لا تخف من المزارعين ذوي المستويات العالية في الزراعة الروحية… بل خَفْ أولئك الذين يفهمون التكنولوجيا!
لم يكن ما يحمله تشين مو مجرد تقنية متقدمة،
بل كانت شيئًا يتجاوز حتى خيال شاب من القرن الحادي والعشرين مثل شي تشينغ.
جسيمات ضوئية… طاقة سحرية… تقنية هجينة… وحتى مدفع ثلاثي الأسطوانات؟!
فقط اسمع ذلك الاسم، وسيتحول أي شخص إلى طاغية لا يُردعه شيء!
قوة ساحقة، هيبة تفوق الوصف، وجودٌ يجمع بين الفخامة العليا والجودة النادرة!
رغم أن شي تشينغ لم يفهم كيف يعمل ذلك الشيء الغريب، إلا أن الهالة الكثيفة التي انبعثت منه جعلته يبدو خارقًا بكل المعايير.
ربما الأسلحة العادية على الأرض لن تؤثر على مزارع متقدّم، بل بالكاد قد تُفاجئه.
لكن هذا الشيء؟ لم يكن من أرضنا أبدًا.
كان من عالم أعلى.
ما مدى الضرر الذي قد يُحدثه؟ من يدري.
توارى شي تشينغ خلف ظهر تشين مو، الذي كان يضجّ بطاقة ضغط منخفض شديدة الكثافة.
ملامحه كانت متجمدة كالجليد، والهواء من حوله أبرد من كهفٍ مغمور في الظلمة.
لكن شي تشينغ كان حائرًا…
مجرد مسألة حظ؟ لماذا الغضب؟
تذكّر ما حدث مؤخرًا… لم يقل شيئًا جارحًا.
كل ما قاله: “أنا أثق بك.”
هل من الممكن أن يكون تشين مو غاضبًا لأنه شعر أنه خيّب ظنه؟
لا، لا يُعقل!
لكن… من يستطيع أن يفهم تفكير المهووسين؟
المنطق يسير في مسارات مختلفة داخل أدمغتهم!
قرر شي تشينغ ألا يعذب نفسه، وتمسّك بكونه الولد المهذّب خلف المضيف.
تشين مو لا يزال يرتدي الثياب البيضاء التي اشتراها له شي تشينغ.
بلا زخارف، بلا زينة، لكن بسبب قامته الطويلة وهيئته النبيلة، بدا أشبه بخالدٍ نازلٍ من السماء.
الضوء في الكهف خافت، لكنه حين سقط على جسده الأبيض، زاده نقاءً وسط الغبار والطين المحيط.
كان أشبه بخالدٍ من النور…
لكنّه يحمل على كتفه مدفعًا ضخماً،
طوله متران وعرضه متر!
إنه مدفع الجسيمات الضوئية الثلاثي الرؤوس! سلاح من عالم آخر!
عندما وقف أمام طلاب الزراعة، لم يستطيعوا إلا أن يقولوا في قلوبهم:
نحن وجميع رفاقنا… مصدومون تمامًا!
لكن صدمتهم لم تنتهِ عند هذا الحد.
قبل أن يميزوا من القادم، باغتهم هجوم بسحر مرعب.
لم يكن مجرد أقوى من سحر النار… بل كان أشدّ غموضًا من سحر الريح.
تقنية هجومية لا تصدق!
عناصر هذا السحر لا يمكن تمييزها.
قوة مطلقة، خارجة عن التصنيف، لا يمكن مقاومة تأثيرها.
الأشعة المتوهجة جعلت الكهف يُضيء كنهار ساطع.
أزرقٌ غامض متشابك مع أصفرٍ ناريّ يعجز البصر عن احتماله.
كأنما نهض شيء ما من أعماق الجحيم!
القوة… كانت مزلزِلة!
كان المزارعون من مستوى جيندان في ذروة التركيز.
أي تشويش الآن يعني تبخّر كل جهودهم.
كان هناك حراس يحرسون الطقس بطبيعة الحال.
لكن أمام هذه الكارثة؟ الجميع بدأ يفقد أعصابه.
الضربة الأولى… حطّمت الحاجز الدفاعي الخارجي.
توتّرت قلوب الجميع.
اندفع الحراس لمواجهة التهديد، لم يتوقعوا أن الضربة الثانية ستأتي بعد ثوانٍ فقط!
أقوى بعشر مرات من الأولى!
تطاير الحراس، وتشققت الحدود السحرية حول الطقس.
عندها، لم يعد بإمكان المزارعين البقاء في أماكنهم.
ذلك النوع من الطقوس يعتمد على التناغم المطلق.
أي اضطراب في العقل… يعني كارثة لا توصف.
ثلاثة من المزارعين، والذين كانوا الأضعف بينهم، بدأت وجوههم تشحب، وخرج الدم من أفواههم.
