وافق تشين مو، وبذلك تم إبرام العقد.
في ومضة من الفضة، دخل شخص وروح إلى فضاء النظام معًا.
جسد تشين مو كان لا يزال ضعيفًا، لكنه لم يُظهر مظهرًا يوحي بالوهن.
كان طويل القامة، وقد تمرّس في الزراعة الروحية لسنوات عديدة، مما منحه لياقة بدنية تفوق بكثير قدرات البشر العاديين.
ارتدى تشين مو رداءً أسود مصنوعًا من مادة فريدة من نوعها، ينساب على جسده كسيلٍ من الماء، لكنه بدا أحيانًا كدخانٍ داكن يلتف حوله.
هذا التباين زاد من بهاء بشرته الشاحبة، وجعلها أكثر إشراقًا.
وعندما تقرن هذا مع وقفته المستقيمة والهالة التي تحيط به، بدا وكأنه يمتلك سحرًا نقيًا غريبًا، أقرب إلى الجاذبية الراقية.
أطلق شي تشينغ تنهيدة ممتلئة بالمشاعر.
حقًا، هذا هو الرجل الذي سار على درب الخلود لسنوات.
صحيح أنه انحرف لاحقًا نحو الزراعة الشيطانية،
إلا أن هالته لا تزال تحمل بريق الطهارة النزيهة.
بالمقارنة مع عامة الناس، فهو كائن من عالمٍ مختلف تمامًا.
لم ينتظر شي تشينغ حتى يتحدث تشين مو، بل سارع بالتعريف عن نفسه قائلًا:
“أنا النظام رقم 89757، أوه… يمكنك مناداتي بشي تشينغ، فقط اعتبرني نظامك الحصري.
من الآن فصاعدًا، سأكون المسؤول عن إصدار المهام الجديدة، وتقديم الدعم، ومتابعة الأداء بعد انتهاء كل مهمة.”
كانت هذه الكلمات في الأساس نسخة من الشعارات الرسمية الواردة في الدليل السريع، لذا لم يحتج شي تشينغ سوى أن يُلقيها بصوت مناسب كي يبدو خطابه محترفًا.
وما إن أنهى كلامه حتى أشار إلى الجدار المقابل، وفورًا، وبتفكيرٍ واحد، ظهر على الجدار الأبيض شاشة ضخمة.
انجذب انتباه تشين مو إلى الشاشة، فمال برأسه قليلاً، كاشفًا عن ملامح وجهه الجانبية ذات الخطوط الحادة والواضحة.
عيناه غائرتان، ينضح منهما الترقب، وجسر أنفه عالٍ ووقور، وشفته رفيعة، مما أضفى على مظهره برودةً رجولية قاتلة. فرغم رقّة ملامحه، فإن طيفًا من الفحولة الخشنة ظل يلوّح في قسماته، ما جعله رجلاً لا يمكن أبدًا الخلط بينه وبين امرأة.
أدرك شي تشينغ أنه كان يحدّق فيه مطولًا دون وعي، فابتلع ريقه، وبدأت بعض الأفكار الطائشة تدور في رأسه…
“يا ترى، أي امرأة كانت تلك يوي نيانغ، التي أنجبت مثل هذا الابن… كح… كح…” تنحنح بسرعة، عائدًا بوعيه إلى مساره الصحيح.
نظف صوته وقال،
“هذه هي منصتك التشغيلية. بعد إتمامك لأي مهمة، ستُمنح عددًا من النقاط التي يمكنك من خلالها استبدال المكافآت في هذا الفضاء.
بشكل عام، تنقسم المكافآت إلى ثلاث فئات رئيسية:
الأولى تعمل على تقوية جسدك، الثانية تشمل الأدوات والمعدات، والثالثة تندرج تحت الترفيه.
وداخل كل فئة من هذه الفئات، تتفرع تصنيفات فرعية لا حصر لها—لا يمكنني شرحها جميعًا الآن، لكن يمكنك تصفحها بنفسك وقتما تشاء.”
كانت إعدادات النظام متقدمة للغاية، وتمتاز بطابعٍ مستقبلي وتقني، لكن محتواها كان شاملاً بحق.
سواءً أكانت تقنيات فنون قتالية نادرة، أو طرق زراعة غامضة، أو حتى خصائص جسدية خاصة، وزيادة في الذكاء، أو أنساب قديمة… بل حتى أسلحة فائقة مثل مدافع الجسيمات—كل شيء يمكن الحصول عليه.
