بحثت في الخريطة عن كلكتا،
فوجدت نيودلهي في جهة، وكلكتا في الجهة الأخرى.
مددت يدي على الخريطة لقياس المسافة بينهما،
فكانت تعادل طول كفٍ ونصف تقريبًا.
هناك، عند تلك النقطة السوداء الصغيرة على الخريطة، حيث ينقسم نهر الغانج إلى أربعة فروع رئيسية،
تقع مدينة كلكتا.
ربما لم يكن هناك أحد في العالم قرر السفر بالطائرة إلى كلكتا فقط من أجل الاستحمام في الغانج، سوى شين شو وأنا.
عندما وصلنا إلى موقع الاستحمام، كان الطقس كئيبًا، والسماء ملبدة بالغيوم، وكأن المطر على وشك الهطول.
دفعنا المال إلى الحارس الجالس في كوخ خشبي،
ثم لففنا أنفسنا بالمناشف وسرنا على الرمال الموحلة بجوار النهر.
كان سطح المياه يبدو بلون أصفر غامض، لكنني واصلت التقدم مع الريح، محاولًا ألا أفكر كثيرًا في طبيعة الطين الذي أسير عليه. كان عليَّ المضي قدمًا، لأن التراجع في هذه اللحظة سيعني ضياع كل ما خططنا له.
في غرفة تغيير الملابس، ترددت في خلع ملابسي بالكامل، بينما كان شين شو قد تخلص من كل شيء بكل هدوء، غير مكثرت بشيء.
أدار لي ظهره وهو يضحك، بينما أنا، بعد لحظة من التردد، قررت أن أتصرف مثله، فخلعت ملابسي بسرعة.
ولكن، ما إن وقفت عاريًا حتى شعرت بعدم الارتياح، فسارعت إلى الإمساك بمنشفة ولففتها حولي.
عندما دخلت إلى الماء، شعرت أن الطبقة السطحية منه دافئة بسبب حرارة الجو، لكن كلما تعمقت أكثر، كلما أصبح أكثر برودة. أغلقت شفتيّ بإحكام، محاولًا تجنب دخول أي قطرة إلى فمي.
كان شين شو ممددًا على ظهره فوق الماء،
نصف شعره يطفو بحرية، بينما التصق النصف الآخر بخده، نظر إليّ من أسفل جفونه وقال:
“شياو جين، استرخ قليلاً.”
قلت وأنا أحاول إخراج الهواء من رئتي بصعوبة:
“إذا ابتلعت رشفة من هذه المياه، فربما أكون قد ابتلعت أكثر من مئة شخص هندي.”
توقفت قليلًا ثم أضفت، “هناك شيء غريب في هذا الأمر.”
ضحك شين شو قائلاً:
“حتى لو أكلت مئة هندي، فلن تتحول إلى هندي.”
رفعت رأسي وقلت مازحًا:
“ومن يدري؟ ربما أستيقظ غدًا وأجد نفسي قد أصبحت هنديًا، لا أعرف إلا كلمة ناماستي.”
“ماذا ستفعل حينها؟” سأله شين شو متابعًا خط سير حديثي. “لن تتطابق صورتك مع جواز سفرك، ولن تستطيع العودة إلى الصين.”
“سأبقى هنا، وأبحث عن عمل بجانب معبد شيفا،
ربما في تنظيف المكان.”
ضحك شين شو وقال:
“وهل تعتقد أن وظيفة عامل النظافة في الهند مربحة؟”
“كنت أمزح فقط.” لكنني بدأت أفكر جديًا، “بالطبع،
عامل النظافة لن يجني الكثير، لكن العمل في تعليم اليوغا قد يكون مربحًا.”
“الصينيون مولودون بتفكير تجاري بحت.”
علق شين شو،
ثم أضاف مبتسمًا: “أنا أيضًا أحب المال.”
“حقًا؟ لكنك لم تأخذ مني أي مال عندما كنت مرشدي السياحي.”
“أنت أستثناء.” قالها شين شو وهو ينهض في الماء ويفتح كيسًا بلاستيكيًا محكم الغلق، أخرج منه كيسًا صغيرًا من الشامبو، سكبه في كفه، وبدأ في تكوين الرغوة.
