بمجرد أن يبدأ الإنسان في الشعور بعدم الراحة
في جزء من جسده، فإن ذلك يمتد ليشمل الجسم كله.
انتقل الألم من معدتي لينساب ضعفًا في ساقي، وما إن استلقيتُ على السرير حتى شعرتُ بثقل في رأسي وخفة في قدميّ، ولم أرغب في التحرك ولو قليلًا.
بدت حقيبة شين شو صغيرة، لكنها كانت تحتوي على كل شيء. من خلال نظراتي المتعبة، رأيته يُخرج الأغراض واحدًا تلو الآخر وكأن حقيبته لا نهاية لها.
حتى إنه كان يحمل علبة من أقراص الهضم بنكهة الزعرور، وهي من الأطعمة التي كنت أحبها في السابق.
همستُ بصوت واهن: "حتى هذه أحضرتها معك..."
لم يدرك شين شو في البداية ما الذي كنتُ أشير إليه، لكن عندما ألقى نظرة حوله ووجد أقراص الهضم، قال بهدوء:
"هذه ليست للأوقات التي يكون فيها الشخص مريضًا."
ثم ألقى العلبة بعيدًا قليلاً.
دفنتُ وجهي في الوسادة، وتحدثتُ بصوت مكتوم:
"هل لديك قدرة على قراءة الأفكار يا شين شو؟
كيف عرفتُ أنني كنتُ أقصدها؟"
توقف صوت تقليب الأغراض فجأة.
لم يرد، لكن بعد لحظات قليلة سمعت صوت ارتطام بسيط—الماء يُسكب في وعاء، ثم صوت غطاء يُغلق وقابس كهربائي يُوصل. وبعد بضع دقائق، بدأ صوت الغليان يتردد في الغرفة.
اقتربت خطواته، لكن السجادة امتصت صداها،
فشعرت كأنني محاصر في سائل لزج، غير قادر
على الحركة، تاركًا شين شو يتصرف كيفما يشاء.
عندما اقترب مني، لفح بخار الماء الساخن طرف أنفي، فارتدتُ قليلاً، وأفترضتُ تلقائيًا أن الماء كان ساخنًا جدًا للشرب.
لكن شين شو أخذ رشفة منه أمامي وقال:
"ليس ساخنًا."
ترددتُ قليلًا، ثم قلتُ بصوت ضعيف:
"هل يمكن أن ننتظر حتى يبرد أكثر؟"
عدّل شين شو جلسته ونظر إلى الكوب،
ثم أحضر كوبًا زجاجيًا فارغًا وبدأ ينقل الماء بين
الكوبين مرارًا حتى هدأ البخار ولم يعد ساخنًا للمس.
عندها، قدّمه لي مع الدواء لأشربه.
قلتُ له بخفوت: "شكرًا لك."
مع دخول الماء الدافئ إلى معدتي، شعرت ببعض الراحة.
كان الدواء بحاجة لبعض الوقت ليبدأ مفعوله،
لذا انزلقتُ أكثر تحت الأغطية، ولم أترك خارجها سوى يديّ اللتين تحركتا ببطء باحثةً عن شيء.
"هاتفي..."
رفع شين شو جسده قليلًا، ووضع شيئًا مستطيلًا في كفّي، فأخذته وأدرتُ وجهي جانبًا لفتح قفله، ثم بصعوبة تنقلتُ بين المحادثات الكثيرة في هاتفي، قبل أن أبدأ مكالمة فيديو.
ذلك الشخص كان يتجاهلني، لكنه كان يملأ رأسي.
كنت مشتاق إليه بشدة.
رنّ الهاتف بنغمة مرحة، وقرّبتُ الشاشة أكثر إلى وجهي، أحدّق في الثلاث نقاط المتكررة على الشاشة بانتظار أن يجيب...
لكنها خفتت في النهاية،
وعكست الشاشة صورتي البائسة.
عدتُ إلى صفحة الدردشة، وأعدتُ الاتصال...
مرة أخرى... ثم مرة ثالثة.
لم أكن أريد البكاء أمام شين شو، فذلك سيجعلني أبدو ضعيف وبائس في هذه العلاقة، لكن دموعي خانتني، وانزلقت على الوسادة، تاركة بقعة صغيرة على غطائها.