عندما اطلع شي تشينغ مسبقًا على قائمة المكافآت، رأى ما لم يستطع تشين مو رؤيته، فمستواه لا يزال منخفضًا، مما جعله محصورًا في مكافآت الدرجة الأدنى.
أما شي تشينغ، باعتباره النظام، فلا تحده تلك القيود.
وكان ذلك مؤسفًا بعض الشيء، فقد رأى شيئًا يدعى جسد الإله، وهي خاصية تتحدى حدود السماء، لكن ثمنها كان بمليارات النقاط.
ناهيك عن محاولة جمع هذا الرقم، هو أصلًا لا يجيد الحساب—كم عدد الأصفار في مليار أصلًا؟…
بعد أن منح تشين مو بعض الوقت ليتأقلم،
لاحظ شي تشينغ أنه لم يسأل عن أي شيء مما رآه.
وبما أنه لم يكن من النوع الذي يعلّق حياته على الانتظار، ولا يخاف من فتح الحديث، بادر بالشرح قائلاً، “الآن،
أنت لا ترى سوى واحد بالمئة من المكافآت فقط. البقية مقفلة حاليًا بسبب القيود المرتبطة بمستواك وخبرتك في العوالم. ستُفتح تدريجيًا مع التقدم في المهام.”
ظل تشين مو يستمع بصمت، لكنه أخيرًا فتح فمه، وحدّق مباشرة في شي تشينغ، وسأل ببساطة،
“ما الذي علي فعله؟”
لم يكن شي تشينغ مستعدًا لنظراته الثاقبة المفاجئة، وشعر بالامتنان لعدم امتلاكه جسدًا ماديًا.
فلو كان لديه، لانهارت ركبتيه من وطأة تلك النظرة!
كانت عينيه حادتين لدرجة أن شي تشينغ أقسم أنه شعر بطاقةٍ تضغط عليه فعلاً.
قال شي تشينغ:
“المهام يتم تعيينها عشوائيًا، وبمجرد قبولك للمهمة، سيتم نقلك إلى عالم آخر. وفقًا للدلائل التي تُقدّم، تُحدد لك هدف أو أكثر، وبعد إتمامها، ستعود إلى هذا الفضاء ويتم احتساب النقاط بناءً على أدائك.”
تشين مو سأله فورًا، “طالما أن روحي هنا، أين جسدي؟”
حقًا، المزارعون الروحيون يمتلكون عقولًا حادة؛ سؤال مباشر يلمس جوهر المسألة.
أجاب شي تشينغ وهو يشعر بارتياح بسيط:
“أعتقد أنك قد لاحظت أن هذا الفضاء موجود بشكل مستقل، وبينما روحك هنا منفصلة عن جسدك، فإن الزمن في هذا الفضاء لا يتحرك.
أي أن جسدك لا يتأثر، ولا يمر عليه الزمن بينما تؤدي مهمتك.”
أومأ تشين مو برأسه، ثم نطق بكلمتين فقط،
“لنبدأ.”
عندما استوعب شي تشينغ ما قيل، توقف قلبه لحظة؛ “لنبدأ؟ أخي… اليس لديك أي أسئلة؟ ولا حتى حوار جانبي؟ نحن هنا منذ خمس دقائق فقط، وأربعة منها قضيناها نقرأ الكتيب… الاترغب في التعبير عن مشاعرك أو شيء من هذا القبيل؟”
ولأنه كان قد انتظر طويلًا لمحادثة أحد، لم يرغب في ضياع الفرصة، فسأله مترددًا،
“ذاك… الا تملك شيء آخر تسأل عنه؟”
رد تشين مو عليه بكل بساطة، وبدون أي مجاملة،
“لا.”
اختنق شي تشينغ من الرد، وقلّب في دليله السريع،
ثم فكّر بأنه كان يجب عليه الانتظار 500 سنة أخرى.
قضية كون تشين مو شرير شيء صغير، والثأر كذلك،
لكن المصيبة الكبرى—كيف سيتحدث مع هذا الرجل الخالي من التعابير، والذي بالكاد يقول كلمتين؟
وكأن جبل إيفرست يفصل بينهما!