أمالت رأسي بخضوع، وسمحت له أن يغسل شعري برفق.
“شين شو…” قلت بصوت هادئ، “هل تعلم أن لديك الكثير من نقاط الضعف؟ إنك أشبه بخلية نحل مليئة بالثقوب.”
ساد صمت قصير، لم يكن هناك سوى هدير المياه، صوت ضعيف لكنه مستمر. كانت يد شين شو تتحرك ببطء، من فروة رأسي إلى كتفي، ثم شعرت بشيء دافئ ولين يمر برفق فوق شحمة أذني.
أجسادنا المختبئة تحت الماء اصطدمت ببعضها
لجزء من الثانية، لكنني كنت عاجزًا عن التفاعل.
لم أستطع أن أركز على هذا القرب الجسدي وأتصرف بطبيعتي في الوقت نفسه، لذا، قررت إغماض عيني والسماح لأي تيار ماء أن يسحبني كيفما شاء.
——
تذكرت كيف كان شين شو عندما أصبح قائدًا لمجموعة الأبحاث في الجامعة، كان أصغر من بقية أعضاء هيئة التدريس، لذا لم يحظَ بتقديرهم.
بعضهم عامله بازدراء علني، بينما اكتفى الآخرون بإطلاق التعليقات الساخرة من وراء ظهره. لم يخبرني عن أي من هذا، لكنني اكتشفت الأمر عندما قرأت محادثاته عن طريق الصدفة.
لطالما كنت أظن أن العمل كأستاذ جامعي
يعني العيش في بيئة بسيطة، محاطة فقط بالعلم والمعرفة، لكنني أدركت أن الواقع مختلف.
حيثما وُجدت الاختلافات، توجد الانقسامات والصراعات.
في حياة شين شو، كان التهميش والمضايقات أمرًا متكررًا. كنت أتساءل دائمًا، هل هذا قدَر مكتوب عليه؟
أم أنه مجرد طبيعة المجتمع؟
أتذكر يوم أحد من العام الماضي،
كنت في إجازة بينما كان شين شو يعمل.
اشتريت كيسًا ضخمًا من الوجبات الخفيفة لزيارته، وذهبت إلى كافتيريا الأساتذة للحصول على غداء مجاني معه.
أثناء انتظاري في الطابور، لاحظت أن شين شو ذهب لإحضار بعض الفاكهة بعد الغداء، لكنني استبقته وقلت:
“سأذهب أنا.”
بينما كنت أمر بجانب الطاهية، أبطأت خطواتي بسبب بخار الطعام، ثم سمعتها تهمس لي وهي تمسك مغرفة الطعام:
“أنت صديق الأستاذ شين؟”
أومأت برأسي وأنا أخفي حفنة من الموز والخوخ في يدي، “نعم.”
تنهدت الطاهية وقالت:
“كنت ألاحظ دائمًا أنه يأكل بمفرده.”
“ألا يتناول الطعام مع زملائه؟”
هزت رأسها بحزن:
“نادراً. ذات مرة رأيته يجلس وحده مع صينيه طعامه، وكان الدموع تتساقط من عينيه.”
شين شو لم يبكي أبدا، فقلت في دهشة:
“متى كان هذا؟”
كان هذا الشهر الماضي.
تذكرت فجأة—الشهر الماضي، يبدو أننا كنا على
خلاف بسبب مشكلة المال التي طلبتها والدته.
بصراحة، لقد أخذت والدة شين شو أموال ابنها طوال هذه السنوات وكأنها حق مكتسب، بل وازدادت طمعًا مع مرور الوقت.
كنت أشعر بالظلم تجاهه—لمجرد أن والديه أنجباه وربّياه لا يعني أنه يجب أن يكون أداة لاستغلالهما.
كل عام، كانت هذه الدوامة المالية تتكرر
أمام عيني، مما جعلني أشعر بالاختناق لأجله.
وعندما لم تحصل على المال الذي أرادته،
لم تتردد في ملاحقتنا حتى وصلت إلى شقتنا الصغيرة ذات الخمسين مترًا.