عضضتُ شفتاي، وأردتُ أن أتصل مرة أخرى،
لأخبره أنني لستُ بخير، لأجعله يقلق عليّ،
لأجبره على قول كلمات دافئة تريحني...
لكن قبل أن أفعل ذلك،
ضغط شين شو على شاشة الهاتف،
فاختفى الاتصال، ليحلّ وجهه الصارم مكانه.
حاولتُ إزاحة أصابعه عن هاتفي بكل ما تبقى لديّ من قوة:
"أعده لي... شين شو!"
كان صوتي يحمل نبرة توسل، لكن شين شو
لم يُبدِ أي ردة فعل، وظلّ ينظر إليّ بثبات.
ثم سألني فجأة: "كنت تتصل بحبيبك؟"
"نعم."
"لا تتصل به."
ثم أخذ هاتفي بعيدًا.
"لا، أرجوك..." تشبثتُ بذراعه بكلتا يديّ، شددته بقوة، وكأنني أتشبث بآخر أمل لي. "لن أتصل به... فقط، أعد إليّ هاتفي..."
شعرت وكأن جرحًا غائرًا قد فُتح في داخلي، فتمتمتُ بكلمات خافتة، متوسلاً له بصوت يكاد يكون هامسًا.
ربما كان ضعفي مثيرًا للشفقة إلى حد جعل شين شو يشيح بوجهه بسرعة، ولم أتمكن من رؤية التعبير الذي مرّ عليه للحظة.
لم يذكر أيّ منا الهاتف مرة أخرى.
بعد لحظات طويلة من الصمت، قال بصوت هادئ:
"إذا كان لديك شيء لتقوله، قول لي أنا."
ثم، بعد صراع داخلي واضح، أعاد إليّ الهاتف، وأضاف بنبرة معتذرة:
"أنا آسف، لم يكن من المفترض أن آخذه منك.
فقط... عندما رأيتك تبكي، شعرتُ بالقلق."
احتضنتُ الهاتف قرب صدري، وغرقتُ أكثر تحت الأغطية. كان بإمكاني شمّ رائحة المطهر العالقة بها.
تمتمت بصوت مشتت: "كان جيدًا معي في السابق..."
لم أكن أعلم حتى ما الذي كنتُ أقوله،
لكنني واصلت الحديث بشكل غير مترابط.
مددتُ يدي اليسرى من تحت الأغطية،
وأريته شيئًا كنتُ أرتديه على معصمي.
"هذا شيء صنعه لي."
ألقى شين شو نظرة على السوار، وسألني بنبرة غير واضحة:
"هل تحبه كثيرًا؟"
"نعم، أحبه كثيرًا."
"حتى الآن؟"
"نعم، لا زلتُ أحبه."
أطال النظر إلى السوار قبل أن يسأل بهدوء:
"أليس حجمه كبيرًا قليلًا؟"
نظر شين شو فجأة إلى السوار بنظرة متفحصة.
لقد فقدتُ بعض الوزن خلال الأشهر الماضية،
وبدا أن الخرز لم يعد مناسبًا لمعصمي النحيل،
إذ كان يستقر على عظمة المعصم البارزة بشكل غير متناسق. شعرتُ بعدم الارتياح، فسحبتُ يدي قليلًا وخلعتُ السوار، لأقبض عليه في راحة يدي.
قلتُ بصوت هادئ: "حتى لو كان واسعًا،
فقد اعتدتُ عليه. ارتديته لسنوات... لقد صنعه لي حبيبي عندما كنا في المدرسة."
ثم ابتسمتُ قليلاً وتابعتُ بنبرة حنين:
"كان يجمع عينات من الصخور من كل موقع استكشافي يذهب إليه، ثم يقوم بصقلها بنفسه ليصنع لي عقدًا. لكنه اشترى قالبًا بحجم خاطئ، وعندما وضعه حول عنقي، بدوتُ وكأنني راهب يحمل مسبحة ضخمة! لذلك قام بتعديله، واختار أجمل الأحجار ليصنع لي هذا السوار."
رفعتُ السوار قليلًا،
مشير إلى إحدى الحبات ذات اللون الأبيض:
"انظر، هذه الحبة ذات البقعة البيضاء...
