🦋

في النهاية، لم يكن لدى أيٍّ منهما خبرة كبيرة في هذا الأمر.

المرة الوحيدة التي تجاوزا فيها الحدود كانت في تلك المناسبة السابقة، وبعدها أصيب تشين مو بحمى طويلة، وتبع ذلك العديد من المشاكل. 

كان شي سيان دائمًا متحفظًا، وتشين مو 

اعتقد أن رغبته في هذه الأمور لم تكن قوية.

حتى بدأ الوضع يخرج عن السيطرة.

الشخص الذي كان يتحدث قبل لحظات عن 

ضبط النفس كان الآن يفكّ رابطة عنقه ليستخدمها في تقييد يدي تشين مو، مثبتًا إياه إلى مسند ذراع الأريكة ليمنعه من المقاومة.

كان تشين مو، الذي كان قميصه مفتوحًا جزئيًا، متورد الوجه وهو يركله غاضبًا، "اتركني!"

"عند هذه النقطة، ألا تعتقد أن الوقت متأخر جدًا لقول ذلك؟" قال شي سيان بصوت منخفض، ضاغطًا بركبته عليه، مهيمنًا عليه بنظراته، متأملًا ذقنه المحمر، وصدره المكشوف جزئيًا، والحركة البطيئة والتعذيبية لحزامه.

كليك.

صدر صوت واضح.

شعر تشين مو وكأنه فقد عقله.

حاول دفعه بعيدًا: "هذا مكتبك!"

"لن يدخل أحد، الباب مغلق." دفعه شي سيان مجددًا، ثم انحنى ليقبل عنقه، يعض برفق جلده الحساس.

ارتجف خصر تشين مو، وأمال رأسه للخلف، 

وأصبح تنفسه غير متزن. وأخيرًا، تمسك بحجة أخيرة:

"لا يوجد واقي."

"لن نفعل ذلك." همس شي سيان عند عنقه.

لم يتح له الوقت لاستيعاب كلمات شي سيان، 

إذ شعر به ينخفض تدريجيًا، ببطء مدروس، شبرًا بعد شبر. 

رفع تشين مو رأسه قليلًا، وفجأة أدرك ما كان على وشك الحدوث، ليرتجف قلبه بنبضات متسارعة وجنونية.

لم يكن قد نطق بـ لا بشكل واضح بعد، عندما شعر بقيوده تشتد، وظهره يتقوس لا إراديًا، وعقله يتحول إلى فراغ تام.

كان الانجراف في الأحاسيس الجارفة والمشهد أمامه يفوق قدرته على التحمل، مما جعله ينهار أخيرًا، يعضّ شفتيه ويتمتم بصوت مبحوح: "أنت مجنون..."

لم يكن تشين مو يعرف من أين اكتسب شي سيان كل هذه المهارة، ولا متى تم فك الرابطة عن يديه. 

كل ما كان يعرفه أنه في النهاية، جُرف تمامًا مع التيار، ورفع يديه ليجذب شعر شي سيان، وسحبه للأعلى، ليقبّله دون أي تردد.

امتزجت أنفاسهما، وتشابكت.

على عكس تلك الليلة المطيرة في الفندق الصغير، حيث كان كل شيء مرتبكًا وغير ناضج.

هذه المرة، سواء من الناحية النفسية أو الجسدية، كان لدى تشين مو فهم أعمق لهذه العلاقة. بمجرد أن توقف عن القلق بشأن المكان أو الموقف، وعلم أنه يحبه، لم يعد هناك شيء خاطئ في الأمر.

وكانت النتيجة...

أن الأريكة الجلدية انتهى بها الأمر بحالة يُرثى لها.

كان لونها الأسود يبدو أغمق الآن، مع علامات غير متساوية. رابطة العنق المجعدة على مسند الذراع، المعطف الملقى على السجادة، والساعة المهملة على الطاولة، 

كلها جعلت المشهد لا يُطاق النظر إليه.

وخاصة تشين مو، الجالس على الأريكة الفردية، ممسكًا بجبهته، ويبدو عليه ندم خفيف. 

كانت علامات الإرهاق بادية على وجهه، 

مع احمرار خفيف على بشرته، وزاوية فمه تحمل أثر تمزق صغير، 

وكأنها جميعًا تروي قصة خروج الأمور عن السيطرة.

في الواقع، الجرح لم يكن بسبب عنف شي سيان.