هناك، بدأت في توبيخي كأنني مجرّد مستأجر في حياة ابنها، متهمة شين شو بأنه قاسٍ وظالم، وأنه يتآمر عليها.
لم تكتفِ بذلك، بل لحقت بي من الحمام إلى الغرفة، تمامًا كجهاز تسجيل لا يتوقف. في النهاية، قلت لها بهدوء:
“آسفِ يا عمّة، لكني بحاجة إلى الراحة.”
أغلقت الباب، لكنها لم تبتعد، بل بقيت متكئة عليه، تواصل الحديث مع نفسها لما يقارب الساعة.
غطيت أذني بيدَي، ولكن الغريب أنني
لم أشعر تجاهها بالكراهية، فقط بالشفقة.
كل ما كان بإمكاني فعله هو مشاهدة شين شو وهو يغرق أكثر فأكثر في هذه العلاقة غير المتكافئة، مستنزَفًا تحت وطأة ما يُسمّى بـ حب الأم.
جلست أمامه، فابتسم لي بابتسامة متكلفة وقال:
“شكرًا لك على إحضار الوجبات الخفيفة.”
قبل أن أتمكن من سؤاله عن حاله،
سبقني بالكلام وقال:
“أفكر في فتح مركز دروس خصوصية، هناك الكثير من أولياء الأمور المهتمين بالأمر.”
توقفت لثوانٍ قبل أن أخفض صوتي وأقول:
“هل ستسمح لك وزارة التعليم بذلك؟”
ألقى نظرة مترددة من حوله، ثم فجأة التفت بسرعة وقال:
“اعتقدت أن أحدًا ناداني.” قالها ببرود، كأنه أمر عادي.
لكن لم يكن هناك أحد. كنت متأكدًا تمامًا.
بدأت أشك أن شين شو يعاني من هلوسات سمعية.
سألته، محاولًا تغيير الموضوع:
“كيف تسير الأمور في فريق البحث؟”
هز رأسه دون أن ينطق بكلمة.
قلت له:
“الخيول الطيبة تُمتطى، والناس الطيبون يُستغلّون.
كن أكثر صلابة.”
أجاب بصوت خافت:
“لكنهم… سيعتبرونني ضيق الأفق، يفتقر إلى التسامح.”
تنهدت، ثم قلت:
“هل الكمال مهم إلى هذه الدرجة بالنسبة لك؟
لماذا يجب أن تتظاهر بعدم الاكتراث حتى وأنت تتعرض للأذى؟ شين شو، لا تفقد نفسك بسبب نظرة الآخرين إليك.”
لم يرد، بل واصل تناول طعامه بحركة ميكانيكية،
وكأنه يؤدي واجبًا. قشّرت له موزة، فأخذ نصفها بقضمة واحدة، ثم قال بصوت غير واضح:
“عُد إلى المنزل.”
كان واضحًا أنه اعتاد على أن يُعامَل بهذه الطريقة.
والدته لم تشفق عليه، لكنني كنت أفعل.
في ذلك المساء، اتصلت بطبيب نفسي معروف،
على الرغم من تكلفته الباهظة—ثمانمائة يوان مقابل خمسين دقيقة.
لكنني، عندما أخبرت شين شو عن الأمر،
أخفيت الحقيقة وقلت إن الجلسة تكلف مئة يوان فقط في الساعة.
عندما تمكن الطبيب أخيرًا من إيجاد موعد مناسب،
كان شين شو قد أنجز بالفعل جزءًا كبيرًا من دروسه الخصوصية. قبل بدء العلاج، أخبرني الطبيب أنه يجب أن أجعله يقوم ببعض المهام البسيطة، ليشعر بأنه ذو قيمة، محبوب، ومطلوب.
لذا، في تلك الليلة،
قمت برفع الفراش عن السرير بعناية.
عندما عاد شين شو، بدوت وكأنني على وشك البكاء، وقلت له:
“الفراش ممزق.”
تفحصه بهدوء، ثم ضمني برفق قائلاً:
“لا بأس، سنشتري واحدًا جديدًا.”
ناولته هاتفي، حيث كنت قد أعددت مسبقًا ثلاثة خيارات لفرشات جديدة. بقي مترددًا لفترة طويلة، ثم اختار الأغلى سعرًا.