لكنهم لم يستطيعوا التوقف، لم يكن هناك وقت.
كانوا يأملون أن تصمد الحدود السحرية، أو أن تأتي المساعدة.
لكن… الضربة الثالثة جاءت.
غير ممكن!
من يمتلك هذا الكم من القوة الروحية؟
حتى مزارع من مرحلة الروح الناشئة قد ينهار بعد ضربة واحدة.
لكن هذا ' الشيء ' … أطلق ثلاث ضربات متتالية، بلا توقف، كل واحدة أقوى من سابقتها!
المعقول الوحيد؟ أنه كان مزارعًا من مستوى داشينغ ( الاكتمال العظيم)، على وشك الصعود إلى مرتبة الخالدين!
هل أصبح هناك هكذا أشخاص في قارة لينغيون؟!
في عالم الزراعة، القوة تعني كل شيء.
لكن لا أحد منهم اقترب يومًا من هذه المرحلة.
بدؤوا يشعرون برعبٍ حقيقي.
خوف صادق من ' خالد ' مجهول لا يمكن فهمه.
أما شي تشينغ؟ فصفق بحرارة، منتشيًا:
“مدفع الليزر ثلاثي الرؤوس، أنت رائع!
مدفع الليزر ثلاثي الرؤوس، أنت ملك!”
صحيح أنه يطلق ثلاث ضربات فقط ويحتاج لثلاثة أيام راحة،
لكن هذه الضربات وحدها قادرة على قتل كل شيء بسرعة مذهلة!
ومع الضربة الثالثة…
انهار الحاجز بالكامل، وتكسّر الطقس، وتقيأ المزارعون الثلاثة عشر الدم.
أما تشين يوي، الذي في المنتصف، فقد انطفأت طاقته… وبقي كقوقعة فارغة.
وفي لحظة، بدأ الكهف يتداعى تحت وقع الضربات.
فجأة، رفع تشين مو شي تشينغ بين ذراعيه، وحقن طاقته الكاملة في ساقيه،
لينطلق بسرعة البرق نحو مخرج الكهف.
حين استعاد شي تشينغ وعيه، وجد نفسه معانقًا في حضن تشين مو.
كان الوضع هادئًا بما يكفي ليحاول الخروج بجملة:
“تشين مو، تقنية الهروب الخاصة بي، إله الألف ميل، سريعة جدًا!”
رمقه تشين مو بنظرة خاطفة.
ارتبك شي تشينغ، ثم قفز من بين ذراعيه وبدأ يركض كالمجنون.
سرعته؟ البرق يشعر بالحرج!
لكنه، وقبل أن يفرح بنفسه…
شعر بشيء يشده من ياقة قميصه.
تشين مو:
“الاتجاه خاطئ.”
شي تشينغ:
”……”
لقد فقد ماء وجهه بالكامل!
بقي شي تشينغ مطيعًا خلف تشين مو، وتحت توجيه مضيفه الصارم، نجح أخيرًا في الخروج من الكهف.
كانت الرحلة مجنونة ومثيرة إلى حد لا يُصدق.
الكهف الذي فجّروه من الداخل لم يكن كهفًا عاديًا—بل كان المركز الأساسي للمكان.
ومع انهياره، بدأت سلسلة انهيارات متتابعة، زلزلت كل شبكة الكهوف المرتبطة به.
بعض الكهوف انهارت بالكامل، وأخرى امتلأت بالشقوق والتصدعات.
الطريق الذي ركضوا فيه أصبح حطامًا من البداية حتى النهاية.
كان المكان من قبل أرضًا مقدسة، أما الآن؟
فلم يتبقَ منه سوى حفرة عملاقة!
في أقل من ساعة، وصل الاثنان إلى منطقة آمنة.
وحين التفتا للخلف… لم يشاهدا إلا أنقاضًا.
ولحسن الحظ، كانت تلك المنطقة بالكامل تحت سيطرة طائفة شوان مينغ، ولم تكن مأهولة بالبشر أو الحيوانات الضعيفة.
جميع من كانوا هناك كانوا مزارعين… قادرين على حماية أنفسهم.
أو هذا على الأقل ما يُفترض.
أما أولئك المزارعون الذين تقيأوا دمًا في مركز الطقس؟ من يدري إن كانوا لا يزالون أحياء!
لكن، كما يُقال، من زرع حصد.
حتى السماء لن تنقذك إن كنت تستحق العقاب.
وبينما تنفّس شي تشينغ الصعداء، أخذ تشين مو بيده وذهب به إلى مكان مريح جدًا.
مياه عذبة تتدفق، وعشب أخضر طري.
لو تجاهلنا الدمار خلفهم، لقلنا إنهم في جنة صغيرة.
كان شي تشينغ قد استنفد طاقته بالكامل.
مهاراته السريعة جيدة، لكنه ليس آلة!
بعد ساعة من الركض، كان يلهث وكأنه ثور، ومعدته تصرخ من الجوع.
