🦋

 رجل رائع يتصرف كطفل مدلل.

كان هذا أول ما خطر ببال لي تينغ عندما رأى تلك الرسالة. قبل أن يتمكن من الرد أرسل شو جي رسالة أخرى هذه المرة بصوت مسجل.

تحرك تفاحة آدم لدى لي تينغ بلا سبب واضح،

فتح التسجيل وسرعان ما سمع صوت شو جي العميق والمنخفض وكأنه يهمس بالقرب من أذنه: "حقًا لم أكذب عليك طعامك لذيذ."

فتح لي تينغ شفتيه قليلًا ثم أعاد تشغيل التسجيل. كانت الجملة قصيرة جدًا اختفت في غضون ثوانٍ.

استمع إليها ما يقارب عشر مرات ثم فجأة انهار على السرير وشعره الأسود مبعثر على اللحاف الأبيض وعند النظر عن قرب كانت أطراف أذنيه المخفية قد اكتسبت احمرارًا طفيفًا.

ضغط شفتيه بابتسامة خفيفة ثم أجرى مكالمة صوتية.

انتظر بضع دقائق وعندما أجاب شو جي حاول لي تينغ التبديل إلى مكالمة فيديو لكن الطرف الآخر رفضها مباشرة وكأنه يتمنى لو أنهما يتواصلان عبر الفيديو طوال اليوم.

أرسل شو جي رسالة صوتية: "ما الأمر؟"

كان لي تينغ يعرف جيدًا أن بشرته تكتسب اللون الأحمر بسهولة حتى بدون النظر إلى المرآة يمكنه أن يتخيل كيف يبدو وجهه الآن. فقال: "أمم... أريد أن أسمع صوتك."

رد شو جي ببرود: "...هل انتصبت مجددًا؟"

"لا."

لكن لي تينغ كان يعلم أن احمرار وجهه لن يزول بسرعة. سحب اللحاف ليغطي معظمه، ثم نقر على مكالمة الفيديو مجددًا. هذه المرة ظهر وجه شو جي الوسيم على الشاشة.

حدق به شو جي للحظة ثم تردد قليلًا وسأل: 

"هل كنت تشرب؟"

"أمم، نعم، شربت قليلًا." استغل لي تينغ الفرصة للهروب من هذا الموقف المحرج لكنه بعد ثوانٍ شعر بضرورة قول الحقيقة "أمم، في الواقع لا... أنا فقط أشعر بالنشوة قليلًا هاه؟ بماذا تنظر؟"

لم يصرّ شو جي على كشف الحقيقة، بل أدار 

كاميرا هاتفه نحو جهاز إيباد وقال: "أشاهد برنامجًا منوعًا."

تعرف لي تينغ على البرنامج كان عرضًا أجنبيًا، فسأل: "لماذا لم تكمل البرنامج الذي كنا نشاهده معًا؟"

أجاب شو جي بنبرة هادئة: 

"سنشاهده معًا عندما تعود."

ما زال يتذكر المسلسل الذي أكمله وحده. 

رغم أن لي تينغ قال إنه لا بأس ربما كان ذلك صحيحًا لكن شو جي لم ينسَ ومضة الوحدة التي ظهرت في عينيه حينها.

استمرت المحادثة لمدة نصف ساعة وخلالها جمع شو جي علب الطعام الجاهز، وخرج ليرميها في القمامة.

"هل ستغلق المكالمة؟" سأل لي تينغ.

"لا أريد إغلاقها."

قال شو جي: "أنا ذاهب للاستحمام."

رد لي تينغ: "الاستحمام لا يتعارض مع تشغيل الفيديو."

رفع شو جي حاجبيه وكأنه أدرك شيئًا فجأة، 

ثم قال بنبرة ساخرة: 

"هل تريد أن تشاهدني وأنا أستحم؟"

جلس لي تينغ منتصبًا في السرير واللحاف يغطي خصره ثم خفض صوته وقال: "إذن هل ستسمح لي بمشاهدتك؟"

لم يكن شو جي من النوع الذي يثير الترقب 

دون سبب ابتسم بخفة وقال: "نعم."

تفاجأ لي تينغ بإجابته ثم رأى الكاميرا تتحرك مع 

شو جي الذي كان يصعد الدرج حيث التقطت الشاشة خطواته وهو يرتدي شبشبًا أسود من الفرو.

في الفيديو امتدت يد وفتحت الباب ليظهر 

على الشاشة جزء من السجادة البيضاء.

