🦋

اجتمع باي شاوزي مع السيّد تشين، المسؤول عن شراء مصادر الأفلام في أول منصة لبث الفيديوهات محليًا، وذلك لمناقشة توقيت عرض مسلسل طي الورق ونمط شرائه.

كان السيد تشين من أولئك الذين يُطلق عليهم لقب النمر المبتسم؛ فقد بدأ الاجتماع بوابل من المجاملات، يمدح باي شاوزي من رأسه حتى أخمص قدميه، بكلمات مثل: ' الرئيس باي شاب بحق ومبشّر بمستقبل واعد '

ثم اعتدل في جلسته وأخذ يقول بنبرة أكثر جدية: “الرئيس باي، ما رأيك أن نشتري مسلسل طي الورق بثلاثة ملايين؟ منصتنا، شياوشيونغ تي في، هي الأكبر من حيث عدد مستخدمي الفيديو في الصين، نملك مئات الملايين من الأعضاء، ونسبة تفاعل يومية تقارب المئة مليون. وبالطبع، فإن معدل ظهور هذا المسلسل لدينا، لا احتاج حتى للتحدث.”

ارتشف باي شاوزي رشفة من الشاي، وردّ بهدوء: “ثلاثة ملايين كشراء نهائي؟ هذا لا يغطي حتى التكاليف، ولن يكون من السهل تبرير ذلك لأفراد الطاقم.”

ابتسم السيد تشين وقال: “المسلسل لا يقتبس من  رواية شهيرة، والممثلون فيه من الوجوه الجديدة غير المعروفة. السعر الذي عرضته عليك عادل جدًا. السنة الماضية، اشترينا عدّة مسلسلات شبابية لممثلين جدد. ورفعت السعر فوق المليونَين فقط من أجل خاطر تيانشوان. الرئيس باي، أنت في النهاية تنفق من جيبك لترفع من شأن الممثلين الجدد، ومنصة أكبر تعني شهرة أوسع لهم.”

وضع باي شاوزي فنجانه على الطاولة، ثم رفع نظره إلى السيد تشين وسأله: “وإذا كانت صفقة شراء نهائي بثلاثة ملايين، فكيف يخطط الرئيس تشين للترويج للمسلسل؟”

فكر الآخر قليلًا، ثم قال: “بالطبع سيتم تصنيفه ضمن فئة الدراما المدرسية. وسنضعه في الموقع الأبرز من ضمن تصنيفاته وقت الإطلاق. هاها، مسلسل من إنتاج تيانشوان، لا يمكننا إهماله.”

ارتسمت ابتسامة باهتة على طرف شفتي باي شاوزي، ثم وقف وقال: “الرئيس تشين، ربما تتاح لنا فرصة للتعاون مستقبلًا.”

هل كان هذا رفضًا مباشرًا؟ ابتسم السيد تشين بخبث في داخله. 

أي شهرة يرجوها ممثل غير معروف؟ 

في موسم الصيف، تكون المنافسة شرسة، والدور الرئيسي تتصارع عليه الأعمال الكبرى المستندة إلى روايات مشهورة. 

كم من الانتباه يمكن أن يجذب مسلسل صغير بميزانية محدودة؟ إن اشتريناه بثلاثة ملايين فقد نخسر، وهذا بحد ذاته مغامرة لا تُغتفر.

ظلّ السيد تشين مبتسمًا، لكن باي شاوزي كان يقرأ أفكاره، ولم يجد أي داعٍ للاستمرار بالحديث.

خلال الأيام الماضية، التقى باي شاوزي بعدد من مسؤولي شراء المحتوى في مختلف منصات البث. 

تظاهرو الاحترام بسبب منصبه في تيانشوان، 

لكن باطنهم لم يكونو متفائلين بـ ' طي الورق ' . 

في موسم الصيف، تُطلق المنصات أقوى إنتاجاتها، وهم لا يريدون المخاطرة بشراء مسلسل مدرسي من بطولة وجوه غير معروفة. 

