قوس عالم الوحوش
كان هذا عالماً من عوالم الفانتازيا، لذا حين بدأ شي تشينغ ينظر لمعلومات الخلفية عن هذا العالم، لم يشعر بالمفاجأة كثيرًا.
ففي حياته السابقة، قضى وقتًا طويلاً في قراءة الروايات أثناء فترة نقاهته، وقد اطلع على طيف واسع من المواضيع.
ومن أكثر العناصر شيوعًا في الروايات الغربية: البشر، رجال الوحوش، الجن، الأقزام… أعراق متعددة تعيش معًا على قارة واحدة.
لذا، وبما أن رجال الوحوش يسيطرون على هذا العالم بوضوح، افترض أنه عالم فانتازي غربي مليء بالكائنات مثل التاورين (رجال الثيران) أو الأورك (الغيلان).
يبدو الأمر مثيرًا بحق، أليس كذلك؟!
واصل القراءة بشغف وتوقعات عالية، غير أن ما جاء بعد ذلك جعله يدرك مدى ضحالة معرفته وتجربته في الحياة.
رجال الوحوش في هذا العالم كانوا مختلفين تمامًا عمّا قرأه شي تشينغ من قبل.
لم يكن هناك تاورين، ولا قنطور (نصف إنسان نصف حصان)، ولا حتى الأورك الذين يعرفهم الجميع.
بل كانوا وحوشًا حقيقية — تمثلت كل فصائل الحيوانات الكبرى تقريبًا فيهم.
كانت هناك وحوش ضارية وعنيفة، وكذلك حيوانات صغيرة لطيفة ووديعة.
بل وكانت هناك أنواع تبدو وكأنها وُجدت فقط لتتدلل وتبدو ظريفة طوال المئة عام الماضية…
يمر رجال الوحوش بثلاث مراحل تطورية في حياتهم: الطفولة، المراهقة، والبلوغ.
في مرحلة الطفولة، يكون مظهرهم حيوانيًا بالكامل.
أما في المراهقة، فإنهم يتحولون إلى هيئة بشرية، ولكن مع احتفاظهم ببعض السمات الحيوانية المميزة، مثل آذان فروية، ذيول طويلة أو ملتفة، أو مخالب صغيرة ظريفة.
وبسبب عدم استقرار هذه الهيئة، فإن أي اضطراب عاطفي شديد قد يعيدهم إلى شكلهم الحيواني.
أما في مرحلة البلوغ، فيكتسب الفرد هيئة بشرية بالكامل، ويتمكن من إخفاء جميع السمات الحيوانية والتحول بحرية بين الأشكال الثلاثة.
كانت الأشكال البشرية مريحة في بعض المواقف، بينما توفر الأشكال الحيوانية مزايا أخرى.
وبعد وصولهم إلى مرحلة البلوغ وتمكنهم من التنقل بين الأشكال الثلاثة، يمكنهم استخدام كل ما فيها لصالحهم.
كل هذا كان مقبولًا تمامًا بالنسبة لـ شي تشينغ.
لكن المعلومة التالية كانت كفيلة بتحطيم منظومته الفكرية بأكملها.
لا توجد نساء في هذا العالم!
أو بالأدق… لا توجد نساء بين رجال الوحوش!
كلهم ذكور!
أتساءل كيف يتكاثرون؟!
حسنًا، إليك المفاجأة: يمكن للذكور في هذا العالم الحمل وإنجاب الأطفال!
يا إلهي!
شي تشينغ كان متأكدًا أن عينيه لا بد أنها تخدعانه!
كان أول ما علم شي تشينغ عن إمكانية وقوع الحب بين رجلين حين كان في السنة الأخيرة من الثانوية، وذلك بفضل كائنات تُعرف باسم فوجوشي (فتيات يعشقن قصص الحب بين الرجال) في مدرسته.
كانت سلالة عائلة شي ذات جينات عالية الجودة، وقد ورث شي تشينغ جمال وجه أمه. فرغم كونه فتى، إلا أن ملامحه كانت فاتنة بشكل مفرط.
ولو لم يكن نشيطًا ومشاغبًا ومفرط الكلام وودودًا للغاية، لما خمن أحد أنه فتى. في لحظات سكوته، كان من الصعب التمييز بينه وبين فتاة.
ولهذا السبب، كثيرًا ما وجد نفسه محاطًا بمجموعة من الفتيات في المدرسة. في البداية، شعر بالزهو والسرور، وأحس أنه شاب يتمتع بجاذبية طاغية.
أنظروا إليهن، كم هنّ متحمسات!