بدأ قلب لي تينغ ينبض بسرعة. 

هل دخل شو جي إلى غرفته؟

ثم ظهرت خزانة الملابس بداخلها بعض الملابس الشخصية مثل السترات القطنية الخاصة بالنوم. 

أما بقية الملابس مثل القمصان والسراويل والمعاطف فكانت موضوعة في خزانة منفصلة، وكان شو جي يعبث فقط بملابس النوم.

بهذا الشكل هذه هي المرة الأولى التي يرى فيها غرفة شو جي لم يرمش حتى لا يفوّت أي تفصيل.

بعد ذلك فتح أحد الأدراج وظهرت أمامه 

مجموعة مرتبة من الملابس الداخلية.

سحب شو جي إحدى القطع أمام الكاميرا المفتوحة.

سوداء.

لكن لي تينغ لم يتمكن من تحديد ما إذا كانت مثلثة أم مربعة.

ثم، تحولت الكاميرا إلى وضعية السيلفي ووُضعت على الحوض مما كشف عن الحمّام بالكامل، وبالطبع الشخص الواقف فيه.

كان شو جي يرتدي كنزة صوفية بلون البيج الناعم بينما أضاءت الإضاءة الدافئة ملامحه القوية والرقيقة في آنٍ واحد.

عقد ذراعيه وسحب طرف قميصه كاشفًا عن خطوط عضلات بطنه الواضحة ثم ابتسم وقال: "هل ترى؟"

خف بريق عيني لي تينغ قليلًا ثم همس: "همم..."

شو جي خلع ملابسه بسلاسة، وسقطت 

الكنزة الصوفية على الأرض بصوت صفعة.

في اللحظة التالية وضعت أصابعه الطويلة والقوية على حافة سرواله تلا ذلك صوت ناعم آخر لملابس تلامس الأرض.

لكن على الشاشة لم يظهر سوى الجزء العلوي من جسده حيث ارتفعت عضلات الورك قليلًا.

ضغط لي تينغ صوته قائلاً: "شو جي 

حرك الكاميرا للأسفل قليلًا، أريد أن أرى."

كان تنفس شو جي قد أصبح مضطربًا قليلًا. 

رغم أن لي تينغ لم يكن يراه بشكل مباشر لكنه 

شعر وكأنه ينكشف تمامًا أمام عينيه عبر الكاميرا.

ألحّ لي تينغ: "شو جي."

لكن بدلًا من تحريك الكاميرا للأسفل تقدم شو جي قليلًا أمسك الهاتف بأصابعه ثم استدار ليواجه الباب.

لا شيء مرئي.

صرخ لي تينغ: "...شو جي!"

لكن صاحب الاسم لم يعطه أي اهتمام.

بعد لحظة بدأ صوت الماء يتساقط بخفة، 

لكن لي تينغ استطاع أن يسمع بوضوح أنفاسًا خافتة ممزوجة مع صوت المياه وكأنها همسات مغوية تشعل داخله مجددًا.

لم يكن هناك صورة فقط الصوت، 

مما جعل خياله يسرح بعيدًا.

بعد شهر آخر انخفضت درجة الحرارة في مدينة جي إلى أقل من 8 درجات مئوية، فارتدى شو جي معطفًا سميكًا، ووضع سماعة البلوتوث في أذنه، مستمعًا إلى حديث لي تينغ مع المسؤول عن المشروع.

رغم أنهما كانا يتحدثان عبر الهاتف يوميًا، 

ولم تقل مدة أي مكالمة عن 15 دقيقة، إلا أن شعور الاشتياق الخفيف لم يتلاشى مع الوقت.

في ذلك اليوم أرسل الجار المجاور كيسًا من البرقوق المجفف وبينما كان شو جي يشكره رنّ هاتفه—اتصال من تشين ليان.

"ابني تغيّر قليلًا في الفترة الأخيرة" قالت تشين ليان "من الواضح أنه بدأ في قبول وانيوي."

ثم أضافت: "هناك حفلة مساء السبت وستكون بحجم كبير جميع الشخصيات المهمة في مدينة جي ستكون هناك وجدت لك شريكة للحضور."

لم يرفض شو جي لكنه سأل ببرود: "من؟"

"وانغ شي لين" أجاب تشين ليان "لقد وافقت بالفعل."

قال شو جي بلا مبالاة: 

"لا داعي سأجد شريكة أخرى بنفسي."