تفكيرهم الحذر هذا كان مفهومًا بالنسبة لباي شاوزي.

فهناك دراما خيالية بإنتاج ضخم، ومسلسلات تاريخية، وأخرى تجمع بين النجوم والمآسي في أجواء مدرسية. 

وسط هذا الزحام، من الصعب أن تشق طي الورق طريقها نحو القمة.

لكن باي شاوزي كان واثقًا برؤيته في اختيار النص، ومؤمنًا بأداء تشينغ شيا.

فهذا أول عمل لتشينغ شيا، وأول تجربة لباي شاوزي كمنتج في هذا العالم. 

تشينغ شيا بذل جهدًا كبيرًا في هذا المشروع—

قرأ الرواية الأصلية خمس مرات، وحفظ السيناريو أكثر من عشر مرات، 

وأهدر آلاف الأوراق فقط لتعلّم فن طي الورق…

كيف يمكنه أن يخيب ظنه؟

في المساء، بعد عودته إلى المنزل، 

جلس باي شاوزي إلى مكتبه، 

يُدلك صدغيه بتعب، يفكر بخطة بديلة.

رغم ثقته التامة بهذا العمل، 

إلا أن منصات البث لديها معايير التقييم الخاصة بها. 

فلا أحد سيدفع عشرة ملايين مقابل عرض حصري لمسلسل ' شفاف ' من بطولة وجوه مجهولة.

البيع النهائي لن يعوّض حتى التكاليف. 

لذا، كان عليه المخاطرة—بتجربة نموذج ' تقسيم الأرباح '.

في الواقع، تتبع العديد من افلام الإنترنت نموذج تقسيم شباك التذاكر، 

حيث يتفق المنتج والمنصة على نسبة معينة. 

يدفع المشاهدون أسعارًا رمزية تتراوح بين 2 إلى 10 يوان لمشاهدة الفيلم. وإذا حظي العمل بسمعة جيدة، فإن كثيرين سيدفعون هذه المبالغ الصغيرة لمشاهدته. 

والعائدات النهائية تُقسّم حسب الاتفاق.

لكن لهذا النموذج عيبًا قاتلًا—

فإن لم ينطلق العمل بقوة، فقد ينهار تمامًا، 

ولا يصل حتى إلى سعر الشراء البسيط. 

فهناك العديد من المسلسلات المجانية، 

فمن سيدفع ثمن مسلسل على الإنترنت؟

إلا إذا كانت الحبكة مشوّقة بما فيه الكفاية، 

لتجعل الجمهور يفتح محفظته عن طيب خاطر.

وبعد تفكير عميق، قرر باي شاوزي أن يتوجه للحديث مع رئيس منصة لينغهو تي في…

تُعد منصة لينغهو رابع أكبر منصة لبث الفيديو في الصين. 

ورغم أن عدد المستخدمين المسجلين فيها قد تجاوز مؤخرًا حاجز المئة مليون، إلا أن الفارق لا يزال شاسعًا بينها وبين المنصات الثلاث الأولى. 

لذلك، ونظرًا لعجزها عن الظفر بحقوق البث الحصرية لأعمال ضخمة من نوع ' البث المتزامن على كل المنصات '، فإنها تولي اهتمامًا خاصًا بأعمال جديدة، على أمل أن يلمع أحدها فجأة ويصبح حديث الناس. 

ذلك كفيل لا برفع سمعة المنصة فحسب، 

بل بجذب المزيد من المستخدمين إليها.

وبعد أن عقد عزمه، طلب باي شاوزي من تشانغ فان تحديد موعد مع المسؤول عن هذه المنصة.

وتشاء الصدف أن يكون السيّد ليو، المسؤول عن شراء الأعمال في لينغهو تي في، في مدينة رونغتشنغ لحضور اجتماع خلال تلك الأيام. 