عاد شي سيان وفي يده مرهم، جاثيًا أمامه، واضعًا القليل على إصبعه، وهو يقطّب حاجبيه بينما يضعه على الجرح بلطف: "ألم تشعر بأي ألم؟"

نظر إليه تشين مو، ولاحظ كيف كان مظهره أنيقًا الآن، ببزته المرتبة التي تجعله يبدو عريض الكتفين، نحيف الخصر، فقال بسخرية:

"تبدو محترمًا جدًا الآن."

أغلق شي سيان غطاء المرهم، وابتسم: "لكن 

بعد ذلك، كنت أنت من أخذ زمام المبادرة."

"كنت مندفعًا حسنًا؟" تنهد تشين مو ونظر إلى الأريكة، 

ثم أغلق عينيه بأسى: "ألست مهووسًا بالنظافة؟ استبدل الأريكة."

نهض شي سيان من وضعية الجلوس على الأرض، وأسند يديه إلى مسندي الأريكة، محاصرًا تشين مو بينهما، وقال بهدوء:

"استبدالها؟ إذا كنا سنستبدل شيئًا في كل مرة، ألن يكون ذلك إسرافًا؟ مثل السرير، السجادة، المغسلة..."

حدّق تشين مو فيه بصمت.

رفع شي سيان يده مستسلمًا: "حسنًا سنستبدلها."

على أي حال كان تشين مو سيستبدلها بنفسه.

ليس لأنه مهووس بالنظافة، ولا لأن الأمر أصبح مزعجًا للنظر، بل لأن هذه الأريكة كانت تُستخدم أحيانًا لاجتماعات العمل، وفكرة أن يجلس عليها أي شخص آخر كانت أمرًا لا يستطيع شي سيان تحمله. 

لذلك، فضّل نقلها إلى غرفة الراحة المجاورة غير المكتملة.

لم يكن تشين مو قد أتى بسيارته، 

لذا بعد نصف ساعة أخرى، غادرا المكتب معًا.

من المصعد المخصص لكبار الشخصيات إلى موقف السيارات.

صادف وقت خروج الموظفين من العمل، 

وكانت سيارة شي سيان متوقفة بعيدًا عن مخرج المصعد، وبينما كانا يقتربان، سمعا أصواتًا قادمة من إحدى الزوايا المخفية.

"هل هذا صحيح؟ الرئيس شي وذلك تشين من تشين روي..."

"بالتأكيد هناك شيء بينهما، فكر في الأمر، سواء كان استثمار هوانشانغ أو التلاعب بصفقة يانغ، كل شيء مرتبط بذلك الرئيس تشين. 

إضافة إلى ذلك لدي صديق يتدرب في تشين روي والإشاعات بدأت من هناك. الكثيرون رأوا الرئيس تشين في المستشفى، وكان الرئيس شي دائمًا هناك، لذا علاقتهم عميقة."

"عميقة كيف؟ كانوا زملاء في الثانوية، 

وشركاتهم تتعاون. زيارة شخص في المستشفى بدافع اللباقة ليست أمرًا غير مألوف."

"أليس من الغريب أن يستدعي الرئيس شي الرئيس تشين وحده اليوم؟ سمعت من السكرتيرات أنه عندما دخلن لتقديم الماء، كان الرئيس تشين يرتدي معطف الرئيس شي، جالسًا على الأريكة يشاهد الأخبار على الجهاز اللوحي. حتى المساعد هان لا يجرؤ على التصرف بهذه الأريحية في ذلك المكتب."

"إذًا؟ هل الرئيس شي مهتم به حقًا، مهما كان؟"

"لو كنت مكانه لكنت موافقًا أيضًا. لم تره شخصيًا صحيح؟ ذلك الرئيس تشين... إنه حقًا جذاب خصره ساقاه وجهه... برأيك، هل هو مثلي بالكامل أم مزدوج الميول؟"

في هذه اللحظة ابتسم تشين مو، فتح باب السيارة، ودخل.

أغلق حزام الأمان، ثم سأل: "هل كانت هوانشانغ أول شركة استثمرت فيها بعد عودتك إلى الصين بسببي؟"

"ليس بالكامل." بدأ شي سيان بقيادة السيارة، ضاغطًا على دواسة الوقود ليخرج من الموقف، "في ذلك الوقت، تم الإبلاغ عن تشو تشنغتاو، وتم استدعاؤه إلى المقر الرئيسي. وبما أنني قررت حمايته، لم يكن بإمكاني ترك هوانشانغ تنهار."