إنها حجر من جبل يو لونغ الجليدي."
أشار شين شو إلى إحدى الحبات البنية وسألني:
"وهذه؟"
أجبته بثقة: "من صحراء قانسو."
ابتسم شين شو وقال: "تتذكر كل هذا بدقة."
ضغطتُ على تلك الحبة بإصبعي حتى انغرست في جلدي. لم أرد أن أتابع الحديث، لكنه فاجأني بسؤال آخر:
"هل ما زلت تشعر بالألم؟"
هززتُ رأسي نافي. بمجرد أن تشتّت انتباهي،
شعرتُ بأن الألم في معدتي قد هدأ قليلًا.
أشار بعد ذلك إلى خرزة صغيرة ذات لون أحمر داكن، كانت أصغر من البقية وتبدو أحدث، وكأنها أُضيفت لاحقًا.
"ماذا عن هذه؟"
نظرتُ إليها، ثم شعرتُ بانقباض مؤلم في صدري.
"عقيق أحمر، إنه حجر كريم، واسمه في اللاتينية يعني اللحم والدم."
تأملتُ الحجر، وألم مشوب بالحسرة اجتاحني.
كانت هذه الخرزة هدية خطيبي السابق بعد أن طلب يدي للزواج. لم تكن ذات قيمة مادية كبيرة، لكنه استعان بحرفي ماهر لينحتها إلى شكل دائري مثالي، مما زاد من قيمتها العاطفية. وضعها بين خرزتين من حجر الملاكيت في وسط السوار.
أتذكر كيف كان يمسك بيدي، وورقة العقد المؤقت ذات الخلفية الحمراء مختومة بختم دائري، مما جعل علاقتنا تبدو وكأنها وُثّقت رسميًا.
في ورشة جامعتي، قبلني وهمس لي:
"بالتأكيد، نحن سنكون أول زوجين يتزوجان من بين جميع زملائنا في الثانوية."
ضحكتُ، وركبتُ فوق ساقيه، ولففتُ ذراعي حول عنقه لأقبّله من جديد.
كان النهار مشرقًا، والباب لم يكن مغلقًا،
لكن شفاهنا التحمت دون أي تحفظ.
منذ أول قبلةٍ خجولة بيننا، أصبح كل لقاء بين شفاهنا اختبارًا لحدود قدرتنا على التوقف. حتى عندما كانت شفاهنا تتورم وتؤلمنا، لم نكن نرغب في التوقف.
تعلم أسرار التقبيل أسرع مني—كيف يثيرني،
وكيف يلامس شفتي ثم يتحرك إلى رقبتي في اللحظة المناسبة.
كان طعمه يحمل شيئًا ساحرًا، وكأنه يضع لي تعويذة تُبقيني متعطش له دائمًا، وكأنني إن رغبتُ في المزيد، فلن أجد سوى عنده.
بعد أن انتهى من تقبيلي، نظر إليّ بعينين نصف مغمضتين، راضيًا تمامًا، وكأنه على استعداد لتلبية أي طلب لي.
كنتُ أستغل تلك اللحظات لأطلب منه أشياء مستحيلة، مثل أن يكون موديلًا لي لأرسمه.
"هل أنتَ متأكد؟ عليكَ الجلوس بلا حراك لفترة طويلة." ترددت فجأة، "أنا أرسم ببطء شديد، لكن يجب أن أسلّم عملي بعد غد!"
نظر إليّ بملامح محبّة، رغم نبرته المتذمرة:
"تسليم العمل بعد غد، وأنت تبدأ الرسم الآن؟"
رغم تذمره، جلس في الكرسي بأكثر وضعية مريحة له، ساقاه متباعدتان قليلًا، وذراعه متكئة على مسند الكرسي—تمامًا كما كان يجلس عندما كان يعلمني حلّ المسائل الرياضية. كانت تلك جلسته التي تعني أنه صبور بما فيه الكفاية.
راقبته للحظة وقلتُ بحيرة:
"لماذا أنت لطيف جدًا معي؟"
رفع رأسه قليلًا وقال فجأة، بنبرة مرتجفة قليلاً:
"لأنني أحبك، فهل يمكنك أن تحبني أكثر قليلاً؟"
تجمدتُ. لم أفهم.