بعد حادثة لي يوي أصبح شو جي أقل مقاومة لفكرة وراثة وانيوي. بدا وكأنه استسلم ببطء وقبل الأمر تدريجيًا.

فهو يدرك جيدًا أنه كلما أصبح أقوى زادت قدرته على حماية الشخص الذي يريد حمايته دون قيد أو شرط.

في نفس الليلة أخبره جي تشي أنه سيحضر الحفل أيضًا وأشار إلى أنه حفل تنكري ولن يُسمح بالدخول بدون قناع.

ولهذا، قام شو جي بتصميم قناع مخصص 

في تلك الليلة ليتناسب مع ارتفاع جسر أنفه.

كان القناع بتصميم بسيط يغطي النصف العلوي من الوجه لكن النقوش الدقيقة على سطحه كشفت عن قيمته العالية.

ليلة الحفل.

فيلا خاصة على تلة أضواءها الساطعة 

أضاءت جزءًا صغيرًا من الغابة المحيطة بها.

عند سفح الجبل يتم نقل كل ضيف يحمل دعوة بسيارات فاخرة مخصصة وكان الشارع يعج بسيارات فارهة متوقفة على الجانبين.

عند بوابة الفيلا فتح الحارس الباب وخطت 

حذاء جلدي مصقول خارج السيارة.

كان شو جي يرتدي بدلة رمادية فاتحة مصممة خصيصًا كانت تناسب خصره العريض وخط كتفيه المثاليين مما جعله يبدو ممشوق القامة وأنيقًا للغاية.

كلماته عن العثور على شريكة أخرى لم 

تكن سوى عذر للتخلص من تشين ليان.

لذلك، سار وحده على درجات الفيلا مما جعله يبدو أكثر تميزًا بين الحضور الذين أتوا جميعًا في أزواج.

ورغم أن هالته القوية لفتت الأنظار إلا أن ارتداءه القناع جعله أقل قابلية للتعرف عليه بسهولة.

لدرجة أن جي تشي مرّ بجانبه عدة مرات حدق به مرارًا وتكرارًا قبل أن يتأكد أخيرًا: "...شو جي؟"

كان شو جي مستندًا إلى كرسي مرتفع في الزاوية، فأجاب ببساطة: "نعم."

"رفعت شعرك قليلًا" تمتم جي تشي ثم أضاف بدهشة: "اللعنة، تبدو وسيمًا جدًا... أشعر بالغيرة."

بعد حوالي 15 دقيقة بدأ الحفل رسميًا. 

خفتت أضواء القاعة ثم سُلّط شعاع من الضوء على البيانو في الجهة المقابلة حيث جلس شخص وبدأ في العزف.

ضيّق شو جي عينيه لقد كان... تشو يينغ؟

تذكر أنه بعد انتهاء تصوير الإعلان بقي تشو يينغ في مدينة جي لتصوير مسلسل تلفزيوني لذا فمن المنطقي أن يكون قد تلقى دعوة.

لكن... الفنانون عادة لا تتم دعوتهم بل يتم توظيفهم ليكونوا مجرد وسيلة ترفيه لأبناء العائلات الثرية.

الحفلات الفخمة هذه تدور حول المحادثات التجارية لقاءات التعارف وملء الفراغ بالملل.

كان شو جي ينتمي إلى تلك الفئة القليلة من الأشخاص الذين لم يتعرف عليهم أحد في الحفل، باستثناء بضع محادثات عابرة مع اثنين أو ثلاثة أشخاص. كان القناع الذي يرتديه بمثابة حاجز يمنحه بعض الراحة من المتطفلين.

كم هو ممل.

نظر إلى البحر البعيد من النافذة، ثم أرسل عدة رسائل إلى لي تينغ، لكنه لم يتلق أي رد.

"ماذا تفعل؟"

"شرائح اللحم هنا تبدو جيدة. [صورة]"

"أضواء الكاريوكي هذه تكاد تعميني."

أغلق هاتفه، ثم لاحظ أن عدة رجال كانوا يحاولون باستمرار دعوة تشو يينغ للرقص، فأشاح بنظره عنهم بلا اهتمام.

تغيرت الموسيقى عدة مرات، فمشى نحو التراس، حيث كانت الموسيقى أهدأ قليلًا، وبإمكانه سماع صوت الأمواج وهي تصطدم بالصخور.

ظل شاردًا للحظة، وفي تلك اللحظة، 

ساد بعض الاضطراب داخل القاعة.

لم يكن مهتمًا، كان يتكئ بكسل على السور، ممسكًا بكأس من النبيذ في يده.