وبعد أن نقل تشانغ فان رسالة باي شاوزي، وافق السيّد ليو بكل ترحيب على لقائه في اليوم التالي.

في اليوم الموعود، حضر باي شاوزي مع تشانغ فان، بينما رافق السيّد ليو مساعده. تناول الأربعة الطعام في مطبخ خاص وهادئ، بعيدًا عن الضجيج.

ابتسم السيد ليو وقال: “جئتني من أجل مسلسل طي الورق، أليس كذلك؟ سمعت أن العمل قد اجتاز المراجعة الرقابية، وأنكم تبحثون الآن عن منصة للبث.” 

كان من الواضح أن أخبار باي شاوزي واجتماعاته مع المنصات الثلاث الكبرى قد وصلت إلى آذان الجميع.

أجاب باي شاوزي بصراحة: “أصاب السيد ليو. تحدثت مع عدة شركات، ولم نصل إلى اتفاق بعد. ليس من باب الغرور أني أرفض البيع بسعر منخفض، بل لأنني أؤمن حقًا أن لهذا العمل قابلية لأن يصبح ضربة ناجحة. 

بضع ملايين كثمن للشراء لا تفيه حقه.”

السيّد ليو: “…”

كان هذا المنتج الشاب مثيرًا للاهتمام بحق. 

تجربته الأولى كمنتج، ممثل غير معروف في الدور الرئيسي، ومخرج حديث العهد لم يخرج سوى أعمال على الإنترنت من الدرجة الثالثة… 

من أين له بكل هذه الثقة؟!

لكن عيني باي شاوزي، المليئتين بالثقة، كان لهما تأثير مختلف؛ إذ تسلل الفضول إلى قلب السيد ليو، فسأله بابتسامة ذات مغزى: “وما السعر الذي تراه مناسبًا إذن؟”

قال باي شاوزي: “أرغب في تجربة نموذج تقسيم الأرباح.”

اتسعت عينا الطرف الآخر بدهشة، 

لم يكن يتوقع مثل هذه الخطوة الجريئة.

تابع باي شاوزي بثبات: “أعلم أن هذا النموذج يُستخدم عادة في افلام الإنترنت؛ يشاهدها المرء خلال ساعتين مقابل بضعة يوانات. 

جمهور المسلسلات عادة لا يدفع لمتابعة الحلقات، لكن يمكننا تسعير العمل بشكل منخفض—ربح قليل وتداول سريع. 

طي الورق يتكوّن من 20 حلقة. 

نعرض أول عشر حلقات مجانًا، والبقية بسعر 0.5 يوان للحلقة، ما يعني 5 يوان للمسلسل كله. من أحب هذا العمل فعلًا، 

فلن يتردد في دفع هذا المبلغ الرمزي.”

أخذ السيد ليو يفكر بجدية: “لكن ماذا لو لم يكن هناك صدى إيجابي بعد العرض؟ ربما لا يدفع سوى مئة ألف مشاهد، ويكون العائد أقل من مليون. حينها ستخسر كثيرًا، وقد تصبح أضحوكة بين المنتجين.”

ضحك باي شاوزي بخفة وقال: “استثمرت عشرة ملايين في هذا العمل، لكن أي منصة سترضى بشرائه بهذا الرقم؟ في حالة تقسيم الأرباح، أتحمل أنا الجزء الأكبر من الخطر، وكل ما تحتاجه المنصة هو توفير فضاء للعرض. إن نجح، نحقق الربح معًا. 

وإن لم ينجح، فلن تخسروا شيئًا، فأنتم لم تدفعوا قرشًا واحدًا مقابل شراء العمل، وكل ما أطلبه بضعة أيام من الترويج في الصفحة الرئيسية.”

قطّب السيد ليو جبينه، وغاص في بحر التفكير.