قال مبررًا:
“الفراش الجيد يساعد على النوم براحة.”
ثم أضاف، وهو ينظر إليّ، “شياو جين، أنت تعمل طوال اليوم برأس منخفض على رسم المخططات، عندما تعود إلى المنزل، يجب أن تحصل على راحة جيدة.”
ابتلعت الكلمات التي كنت سأقولها، ونظرت
إلى قمة رأسه، وشعرت بوخزة من الشفقة.
وصل الفراش الجديد في اليوم التالي. طلبت من
شين شو مساعدتي في حمله إلى الطابق العلوي.
أمسكت بطرف، بينما أمسك هو بالطرف الآخر.
كان الصعود عبر السلالم مرهقًا، لكنني كنت أشعر بسعادة غامرة، حتى أنني شغّلت بعض الموسيقى أثناء العمل.
كان الدرج مليئًا برائحة الطلاء، وعندما وصلنا إلى الطابق الثالث، شعرت فجأة أن القوة التي كانت تدفعني من الخلف قد اختفت.
سمعت صوته الخافت ينادي:
“شياو جين… لا أظن أنني أستطيع الاستمرار.”
استدرت إليه وابتسمت قائلاً:
“إذا لم تعد تستطيع التحمل، فلنأخذ استراحة!
فلنضعه جانبًا قليلًا، لا بأس!”
أومأ شين شو برأسه واتكأ على الحائط.
قال بهدوء: “أنا مرهق جدًا…”
ترددت كلماته في ذهني، فتذكرت ما قاله الطبيب النفسي:
عليك التعامل بحذر مع كلماته ومعرفة ما يريده فعلًا.
قلت بلطف:
“إذا كنت متعبًا، يمكننا التخلي عن حضور حفل زفاف زميلنا من الثانوية هذا المساء.”
لكنه هز رأسه وأصرّ:
“لقد وعدنا بالحضور، سنذهب.”
وضعت الفراش على الأرض ببطء، واتكأت بجانبه على الجدار الأبيض العاري. بدأت رؤيتي تتشوش قليلًا وأنا أنظر إليه.
كان شين شو دائمًا رجلاً لا ينكث وعوده.
——
كانت مياه الغانج تتدفق بلا توقف، كما لو أنها لم تتغير منذ الأزل. غمرت نفسي ببطء، وتركت الماء يغسل دموعي، وعندما فتحت عيني مجددًا، شعرت وكأن العالم انطفأ للحظة ثم عاد ليضيء من جديد.
كانت الرغوة تتماوج مع حركة المياه، فاسترخيت للخلف، وكنت واثقًا أن هناك صدرًا خلفي ينتظرني.
همست:
“كنت أعلم أنك ستأتي… وتكون معي.”
أجابني شين شو بهدوء، ثم رفع يده ليزيح خصلات شعره المبللة عن جبينه، لتتساقط منها قطرات الماء، مكونة دائرة صغيرة كزهرة تتفتح للحظة.
“لقد وعدنا بذلك.”
نظرت إليه بدهشة.
يا إلهي، كيف ما زال كما كان في الماضي؟
غمرني شعور حاد ومؤلم، لكن قبل أن أغرق فيه، استدرت ورفعت رأسي لأقبّل شين شو.
كانت قبلة خفيفة، أبقينا أعيننا مفتوحة خلالها.
ولكن في اللحظة التي كادت شفتانا أن تنفصل،
أغلق شين شو عينيه، ووضع يده خلف رأسي،
وجذبني إليه بقوة ليعيد القبلة مجددًا.
وهذه المرة، كانت أعمق وأكثر شغفًا.
غسلنا الغانج تمامًا، لم يتبقَّ سوى النقاء،
لم يتبقَّ سوى نحن.
همس لي وهو لا يزال قريبًا جدًا من شفتي:
“شياو جين، تأخرت في التعرف علي، أنت حقًا شخص عنيد.”
كان صوته يحمل مزيجًا من العتاب والدلال.