ومع أن شي تشينغ شعر بقليل من المرارة، لكنه من النوع العملي. طالما أنهما سينهيان المهمة بسرعة، فذلك يعني جمع النقاط، وبذلك يمكنه لاحقًا السعي للعثور على جسد مناسب له.
عاد إلى الواقع، وبدأ يشرح خطوات بدء المهمة الأولى،
“من فضلك ضع يدك اليسرى على الزر الأحمر الكبير على اللوحة.”
سار تشين مو إلى الجهاز، وفقًا للتعليمات،
ووضع يده، بينما تسارع شي تشينغ بحسب إرشادات الدليل السريع.
غطت سحابة من الضباب الأسود يد تشين مو البيضاء النحيلة بينما بدأ في الضغط على الزر.
بدأ شي تشينغ يوجهه:
“أقوى قليلًا، نعم، هكذا، أوه، نعم تمامًا.”
احمرّ وجه الدليل السريع، وداخل شي تشينغ،
تردد صوت: أنا قطعًا لا أريد أن أنحرف…
بالتعاون بين الاثنين، تم ضغط الزر الأحمر.
أظلمت الشاشة، ثم أضاءت فجأة من جديد،
والآن كانت تعرض تفاصيل مهمتهم الأولى.
في لمحة سريعة، ظن شي تشينغ أن حظ تشين مو جيد؛ فقد بدا أن المهمة تجري في زمن ومكانٍ قديم، مما يجعله أكثر تقبلًا لها.
لكنه سرعان ما بدأ يقرأ التفاصيل بعناية…
المهمة:
في حقبة سلالة دا تشينغ الإمبراطورية، تقع المهمة داخل القصر الإمبراطوري.
الإمبراطور الثالث من السلالة كان حاكمًا دفاعيًا؛ لم يكن له فضل كبير، لكنه لم يرتكب أخطاءً فادحة أيضًا. ومع تقدّمه في السن، بدأت تظهر عليه علامات الخَرَف.
من جهة، كان ولي العهد يكبر ويزداد نضجًا واتزانًا.
ومن جهة أخرى، كانت هناك المحظية الإمبراطورية التي همست بالسمّ في أذنه. فأصبح الإمبراطور يرى ولي العهد غير أهل، وبدأ يميل إلى تنصيب الأمير الثاني وريثًا.
كان ولي العهد ابن الإمبراطورة وابنه البكر،
وكان معروفًا بكونه مقطوع الكمّ (أي يفضّل الفتيان).
مع ذلك، لم يكن ناعمًا أو مخنّثًا؛ بل على العكس، كان خصبًا إلى حد لا يُصدق. فعلى الرغم من قلة اهتمامه بالنساء، إلا أنه أنجب خمسة أبناء وبنتين—يُمكن وصفه بأنه حصان التزاوج في القصر.
أما الإمبراطور، الذي بلغ الستين من عمره،
فلم يكن لديه سوى ولدان فقط من بين سبعة أبناء.
أنجبت الإمبراطورة ولي العهد رونغ تشنغ،
بينما أنجبت المحظية لي الأمير الثاني رونغ شيانغ.
رغم أن ولي العهد كان قد تم اختياره مبكرًا كوريث شرعي، إلا أن المحظية لي، التي ظلت مفضلة لعقود، أخذت تطمع مع تقدم ابنها بالسن.
ربما لم تستطع أن تصبح إمبراطورة، لكنها بدأت تسعى إلى لقب والدة الأمبراطورية .
اشتدّ الصراع على العرش، وكان الوضع قاب قوسين أو أدنى من الانفجار.
في هذه المهمة، سيتقمص تشين مو جسد ولي العهد رونغ تشنغ مؤقتًا، ومهمته هي اعتلاء العرش ليصبح الإمبراطور.
نظر شي تشينغ إلى هذه المهمة الأولى… 囧 囧…
يا إلهي، اعتلاء العرش؟! ما هذه البداية؟
تشين مو، حظك جيد أم سيئ؟ لا أحد يعلم!
وبينما كان يندب حظه بصمت، مرت على الشاشة عبارة واحدة جعلت ذقنه يرتطم بالأرض:
“المدة الزمنية: سبعة أيام.”
هل يعني هذا ما يظنه؟
سبعة أيام لاعتلاء العرش؟!
لا بد أنك تمزح!