وبعد لحظات، ولما لاحظ باي شاوزي أن ملامح التردد بدأت تتراجع عن وجه الرجل، استغل الفرصة وقال: “أعمال المخرج تشو معروفة، ومسلسله القادم آثار الاختفاء من إنتاج تيانشوان أيضًا، ويتم تصويره حاليًا في مدينة يا آن للإنتاج التلفزيوني. 

لا بد أنك سمعت به، أليس كذلك؟”

تلألأت عينا السيد ليو: “دراما التحقيقات للمخرج تشو دائمًا ما تلاقي استحسانًا، وأنا من محبيها شخصيًا!”

فقال باي شاوزي بهدوء: “إن سرّ التعاون بيننا في طي الورق، فقد تكون لينغهو تي في المنصة الحصرية لـ آثار الاختفاء أيضًا.” 

ثم توقف لحظة، ونظر في عيني الرجل بتركيز: 

“ألا ترغب في التعاون مع منتج على المدى الطويل، السيد ليو؟”

السيد ليو: “…”

في نموذج تقسيم الأرباح، لا تتحمل المنصة قدرًا كبيرًا من المخاطرة. 

الأمر أشبه بمتجر يعرض سلعًا لإحدى العلامات التجارية على رف من رفوفه؛ إن بيعت جيدًا، تحقق أرباحًا، وإن لم تُبع، فإن الربح أو الخسارة تعود للجهة المصنعة.

وفوق ذلك، فإن إعطاء الأولوية لبث مسلسل آثار الاختفاء على منصتهم قد يكون ورقة رابحة حقيقية. 

ذلك العمل، منذ أول يوم تصوير له، تصدّر مواضيع البحث الساخنة بسبب الانتقادات، خاصة وأن ممثل أوميغا يؤدي دور شرطي ألفا—يمكنك تخيل كمية الجدل! وقت العرض، سيجذب بالتأكيد جموعًا غفيرة من الفضوليين والمتحمسين.

وبالنسبة لمدير ليو، حتى إن كانت غايته الظفر بحقوق البث الحصرية لأعمال المخرج تشو، فلا مانع لديه من تجربة طي الورق على الهامش.

ابتسم ليو بعينين نصف مغلقتين وقال: “ما هي النسبة التي يقترحها السيد باي لتقسيم الأرباح؟”

أجاب باي شاوزي دون تردد: “لإظهار حسن النية، أعطي المنصة نسبة 60%، ونأخذ نحن 40%. وبالمقابل، أرجو من السيد ليو الترويج المناسب. أما العمل القادم، فسنناقشه بعد الانتهاء من إنتاجه.” 

نسبة 60 إلى 40، حيث تحصل المنصة على الحصة الأكبر، كانت بالكاد مقبولة.

فكّر المدير ليو قليلًا، ثم هز رأسه موافقًا: 

“يسعدني التعاون مع السيد باي. وفي المستقبل، أرجو أن تعطيني الأولوية في أعمالك القادمة!”

باي شاوزي: “بطبيعة الحال. أما تفاصيل العقد، فلنتركها للمناقشة في القريب.”

كانت الجلسة ممتعة إلى حدٍّ ما.

بعد مغادرة المطعم، طلب باي شاوزي من العم تشونغ أن يعيده إلى الشركة. 

وعلى الطريق، لم يستطع تشانغ فان كتم فضوله: “سيدي، هل سنعطيهم فعلاً آثار الاختفاء؟ ألم يكن من المفترض أن يُعرض على شياوشيونغ تي في؟”

ارتسمت على شفتي باي شاوزي ابتسامة خفيفة وقال: “أنت في هذه الدائرة منذ فترة، تذكّر دائمًا—لا تصدق شيئًا دون توقيع.”

تشانغ فان: “…”

نعم، الطُعم على طاولة المفاوضات ليس بالضرورة أن يُقدَّم لاحقًا بالفعل.

كان تشانغ فان يُكنّ إعجابًا كبيرًا بذكاء باي شاوزي. 