بمجرد أن تحركت السيارة، لفتت الأنظار.

وقف بعض موظفي CM عند الزاوية المخفية، مصدومين تمامًا.

نظروا إلى شي سيان عبر النافذة المفتوحة، متلعثمين بارتباك:

"الرئيس شي!"

"تغادر العمل الرئيس شي؟"

"آه الرئيس شي كنا فقط..."

نظر شي سيان إليهم بهدوء وقال بصوت هادئ: "بعد انتهاء الدوام، يكون الوقت شخصيًا، 

لكن لا تناقشوا حياة العملاء الخاصة أمام مدخل الشركة."

شعر الجميع بالحرج.

وفقط حينها لاحظوا تشين مو الجالس في المقعد الأمامي لسيارة شي سيان.

سارعوا جميعًا بالاعتذار:

"الرئيس تشين نعتذر عن ذلك."

"نأسف السيد تشين."

انحنى تشين مو قليلًا للأمام، مبتسمًا: 

"الرئيس شي صارم جدًا. لا بأس لا تقلقوا."

وفي تلك اللحظة، أغلق شي سيان نافذة السيارة وانطلق بها.

التفت تشين مو إلى الموظفين، يراقب تعبيراتهم المتوترة، ثم ضحك والتفت إلى شي سيان قائلاً:

"هل كان ذلك ضروريًا؟ لقد أنهوا دوامهم، فلماذا تهتم بما يقولونه؟ هؤلاء الأشخاص لن يستطيعوا النوم الليلة، سيظنون أنهم سيُفصلون من العمل غدًا."

نقر شي سيان بإصبعه على عجلة القيادة وقال:

"هذا أحد المحظورات الكبرى في بيئة العمل. لو لم تكن أنت من جاء اليوم، بل شريك تجاري آخر، لكان من الممكن أن يؤثر ذلك على قراره النهائي."

نظر إليه تشين مو من الجانب.

شي سيان سأله: "ماذا هناك؟"

أومأ تشين مو برأسه قائلاً: "تذكرت عندما كنت رئيس الفصل في الثانوية." 

ثم سأل مازحًا: "حقًا لا توجد دوافع خفية؟"

اعترف شي سيان بصراحة: 

"نعم، لا أحب سماع الآخرين يتحدثون عنك."

رفع تشين مو حاجبه: "كنت تتحدث قبل قليل بكل جدية عن احترام العملاء... العملاء الذين يتصرفون بعدم لباقة في مكتبك؟"

بدا أن شي سيان قد تضرر من هذه الكلمات، 

فتنهد قائلاً: "لا تستفزني، أنا أقود."

واصلت السيارة سيرها بهدوء على الطريق.

شعر تشين مو بالجوع قليلًا، 

فأخرج هاتفه ليبحث عن مطعم قريب.

لكن بعد لحظات، سُمع صوت اصطدام قوي قادم من الأمام.

رفع تشين مو رأسه بسرعة وسأل: "ما الذي حدث؟"

رنَّ هاتف شي سيان، وكان متصلًا عبر البلوتوث، فقام بالرد مباشرة عبر مكبر صوت السيارة.

"السيد شي"، كان صوت الحارس الشخصي، 

والذي تعرّف عليه تشين مو على الفور.

سأل شي سيان: "ما الأمر؟"

أجاب الحارس الشخصي: "هناك تصادم متسلسل أمامنا. إنه وقت الذروة، وعربات الإطفاء والإسعاف عالقة خلف الازدحام. لن نتمكن من العبور لفترة من الوقت."

رأى تشين مو الدخان الكثيف يتصاعد من الجسر أمامهم، فعبس وقال: "هناك سيارة تحترق. مستشفى لاو غاو هو الأقرب، من المفترض أن يصلوا أولًا."

كانوا بالفعل على الجسر، قريبين جدًا من موقع الحادث.

فجأة، بدأ شخص ما بالصراخ على جانب الطريق:

"النجدة! النجدة! السيارة على وشك الانفجار، وهناك أطفال وشخصان بالداخل!"

دون تفكير، فتح تشين مو باب السيارة، 

لكن شي سيان أمسك به ومنعه.

"سأذهب انتظر هنا."

قال تشين مو، "معًا، لنرَ إن كان بإمكاننا المساعدة."

توقف شي سيان للحظة لكنه لم يعترض. فتح باب السيارة وخرج.

لم يكونا وحدهما، فقد اندفع العديد 

من الأشخاص الآخرين نحو موقع الحادث.

