، قال بصوت مبحوح بعض الشيء:

“انتظر، سأبحث لك عن بيجامة…”

أسرع إلى خزانة ملابسه وفتح الباب بحثًا عن طقم نظيف.

وحين التفت، وجد تشينغ شيا قد دخل الغرفة حافي القدمين. تجمّد جسده للحظة وهو يراه يقترب، ثم سمع صوته الناعم يقول:

“أنا أشعر بالبرد، أريد النوم مع أخي باي.”

باي شاوزي: “………”

كان كتم الأنفاس حينها لا يُطاق. 

كان تشينغ شيا كأنه يمازحه وهو يرى ألفاه يتجمد في مكانه، وكأنما لا يعرف ماذا يفعل.

اقترب أكثر، ولف ذراعيه حول باي شاوزي في عناق خفيف.

شحب وجه باي شاوزي خجلًا، وتمتم: 

“تشينغ، تشينغ شيا…”

صوته ارتجف، وهو يكبح رغبته العارمة.

ثم، همس تشينغ شيا عند صدره:

“نحن معًا منذ أكثر من نصف عام. 

ألم تفكر يومًا في وسم دائم؟ 

أم أنك لا تحبني كفاية؟ 

هل تبقيني بلا وسم ليسهل عليك استبدالي لاحقًا؟”

جسده قد اندس بين ذراعيه. 

وكان عبير الفيرومونات البرتقالي العذب يدغدغ خلاياه كريشة. توتر ظهر باي شاوزي على الفور، وقال بحزم: “ما هذا الكلام؟ كيف لا أحبك؟!”

تشينغ شيا رفع رأسه وسأله بصوت حنون:

“حقًا تحبني؟”

باي شاوزي أجاب بصوت خافت، وهو يبتلع ريقه:

“طبعًا.”

تشينغ شيا ابتسم وقال: “أخي باي، اليوم عيد ميلادك، وأردت أن أهديك هدية خاصة جدًا.”

ثم أمسك بيد باي شاوزي، ووضعها على طرف المنشفة الملفوفة حول صدره. 

كان هناك شريط صغير معقود بشكل أنيق. 

ضغط تشينغ شيا يد باي شاوزي عليه بلطف، وقال بجدية: 

“أقدّم لك نفسي.”

ثم نظر إليه بعينين تلمعان: “هل تريد هذه الهدية؟”

باي شاوزي: “…”

كانت يده ترتعش قليلاً. 

كان يعلم أنه بمجرد أن يشد هذا الشريط، ستنزلق المنشفة، ويصبح تشينغ شيا ملكًا له تمامًا.

هل يفتح الهدية أم ينتظر؟

عيون الفتى كانت مرآة صافية تعكس وجهه، 

مليئة بالمحبة الصادقة، مغمورة بشوق خالص. 

تنفّس باي شاوزي يتسارع، وبعد لحظات من الصمت المشحون، لم يعد يحتمل——

بيده اليمنى، نزع المنشفة البيضاء.

ثم احتضنه بسرعة، ورفعه بين ذراعيه، وسار به بخطى واسعة نحو السرير.

تشينغ شيا ابتسم بخجل، واقترب من أذنه، وهمس:

“هذه المرة، لا يمكن للوسم المؤقت أن ينفع. طلبت من الدكتور تشين وصفة لمُسرّع الفيرومونات، وأخذت قرصين منه أثناء الاستحمام.”

لا عجب أن عبير الفيرومونات أصبح طاغيًا في الغرفة.

كان واضحًا، تشينغ شيا قد قرر من البداية أن يكون هو الهدية.

قلب باي شاوزي امتلأ دفئًا، كأن ريشًا ناعمًا يحضنه من كل الجهات.

كم هو محظوظ، ليحبه أحد بهذا الصفاء؟

وضع تشينغ شيا برقة على السرير، وهمس:

“أعرف، أن هناك وسمًا آخر… الوسم الأبدي.”

تشينغ شيا احمر وجهه، وسأل بصوت ناعم:

“لكن، هذا الوسم لا يمكن التراجع عنه. هل ترغب أن تمنحني إياه؟”

وكان الجواب… قبلة، هادئة، واثقة، مليئة بوعد عميق.

وقال باي شاوزي ببطء:

“تشينغ شيا، أنا أحبك. وإذا كان الوسم الأبدي يعبّر عن صدق مشاعري، فأنا مستعد أن أمنحك إياه—— لك وحدك.”

ارتجف قلب تشينغ شيا، وردّ على تلك القبلة، بشوقٍ لا يخفيه.

تأثير مُسرّع الفيرومونات سرعان ما أشعل الحماس، فاحتضن تشينغ شيا عنق ألفاه وهمس بخفة:

“أخي باي، أنا أيضًا أحبك.”

هل وجدت خطأ؟ قم بالإبلاغ الآن
التعليقات

التعليقات [0]