لديه إحساس داخلي بأن طي الورق سيحقق نجاحًا كبيرًا. 

وربما، بعد هذا النجاح، ستتبع لينغهو تي في خطاه، وعند عرض العمل التالي عليها، سيكون لدى الرئيس باي نفوذ كافٍ ليفرض شروطًا ممتازة.

عند عودته إلى المنزل تلك الليلة، شعر باي شاوزي بارتياح واضح.

دخل الحمام ليأخذ دشًا منعشًا، ثم جلس إلى مكتبه لمراجعة المسودة الأولى من العقد التي أرسلها له المحامي وو.

وقطع تفكيره رنين الهاتف—كانت صورة جماعية أرسلها باي شياويان، مرفقة برسالة: 

“أخي، أتناول العشاء الآن مع تشينغ شيا، هيهي!”

الطاولة أمامهم كانت تعجّ بأسياخ الشواء السوداء.

عقد باي شاوزي حاجبيه وقال: “لا تتسبب في مرض تشينغ شيا، هذا الشواء غير صحي في الليل.”

أجاب باي شياويان ببراءة: “جي تشينغ شيا هو من أراد أكل الشواء، هو من أخذني، حسنًا!”

باي شاوزي: “…”

هل يحب الفتيان الشواء إلى هذا الحد فعلًا؟

نظر إلى تشينغ شيا في الصورة وهو يطأطئ رأسه ويتلذذ بالشواء، وكلما نظر إليه، بدا له أكثر جمالًا. 

كتب له: “طالما تشينغ شيا يحبه، فلتأكل معه لبعض الوقت.”

ردّ باي شياويان: “تحيّز فاضح! تمدح تشينغ شيا في كل شيء، وتوبخني أنا على كل صغيرة!”

باي شاوزي: “صحيح.”

اغتاظ باي شياويان إلى درجة أنه قرر ألّا يعترف بهذا الأخ بعد الآن، بل تبنّى موقفًا جديدًا: اتباع تشينغ شيا فقط.

ابتسم باي شاوزي، ثم أرسل رسالة مباشرة إلى تشينغ شيا: “أأنتما تتناولان الطعام في الخارج؟”

وضع تشينغ شيا أسياخ اللحم جانبًا، خلع قفازيه، وردّ بسرعة: “انتهينا من التصوير باكرًا اليوم، وذهبنا لتناولالعشاء في مطعم شواء قريب. سئمت من وجبات الطاقم الجافة كل يوم. 

الأخت و الوكيله أحضرت لنا وجبة محسّنة.”

كان واضحًا من الصورة وجود أربع مجموعات من الأطباق والعيدان، مما يعني أن الوكيلة والمساعدة كانتا حاضرتين أيضًا.

لكن المكان بدا بسيطًا للغاية، من تلك الأكشاك الجانبية الشعبية. فكتب باي شاوزي بقلق: “لا تأكل كثيرًا، وكنحذرًا من اضطرابات المعدة. دع المساعدة تشتري لك دواءً للإسهال احتياطيًا.” 

لقد عانى سابقًا من المعدة، وكان الشواء أحد مسببات ألمه، لذا تجنبه تمامًا.

ضحك تشينغ شيا: “لا تقلق، أخي باي، هذا المطعم تقييمه ممتاز على الإنترنت، وحتى أحد أعضاء الطاقم جاءإليه البارحة. هذا النوع من الأكشاك، كبرنا عليه، ولا ضرر فيه!” 

وأرفق عدة صور للطعام.

وبينما كان يتأمله مفعمًا بالحيوية والنشاط، 

لم يستطع باي شاوزي أن يُفسد عليه مزاجه، فردّ: “حسنًا. استمتع بطعامك. سنتحدث لاحقًا.”

عاد تشينغ شيا إلى الفندق بعد العاشرة مساءً.