عندما اقتربوا، وجدوا أن السيارة المشتعلة قد تضررت بشدة. كان أحدهم قد أنقذ الطفل بالفعل من السيارة المحطمة، لكن الزوجين لا يزالان عالقين بالداخل. كانت ساق الزوجة محاصرة، 

بينما كان الزوج فاقدًا للوعي والدم ينزف من جبهته.

كانت المقاعد الخلفية خطيرة جدًا للاقتراب منها، ورائحة الاحتراق ملأت المكان، مما جعل الجميع يتردد.

امتزجت الصرخات والهتافات وأبواق السيارات في فوضى عارمة.

قال أحدهم: "لا أمل لا أمل حقًا النيران كبيرة جدًا."

"تراجعوا! الجميع إلى الخلف!"

بلل شي سيان سترته بزجاجة ماء واندفع نحو السيارة، مغطّيًا المقبض الأمامي. للحظة، ساد الصمت، لكنه لم يدم طويلًا، 

إذ انضم إليه بضعة أشخاص آخرين.

تم إخراج الزوج أولًا.

كانت عملية إنقاذ الزوجة أكثر صعوبة. 

كانت النيران تنتشر بسرعة، تكاد تلامس وجوههم. عندما ناول تشين مو الأدوات إلى شي سيان، نظر الأخر إليه دون أن يقول شيئًا.

مدّ شي سيان يده وحاول انتزاع الصفيحة الفولاذية التي كانت تحاصر كاحل المرأة. ومع الضغط الذي بذله، بدأ الباب المشوّه بالارتداد للخلف. 

دون تردد، أدخل تشين مو قدمه ليبقيه مفتوحًا.

نزف الدم من الجرح الذي أحدثته الحواف الحادة، لكن تشين مو لاحظ أن شي سيان توقف للحظة، فقال له: "لا بأس."

ساد التوتر المكان.

كانت الفوضى تعمّ المحيط، والسيارات منتشرة في كل مكان، لكن الجميع وقفوا على مسافة، يراقبون من بعيد. لم يبقَ بالقرب من السيارة المشتعلة سوى سبعة أو ثمانية أشخاص فقط.

عشرة ثوانٍ، تسع ثوانٍ، ثمانٍ...

أخيرًا، تحررت الصفيحة الفولاذية، 

وسحب الآخرون المرأة إلى الخارج.

نهض شي سيان ونظر حوله: "اركضوا!"

بوووم! في لحظة الانفجار، 

كان الجميع قد ابتعدوا مسافة آمنة، 

لكنهم شعروا بصدمة الانفجار بكل وضوح.

أولئك الذين كانوا أقرب إلى الموقع شعروا بطنين حاد في آذانهم.

أمسك شي سيان بالشخص الذي تحته بإحكام، 

ليرى الجرح الناتج عن الشظايا على جبهة تشين مو.

"هل انت بخير؟" لاحظ شي سيان القلق الطفيف على وجه تشين مو، وفهم أنه كان يسأله ذلك عندما رأى حركة شفتيه.

أومأ برأسه، لكنه شعر فجأة بضجيج مدوٍّ يملأ عقله.

أصوات غريبة، لا تخصه، وكأنه يسترق السمع إلى محادثات تعود لشخص آخر، تداخلت في ذهنه وظهرت بشكل متكرر.

— "ذلك تشين مو في فصلنا مزعج حقًا، 

يتصرف دائمًا وكأنه غير مبالٍ بالجميع."

— "أخي يان، سمعت أن لي روي يسبب المشاكل لتشين مو مجددًا. لقد حذرته آخر مرة من افتعال المشاكل في فصلنا، لكنه لم يستمع على ما يبدو."

— "تم تأكيد قرار السفر إلى الخارج لا مجال للنقاش."

— "تشين مو؟ سمعت أنه أخفق في امتحان الرياضيات. لماذا تسأل عنه؟ مع طموحاته، سينتهي به الأمر بتولي أعمال عائلة يانغ."

— "الشخص المسؤول عن مشروع التعاون مع عائلة يانغ هو نائب الرئيس لديهم واسمه تشين مو."

— "السيد شي، تلقينا للتو خبرًا يفيد بأن السيد تشين ربما تعرّض لحادث."

— "أعلن الطبيب الشرعي في الموقع أن الوفاة كانت... فورية."

هل وجدت خطأ؟ قم بالإبلاغ الآن
التعليقات

التعليقات [0]