"لكنني أحبك كثيرًا بالفعل. لا أعرف كيف يمكنني أن أحبك أكثر."
ابتسم ابتسامة خجولة، ثم لمس أنفه بارتباك قبل أن يدرك أنه لا يستطيع التحرك، فعاد إلى وضعه السابق بسرعة. بدأتُ أرسمه بأسرع ما يمكن، لكنني لم أستطع طرد الفكرة من رأسي.
"...هل أنت خائف من أنني لا أحبك بما يكفي؟"
"لا."
كاذب.
كان واضحًا من تعبيره أنه نفى ذلك بسرعة ليخفي مشاعره. كنتُ أعلم أن هذا النوع من التساؤلات عادةً ما يشغل الفتيات العاطفيات، لا الرجال.
لكنه كان شخصًا وسيمًا وذكيًا، ومن المؤكد أنه كان محاطًا بالمعجبات طوال حياته. مقارنةً به، لم أكن مميز على الإطلاق.
لذلك، عندما أدركتُ أنه كان يقلق بشأن حبي له طوال هذا الوقت، شعرتُ بشيء معقد في داخلي.
لو كان حبه لي نابعًا من حاجته الدائمة للتأكد من مشاعري، إذًا... لم يكن حبًا خالصًا، بل كان حبًا يشوبه الخوف، وكأنه كان يسعى للطمأنينه باستمرار.
حاولتُ تغيير الموضوع، فسألتُه دون تفكير:
"بالمناسبة، هل كنتَ تعلم أن زملاءنا في الثانوية كانوا يسيئون فهمك؟"
كنتُ أرسم دون تركيز، لأنني كنتُ أحفظ ملامحه عن ظهر قلب، لدرجة أنني كنتُ أستطيع رسمه وعينيّ مغمضتين.
"عندما خرجتم لتناول البوبو جي في ذلك العشاء الجماعي..."
ضحك فجأة وقال: "أعلم."
"هم؟ كنتُ أظن أنك لا تعرف." قلتُ،
ثم أضفت: "لقد فكرتُ طويلًا في كيفية سؤالك عن ذلك."
ردّ بنبرة غير مبالية، وعيناه متدليتان قليلًا:
"لقد فعلتُ ذلك عن قصد."
تفاجأتُ: "عن قصد؟"
"نعم." جلس هناك في وهج غروب الشمس،
أشبه بتمثال صامت، قبل أن يشرح: "كانوا ينادونني بـ العبقري العظيم، يقولون إنهم يحبونني، وإنني شخص رائع. لذلك أردتُ أن أرى... عندما لا أتصرف بالطريقة التي يتوقعونها، هل سيظلون يحبونني؟"
بقيت صامت.
بدا لي هذا الدافع طفوليًا بعض الشيء.
كان بإمكانه إيجاد طريقة أكثر لطفًا لاختبار ذلك، وربما كانت النتيجة ستختلف. لكنني لم أقل شيئًا، لأنني أدركتُ فجأة أن هذا الشاب، الذي كان دائمًا يبدو بارزًا ومثاليًا في أعين الجميع، كان في جوهره شخصًا يعاني من انعدام الأمان العاطفي.
ظلّ جالسًا هناك بهدوء، غير قادر على قراءة
كتاب أو حلّ مسألة رياضية أثناء كونه موديلًا لي.
شعرتُ بالذنب، فوضعتُ سماعات الأذن له حتى لا يشعر بالملل. لكنه لم يستمع إليها طويلًا، سرعان ما خلعها بنفسه.
استغرقتُ وقتًا أطول من المعتاد في الرسم.
وعندما انتهيت، لم أكن راضية عن النتيجة.
كان العمل يعبق بثقل المشاعر، لكن بطريقة ما،
أحبّه أستاذي كثيرًا. ربما لأن وجه حبيبي، المُضاء بوهج الشمس الذهبي، أضاف للوحة لمسة خاصة—أو هكذا أحببتُ أن أعتقد.
تم اختيار العمل ليُعرض في معرض جماعي لاحقًا.
لكنني شعرتُ برفض غريب للفكرة، لدرجة أنني،
في إحدى الليالي المظلمة والموحشة،
تسللتُ إلى مكتب الأستاذ—وسرقتُ عملي من هناك.