أخذ حمامه، ثم أقفل باب غرفته بإحكام، وجلس على السرير ليرسل مكالمة فيديو إلى باي شاوزي.

وبعد لحظات، ظهر وجه ألفا مألوف على الشاشة. 

بدا أن الأخ باي يعمل لوقت متأخر، 

فجهاز اللابتوب كان لا يزال مضاءً خلفه، 

وملامحه تظهر بعض الإرهاق. 

حين رآه، شعر تشينغ شيا بقلق فوري: “ألم تنم جيدًا؟”

كان شعره لا يزال مبتلًا، وعيناه صافيتان كأنهما مغسولتان بالماء. 

حين التقت نظراتهما، اختفى كل إرهاقه، وارتسمت ابتسامة هادئة على شفتيه: “أنام يوميًا، مثلما طلبت.”

تقطّب جبين تشينغ شيا قليلًا: “شعرك طال. 

هل انشغلت لدرجة أنك لم تجد وقتًا لقصه منذ عودتك من يا آن؟”

أخذ باي شاوزي الهاتف كما لو كان مرآة، 

وتأمّل خصلات شعره الأمامية: “هل هو طويل؟”

كان كلاهما في مكالمة فيديو، وعندما قرّب باي شاوزي وجهه للشاشة بهذه الطريقة، 

بدا كل شيء قريبًا جدًا، حتى رموشه يمكن عدّها. 

خفق قلب تشينغ شيا بعنف. 

عن قرب، بدا هذا الألفا وسيمًا إلى حدّ لا يُطاق. 

النظارات تليق به كثيرًا… آه، كم أراد أن يندفع ليقبّله!

احمرّت وجنتا تشينغ شيا، وهمس بخجل: 

“أجل، طال قليلًا. قصّه حين تجد وقتًا.”

فقط أن يلاحظ هذا التفصيل البسيط، هذا يعني كم يهتم هذا الفتى به.

شعر باي شاوزي بدفء يتسلل إلى قلبه، 

وأبعد الهاتف قليلًا، ثم قال بابتسامة لطيفة: 

“حسنًا، سأستمع إليك. سأقصه غدًا.”

سأله تشينغ شيا بقلق: “تبدو مرهقًا، هل الأمور لم تسر على ما يُرام بشأن بث طي الورق؟”

أدار باي شاوزي الكاميرا ليُريه العقد المفتوح على حاسوبه: “كانت البداية صعبة، فالمحطات الثلاث الكبرىرفضت جميعًا. لكن الشكر للآله، اليوم تأكد عرض البث—سيُعرض المسلسل حصريًا على لينغهو تي في، بدءًا منالعاشر من يوليو، حلقتان يوميًا. سيكون ذلك وقت العطلة الصيفية، وسيكون هناك العديد من الطلاب الذينسيتابعونه. لا تقلق، كل شيء مرتب.”

وثق تشينغ شيا تمامًا بقرارات الأخ باي. 

فإن اختار لينغهو، فلا بد أنها الأفضل.

رؤية الجهد الذي بذله في تأمين عرض المسلسل جعل قلبه يمتلئ بالامتنان. 

أراد فقط أن يطير إليه ويحتضنه بقوة.

قال له بصدق: “أخي باي، لا أستطيع مساعدتك في هذه الأمور، لكنني أُقدّر تعبك… شكرًا لأنك تبذل كل هذا منأجلي.”

نعم، الأمر شاق، لكن من أجل حلمك، من أجل أن تقف في يوم من الأيام على أكبر خشبة، تحت تصفيق الناس واعترافهم، لا بأس بالتعب.

أريد فقط أن أحميك… حتى تصل الى القمة.

ابتسم باي شاوزي بلطف وقال: 

“لا تقلق، لست متعبًا. أول عمل لك سيُعرض قريبًا… لنتطلّع إليه سويًا.”

هل وجدت خطأ؟ قم بالإبلاغ الآن
التعليقات

التعليقات [0]