لكن، سرعان ما بدأت تنتابه شكوك خفيفة.
صحيح أن الفتيات كنّ ينظرن في عينيه الخضراوين، لكن لم يكن يبدو أنهن يسعين لكسبه كحبيب.
بل وكأن وراء نظراتهن مؤامرة ما…
ولم يفهم الأمر إلا حين صادف محادثة بين فتاتين من اللواتي كان يراهن في غاية اللطافة:
الفتاة “أ”: “آه آه آه! لم تري ذلك؟ اليوم وقف شي-إر و وو بان من مجلس الطلبة سويًا.
لقد احمرّ وجه عضو المجلس! لدرجة أن شي-إر قد يكون أغري لأن يكون هو الـ ' شو '!”
الفتاة “ب”: “ممنوع تفكيك الكوبل خاصتي!
أنا من أنصار الأخ، واضح أنكِ لم تري الأخوين معًا. تبا! ذلك الوسيم ذو النظارات شن الهجوم! إنه مناسب جدًا مع شي-إر!”
“…”
تدفقت كمية هائلة من المفردات الغريبة إلى عقل شي تشينغ. ولم يكن هناك ما يدور في رأسه سوى: “غبي، غبي، غبي”، وهو يحدق في الفراغ…
لحسن الحظ، كان الإنترنت مزدهرًا في ذلك الوقت، فاندس شي تشينغ ليتحقق من الأمر عبر محرك البحث بايدو.
بحث عن عبارات مثل إغراء لأن يكون شو والوسيم ذو النظارات هو غونغ، فظهرت له نتائج جعلته يجثو على ركبتيه من الصدمة.
هذا… هذا فاحش! وقح جدًا! مفرط الجرأة!
أغلق الموقع على الفور، وقضى بضع ساعات يحاول تنظيف دماغه من تلك الصور القذرة.
ومنذ ذلك الحين، أصبح يشعر برهبة شديدة من الاقتراب من تلك الفتيات الظريفات…
لا خيار سوى التهرب!
وبالرغم من انتشار تلك المعلومات، كان شي تشينغ يعرف أن رجلين قد يقعان في حب حقيقي […]، لكن أن يتمكنا من الإنجاب معًا؟!
هذا لم يخطر بباله قط!
وبالمقارنة مع ردة فعل شي تشينغ، لم يُبدِ تشين مو إلا حاجبيه مرتفعين وتعليقًا مقتضبًا: “مثير للاهتمام.”
شي تشينغ: ما هو المثير للاهتمام بالضبط؟!
هل تريد أن تنجب طفلًا، أيها المضيف؟!
وما إن راودته هذه الفكرة، حتى انكمش في زاوية وبدأ يرسم دوائر على الأرض بصمت.
أن يصبح مضيفه حاملاً ويُنجب طفلًا… ضياع تام…
هشّم شي تشينغ على الفور المسرح العقلي المعيب في ذهنه، ثم حاول مجددًا التركيز على المعلومات الخلفية لهذا العالم.
كان الشخصية المحورية في هذا العالم يُدعى ياليك، زعيم إحدى قبائل رجال الوحوش رفيعة المستوى.
شاب طموح ومتمرس في القتال.
تولى زعامة القبيلة بعد بلوغه مباشرة خلفًا لوالده، فصار قائد الجيش وزعيم القبيلة معًا.
آنذاك، كانت قبيلة ياسين قبيلة متوسطة المستوى، تمتلك موارد متوسطة ولا تضم أي مقاتلين رفيعي المستوى.
ورغم أنهم أخضعوا ثلاث قبائل صغيرة، فإنهم ظلوا خاضعين لقبيلة رفيعة تفرض عليهم الضرائب والهدايا سنويًا، مما تسبب لهم بخسائر فادحة وأعاق تطورهم.
لكن بعد تولي ياليك الزعامة، وضع خطة محكمة، وقاد محاربيه نحو الحرب في كل الجهات.
وبعد ست سنوات، استطاع أخيرًا السيطرة على أراضٍ تحتوي على موارد من المستوى السابع.
لم تكن تلك الأراضي غنية بالطعام فقط، بل كانت تحتوي أيضًا على مناجم كبيرة من بلورات الطاقة؛ وهي أرض نادرة وثمينة.
قاد ياليك القبيلة نحو ازدهار كبير، وبعد عام أطلق تمردًا ضد القبيلة العليا التي كانت تهيمن عليهم، فاحتل أراضيها، وأصبحت ياسين قبيلة رفيعة المستوى!