ابتسمت بمرح وقلت:
“ومن الذي كان يتلاعب بي طوال هذا الوقت؟
من الذي لم يكن يرد على رسائلي؟ أليس أنت، شين شو؟”
شعرت به يتوقف للحظة، ثم أومأ برأسه بخجل،
وكأنني رأيت لمحة من وجهه القديم، الصريح والمشرق.
مع حلول المساء، خرجنا من الحمام وسرنا في سوق كلكتا.
لم أكن أعلم ما المناسبة، لكن الشوارع كانت تعجّ بالناس في ملابسهم التقليدية، اللون الأحمر يختلط بلمعان أجراس النحاس، والمشهد بأكمله كان نابضًا بالحياة.
التقط شين شو صورًا بالكاميرا بينما كنت ألهو بمحاولة الإفلات منه، أتسلل عبر الأزقة الضيقة، ثم ألتف يسارًا.
كانت الأجواء مليئة بالحيوية، الموكب الاحتفالي يضم ثعابين ضخمة ملوّنة، منتفخة الصدور بأشكال غريبة. أشرت إليها بحماس، لكن شين شو أمسك بيدي ليمنعني من الاندفاع وسط الحشود، بينما كان يعدّل عدسة كاميرته بيده الأخرى.
وفي لحظة ما، اعترضت عربة يجرها رجل طريقنا، فاضطررت للدوران حولها، وسلكت منعطفًا غامضًا.
لكن ما إن عبرت الزاوية، حتى توقفت فجأة.
كان المشهد أمامي مختلفًا تمامًا عن زحام السوق.
كأنني دخلت عالمًا آخر—معبد حجري مفتوح في الهواء الطلق، ضخم ومهيب، يبعث شعورًا فوريًا بالرهبة.
في منتصفه، ظهر فجأة تمثال عملاق لأسد مستلقٍ،
رأسه مائل إلى الأسفل، يحدّق بصمت في الدرجات الحجرية الكئيبة أمامه.
في الخلفية، كانت أصوات الموسيقى الاحتفالية لا تزال تتردد خافتة، لكنها بدت باهتة أمام هذا المشهد الموحش. كان المكان يوحي بإحساس غريب، وكأنه نقطة فاصلة بين الجنة والجحيم.
كان الجو قاتمًا ورطبًا، حتى أنني لم أكن لأتفاجأ لو
رأيت الصخور هنا تتشكل كما يحدث في الكهوف.
عندما حلّ المساء، كان الضباب الرمادي الداكن كثيفًا، كأنه طبقة من الغبار المتراكم على طبل ضخم يُقرع ببطء، ناشرًا حوله غبارًا رماديًا يجعل كل شيء يبدو باهتًا.
على الجدران الحجرية، كانت هناك آثار سوداء كأنها دموع متجمدة، بينما بدأت النباتات المبتلة بالتعفن بسرعة تحت الرطوبة الخانقة، ممزوجة برائحة التوابل النفاذة التي جعلت رأسي يدور.
وقفت هناك، أحدّق بلا حركة.
شين شو كان على حق—هذه الأرض تمتلك طاقة غريبة، طاقة تثير الاضطراب، تزرع الجنون، تدفعك إلى البكاء، تجعلك ترغب في السقوط على الدرجات الحجرية، ممزقًا كل شيء، متشبثًا بمن تحب، تتدحرج معه حتى آخر درجة، حيث يختلط العرق بالدم.
كانت الرغبة المتأججة في داخلي أشبه ببذرة دفنت في أعماق جسدي، لكنها بدأت تنبت الآن، متحولة إلى زهرة سامة بلون الدم.
كانت يد شين شو تمسك بيدي بإحكام،
دافئة ورطبة، وكأنه يمسك بروحي ذاتها.
شعرت بجسدي يصرخ طلبًا للاكتمال، وكأنني أصبحت مجرد قشرة فارغة تمتصها هذه الرغبة المتصاعدة.
تلاشت قدرتي على التفكير المنطقي تمامًا، وكأن جزءًا من دماغي توقف عن العمل، فتركت نفسي للانجراف مع هذا الشعور المتوهج.
همس شين شو باسمي، كان صوته خافتًا ومبحوحًا بفعل محاولته لكبح مشاعره:
“شياو جين… تعال معي.”