لكن فجأة، التقطت عيناه ظلًا مألوفًا، 

فعبس وحدق نحو الداخل.

"طقطقة."

كانت الأشكال ضبابية، لكن شخصًا واحدًا برز من بينهم، وسار مباشرة نحوه.

تحوّل كل من حوله إلى خلفية باهتة، 

بينما ظلّ ذلك الشخص واضحًا تمامًا.

شعر لي تينغ قد طال مجددًا، وأصبح يتدلى أسفل صدره.

اقتربت المسافة بينهما شيئًا فشيئًا، وفي ظل الإضاءة الخافتة للتراس، وقف شو جي مستقيمًا لا إراديًا.

50 مترًا... 30 مترًا... 10 أمتار.

أخيرًا، وقف لي تينغ أمامه، ابتسامة خفيفة ترتسم على زاوية شفتيه، وانعكست في عينيه ملامح الدهشة الطفيفة على وجه شو جي.

كان من المفترض أن يقول: "مر وقت طويل."

لكن كل ما شعر به طوال الأشهر الماضية جعله يدرك أن هذه الكلمات لا فائدة منها.

لأن لي تينغ كان يعلم أن شو جي يشعر بنفس الشيء.

المكالمات اليومية لم تكن حلًا، بل كانت تزيد من اشتياقهما.

كلما تحدث معه، كلما زاد الشوق، وكلما رأى وجهه عبر الشاشة، كلما ازداد لهفة.

لأكثر من شهرين، كان يشتاق إليه حتى يكاد يُجن.

وقف الاثنان متقابلين، لم يتحدث أي منهما.

وبعد لحظة، كان شو جي هو أول من تحرك، 

رفع يده بابتسامة وكأنه يريد أن يحتضنه.

أظلمت عينا لي تينغ قليلًا، ثم تحرك أيضًا.

لكنه بدل أن يمد ذراعيه نحو ظهر شو جي، وضع يديه على السور خلفه، محاصرًا إياه بين ذراعيه.

غطّت ظلاله معظم الضوء الساقط على وجه 

شو جي، ثم فجأة، شعر شو جي بملمس دافئ ورطب على جفونه.

أغلق عينيه لا إراديًا، ثم فتحهما مجددًا.

كان الجو داخل القاعة دافئًا، لكن على التراس، لم يكن هناك أحد سواهما، والنسيم البحري كان يعبث بشعرهما.

عندما تراجع لي تينغ قليلًا، كانت عينا 

شو جي تحترقان وهو يحدق في شفتيه.

حبس لي تينغ أنفاسه، مترددًا، 

لكنه لم يستطع إخفاء لهفته.

رفع يده ببطء، وأدخل أصابعه بين القناع ووجه شو جي، ثم رفعه برفق.

انكشف وجه شو جي تحت الأضواء الخافتة، بينما راقب بصمت الشخص الذي كان يقترب منه.

تحرك لي تينغ ببطء، وكأنه يمنحه الفرصة للتراجع إذا أراد ذلك.

لكنه لم يتراجع. لم يتحرك.

تلاقت أعينهما، ثم التصقت شفاههما برفق.

لم تدم سوى ثانية واحدة.

لكن قبل أن يتمكن شو جي من الرد، 

كان لي تينغ قد ابتعد بالفعل.

"طقطقة"

انطفأت أضواء التراس فجأة، بينما ازدادت إضاءة القاعة، وارتفعت أصوات الموسيقى، وسُمع الهتاف والصراخ، وكأن شيئًا مثيرًا قد حدث في الداخل.

لكن هذا الحدث لم يكن له أي علاقة بالشخصين المختبئين في الظلام.

عبر ضوء القمر، سمع لي تينغ ضحكة خافتة تخرج من حنجرة شو جي.

رفع الأخير يده وفرك أذنه قليلًا، ثم قال: 

"هل تريد أن تفتح فمك؟"

تجمد لي تينغ للحظة، ثم انفجر ضاحكًا أيضًا.

أمسك مؤخرة رأس شو جي، وأماله جانبًا، ثم قبّله بعنف.

تلاعبت أطراف الألسنة الحمراء المتشابكة، 

ولم يعد بإمكان أحد التمييز لمن تعود.

وسط أنفاسهما المتقطعة، 

تمتم لي تينغ بين قبلاته الملتهمة:

"اشتقت إليك كثيرًا."

هل وجدت خطأ؟ قم بالإبلاغ الآن
التعليقات

التعليقات [0]