كان ياليك بطل قبيلة ياسين، وقد انتشرت أعماله البطولية والنزيهة في أنحاء قارة رجال الوحوش.
لقد كان الابن المدلل للسماء، المختار من قِبل إله الوحوش!
ومع ذلك، وبالرغم من كل هذا، بدأ يلين شيئًا فشيئًا ويتبع رغباته الخاصة.
أما سبب المصيبة الحالية للقبيلة…
فكان سخيفًا بعض الشيء.
حتى الأبطال، لا يقاومون سحر الجمال…
لقد ظل ياليك منغمسًا في الحروب لسنوات طويلة، مما جعله يتعامل مع الحب ببرود تام.
كان والده قد اختار له شريكًا في مرحلة مراهقته، وبما أن ذلك الشريك تأخر في الوصول إلى مرحلة البلوغ، فلم يتزوجا رسميًا إلا بعد أن أصبح ياليك زعيمًا للقبيلة.
منطقيًا، وبما أن الاثنين كانا في العمر نفسه تقريبًا، كان ينبغي على شريكه أن يكون قد بلغ مرحلة الرشد أيضًا.
إلا أنه، ولسببٍ غير معروف، ظل عالقًا في مرحلة المراهقة حتى بعد أن ترقت قبيلة ياسين إلى قبيلة من المستوى العالي.
ومع كل ذلك، وبما أن هذا الشريك اختاره والده، لم يُظهر ياليك أي معاملة سيئة تجاهه رغم شعوره بعدم الرضا.
كل ذلك استمر… إلى أن التقى ياليك بوحش فرعي آخر، رائع الجمال، وهنا بدأ كل شيء ينهار.
( شبه الوحوش: هم أفراد من نوع خاص من رجال الوحوش، يتميزون عادةً بجسد أضعف ولكن بمظهر جميل وقدرة عالية على الإنجاب )
في تلك الفترة، كان ياليك قد أصبح زعيمًا فعليًا، وقبيلة ياسين قد ترقت إلى مصاف القبائل العليا.
كان شابًا وسيمًا، طموحًا وذكيًا، طبيعي أن تنهال عليه الوحوش الفرعية كما لو كانوا أسرابًا من البط، ( تعبير صينيمجازي يصف التدافع الهائل )، إلا أنه كان متعاليًا ولم يكن يلقي بالًا لأحد منهم.
حتى جاء ذلك اليوم، حين خرج للصيد، وأنقذ وحشًا فرعيًا كان قد فُصل عن قبيلته الأصلية — آيميا.
كان آيميا قد بلغ بالفعل مرحلة الرشد.
شكل وحشه كان صغيرًا وضعيف القوة، إلا أن ما جعله يتميز هو جماله الأخّاذ. لقد كان شكله براقًا لدرجة أن حضوره وحده كفيل بإنارة المكان.
ومن النظرة الأولى، وقع ياليك أسيرًا لسحره.
يمكن القول إن آيميا كان يملك كل الوسائل اللازمة للسيطرة.
لم يكن فقط جميلًا بأناقة نبيلة، بل امتلك أيضًا قوة ذهنية عالية جعلته يربك ياليك ويقيده برباط العشق.
كان الشهر الذي قضياه سويًا في البلدة بمثابة فترة من الحلاوة والنعومة.
كان ياليك يرى ويسمع ويطيع.
يقضي اليوم بطوله يلاعب آيميا، وقد نسي نفسه تمامًا، غير آبهٍ بمصير القبيلة.
رفض ياليك الاستماع لنصائح من حوله، وتجاهل كل ما يتعلق بالشؤون العسكرية. ومع مرور الوقت، فقد ياليك قلوب وعقول أبناء قبيلته.
وفي تلك اللحظة تحديدًا، شنّت قبيلة معادية هجومًا على قبيلة ياسين بهدف سلب مواردها من المستوى السابع!
(المستوى السابع يُشير إلى موارد نادرة وثمينة، تدعم التقدم الروحي والتقني للقبائل، وتعزز من قدرات الزراع جسديًا وعقليًا. هذه الموارد تُعتبر شريان الحياة للقبائل المتقدمة).
إلى هنا انتهت المعلومات المتوفرة عن العالم،
ثم جاء دور المهمة الأساسية الموكلة إلى تشين مو.
واصل شي تشينغ القراءة بجدية، وفي ذهنه فكرة مبهمة أنهم قد يُكلفون بحماية القبيلة في هذه الحرب المستعرة؟
لكنه كان قد قلل من شأن الوضع…
“احمِ القبيلة، وضُم قبيلة عالية المستوى إلى نفوذك. المهلة: مئة يوم.”