وحين رأى روعة المكان، فرش مفرشًا على العشب، وجلس، وبدأ بإخراج أطباقه السرية.
شاي، فواكه طازجة، بيتزا مأكولات بحرية فاخرة، كب كيك شوكولاتة، وعصير خوخ.
أكل حتى شبع، ثم استلقى باسترخاء، وقال بنشوة:
“لقد كان ذلك رائعًا… مذهلًا! لقد اجتاحتني مشاعر لا يمكن وصفها!”
كان تشين مو يجلس على وسادة ناعمة، ممسكًا بكوب شاي بخفة.
وحين سمع كلمات شي تشينغ، ارتسمت ابتسامة خفيفة على طرف شفتيه، ولانت ملامحه بعض الشيء.
لكن—لم تدم تلك الابتسامة طويلًا.
إذ نظر تشين مو إلى شي تشينغ فوجده يُمسّد مدفع الليزر ثلاثي الرؤوس، يحدّق به بعينين متلألئتين، وكأن العالم لا يحتوي شيئًا أجمل منه.
عادت الابتسامة لتختفي، ومعها عادت موجة الضغط المنخفض تحيط به.
“آه، أنت غاضب مجددًا؟” فكر شي تشينغ.
هل لم يهدأ غضبه بعد؟
هل من الممكن أن استمتاعه المبالغ بالسلاح جعله يغار؟
آه يا مضيفي، التعامل معك صعب للغاية… _ (: 3 ∠) _
جلس الاثنان هناك، في صمت غريب، كل منهما يحاول فك شيفرة الآخر.
وفي تلك الأثناء…
انفجرت قارة لينغيون بالخبر الصادم:
سلسلة جبال شانغ لي قد انهارت!
في ليلة واحدة، تحوّل معقل طائفة شوان مينغ المقدّس إلى ركام!
الجبال التي امتدت عبر آلاف السنين، المشحونة بأوردة روحية نقية، باتت خرابًا.
كان ذلك المكان حلم كل مزارع.
لكنهم، استيقظوا ليجدوه قد اختفى.
البعض ندم وبكى، لكن كثيرين… صفقوا بحرارة.
طائفة شوان مينغ كانت متغطرسة.
استولت على الجبال بقوة، منعت الغرباء، وطردت المزارعين الأصليين.
قطعت أرزاقهم، وشتّتهم، وأخّرت نموهم.
رغم أن عالم الزراعة يُحكم بالبقاء للأقوى،
لكن الطائفة تجاوزت حدود السماحة.
وهكذا، مع انهيار السلسلة الجبلية، تنفّس الجميع الصعداء.
صحيح أنهم فقدوا موقعًا ممتازًا،
لكن الطاقة الروحية فيه قد تفرّقت الآن في أنحاء القارة.
الربح جماعي!
فلم يعد المكان حكرًا على النخبة.
وكلما ارتفع المستوى العام، ازدهر العالم بأسره.
والآن، السؤال الكبير الذي دوّى في كل مجلس:
“من تجرأ على فعل ذلك؟!”
لم يرَ أحد الفاعل، ولم تُؤكّد الشائعات.
لكن في ذلك الوقت…
كان زعيم شوان مينغ، اللورد نان شيانغ، يرتجف كالأوراق.
مُحاصرًا بهالة قاتمة، أقوى من أي شيء عرفه.
عرقه البارد يتصبب، ونفسه يختنق.
أمام من يقف؟
رجل يرى القتل كمن يسحق نملة.
صوت عميق وقاس قطع الصمت:
“جسد تشين يوي؟”
ردّ نان شيانغ بصوت مرتجف:
”…قد…تلف بالفعل…”
وحين نطق بذلك، اشتدت الهالة من حوله، حتى كاد يختنق.
“هل أحضرت أحدًا؟”
بلا تفكير، سحب نان شيانغ أحد المزارعين المغشي عليهم من الكهف.
الرجل أمامه مدّ إصبعه الأبيض ووضعه على جبين الرجل.
دون أي قوة ظاهرة، اخترق الإصبع جبهته كما لو كانت مصنوعة من التوفو.
بعد دقائق، سحب إصبعه، مسح الدم برفق، وابتسم.
“تشين مو… لا يزال حيًا.”
{ ملاحظات المترجم :
مرحلة ' داشينغ ' ، أو التحقق الأعظم/الاكتمال العظيم ، هي إحدى أعلى المراحل في نظام الزراعة الصيني:
تأتي قبل مرحلة الصعود إلى الخلود/الخالِدون غير المقيّدين.
من يدخلها، يُعتبر من كبار المزارعين، وغالبًا لا يُهزم.
قوة روحية هائلة، قدرة على تدمير مساحات شاسعة، واستيعاب قوانين الطبيعة.
غالبًا ما يُنظر إلى من في هذه المرحلة على أنه خالد على وشك الصعود }