مهلة زمنية… من جديد.
ابتسم تشين مو ابتسامة خافتة، كان في مزاج جيد.
إنهاء المهمة قبل الموعد بيوم واحد يمنح 100 نقطة إضافية، أما إن تم إنجازها قبل الموعد بخمسين يومًا، فالجائزة ترتفع إلى 5000 نقطة — تمامًا كالمهمة الفرعية السابقة.
بل وقد يكون الإنجاز أسرع هذه المرة.
في تلك اللحظة، لم يكن لدى شي تشينغ سوى الرغبة في الصراخ! النقاط مغرية، نعم!
لكن المشكلة الحقيقية هي أن قبيلة ياسين صارت مجرد قوقعة فارغة بفضل آيميا و ياليك!
ناهيك عن ضم قبيلة أخرى، من المشكوك فيه حتى أن ينجوا من القبيلة التي تهاجمهم حاليًا وتنهب مواردهم!
ثم تأتي مهلة مئة يوم؟ رجاءً! لقد استغرق ياليك ثماني سنوات كاملة لترقية قبيلة ياسين إلى هذا المستوى!
كيف يتم حساب هذا النوع من التطور بالأيام؟!
وفي خلفية المعلومات، ورد بوضوح:
“قبيلة ياسين هي الوحيدة التي نجحت في الترقية إلى قبيلة عالية المستوى خلال آخر خمسة قرون”.
فهل نحن لعبة بيد أحدهم؟!
هل يمكن لأشخاص غريبين عن هذا العالم كـ شي تشينغ وتشين مو، والذين لا يزالون يحاولون استيعاب هذا المنطق، أن ينجحوا فعلًا في قيادة رجال الوحوش إلى الهيمنة على القارة؟!
كان الأفق مظلمًا، ولم يستطع شي تشينغ إلا أن يعود مجددًا إلى مسرحه العقلي المخزي…
في عينيه، بدا أن مضيفه لم يتبقَ لديه سوى بضع نقاط.
لذا… لا مفر، يجب أن ينطلقوا.
في اللحظة التي بدأوا فيها بالعبور إلى العالم،
سمع شي تشينغ صوت الدليل السريع يقول:
“بما أن النظام يمتلك جسدًا، فيمكنه لعب دور شخصية غير قابلة للّعب (NPC). إن اخترت دورك بنفسك، فلن تحصل على مكافأة.
أما إن قبلت بدور عشوائي، فستُضاعف النقاط المكتسبة في هذه المهمة.”
عندما سمع شي تشينغ هذا، صُدم.
ثم اتخذ قراره فورًا؛
البشر يموتون من أجل المال، كما تموت الطيور من أجل الحَب.
وبما أن الاحتيال قد بدأ، فإما الاستسلام… أو خوضها حتى النهاية.
هذا الجد الصغير سينضم للمعركة أيضًا!
دون تردد، اختار الخيار العشوائي.
لحظة دوران السماء والأرض مرت بسرعة، ثم بدأ شي تشينغ يستعيد وعيه. وبما أنه حصل على شخصية عشوائية، لم يكن يعلم من هو حتى الآن.
قبل أن يتأقلم، سمع صوتًا بالقرب منه:
“أيها اللعين! ألا تثق بي؟ لقد أصبح ذلك الأحمق ياليك مشوشًا وضائعًا!”
“يا عزيزي، أنا أعلم أنك قادر. بمظهرك هذا،
لا يوجد رجل يمكنه مقاومة رغبة امتلاكك.”
ثم أصبح الصوت أكثر فحشًا: “كيف كان؟
هل يُرضيك ياليك؟ ما رأيك أن تجربني…”
“من هناك؟!”
صرخةٌ قطعتها صوت خنجر يشق الهواء.
ما إن فتح شي تشينغ عينيه، حتى رأى خنجرًا قادمًا نحوه مباشرة. لحسن الحظ، كان الجسد الذي انتقل إليه يتمتع بقدرة عالية على التفاعل والرشاقة، فتمكن من تفادي الخطر.
إلا أن حركته هذه كشفت عن مكانه تمامًا.
تجمّد الثلاثة في مكانهم، ثم شحب وجه آيميا فجأة وهو يصرخ: “ييير! ما الذي تفعله هنا؟!”
دون أن يمنحه وقتًا للرد، التفت إلى الرجل بجانبه وقال:
“اقتله! لا يمكننا تركه يذهب! إنه زوج ياليك!”